الدراسات المستقبلية ( 1)
د. ماجدة بكري
منذ قديم الأزل أهتم الإنسان بمعرفة مستقبله وحاول استشرافه سواء بالإعتماد على الكهنة والدجالين ودراسة النجوم والطالع، أو الإعتماد على خبرته وقدرته على تقييم الأمور بنظرته الذاتية وبصيرته الأنسانية، ولكن مع تطور الأدوات وتزايد معدلات التغيير وتعقد المشكلات والتحديات التي تواجه الفرد في منظمته أو المسئول في دولته سواء في عملية اتخاذ القرار أو التخطيط لمستقبل تلك المنظمة أو الدولة للوصول الي التنمية المرغوبة .
بدأ علم دراسة المستقبل بإستخدام الأدوات العلمية المتاحة وخلق أدوت علمية جديدة تساعد على وضع تصور علمي دقيق لما سيكون عليه الوضع في المستقبل.
ومرت الدراسات المستقبلية بمراحل كثيرة حتى بدأت تتشكل كعلم له أدوات ومنهجيات وتقنيات وذلك مع النصف الثاني من القرن العشرين ، وتحولت هذه الدراسات إلى علم له أهمية كبيرة وأصبحت من الأولويات المهمة التي تعول عليها الشعوب والدول كثيرا في تحقيق التقدم والتنمية ولا فرق في ذلك بين الدول المتقدمة أو الدول الآخذة في النمو . وتحولت الدراسات المستقبلية من دراسات فردية إلى دراسات تتم في مراكز كبرى تم تأسيسها لإجراء وتقديم هذا النوع من الدراسات إلى صناع القرار حول العالم .
وقد يخلط البعض بين التخطيط والدراسات المستقبلية ولكن فى الحقيقة فأن هناك اختلاف بين المفهومين ، حيث تطورت الدراسات المستقبلية من مجرد عملية التنبؤ بالمستقبل إلى علم مستقل له مناهج بحث وأدوات ويحتاج الكثير من الوقت والجهد ، ويمكن أن يقدم العديد من البدائل سواء المرغوب فيها أو حتى غير المرغوب فيها ، كما تحتاج الدراسات المستقبلية إلى رؤى فلسفية ونشاطات إبداعية تفوق تلك التي يتم استخدامها في عملية التخطيط .
كذلك ينبغي التفرقة بين الدراسات المستقبلية الخاصة بدعم متخذ القرار وتلك الدراسات الأكاديمية ، حيث يتخصص النوع الأول في الإجابة عن مستقبل ونتائج اتخاذ قرار معين والمتغيرات المحيطة بهذا القرار وتؤثر فيه ، بينما الدراسات المستقبلية الأكاديمية أكثر عمومية وتفصيلا فيما يتعلق بالقضايا التي تتناولها.