إشكالية العلاقة بين المالك والمستأجر بالقانون القديم
د. محمد ماهر الصواف
يشكل قانون العلاقة بين المالك والمستأجر القديم إشكالية إجتماعية إقتصادية قانونية قديمة متجددة.. فلا ينكر أحد ان هذا القانون سبب التوتر والاحتقان بين طرفى العلاقة لذا فإن إعادة التوازن لهذه العلاقة حلم يراود الملاك والمستأجرين الفقراء والأغنياء وتكريس للعدل الإجتماعى والسلم المجتمعى وتزيل شوائب الماضى التى تثير الأحقاد والضغائن بين طرفى هذه العلاقة الشائكة.. فثمة قضايا هائلة تنظرها المحاكم على مدى الـ 60 عاماً الماضية تشهد بأننا إزاء مشكلة حقيقية تستلزم حلولاً فعالة وعادلة تنصف المظلوم وتنتصر لأمن المجتمع.
لقد صدر قانون إجارات المساكن القديم إستنادا للفكر الإشتراكى الذى إنطلق،على غير حق، من أن الرأسمالية نظام اقتصادى إستغلالى وغير شرعى . وقد تبنى جمال عبد الناصر هذا الفكر وأعلن أنه يسعى إلى إلغاء الفروقات والإختلافات والصراعات بين أفراد وطبقات المجتمع . وللأسف قد أدت هذه السياسية إلى توقف النشاط الإقتصادى فى عدد من القطاعات، وزادت حدة الصراعات، وعجز قطاع الإسكان عن توفير السكن لمحدودى الدخل وانتشرت المناطق العشوائية ، وما زلنا نعانى من الآثار السلبية لهذه السياسات الإشتراكية .
ومن الغريب ان تتمسك الحكومات المصرية بقانون الإيجار القديم رقم 49 لسنة 1977 حتى الآن وتعمل علي إجراء بعض التعديلات التى لم تنهى الخلل بشكل قاطع فى العلاقة بين الملاك والمستأجرين. وهنا يثور التساؤل التالى: هل هناك تجارب دولية أخرى وبدائل لتنظيم هذه العلاقة يمكن الإستفادة منها ؟
فلو نظرنا لتجارب جمهورية المانيا الإتحادية فى توفير مساكن لمحدوى الدخل وتنظيم هذه العلاقة نجد أنها هى الآخرى كانت تعانى من نقص فى عدد المساكن للمواطنين محدودى الدخل عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية وسلكت أسلوبا يختلف تماما عن الأسلوب الإشتراكى الذى تبنته مصر، وذلك بعدم التدخل فى هذه العلاقة لحماية محدودى الدخل إنطلاقا من أن الأصل فى العلاقة بين المالك والمستأجر مدنية تخضع لأحكام القانون المدنى وقواعده .
ونظرا لأن ألمانيا الإتحادية تتبنى النظام الرأسمالى والذى يتسم ببعد إجتماعى فقد تعمدت ترك تحديد القيمة الإيجارية حرا يخضع لظرف العرض والطلب بسوق الإسكان ، مع إتاحة إمكانية دعم محدودى الدخل من خلال صرف إعانة سكن، وذلك بعد دراسة كل حالة على حده يقوم بها وحدات الضمان الإجتماعى الحكومية إذا ما تقدم المستأجر بطلب لصرف هذه المعونة وذلك للتأكد من إستحقاقه ، ويسمح هذا النظام بإختلاف قيمة هذه المعونة من مدينة إلى أخرى، وفقا لظروف كل منها ، ومن شخص إلى آخر وفقا لمستوى الدخول والحالة الإجتماعية .
ونأمل أن يسعى المشرع المصرى من الإستفادة من تجارب الدول الآخرى فى هذا الشأن ، وأن يلزم الحكومة بالقيام بمسؤليتها تجاه محدودى الدخل من السكان سواء المستأجرين أو الملاك ، وإصدار التشريع الذى يعمل على تحمل الدولة إعانة سكن لمحدودى الدخل بدلاً من تحميلها للملاك – الذين قد لا يستطيعون تحمل عبىء هذه المعونه فى المستقبل لتغير الظروف والحالة الاقتصادية لهم .
ونقترح أن يتحمل صندوق تحيا مصر جزء والملاك جزء أخر من هذه المعونة وذلك لفترة زمنية محددة ونتمكن بذلك من تحقيق الأهداف التالية :
<!--تجنبت عزوف المستثمرعن الإستثمار فى مجال الإسكان وتشجيع الطبقة المتوسطة على بناء المساكن وعدم الخوف من تدخل المشرع مرة أخرى فى العلاقة بين المالك والمستأجر .
<!--الحفاظ على السوق الحرللإسكان مما يساعد على زيادة أعداد الشقق المعروضة للإيجار، والذى سيساعد على خفض القيمة الإيجارية .
<!--الحفاظ على الثورة العقارية .
<!--تنمية الشعور لدى محدودى الدخل بوقوف الدولة بجوارهم ومساعدتهم مما يساعد على إرتفاع مستوى الرضاء العام للنظام السياسى .
<!--وفى هذه الحالة ستلقى السلطة التشريعية مزيد من التأييد والشكر سواء من الملاك وأبنائهم أو من المستأجرين محدودي الدخل.
<!--توزيع عادل للمعونات الإجتماعية وضمان وصولها لمستحقيها .
<!--وأخيراً تحقيق السلام الإجتماعى بين طرفى العلاقة والحد من النزاعات التى أثقلت المحاكم وأعاقة القضاء فى إصدار الأحكام الناجزة .