Dr. Maher Elsawaf

الطريق إلي التقدم والتنمية يقوم علي العلم والمعرفة وحرية التعبير

 

اهمية الرقابة والضغوط المجتمعية في تحسين أداء الجهاز الحكومي

د. ماهر الصواف

إن من أهم التحديات التي تواجه مسيرة التنمية الشاملة في مصر هو ضعف اداء الجهاز الإداري للدولة و تنامي وتفشي ظاهرة الفساد الإداري. فرغم الجهود المخلصة لأجهزة الرقابة المركزية  بصفة خاصة الجهاز المركزي للمحاسبات و هيئة الرقابة الإدارية  والتي استطاعت في الفترة الأخيرة من ضبط عديد من قضايا الفساد، إلا انه مازال اداء الوحدات الحكومية يتسم بالضعف ، ولم يلمس المتعاملين من المواطنين تحسننا ملحوظا في اسلوب تقديم الخدمات العامة .

ولا شك هناك اسباب عدة لهذا الضعف ، منها :

 

  • -      احساس الموظف العام بعدم الرضاء في غالبية الوحدات الحكومية وخاصة في الوحدات المحلية والتي تقدم العديد من الخدمات العامة الحيوية للمواطن نتيجة ضعف المرتبات ،
  • -     <!--[endif]-->تعقد إجراءات الحصول علي الخدمة العامة نتيجة قدم التشريعات وعدم تحديثها ، والمبالغة في التمسك بالنمط البيروقراطي في الإدارة
  • -     <!--[endif]-->ضعف القيادات الإدارية وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وعدم تحديث بطاقات وصف الوظائف     
  • -     <!--[endif]-->التضخم الوظيفي في العديد من الوحدات الحكومية، وتضخم حجم البطالة المقنعة
<!--[if !supportLists]-->

 

ورغم اهمية هذه الأسباب وتأثيرها علي مستوي الأداء إلا اننا نعتقد ان من أهم الأسباب الرئيسية لضعف الأداء وعدم تطويره ، وتحسن اساليب تقديم الخدمات العامة هو عدم وجود رقابة وضغوط مجتمعية تدفع القيادات الحكومية لتطوير الأداء وتحسين الصورة الذهنية لدي المواطن عن الأداء فلا توجد آلية مشروعة ومعلنة لممارسة الضغط  المجتمعي علي القيادات الحكومية لتحسين الأداء ، كما لا يتم استطلاع أراء العملاء عن مستوي الخدمة المقدمة لهم. ونقصد بالرقابة الاجتماعية : هي جميع المظاهر المادية والمعنوية والطرق والإجراءات والوسائل التي يستخدمها المجتمع لجمع البيانات ومتابعة أداء الجهاز الإداري للدولة وبصفة مستمرة واكتشاف المخالفات فور ظهورها.

وللتعرف علي اهمية توافر هذه الضغوط المجتمعية في تنمية الدافع لدي القيادات الحكومية للتطوير وتحسين الأداء نتساءل : هل هذه الضغوط متوفرة بالنسبة لمنظمات الأعمال الخاصة ؟

 للإجابة علي هذا التساؤل يجب ان نوضح اننا ننظر للمنظمات بصفة عامة سواء الحكومية أو الخاصة  علي أنها نظم اجتماعية تقوم بتحويل مدخلاتها  من خلال العملية الإدارية ( التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابه ) إلي سلع وخدمات تقدمها لأفراد المجتمع ، ومن المعلوم ان منظمات الأعمال الخاصة( المؤسسات والشركات الخاصة ) تسعي عادة إلي البقاء والاستمرار في السوق ، وأنها تعلم تماما أن العامل الأساسي في بقائها هو تقديم سلع وخدمات تلقي قبول ورضاء العملاء من افراد المجتمع، إذ ان رفض الأفراد لما تنتجه من مخرجات يعني فشلها وتحقيق خسائر قد تؤدي الي فنائها ، ومن هنا يتولد لدي قادتها  دافعا قويا للعمل الدءوب لتطوير أدائها و منتجاتها بما يتفق مع تغير رغبات واحتياجات افراد المجتمع  من جانب ، و ترشيد العملية الإنتاجية والاستخدام الأمثل للموارد من جانب آخر،  حتي يمكنهم تحقيق الأرباح التي تساعد المنظمة علي تنمية قدراتها التنافسية وإرضاء مؤسسيها ومن ثم بقائها واستمرارها قي السوق.

 وإذا حولنا النظر هنا الي المنظمات الحكومية وتساءلنا هل هي الأخري تتعرض للفناء  إذا لم تكن قادرة علي تقديم خدمات عامة تلقي القبول والرضا من أفراد المجتمع ، أو إذا كانت غير موفقة في الاستخدام الأمثل لمواردها وترشيد الإنفاق عند قيامها بتحويل مدخلاتها من موارد بشرية ومادية إلي خدمات عامة؟ وهل يتم تهديد قادتها بالعزل من مناصبهم في هذه الحالات كما هو الحال بالنسبة لشركات ومؤسسات الأعمال الخاصة؟

 بالطبع الإجابة لهذه التساؤلات ستكون بالنفي حيث أن بقاء المنظمات الحكومية واستمرار قادتها في مناصبهم  يرتبط بصفة اساسية برضاء السلطة المختصة العليا التي تملك سلطة التعيين والتجديد، ولا يرتبط بشكل واضح برضاء افراد المجتمع عن خدماتها . خاصة في المجتمعات النامية التي يفتقد أفرادها إلي الوعي بحقوقهم في النقد والمعارضة ورفض سوء المعاملة من القائمون علي المنظمات الحكومية وموظفيها . فضلا إلي عدم توافر آلية يمكن الإعتماد عليها في تقييم أدائهم .

وهكذا يمكن القول ان الرغبة والدافع في تطوير وتحديث الخدمات العامة لدي القادة الحكوميين  تكاد تكون منعدمة نظراً لعدم وجود رقابة وضغوط مجتمعية تهدد بقاءهم ، ونادرا ما يتم تقييم أدائهم بأسلوب سليم وموثوق في نتائجه ، لذا فإنه من الملاحظ ان القيادات الحكومية تسعي إلي إرضاء السلطة المختصة بتجديد بقائهم في مناصبهم بدلا من السعي لإرضاء العملاء ، وهذا يفسر انتشار ثقافة النفاق للسلطة العليا و استخدام بيانات غير حقيقية لإدعاء ببذل الجهد  لتحسين ما يقدموه من خدمات عامة ، بل و قد يعتمدون علي بعض العوامل الاجتماعية للتقرب لمن بيده سلطة التعيين أو التجديد.

ونخلص مما سبق انه لا يمكن تقييم الأداء ومحاربة ظاهرة الفساد بكل أنواعها إلا من خلال تعزيز الرقابة والضغوط المجتمعية المنظمة ، وإلزام الاجهزة الحكومية بالشفافية وتقديم البيانات الصادقة، والعمل علي تقنين اساليب الرقابة والضغوط المجتمعية المشروعه لممارستها، مع نشر وتنمية ثقافة المعارضة والنقد البناء لدي منظمات المجتمع المدني. فيجب أن نسلم ان الرقابة المجتمعية هي إحدى أهم أدوات الرقابة الناجحة والفاعلة بالنسبة للمنظمات الحكومية ومن الضروري وضع النظم والقواعد التي تعمل علي تفعيلها مع نشر ثقافة المعارضة والنقد وعدم الخوف من ممارستها إذ ان ذلك هو الوسيلة الفعالة للمحافظة علي الموارد العامة واحداث التنمية والتقدم .

 

 

 

Dr.maher elsawaf الأستاذ الدكتور محمد ماهر الصواف

drelsawaf
نشرالثقافة الإدارية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية »

عدد زيارات الموقع

331,501

ابحث