ضعف اليقظة الاستراتيجية للدول العربية وعجزها عن حماية اراضيها
د. ماهر الصواف
بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، صدر التقرير الأمريكي السنوي لحقوق الإنسان مع بداية شهر مارس 2019 وأسقط صفة الإحتلال على مرتفعات الجولان وغزة والضفة الغربية خلافاً لما ينص عليه القانون الدولي، وبعدها بأيام قليلة أعلن ترامب من منصته المفضلة تويتر أنه حان الوقت للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان التي يحتلها الإسرائيليون منذ عام 1967.
وعقب ذلك رفضت جامعة الدول العربية تصريحات ترامب وكذلك فعل الأزهر ومصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي، واعتبرت طهران، الخطوة غير مقبولة وغير مشروعة ، وقالت موسكو إن مثل هذه الدعوات تهدد بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وتضر جهود التوصل إلى تسوية سلمية في المنطقة.
وقد اتسم موقف الدول العربية بالضعف، فللأسف لم تفكر أي من هذه الدول باستخدام النفط أو آية أوراق آخري للضغط علي الولايات المتحدة، أو حتي تبادر بالدعوة إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية لبحث الموضوع أو استدعاء سفراء واشنطن في هذه الدول. لذا إستمر الرئيس ترامب في سياساته المتحيزة لإسرائيل ووقع يوم الاثنين (25 مارس 2019) مرسوماً يعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب عام 1967 بإعتبارها الخطوة الثانية بعد القدس، وقد يتخذ خطوات مماثلة مستقبلا بالنسبة لغزة والضفة الغربية
وهنا نتساءل : ما أسباب عجز الدول العربية عن مواجهة هذه التصرفات التى لاتتفق مع الشرعية الدولية ؟ وكيف يمكن مواجهتها ؟
فى تقديري انه يجب علي الدول العربية ان تولي الاهتمام بآليات اليقظة الاستراتيجية والتي تعد من اساليب الإدارة الحديثة. ويقصد باليقظة الإستراتيجية النشاط الذي يمكننا من البقاء علي علم بكل المستجدات وتجعل الدولة اكثر ذكاء وقوة وتكون قادرة دوما لمراقبة البيئة والمجتمع الدولي لرصد كافة الإشارات سواء الضعيفة أو القوية التي تمكنها من التنبؤ بالفرص والمخاطر التي يمكن أن تقع في المستقبل ووضع الخطط الإستراتيجية التي تمكنها من استغلال تلك الفرص وتجنب المخاطر. وتعتمد اليقظة الاستراتيجية علي تحصيل المعلومات وتحديثها دوما وتحليلها . وتمكن الحكومات من اكتشاف علامات الإنذار المبكرة بالمخاطر وتساعد علي تجنبها ومواجهتها.
ويجب الإشارة في هذا السياق ان ضعف اليقظة الإستراتيجية لدي الدول العربية تجعلهم يتعاملون بأسلوب رد الفعل ولا يملكون خطط مدروسة لمواجهة مثل هذه المخاطر والتهديدات، وليس امامهم سوي اتخاذ ردود محتشمة وتكتفي بالبيانات والمواقف الرافضة، وللأسف تمكنت المخابرات الأمريكية من الترويج لخطورة ايران وأنها العدو الأكبر واشد خطورة علي الدول الخليجية من إسرائيل وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي القادرة علي حمايتهم من أي عدوان ايراني . ولا شك ان ايران تحمل جزء من المسئولية بسعيها لبسط نفوذها في بعض الدول العربية، واعطت ترامب ورقة لأبتزاز الدول الخليجية . ومن هنا فإنه من الأهمية أن تولي الدول العربية الاهتمام بالتخطيط الإستراتيجي واستغلال كافة الفرص للحد من التهديدات وتحديد مصادر الخطورة بشكل دقيق وعدم الإعتماد علي أسلوب رد الفعل .