أسباب سقوط الدول
عند ابن تيمية
بسم الله الرحمن الرحيم
أسباب سقوط الدول من الموضوعات التى يجب أن تشغل المسلمين هذه الأيام ليعتبروا بها وليبحثوا فى هذه الأسباب ويروا
هل ارتكبوا بعضها فحق عليهم سلب ما مكنهم الله منه ؟
إن الإجابة على هذا السؤال كفيلة بأن يرفع الله مقته وغضبه وبلاءه عن المسلمين وأن يعيد لهم تمكينهم لدينهم وقد بحثت فى هذا الموضوع أكثر من مرة منها مرة قرأت القرآن كاملا مع تدوين عدد المرات التى كرر فيها القرآن سببا بعينه لسقوط الدولة أو لهلاك أمة من الأمم وقد وجدت الظلم هو أكثر هذه الأسباب تكرارا فى القرآن
كان هذا منذ مدة من الزمن عندما نزل بنا بلاء شديد وقد كان هذا البحث سببا فى تفريج الكرب ونزول الفرج حيث بحثنا بعد ذلك فى مدى حدوث هذه الأسباب بالفعل فى الواقع وعندما توصلنا لوقائع بعينها واستدركنا ماكان فيها من خطأ نزل الفرج
أما هذه الأيام فقد بحثت فى موقع البحث ياهو عن أسباب سقوط الدول فوجدت مقالا فى مدونة فؤاد ابو الغيث مطولا ردًا على احد الكتاب أخذت منه هذا المقطع قال :
بين شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – أسباب سقوط الدول ، في مواضع من فتاويه ، بما عرف عنه من استقصاء وحسن بيان ، ومن ذلك :
ـ [الحكم بغير ما أنزل الله ]
( الحكم بغير ما أنزل الله من أعظم أسباب تغيير الدول ، كما جرى مثل هذا مرة بعد مرة في زماننا وغير زماننا ، ومن أراد الله سعادته ؛ جعله يعتبر بما أصاب غيره ؛ فيسلك مسلك من أيده الله ونصره ، ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه ) ( الفتاوى 35/387 ).
ـ [ظهور الإلحاد والنفاق والبدع ]
( وكان من أسباب دخول هؤلاء ديار المسلمين ظهور الإلحاد والنفاق والبدع ، حتى أنه صنف الرازي كتابًا في عبادة الكواكب والأصنام ، وعمل السحر سماه ” السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم ” ، ويقال : إنه صنفه لأم السلطان علاء الدين محمد بن لكش بن جلال الدين خوارزم شاه ، وكان من أعظم ملوك الأرض، وكان للرازي به اتصال قوي حتى أنه وصى إليه على أولاده ، وصنف له كتابًا سماه ” الرسالة العلائية في الاختيارات السماوية ” ، وهذه الاختيارات لأهل الضلال بدل الاستخارة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين) (13/180) .
ـ [ الظلم ]
( إن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة ، وعاقبة العدل كريمة ، ولهذا يروى : ” الله ينصر الدولة العادلة ، وإن كانت كافرة ، ولا ينصر الدولة الظالمة ، وإن كانت مؤمنة ” ) (28/63).
( وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم = أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق ، وإن لم تشترك في إثم ؛ ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة ، وإن كانت كافرة ؛ ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة .
ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ، ولا تدوم مع الظلم والإسلام . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم ) فالباغي يصرع في الدنيا ، وإن كان مغفورًا له مرحومًا في الآخرة ؛ وذلك أن العدل نظام كل شيء ؛ فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت ، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق ، ومتى لم تقم بعدل لم تقم ، وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة ) (28/146).
ـ [ العصبية الجاهلية العمياء ]
( يقع كثيرًا في الرؤساء من أهل البادية والحاضرة إذا استجار بهم مستجير ، وكان بينهما قرابة أو صداقة ؛ فإنهم يرون الحمية الجاهلية ، والعزة بالإثم ، والسمعة عند الأوباش : أنهم ينصرونه – وإن كان ظالماً مبطلاً – على الحق المظلوم ; لا سيما إن كان المظلوم رئيسًا يناديهم ويناويهم ؛ فيرون في تسليم المستجير بهم إلى من يناويهم ذلاً أو عجزًا ; وهذا – على الإطلاق – جاهلية محضة . وهي من أكبر أسباب فساد الدين والدنيا ، وقد ذكر أنه إنما كان سبب كثير من حروب الأعراب؛ كحرب البسوس التي كانت بين بني بكر وتغلب إلى نحو هذا ، وكذلك سبب دخول الترك والمغول دار الإسلام واستيلاؤهم على ملوك ما وراء النهر وخراسان : كان سببه نحو هذا ) (28/326).
ـ [ التفرق والاختلاف وترك الاعتصام بالكتاب والسنة ]
( وباب الفساد الذي وقع في هذه الأمة . بل وفي غيرها : هو التفرق والاختلاف ؛ فإنه وقع بين أمرائها وعلمائها من ملوكها ومشايخها وغيرهم من ذلك ما الله به عليم ) (22/360).
وهذه الأسباب وغيرها ترجع إلى سبب جامع ، وهو :
ـ [ المعاصي وما كسبته أيدي العباد ]
( لا سبب للشر إلا ذنوب العباد ، كما قال تعالى : ( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) والمراد بالسيئات : ما يسوء العبد من المصائب ، وبالحسنات : ما يسره من النعم ، كما قال : ( وبلوناهم بالحسنات والسيئات ) فالنعم والرحمة والخير كله من الله فضلاً وجودًا من غير أن يكون لأحد من جهة نفسه عليه حق ، وإن كان تعالى عليه حق لعباده ، فذلك الحق هو أحقه على نفسه ، وليس ذلك من جهة المخلوق ، بل من جهة الله ، كما قد بسط هذا في مواضع . والمصائب : بسبب ذنوب العباد وكسبهم ، كما قال : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) (1/42).
جزى الله خيرا الشيخ فؤاد ابو الغيث عن هذا التفصيل الذى نقله عن ابن تيمية
ساحة النقاش