الخاصة بالحصول على أراضي الدولة في عهد النظام السابق بمثابة بادرة أمل أمام العديد من الشركات العقارية الكبرى التي حصلت على مساحات كبيرة من أراضي الدولة بالتخصيص المباشر في عهد تولي محمد ابراهيم سليمان ثم أحمد المغربي ملف وزارة الإسكان في تسوية أوضاعها القانونية وفقاً للمتغيرات الأخيرة في مصر.
وجاءت المبادرة الحكومية بعدما شهدت أسهم هذه الشركات المسجلة والمتداولة في بورصة القاهرة للأوراق المالية نزيفاً متواصلاً على وقع التحقيقات القضائية وبدء صدور بعض الأحكام ضد بعض كبار مسؤولي هذه الشركات الأمر الذي أدى إلى خسائر فادحة لصغار حملة الأسهم في هذه الشركات وألقى بظلال سلبية على أوضاع السوق العقارية التي تعاني أصلاً حالة ركود حادة متنوعة الأسباب ومتعددة المظاهر.
وتأتي المبادرة الحكومية استناداً لعدد من القواعد القانونية المستقرة في النظام القضائي المصري ومحاولة لإنقاذ السوق العقارية والعمل على إعادة تحريك النشاط الاقتصادي وعلى اعتبار أن الشركات التي حصلت على هذه المساحات الكبيرة من الأراضي بأسعار متدنية للغاية، مما فتح باب اتهام قياداتها بالتربح واتهام مسؤولين حكوميين بالإضرار العمدي بالمال العام، كانت تعمل في ظل قوانين سارية وتعاقدت مع مسؤولين حكوميين مفوضين بمثل هذه الإجراءات قانوناً.
وتقضي هذه المبادرة التي تدخل حيز التنفيذ خلال الأسابيع القليلة المقبلة عبر لجنة وزارية بمجلس الوزراء بإمكانية إعادة احتساب سعر الأرض وفقاً لقيمتها السوقية العادلة وليس وفقاً للأسعار التي حصلت بها هذه الشركات على هذه الأراضي ثم إلزام الشركات بسداد فروق الأسعار فوراً للدولة وبلا تقسيط مثلما كان متبعاً وتخصيص صندوق يتلقى فروق الأسعار لإعادة استخدام الحصيلة في تمويل المشروع القومي للإسكان الذي أطلقته حكومة الدكتور عصام شرف والذي يقضي بانشاء مليون وحدة سكنية على مدار السنوات الخمس المقبلة وبتمويل يزيد على 20 مليار جنيه سنوياً حيث من المتوقع أن تحصل الدولة على فروق أسعار تبلغ 30 مليار جنيه على الأقل في نحو عشر حالات صارخة تخضع للتحقيق الآن في كيفية حصول هذه الشركات على هذه المساحات الضخمة بالأسعار المتدنية.
وعلى الجانب الآخر، لقيت المبادرة الحكومية ترحيباً واسعاً من دوائر الاستثمار لاسيما في السوق العقارية استناداً إلى أن إسقاط الشق الجنائي بما يعنيه من استبعاد عقوبة السجن عن أصحاب ورؤساء هذه الشركات وقصر العقوبة على سداد فروق أسعار أمر يتوافق مع طبيعة النشاط الاقتصادي ويبعث برسالة ثقة للاستثمارات الأجنبية القادمة مستقبلاً للبلاد لاسيما وان القصد الجنائي لم يكن متوفرا في حالات الحصول على الأراضي رغم أن بعضها ينطوي على شبهة استغلال نفوذ وعدم تكافؤ فرص بين الشركات والمستثمرين العاملين في هذا المجال.
وكانت السوق العقارية المصرية قد شهدت حالة من الاضطراب الشديد على وقع توالي بلاغات للنائب العام وجهات التحقيق المختلفة خلال الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير تتهم العديد من الشركات العقارية الكبرى سواء كانت مملوكة لمصريين أو لمستثمرين عرب كبار بحصولها على مساحات كبيرة من الأراضي في مناطق متميزة في مقدمتها القاهرة الجديدة والسادس من أكتوبر والساحل الشمالي والغردقة وشرم الشيخ مقابل أسعار زهيدة لا تتعدى الدولار للمتر المربع في المناطق السياحية المتميزة وفي حدود 300 جنيه للمتر في المدن الجديدة المتاخمة للقاهرة والتي يدور سعر المتر فيها حاليا حول 3 آلاف جنيه الأمر الذي ترتب عليه ضياع عشرات المليارات من الجنيهات على خزينة الدولة.
وشملت التحقيقات شركات كبرى في مقدمتها شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار العقاري “سوديك” التي كان يتولى رئاستها مجدي راسخ صهر علاء مبارك وكذلك شركة “بالم هيلز” المملوكة لعائلة وزير الإسكان المحبوس حالياً أحمد المغربي وعائلة منصور وشركة “الفطيم للتنمية العقارية” العائدة لمجموعة “الفطيم” الإماراتية والتي تنفذ مشروع “كايرو فاستيفال سيتي” بمدينة القاهرة الجديدة وباستثمارات تزيد على أربعة مليارات دولار ومجموعة طلعت مصطفي القابضة في مشروع “مدينتي” والتي صدر بشأنها حكم قضائي يقضي بفسخ عقد تخصيص ثمانية آلاف فدان لإقامة المشروع بالقاهرة الجديدة وكذلك عقد تخصيص مئة ألف فدان بمنطقة توشكي لشركة المملكة القابضة للتنمية الزراعية العائدة للأمير الوليد بن طلال وكذلك شركة “شارمينج شارم” التي يرأس مجلس إدارتها رجل الأعمال ابراهيم كامل وشركة “داماك” الإماراتية التي صدر بسبب تخصيص أراض شاسعة لها في خليج جمش على ساحل البحر الأحمر بسعر دولار للمتر حكم بالسجن لمدة 5 سنوات على رئيس مجلس إدارتها حسين سجواني وهي نفس العقوبة التي صدرت بحق وزير السياحة الأسبق زهير جرانة بسبب قيامه بتخصيص الأرض لشركة “داماك”.
ومع انفجار هذه القضايا وما تلاها من تداعيات إعلامية وسياسية، بدأت الشركات العقارية سواء المتهمة بالحصول على أراض أو تلك التي تتمتع بمراكز قانونية سليمة في التأثر سلباً حيث توقف العملاء الحاجزون في مشروعات معظم هذه الشركات عن سداد الأقساط المستحقة وتوقفت البنوك عن ضخ تمويل كان قد تم توقيع عقوده قبل الثورة وتوقف الموردون عن إمداد الشركات بالمواد الخام اللازمة وانهارت أسعار أسهمها في البورصة الأمر الذي خلق حالة من الحصار الكبير ونقص السيولة تكاد تدفع بعضها الى حالة الإفلاس.
ويؤكد المهندس فؤاد الجندي، رئيس شركة النصر للاسكان، أن الاتجاه الى تشكيل لجنة في مجلس الوزراء مهمتها بحث مشكلات المستثمرين والعمل على حلها بعيداً عن الإجراءات القضائية لاسيما فيما يتعلق بالأراضي التي حصلت عليها بعض الشركات في توقيت سابق سوف يسهم في مساعدة الكثير من هذه الشركات على توفيق أوضاعها وفقاً للمتغيرات الجديدة.
وقال الجندي إن هذه المبادرة تضمن حصول الدولة على حقوقها من جهة عبر التزام الشركات بسداد فروق أسعار الأراضي وفي نفس الوقت تحافظ على استثمارات هذه الشركات والأموال التي تم إنفاقها على هذه المشروعات طيلة السنوات الماضية خاصة أن الشركات حصلت على هذه الأراضي وفقاً لنظم قانونية كانت متبعة في فترة من الفترات بغض النظر عن صواب أو خطأ هذه النظم وبناء على ذلك قامت الشركات بضخ استثمارات في المشروعات سواء لتمهيد الأراضي أو “ترفيقها” أو تنفيذ بعض المراحل في المشروع وبالتالي فإن اسقاط جانب المسؤولية القانونية عن الشركات التي حصلت على هذه الأراضي وسداد فارق الأسعار لخزينة الدولة حل واقعي نظراً لوجود حقائق جديدة على الأرض تتمثل في تنفيذ إنشاءات ومبان تمثل في نهاية الأمر رصيداً للاقتصاد القومي.
وشدد الجندي على أهمية سرعة تنفيذ المبادرة الحكومية لأن ذلك من شأنه تخفيف حالة التوتر التي تنتاب السوق العقارية في هذه الفترة ويسهم في بدء تحريك السوق لأن التحقيقات الجارية حول صفقات الأراضي ألقت بظلالها على حركة السوق وبالتالي تأثرت كافة الشركات العقارية سواء تلك الوارد أسماؤها في التحقيقات أو تلك الشركات التي ليس لها علاقة بالقضية من أساسها وحصلت على أراضيها بالمزاد أو بالشراء القانوني لأن العملاء يتعاملون الآن مع السوق العقارية بمنظور واحد.
أما المهندس حسين صبور، رئيس جمعية رجال الأعمال، فيؤكد أن مبادرة استبعاد المسؤولية الجنائية عن ملف تخصيص الأراضي والاكتفاء بالتعامل مع الموضوع كقضية مالية وفنية أمر جيد لأن ذلك من شأنه استعادة روح الثقة بالمناخ الاستثماري العام وتبديد مخاوف شركات التطوير العقاري حول خططها المستقبلية التي تم بناؤها على أساس تواصل النمو لاسيما وأن معظم المطورين العقاريين الكبار العاملين في السوق المصرية لهم شركاء عرب وأجانب وبالتالي فإن المبادرة الحكومية رسالة إلى الخارج أكثر منها رسالة الى الداخل وهي رسالة ايجابية في كل الأحوال.
وأوضح صبور أن قضية الأراضي في مصر لابد من وضع حلول واضحة لها ترضي المجتمع وتحقق مصالح الدولة والمستثمرين لأن الأرض هي العنصر الأساسي في أي مشروع سواء كان عقارياً أو سياحياً أو صناعياً وبالتالي فإن وضع قواعد محددة وشفافة وعادلة سوف يدفع بحركة الاستثمار قدماً إلى الأمام ويسهم في جذب عشرات المليارات من الاستثمارات الخليجية الباحثة عن فرص موطن قدم في السوق المصرية بعد الثورة وهو ما يحقق أحد أبرز أهداف الثورة من تحسين دخول المواطنين ورفع كفاءة الخدمات العامة.
المصدر: منتدى
نشرت فى 28 ديسمبر 2011
بواسطة consulthamadass
الخبيرالدكتورحمادة صلاح صالح www.iraegypt.com
خبير التقييم المعنمد للتقييم لدي البنك المركزى المصرى خبير الملكية الفكرية بوزارة العدل للمحاكم الاقتصادية المتخصصة خبير تقييم الأثر البيئى للمشروعات وتقييم دراسات الجدوى خبيرتقييم معتمد لدى وزارة اﻻستثمار رئيس الهيئة الادارية والاقتصادية بالمجلس العربي الافريقي للتكامل والتنمية ونائب الرئيس للشئون الاقتصادية بالمجلس خبير تقييم دراسات الجدوى خبير وعضو المجلس »
أقسام الموقع
- تقييم الالات والمعدات والبضائع
- التقييم العقاري والصناعي
- تقييمم دراسات الجدوى
- تقييم الأثر البيئى للمشروعات
- الجمعية المصرية لخبراء التقييم الفني المجلس المصري
- مقالات الخبيرالدكتور حمادة صلاح خبير البنك المركزي
- البيع بالمزاد العلنى
- الاتحادالعربي للعلاقات التجارية والتبادل الثقافي
- التفكير الابتكارى
- الاتحاد العربى للتنمية العقارية
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
679,696
ساحة النقاش