نورا عبد الحليم
يقضي معظم الأبناء الصغار الآن جزءا كبيرا من أوقاتهم في منزل أجدادهم, وذلك بحكم عمل الأم خارج المنزل لأوقات طويلة, مما يجعل الجد والجدة يشاركان بشكل أوسع في تربية الصغار..
وهنا ينشأ الصراع في التربية خاصة بين الأمهات والجدات, أو بين الحسم المطلوب.. والإفراط في التدليل. فهل ينتهي دور الأم في التربية عندما تصبح ابنتها أما ؟
وكيف يكون دورها مساندا وداعما لدور الأم في تربيتها لأبنائها ؟
بداية يوضح الدكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية وعميد كلية التربية النوعية الأسبق في جامعة عين شمس ان هذا الصراع ليس جديدا, لكن لم يكن طرح المشكلة كما يتم طرحها حاليا.. ففي السابق كان لدي الأم متسع من الوقت تقضيه مع أولادها, ولم يكن الأولاد يمضون أوقاتا طويلة في منزل الأجداد إلا في حالات خاصة, ولذلك كانت التربية مسئولية الأم فقط. وهذه المشكلة كانت حاضرة دائما في الحالات التي يعيش فيها الأب والأم مع أولادهما في منزل الأجداد أو التي يعيش فيها الأجداد في منزل واحد مع أبنائهم, حيث يصبحون في حالة احتكاك دائم مع أولادهم وأحفادهم.
ومن الممكن أن تكون تلك التربية المشتركة من قبل الجيلين مصدرا تربويا ثريا ودافعا للأبناء حتي ولو كانت الأم متفرغة للأولاد تماما. فوجود الجدة( والجد أيضا) في حياة الأولاد مهم للغاية لأنه يشكل دعما اضافيا لما يتلقونه من والديهما, من تعاليم وتستطيع الجدة بالتحديد أن تخفف من سلطة الأم والتي قد يكون فيها نوع من القسوة أحيانا بدون أن تقلل من قيمتها, وتساعد الأولاد علي تقبل هذه السلطة مع مراعاة ألا تقوم بدور الأم أو تسمح بأمور لاتسمح الأم لأطفالها بالقيام بها فيجب أن يكون هناك تنسيق بين تربية الأم ودور الجدة, خاصة إذا كان هناك تداخل في التربية. لأن التربية من قبل جيلين قد تكون مضرة إذا اعتبرت الجدة حفيدتها أختا صغري لابنتها الأم!
ومن الممكن أن تسبب التربية المشتركة ضررا إذا كانت الجدة تكبت جزءا من عاطفتها لتحل مكانها التربية عندما يتعلق الأمر بأولادها, أما عندما يأتي الأحفاد فتقوم بالاستقالة من دورها التربوي وتترك المجال لعاطفتها فتفرط في تدليلهم كثيرا.
ويحدد أستاذ الصحة النفسية دور الأم والجدة في تربية الأبناء قائلا: المطلوب من الأم أن تقدم التربية والعاطفة معا وعليها تعليم أولادها الصواب من الخطأ, خاصة أنها المسئولة عنهم عاطفيا وتربويا لحين تأمين استقلاليتهم الشخصية وبناء عائلة في المستقبل.
وعلي الجدة أن تسمح لأولادها بأن يعيشوا حياتهم ويحصلوا علي استقلاليتهم بعد الزواج.. أما بالنسبة للأحفاد فدورها يقوم علي منحهم العاطفة المتوازنة, شريطة ألا تتخطي عاطفة الأم. وفي مرحلة مراهقة الأحفاد فالمطلوب من الجدة أن تلعب دورا يسمح بتنفيس الضغط الذي ينشأ بين الوالدين والأبناء, لكن بدون أن تناقض آراء أبويهم فتسمح لهم بأشياء تخفف من السلطة الأبوية, لكن دون أن تلغيها بشكل نهائي.
ساحة النقاش