دراسة تحدد 3 مبادئ أساسية للنهوض بالتعليم الأزهرى 0 70 طباعة المقال
في ظل الحديث عن تجديد الخطاب الديني، وتأكيد العلماء أن قاطرة التجديد تبدأ بإصلاح التعليم الأزهري ورفع مستوى الخريجين وتأهيل الدعاة لتلك المهمة الجليلة، اعد الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا، دراسة حول سبل إصلاح التعليم الأزهري تتلخص في ثلاثة مبادئ أساسية.
تضمنها مشروعه التطويري، الذي يعتزم تقديمه لمجلس النواب الجديد، وهذه المبادئ هي: الأول: لا بد أن يعامل التعليم الأزهري تعليما نوعيا ( فنيا وليس نظريا)، فينبغي أن يعامل طلاب التعليم الأزهري معاملة طلاب التعليم الفني من ناحية التخصص العام، والتخصص الدقيق، والتطبيق العملي أثناء الدراسة وهكذا، وفوق ذلك لابد أن يبقي الخريج دائما حتى بلوغه سن التقاعد مرتبطا بالأزهر باعتباره الجهة العلمية الوحيدة القادرة علي تنميته علميا أولا بأول، ومتابعة أدائه وتقييمه، وترقيته.. ومن هنا وحتى ينصلح التعليم الأزهري لابد من دمج المساجد بمنابرها في الأزهر إدماجا كاملا، وتصبح المساجد فروعا للمعهد الأزهري، وهذا الإدماج يحقق فائدتين مهمتين في وقت واحد: الأولي، التخفيف من كثافة التلاميذ والطلاب بالمعاهد، حيث يتلقون المواد الشفهية (القرآن والسنة والقراءة والنصوص والفقه والتاريخ والجغرافيا. وغيرها من العلوم الشفهية التي لا تحتاج إلي كتابة أثناء الدرس. وذلك بتقسيم الفصل إلي قسمين متساويين كل قسم يذهب للمعهد ثلاثة أيام وللمسجد ثلاثة أيام، من ثم لا يظل بالفصل سوي نصف الطلاب فقط يوميا، فلو فرضنا أن فصلا كثافته 50 طالبا مثلا فإن 25 فقط هم الذين يدرسون بالفصل والـ25 الآخرين يدرسون بالمسجد بالتناوب وهكذا.
أما الثانية فتبدو أهميتها في أن عدد المساجد والتي قاربت الـ200 ألف مسجد علي مستوي الجمهورية، وهي مهجورة طوال النهار مما يشجع الراغبين والطامحين إلي استثمار هذا الفراغ بشكل سلبي، فإذا انتقل الطلبة والمدرسون إلي المساجد أصبحت المساجد عامرة طوال اليوم وتجد من الطلاب والمدرسين من يتولي الأذان والإقامة والخطابة والتدريس، مما يثري الدعوة ويبعد المساجد عن غير المتخصصين ويجنبها التيارات الطامعة.
المبدأ الثاني: التخصص الدقيق في فروع التعليم الأزهري: فالمعلوم أن التعليم الأزهري ليس فرعا واحدا، ولكن فيه تخصصات عامة جري عليها العرف الأزهري وهي: ـ الفقه (إفتاء وأحكام)، اللغة (جميع فروع اللغة العربية)، ـ قرآن كريم (تفسير وأحكام قرآن وعقائد)، حديث نبوي وسيرة وسنة، الدعوة والإعلام الديني (المنابر والوعظ). وهذه التخصصات الأربعة يضاف إليها المواد الثقافية والإنسانية مثل الجغرافيا والتاريخ وعلم النفس والاجتماع..لكي تؤتي ثمارها لابد للقائم بتدريسها أن يكون متخصصا فيها لدرجة علمية لا تقل عن الماجستير، فهذا ما كان معمولا به بالأزهر حتى عام 1961 فكان يدرس الطالب سنتين بعد البكالوريوس أو الليسانس وهما سنتا التخصص ..أما أن يمارس الدعوة علي المنابر الأزهري المتخرج في قسم التفسير دون أن يكون قد درس علم الإعلام وأساليب الاتصال وعوامل التأثير، فسوف يكون أداؤه دون المستوي. لذا فلابد من إعادة التخصص الدقيق إلي خريج الأزهر كمدخل لاشتغاله عمليا بعد التخرج.
وطالب قطب بتعديل سنوات الدراسة ببعض المراحل بما يساعد الطالب علي الاستيعاب، بحيث تكون كل من المرحلة الإعدادية والثانوية أربع سنوات (لاحتواء مقررات التعليم الأزهري والعام) والجامعة خمس سنوات لتكون السنة الخامسة بمثابة دبلومة التخصص. وفي المقابل يعوض خريج الأزهر بأن يتم تقاعده علي سن 65 عاما بدلا من ستين.
المبدأ الثالث: التمييز والتفريق بين الوحي الإلهي والبيان النبوي والفكر البشري. وهذا مبدأ أساسي في تلقين البشر أن الفكر الديني عماده ثلاثة أنهار، أولها: نهر الوحي الإلهي وهو القرآن الكريم. والثاني: نهر البيان النبوي، وهو الحديث الشريف الصحيح والسنة النبوية الصحيحة، والثالث نهر الفكر البشري. وهذا يتطلب التنقيح وإعادة التعامل مع كتب التراث بما يلائم عصرنا، وهذا لن يكون إلا للجان علمية معاصرة من أهل العلم والفكر والشرع.
هذا بصفة عامة.. أما من ناحية التعليم الجامعي بالأزهر، فإنه بحاجة فوق ما سبق، إلي إعادة النظر في الكليات العلمية التي أنشئت أصلا لتخرج أطباء ومهندسين ليصلحوا للعمل في البلاد الإسلامية الأخرى فيكون عملهم مزدوجا يجمع بين التخصص المهني من ناحية وقدرتهم علي ممارسة الدعوة في البلاد الآسيوية والإفريقية إذا تعلموا لغتها.. ولكن مراجعة التجربة خلال الخمسين سنة الماضية أثبتت عدم جدواها، حيث إن الطلاب لم يتعلموا اللغات الإفريقية والآسيوية من ناحية، كما أن الدولة تراخت وانصرفت عن استثمار هذه الطاقات وتصدير الدعاة المتخصصين إلي تلك البلاد.
وإذا كانت الكليات الشرعية هي الهدف الأساسى من التدريس بالأزهر، ناهيك عما تلتهمه الكليات العلمية من ميزانية جامعة الأزهر، لذا فإن إعادة النظر في الإبقاء علي تلك الكليات قد يكون مفيدا في هذا المقام.
وطالب قطب بوضع ضوابط ومعايير جديدة للالتحاق بالكليات الأزهرية، وإنشاء مسارات فنية جديدة لضعاف المستوي بعد المرحلة الإعدادية، مثل معاهد فنية نوعية متوسطة وفوق متوسطة، مرتبطة بسوق العمل، والإسراع بإجراء تعديلات فورية بقانون الأزهر بما يسمح بوجود هذه الكيانات الجديدة حتى لا يكون مصيرها كسابقتها بجامعة الأزهر والتي ألغيت بعد فشلها.
كما طالب بإنشاء كليات فنية بجامعة الأزهر علي غرار كليات الفنون الجميلة ومعاهد التمثيل للموهوبين حتى لا يعتقد الناس أن الأزهر يحرم الفن بإطلاقه، وبحيث يتمكن خريجو وطلاب الأزهر من تقديم أعمال فنية تخدم الدعوة وتقدم الدين الصحيح للناس في صورة دراما أو سينما أو نحو ذلك، ومعلوم أن المسلسل أو العمل التمثيلي أبلغ ألف مرة من مئات الخطب والشعارات الرنانة.
رابط دائم:
ساحة النقاش