صمت الطفل وامتناعه عن الكلام يحتاج لعناية الأم ورعايتها لأن هناك نوعان من الصمت كما يقول د.عادل محمد المدني أستاذ الطب النفسي بكلية طب- جامعة الأزهر.. النوع الأول وهو الصمت الذي ينشأ عن عطب في الجهاز العصبي أو السمعي،
وهذ النوع من الصمت يستدعي اللجوء للطبيب وتدخله مبكرا, فالطفل الذي لا يسمع لا يمكنه تكوين كلمات والنطق بها. وأيضا يوجد الطفل المتوحد الذي يفضل التعامل مع نفسه عن التعامل مع الآخرين, وهذا الطفل يحتاج إلي تدخل علاجي يلعب فيه المعالج دورا مهما ويرشد الأسرة وبالتحديد الأم إلي كيفية التعامل مع هذا النوع من الأطفال, بالإضافة إلي التدخل الدوائي.
أما النوع الثاني فهو الصمت الاختياري, وهو يعتمد علي العلاقات الأسرية والاجتماعية التي يعيشها الطفل, فهو يشعر بالضغوط النفسية في سن مبكرة, وأصعب هذه الضغوط وأشدها تأثيرا عليه هي خلافات الأم والأب لأن الطفل يعتقد أنهما مع كل خلاف سينفصلان ولا يدري ماذا يفعل أو ماذا يقول, ويتحول إلي طفل صامت.
وهناك مواقف أخري تحول الطفل إلي حالة الصمت مثل غياب الأم أو سفرها لمدة طويلة, وبالتالي بقائه عند إحدي الأقارب كالجدة أو الخالة أو العمة.. وفي هذه الحالة يشعر الطفل بأن أمه رفضته وتخلت عنه بالرغم أنه يحتاجها.. ولا يدري ماذا يقول لها.. ومن ثم يستقبلها عند عودتها بلغة الصمت.. وهو يعبر بذلك عن رفضه التواصل الاجتماعي معها.
والذهاب إلي المدرسة قد يؤدي كذلك إلي صمت الطفل لأنه يتنافس مع أقرانه في المدرسة علي حب واهتمام معلمته كما كان يتنافس مع إخوته في المنزل علي حب أمه.. لكنالموقف في المدرسة يتغير لأن أعداد الأطفال كثيرة والمكان غريب, كما أن المعلمة تصرخ وتتعامل بعصبية أحيانا فيلجأ الطفل إلي الصمت خوفا وقلقا.. وهناك سبب آخر لصمت الطفل مثل أن يكون لديه عيوب في النطق كالتهتهة أو اللجلجة وعندما يسخر منه الزملاء فإنه يفضل الصمت عن إثارة سخرية أقرانه.
وكثرة توجيه اللوم للطفل أو استخدام أحد الوالدين العنف في التعامل معه يجعله يرد العنف بالعنف فيعبر عن ذلك إما بتحطيم وإلقاء الأشياء, أو يعلن الانسحاب والرفض والعدوانية السالبة ويعبر عن ذلك بالصمت ورفض الكلام.
ويؤكد د.عادل أن الأهل هم من يجعلون من أبنائهم صامتون إذا ما أخطأوا في طريقة العقاب وإذا لم يعرفوهم الصواب وإذا لم ياخذوا أيضا بأيديهم عند العثرات, وكذلك عدم حماية الأبوين لأطفالهم عند وأمام الغرباء وعدم إعدادهم لمواجهة المواقف الجديدة في حياتهم مما يؤثر عليهم نفسيا ومعنويا.. ويجب أن يتذكر الأب والأم جيدا أن التشاجر أمام الطفل أو انفصالهما قد يضر بمصلحته. وهناك أمور خارج الأسرة أو المدرسة قد تصل بالطفل إلي الصمت مثل سوء اختيار بعض البرامج التليفزيونية التي يشاهدها الطفل, أو سوء البرامج والأفلام التي تعرضها بعض القنوات والتي قد تصيب الطفل بقلق وخوف شديدين, وخصوصا أن أحوال البلاد عموما تؤثر علي الكبار والصغار.
وينصح د. عادل في نهاية حديثه الأمهات والآباء أن ينتبهوا إلي حالة الصمت التي يلجأ إليها الأبناء, والطفل الذي يكون وحيدا لا يختلط بالآخرين ولديه حماية زائدة فإنه قد يتأخر في الكلام لفترة طويلة ويكون طفلا صامتا.. لذا لابد من مخالطة الطفل مبكرا لمن هم في مثل سنه مثل الأقرباء وأطفال الحضانة والجيران والمدرسة.
رابط دائم:
ساحة النقاش