سهير عبد الوهاب 33
في سابقة لم يشهدها العصر, كان الآباء في صدر الإسلام يختارون الأزواج لبناتهم, وكان المثل اخطب لبنتك ولا تخطبش لابنك يطبق بلا حرج بين العشائر والقبائل . <="" div="" border="0">
وهو ما ننصح به الآباء المعاصرين في اتخاذ المسلمين الأوائل قدوة في تسهيل الزواج وترشيح الفتيات الصالحات للزواج من الفتيان الصالحين, وما فعله عمر بن الخطاب في تزويج ابنته حفصة خير دليل علي ذلك حيث أسلمت حفصة وزوجها خنيس بن حذافة بن قيس الذي مات متأثرا بجراحه بعد أن شهد غزوة أحد وترك أرملته حفصة بنت عمر, وتألم عمر لحزن ابنته الشابة التي ترملت في الثامنة عشر من عمرها, وفكر أن يختار لها زوجا تأنس إلي صحبته فاختار لها أبو بكر الصديق فعرض عليه أن يتزوجها, لكن أبا بكر أمسك ولم يجب, ثم ذهب إلي عثمان بن عفان وكانت زوجته رقية قد توفيت وعرض عليه زواجه من حفصة, وكان جواب عثمان( ما أريد أن أتزوج اليوم) فاغتاظ عمر من قسوة الموقف فذهب يشكو إلي النبي( ص) صاحبيه فحدثه عمر عما كان من أبي بكر وعثمان, فتبسم الرسول( ص) وقال: تتزوج حفصة من هو خير من عثمان ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة, وهكذا تم زواج رسول الله صلي الله عليه وسلم من حفصة وعثمان من أم كلثوم.. وكانت حفصة من العابدات شديدة التقوي صوامة قوامة, وكانت أقرب زوجات النبي إلي السيدة عائشة, وكان في طبع حفصة حدة وشدة وكانت سريعة الغضب والانفعال, وكان ذلك سببا في تطليق النبي(ص) لها مرة واحدة ثم راجعها. فقددخل عمر رضي الله عنه عليها وهي تبكي فقال: ما يبكيك؟ لعل رسول الله طلقك وارجعك من أجلي, والله لأن طلقك لا أكلمك كلمة أبدا, وجعل عمر يهيل التراب علي رأسه ويقول: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها فنزل جبريل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة بعمر, وفي رواية أخري إرجع حفصة فإنها صوامة قوامة وأنها زوجتك في الجنة,
ومنذ تلك الواقعة حرصت حفصة بعدها علي ألا تغضب رسول الله( ص) أبدا حتي انتقل إلي الرفيق الأعلي.
ثم أقامت رضي الله عنها في المدينة عاكفة علي العبادة, صوامة قوامة إلي أن توفيت في عهد معاوية بن أبي سفيان.
ساحة النقاش