نحو تغيير ثقافة الإدارة العامة
بقلم: د.أية ماهر 48 

المرحلة القادمة في مصر مرحلة بناء وإصلاح لجميع مؤسسات الدولة‏,‏ مرحلة في تاريخ مصر تتطلب الوعي الكافي لها من قبل القيادة السياسية وتكاتف جميع أطياف المجتمع بعزيمة وإخلاص لكي يحدث التغيير‏.‏

فالإصلاح الحقيقي بكافة مؤسساتنا لايمكن ان يتحقق بدون الارادة الشعبية القوية له والإجماع علي هدف واحد لكي نستطيع تغيير النهج الذي اعتادنا عليه في أسلوب الإدارة لدينا طوال الخمسين عاما السابقة, والذي شكل ثقافة الإدارة العامة لدينا بكافة مؤسساتنا من خلال سلوكيات الأفراد العاملين بهذه المؤسسات مع المواطنين اثناء تلقيهم الخدمة, ومن خلال النظم الداخلية المعقدة للإدارة والتشريعات المعرقلة, ومن خلال القيادة السلطاوية المتمركزة بها, فصارت لدينا مصطلحات ومأثورات تأصلت فينا مثل: تشتغل كتير تغلط كتير, إن شاء الله بكره معلش, فوت علينا بكره, ومصطلحات أخري مثل الكوسة والبراشوت وغيرها, فكل هذه المصطلحات والمأثورات التي نسمعها دائما لها أصول وجذور في تاريخ الإدارة العامة في مصر, فمثلا عبارة تشتغل كتير تغلط كتير تأصلت لدينا في مؤسساتنا العامة في ظل عدم وجود نظام عادل وكفء للعاملين بهذه المؤسسات علي مدي السنين وعدم وجود آلية لقياس انتاجيتهم لربط الأداء بالحوافز أو بالترقيات حيث يحصل 95% من العاملين بالدولة علي تقدير ممتاز رغم عدم رضاء المواطن عن الخدمة المقدمة, بينما يقدر متوسط عمل الموظف الحكومي في بعض القطاعات نحو 30 دقيقة, وبالتالي نشأت ثقافة لدي العاملين في ظل هذا النظام المشوش أن الشخص الذي يحاول أن يشتغل او ينجز اكثر قد يعرض نفسه لأخطاء العمل المتعادة مما قد يعرضه لمسألة مديره المباشر وبالتالي يكون من الأفضل لديه ألا يعمل كثيرا طالما أنه سيحصل علي راتبه وحوافزه. أما عبارة إن شاء الله بكره معلش أو ماتعرف بثقافة الإي بي أم وفوت علينا بكره فتأصلت لدينا لأن المواطن البسيط اعتاد ان يسمعها من الموظف بالصفوف الامامية بالمصالح الحكومية أثناء تخليصه لأي مصلحة ما أو أوراق رسمية له, وعادة مايوعده الموظف بأن اوراقه ستكون خالصة بكره وفي كل مرة يأتي المواطن لاستلام أوراقه يرد عليه الموظف بجملة معلش او فوت علينا بكره, والأصل في الموضوع ان البيروقراطية التي آت بها العالم الالماني ماكس فيبر لتنظيم النظم الداخلية للإدارة مثلما هو الحال في ألمانيا وبريطانيا حلت محلها البيروقراطية والمركزية المعرقلة في مصالحنا الحكومية فأصبح الموظف الحكومي المغلوب علي أمره لا يملك زمام أموره في أبسط الأمور فيما يخص نطاق عمله وبالتالي لا يستطيع ان يفي بأي وعود أو يوم محدد للمواطن لإنهاء مصالحه مما قد يعرض الموظف في أغلب الأحيان للاتهامات أو الإهانات من قبل المواطن, فلابد أن نتغير ونصلح الإدارة في جميع مؤسساتنا لكي تتغير الثقافة التابعة لها من خلال أولا: اقتناع ومساندة القيادة السياسية لها بأهمية الإصلاح الإداري لجميع مؤسساتنا حيث إن الإدارة هي أساس التنمية البشرية وتقدم الشعوب كونها الآلية التي تدور عجلة الانتاج في مؤسساتنا الاقتصادية لكي نستطيع ان نولد فرص عمل ونحقق للمواطن اجر معقول يكفل له عيشة كريمة, وهي الآلية التي تدار بها مؤسساتنا التعليمية والصحية ولا يمكن ان نحقق تنمية بشرية او اي تقدم بدون إصلاح للإدارة لدينا. ثانيا: ضرورة احترام أدمية الموظف الحكومي من خلال اجر كافي يكفل له عيشة كريمة وبيئة عمل تمكنه من تطوير قدراته وتشعره بذاته. ثالثا: تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال سد الأبواب الخلفية للفساد بأنواعه المختلفة. رابعا: الاقتناع ان التغيير والإصلاح لابد وأن يأتي من داخلنا ومن خبرائنا ولا بكثرة المعونات أو الخبرات الاجنبية لأن الجهود السابقة للكثير منها من وجهة نظر الخبراء لم تحقق النتائج المرجوه لها خامسا: الاستفادة من اخطاء الماضي لكي لا نبدأ دائما من مرحلة الصفر. وأخيرا وليس اخرا, فمسئولية اصلاح الادارة العامة وتغيير الثقافة المجتمعية لها مسؤليتنا جميعا, فلنعهد انفسنا علي التغيير والإصلاح وسنتخطي إن شاء الله الصعاب بصبر وعزيمة لكي تظل مصر دائما منارة العالم أجمعين.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 56 مشاهدة
نشرت فى 1 أغسطس 2012 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,598,045