التطبيع الاجتماعي للمعلمين
Social Normalization Of Teachers
بقلم كولن لاسي (COLIN LACEY )
ترجمة الباحث التربوي والاجتماعي /عباس سبتي
فكرة هذا الكتاب انبثقت من مشروع بحثي للتطبيع الاجتماعي الذي تبناه فريق من علماء الاجتماع ما بين عامي 1969-1973م ، وقد مول هذا المشروع المجلس البحثي للعلوم الاجتماعية بلندن حيث طيع الكتاب بلندن في 1974
تطور علم الاجتماع في العقود الأخيرة ، وقد قام علماء الاجتماع بطرح وبيان اختلاف المناهج النظرية والعملية من أجل زيادة فهمنا لتعقيدات الحياة وأثرها على المنظومة التعليمية ، حيث أن النظرة المبكرة لعلم الاجتماع كانت تنظر إلى أنماط السلوك وتأثير الأعراف على هذا السلوك على أنها تعيق إصلاح المجتمع ، و أكد علماء الاجتماع على دور الفرد في معرفة واقع مجتمعه وخصائصه ، وبالتالي للفرد دور كبير في الإصلاح التعليمي
في هذا الكتاب سوف يعرف المعلم والطلبة أنهما يمثلان التنظيم الاجتماعي ، وكيف أن التحصيل لا يقيس مستوى الطلبة فقط ، بل من هم هؤلاء الطلبة ؟ وماذا نتوقع من المدرسة في مجال تقويم مناهجها أن تعمله من أجل طلبتها
الأداة أو الوسيلة المهمة لفهم ما يحدث في المدارس هي دراسة سلوك المعلمين ، وما هي انطباعاتهم عن النظام الاجتماعي في المدرسة ، وما توقعاتهم حول الفروق الفردية السائدة بين طلبتهم ، ومدى إدراكهم لظروف عملية التدريس ؟ هذه العوامل أثرت على نوع التعليم الذي يتلقاه الطلبة ، وعلى نوع التدريب الذي مارسه المعلمون .
استطاع " كولن لاسي " في هذا الكتاب من تحديد الطرق التي يفكر بها المعلمون والعوامل المؤثرة في هذه الطرق ، حيث قام بشرح وافي عن قواعد علم الاجتماع المعاصر
يكشف الكتاب التغيرات في حياة الفرد الاجتماعية كالطالب مثلاً الذي يعد نفسه ليكون معلماً ، ويحاول الكتاب أن يربط بين هذه التغيرات وأهداف الفرد وطموحاته .، وقال المؤلف : أنني لم أحاول أن أركز على معنى النفس على الرغم من أهمية الموضوع ، لذا يركز الكتاب أيضا على عملية التغير في نفس الفرد وهذا التغير لا يخرج عن مضمون التغيرات الرئيسة في المجتمع
يستعرض الفصل الأول من الكتاب الإطار النظري والعملي لهذا الموضوع ، مع بيان وجهات النظر المختلفة لنظريات ومفاهيم التطبيع الاجتماعي ، في مقالة ل " دينس رونك " (1961م) بين تعقد الموضوع وأنه غير مكتمل الجوانب ،
مصطلح " تعلم طريقة التدريس " يعد جزءاً من موضوع " التطبيع الاجتماعي " ، وقد وصف " روبرت مارتون " التطبيع الاجتماعي أنه عملية اكتساب الناس القيم والمواقف (الاتجاهات ) والميول كمجموعة اجتماعية يشعر أفرادها بالانتماء لها .
كي تصبح معلماً عليك الاعتقاد بالقيم والمبادئ التي يؤمن بها المعلمون ، كذلك التعرف على الصعوبات التي تواجه المعلم ، وهي التي لا توجد في المهن الأخرى ، لذا لا تشبه المواقف والتجارب في مهنة التدريس المواقف والتجارب في المهن الأخرى ، المشكلات التي تواجه المعلم تجعله إلى ينظر واقعه بنظرة قد تعكس نظرة شاملة عن الحياة وما يحيط بها
علماء الاجتماع يبدأون أولاً بعرض وجهات نظر أفراد المجتمع ، وأهم عنصر لعالم الاجتماع أثناء إجراء دراسته هو اختيار عينة الدراسة ، وكلما كانت العينة كبيرة فأنها يمكن الاعتماد على نتائج الدراسة ، إذا لم يوفق في اختيار هذه العينة ، فأن العينة لا تمثل المجتمع الكلي وبالتالي تكون النتائج غير دقيقة وهذا يعني عدم التزامه بقواعد البحث في علم الاجتماع .
واقترح أن العنصر الخلاق في طبيعة ونفس الإنسان هام ومسئول عن نقص النوبات الانفعالية والأزمات النفسية هو التطبيع الاجتماعي الذي أكد عليه علماء الاجتماع كما أكدوا على كشف الإمكانات والقدرات الخلاقة تحت ما يسمى علم الاجتماع النفسي للتمييز بينه وبين علم الاجتماع الوصفي .
وفي الفصل الثاني تم التركيز على المناقشات حول التطبيع الاجتماعي للمعلمين ، حيث وصفت عملية التدريس على أنها المهنة التي تفسح المجال لانخراط أو فهم بقية المهن المتعلقة بها ، ودور المعلم هنا هو كشف ما يحدث من التغير السريع في المدرسة وانعكاسات ذلك التغير على المنهج والطالب ، و معظم التغيرات التي تحدث في المدارس أو الكليات أو الجامعات تكون متشابهة ، ويجدر الإشارة إلى أن هذا التغير قد يؤثر في ميزان العلاقة بين أنماط السلوك الاجتماعي وبين الإبداع في الفرد ، وموضوع التطبيع الاجتماعي أصبح مقدمة لأبحاث العلاقات الاجتماعية .
دور المعلم :
لقد كتب الكثير عن دور المعلم وبشكل موسع في علم الاجتماع والتربية ، هؤلاء الكتاب اهتموا أيضا بقياس التفاعل بين المعلم وتلاميذه داخل الفصل ، بعد الاستعانة بنظام ومنهجية علم الإنسان وأضافوا بعداً آخر لفهم دور وظيفة المعلم
وصف " ولر Waller " (1932 ) المدارس بالحكم الاستبدادي غير المستقر ، هذا الوصف مناسب لحالة الفصل بالخصوص أكثر من حالة المدرسة بالعموم ، وحالة عدم استقرار الفصل جاءت نتيجة حالة اللاتناسب أو اللاانسجام في العلاقة بين المعلم وتلاميذه ، بسبب أن ثلثي تلاميذ الفصل يعترضون على أداء المعلم
وهذا الحكم الاستبدادي جاء بسبب العرف القانوني والتاريخي الذي يقول أن المعلم وظيفته إصدار الأوامر داخل الفصل ، وتأثير دور المعلم يكون إيجابياً أكثر من أي قانون تعليمي الذي يأمل أن يحقق أهدافه من خلال النصيحة والإقناع . اكتشف كل من " هيلسون Hilsun و كان Cane (1971) أن المعلمين يقضون 46%من وقتهم داخل الفصل ، وحل المشكلات المعقدة في الفصل من جهة أخرى ، وهذا يعني زيادة دور المعلم في هذه المدارس مع تعقد نظامها التنظيمي والإداري
وهذا جانب من جوانب التطور في المنظومة المدرسية خاصة التغير في أدوار المعلم من حالة إلى حالة ، مثل دوره في بحوث المناهج والعمل البحثي ، في الخمسينات كان المعلم معزولاً في فصله وليس له دور خارجه ، وبالذات المناهج تكون من تصور الأساتذة الأكاديميين
وقدم الفصل الثالث بعض العلاقة والتفاعل الاجتماعي بين المعلم والطلبة ، وطرح بعض المفاهيم والخلفية التاريخية لعلم الاجتماع منذ ظهوره والتأكيد على موضوع التطبيع الاجتماعي ،
وهناك صور ونماذج لمهنة التدريس تشير إلى تملك بعض المعلمين لخصائص معينة تؤثر في رسم عملهم المستقبلي ، وهناك تغيرات وتطورات أدخلت في البناء التنظيمي للمدرسة ، وفي دور المعلم ، وهذه التغيرات شملت وأدخلت وبخط مواز في مراكز التدريب ، والذي لا يمكن التكهن به هو اختبار عمليات التغيير من خلال عملية التدريس ، وما تعني عملية التغير بالنسبة للأفراد ؟ وكيف يستوعبونها ؟ وماذا يفعل الفرد أو الجماعة للتعامل مع مظاهرها ؟
التقرير السابق هو تقرير وصفي ، والدراسة التحليلية لإعداد وتدريب المعلم الخريج في جامعة " سسكس Sussex " تعطينا تحليلاً لأول وهلة عن النقاش العام عن موضوع " التنشئة الاجتماعية للمعلم ، وهذا التقرير استخرج من دراسة اعتمدت على الباحث الملاحظ وأداة الاستبيان ، وهذه الدراسة شبيه بالدراسة التي قام بها كل من " بارني كلاسر Barney Glaser وأنسلم استروس Anselm Strauss (1968)
وجاء في هذه الدراسة :
معظم الباحثين الذين كتبوا عن المنهج الاجتماعي وضعوا في اعتبارهم حقائق معينة اكتسبوها وكيف يجب أن تخضع النظرية أو المنهج للتجربة ، وعلينا أن نقوم بمغامرة بمعنى كيف نكتشف المنهج من البيانات التي حصلنا عليها خلال البحث الاجتماعي ، ونسميه " المنهج الأساس " وهذا الكشف عمل هام ويشكل تحدياً لعلم الاجتماع ، وهذا المنهج يلائم الحالات المجربة التي تخضع للتجربة ويفهمه عالم الاجتماع وأيضا يفهمه الرجل العادي غير المتخصص ، وقابل للتطبيق والاستعمال
والفصل الرابع يصف وصفاً زمنياً كيف يكون الإنسان معلماً ،
هذا الفصل عبارة عن وصف زمني لعملية إعداد المعلم ، وقد أخذت أحداث الفصل من خلال المشاركة في الأنشطة التي قام بها الطلبة المعلمون في كل من الجامعة أو من المدارس أثناء التربية العملية ، وطبيعة ونوعية الدورات التي تقدمها الجامعة لهم ، والمناهج التي يدرسها المعلمون في كليات إعداد المعلم ، ويرسم هذا الوصف الإطار النظري لفهم عملية التفاعل الاجتماعي وخلق أو إيجاد البرامج الاجتماعية المناسبة للمعلمين ، والمشكلات التي تواجه المعلم الطالب ، وتوجد وسائل لعلاج هذه المشكلات وقد قدم مشرف على التربية العملية بعدة وسائل وأساليب لعلاج هذه المشكلات من خلال التدريس المصغر
وبعد استطلاع آراء الطلبة المعلمين في رغبتهم الانخراط بسلك التعليم فقد جاءت الرغبات منها اشباع الهوايات ومواجهة التحديات وزيادة الثقافة الذاتية
ويعرض الفصل الخامس المعلومات المقدمة من خمس جامعات حول موضوع التطبيع الاجتماعي ، ومن خلال أداة الدراسة لحصر الأعداد الكبيرة للطلبة وأخذ آرائهم من جامعة " Sussex " ، ومن المعلمين الذين لهم خبرة طويلة في عملهم تخرجوا من هذه الجامعة وقد دونت ملاحظات أفراد العينة للاستفادة منها في توصيات الدراسة
والفصل الأخير أو السادس متعلق بمهنة التدريس ، عبارة عن دراسة ميدانية تبين المعوقات التي يتعرض لها المعلمون الجدد ، وأخذت البيانات من هؤلاء المعلمين الذين تخرجوا وهل تدربوا التدريب الكافي قبل التخرج ؟ ولماذا يعاني بعض المعلمين الجدد من صعوبة في عملية التدريس ؟ وتوجد توصيات بشأن زيادة مدة التدريب العملي ( التربية العملية ) للمعلمين وأن يخضع المعلم الجديد سنة دراسية يدرس وبعد ذلك إذا نجح في عمله منح شهادة للعمل التدريسي في المدارس
28/4/2012
ساحة النقاش