جامعة الزقازيق – فرع بنها
كليـــــــــــة الآداب
الدراسات العليا والبحوث
قسم اللغة العربية
الحــذف فى شعـــر شـوقى المســرحى
وأثره فى تصوير الشخوص
رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير
فى " اللغة والنحو "
إعـــــــداد
أشـرف سعيـد السيـد محمـد
إشــــــــــراف
الأستاذ الدكتــــور / محمـد إبراهيـم عبـادة
أستاذ العــلوم اللغويـة
بآداب بنها وعميدها السابق |
الأستاذ الدكتــــــور / نبيـــل رشـــاد نوفــل
أستـاذ النقـــد والبلاغـة
بـآداب بنهـــا |
بنهــــا
1422 هـ = 2001 م
ملخص الرسالة
|
1 |
هذا بحث عنوانه " الحذف فى شعر شوقى المسرحى وآثره فى تصوير الشخوص" ، أهدف من خلاله إلى تحقيق أمرين :
الأول : دراسة أسلوب الحذف ، والكشف عن أسبابه وعلله وقرائنه وإحصاء أنماطه المختلفة من خلال شعر شوقى المسرحى الذى اخترته مجالاً للتطبيق فى هذا البحث إحصاءً قائماً على الانتقاء والاختيار .
الثانى : دراسة أثر الحذف اللغوى والبلاغى فى تصوير شوقى لشخوص مسرحياته الشعرية وإبراز أبعادها الجسمية والاجتماعية والنفسية ، بما يشير إلى أهمية الوظيفة التى يقوم بها الحذف فى بناء الأعمال الشعرية الدرامية .
2 |
وقد أغرانى باختيار هذا الموضوع ورغبنى فيه دوافع شتى ، منها ما هو ذاتى ، ومنها ما هو موضوعى ، ومن أهم هذه الدوافع :
أولاً : أن موضوع الحذف جدير بالبحث والدرس ؛ لأنه يسرى فى أحشاء اللغة ، ويشيع فى ثناياها ، ويتغلغل فى معظم أبواب قواعدها ؛ لذا فهو فى حاجة إلى دراسة تطبيقية منظمة تلم أشتاته ، وتظهر أنماطه ، وتكشف عن علله وأسبابه وقرائنه ، وتضعه فى صورة جديدة تبرز قيمته فى بناء الأعمال الأدبية المتكاملة .
ثانياً: إعجابى الشديد بشعر أحمد شوقى عامة وبشعره المسرحى خاصة ، وإحساسى بعبقرية هذا الشاعر اللغوية ، وقدرته الفائقة على امتلاك زمام اللغة ، وقد دفعنى هذا الإعجاب وذلك الإحساس إلى القيام بهذا البحث بهدف دراسة أسلوب الحذف ، وبيان أثره فى تصوير شخوصه المسرحية ؛ ليكون ذلك بمثابة تطبيق عملى يؤكد مابذله المحدثون من جهود فى بيان مقدرة شوقى على تطويع اللغة العربية الفصحى ، والقالب الشعرى الضيق لمقتضيات الأداء المسرحى .
ثالثـاً: أن الشعر المسرحى مادة لغوية جديدة ظهرت حديثاً ، وازدهرت على يد شوقى ، وتميزت بكثرة الحذف وتعدد أنماطه وصوره فى مواقف الحوار والمناجاة ، حيث لا تكاد تخلو منه جملة من الجمل فى شعر شوقى المسرحى ، كما أن شوقى يزداد إقبالاً عليه من جملة لأخرى فى النص المسرحى الواحد بتقدم النص واتضاح جوانب موضوعه ، وذلك لدلالة العناصر المذكورة أولاً على العناصر المحذوفة لاحقاً ؛ ونظراً لوحدة الموضوع المتناول.
رابعاً : افتقار المكتبة النحوية والبلاغية للكثير من البحوث والدراسات التطبيقية التى تكشف عن الظواهر التى تشيع وتطرد فى الأعمال الأدبية ، وتبرز طواعية النحو لمستعمل اللغة ، وتبرز ما للغة العربية من مقدرة على التكيف والتطور ؛ لتلائم الأجناس الأدبية الحديثة ، وذلك من خلال الكشف عن ظاهرة الحذف وإبراز قيمتها فى تصوير الشخوص فى شعر شوقى المسرحى ، بما يؤكد وجود علاقة قوية بين النحو والبلاغة ، وبما يوجه الدرس النحوى إلى الأعمال الأدبية الجيدة ؛ لتفسير الظواهر الشائعة فيها ، والكشف عن قدرة النحو فى بناء هذه الأعمال وتجليتها ، وإبراز أهميته فى تذوقها وفهمها فهما جيداً ، وللتنبيه إلى أن المحذوف سواء أكان اسماً أو فعلاً أو حرفاً أو جملة أو شبه جملة فإن له مسوغات وراءه أسرار ودلالات ، نعمل – جاهدين – على إماطة اللثام وكشف الحجاب عن بعضها فى هذا البحث بما يعود على علمى النحو والبلاغة بأعظم النتائج .
خامساً: أننى وجدت من خلال عملى بالتدريس فى المرحلة الثانوية لمدة عشر سنوات أن معظم أخطاء المتعلمين فى الإعراب إنما ترجع فى حقيقة الأمر إلى جهلهم بالعناصر المحذوفة من التراكيب المختصرة التى يتعاملون – كثيرا - معها ، ولعدم قدرتهم على تقدير هذه العناصر تقديراً سليماً ، ومن ثم لا يسلس لهم الإعراب ، ولا ينجون من الخطأ فيه . فأقدمت على القيام بهذا البحث ؛ لأنال – من ناحية – ملكة التقدير ، وأظفر بمعرفة مقتضيات التراكيب ؛ ولأميط اللثام – من ناحية أخرى – عن ظاهرة الحذف التى تسرى فى أحشاء اللغة وتشيع فى تراكيبها من خلال التعامل مع عمل أدبى فصيح متكامل تكثر فيه هذه الظاهرة، وتقترب لغته – إلى حد ما – من اللغة الحية المتداولة بين الناس ، فأقدم من خلاله مجموعة كبيرة من الشواهد والأمثلة الحية والمتنوعة لمعظم – إن لم يكن
كل – أنماط هذه الظاهرة ، بعيداً عن الشواهد الجامدة التى تتردد فى مؤلفات النحويين والبلاغيين الذين يتعرضون للحديث عن هذه الظاهرة ، وبعيداً عن الشواهد التى لم يعد لها وجود فى واقع الاستعمال اللغوى المعاصر .
3 |
تلك الدوافع وسواها حببت إلى دراسة موضوع الحذف ودراسة أثره البلاغى فى رحاب شعر شوقى المسرحى ، وجعلتنى أشمر عن ساعد الجد والاجتهاد راجياً من
الله – سبحانه وتعالى – العون والسداد .
والدرس النحوى – منذ نشأته – يعتمد بصفة عامة على لغة النصوص الدينية والأدبية ، بوصفها المادة الملموسة التى يستطيع الباحث من خلالها أن يدرك الأنظمة التركيبية للغة وأن يستخلصها بهدف تجليتها وكشفها ومحاولة تفسيرها .
وقد تعددت مصارد الدرس النحوى القديم ، حيث درج النحاة على الاستشهاد بالقرآن الكريم ، والقراءات القرآنية ، ثم النصوص الشعرية والنثرية العالية ، أما الدرس النحوى المعاصر فيجنح إلى الاعتماد على مصدر لغوى واحد أو عمل أدبى متكامل لأديب بعينه ؛ لكشف خصائصه اللغوية والأسلوبية من خلال نظرة فنية معاصرة تسهم فى فهم العمل الأدبى وتذوقه .
وقد اعتمدت فى هذا البحث – عند التطبيق – على شعر أحمد شوقى المسرحى
أو مسرح شوقى الشعرى ، وهو يتكون من سبع مسرحيات شعرية هى ما وصل إلينا من نتاج شوقى فى مجال الشعر المسرحى أو المسرح الشعرى .
وقد اعتمد البحث على طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1984م ، التى جمعت كل أعمال شوقى المسرحية ؛ وذلك لسهولة الحصول عليها .
وجدير بالذكر أن ننبه إلى أن مسرحيات شوقى الشعرية فى هذه الطبعة جاءت مرتبة على النحو الآتى : [عنترة] ، فـ [مجنون ليلى] ، ثم [قمبيز] ، فـ [مصرع كليوباترا] ، فـ [على بك الكبير] ، فـ [الست هدى] ، فـ [البخيلة] .
وقد بلغ عدد الأبيات الشعرية فى هذه المسرحيات (6938) ستة آلاف وتسعمائة وثمانية وثلاثين بيتاً شعرياً ، توزعت على النحو الآتى :
1- (953) تسعمائة وثلاثة وخمسون بيتاً فى مسرحيــــة [ عنتـــــرة ] .
2- (1119) ألف ومائة وتسعة عشر بيتاً فى مسرحيــة [ مجنــون ليلـى ] .
3- (1186) ألف ومائة وستة وثمانون بيتاً فى مسرحيـــة [ قمبيـــــز ] .
4- (1223) ألف ومائتان وثلاثة وعشرون بيتاً فى مسرحية [ مصرع كليوباترا ] .
5- (1115) ألف ومائة وخمسة عشر بيتاً فى مسرحيـة [ على بـك الكبيــر ] .
6- (661) ستمائة وواحد وستون بيتاً فى مسرحيــــة [ الســت هــدى ] .
7- (681) ستمائة وواحد وثمانون بيتـاً فى مسرحيــــة [ البخيلــــــة ] .
وبنية البيت الشعرى الواحد من هذه الأبيات قد " تتفتت أحياناً – وفقاً لمقتضى الحوار فى مواقف بعينها – بحيث تستوعب مساحة البيت اللغوية حواراً متبادلاً بين شخصين ، على نحو مانرى فى الحوار التالى فى مسرحية [عنترة] :
عبلة : فتى ! وممن الفتى ؟
ناجية : من عامــر
عبلة: وما حداه نحو عبس ؟
ناجية: الهــوى
فهذه البنيات اللغوية الأربع ، المتمثلة فى سؤالين من عبلة ، وإجابتين من ناجية ، إذا ضمت جميعاً شكلت بنية عروضية لبيت شعرى واحد " (1) من بحر الرجز ، وهذا يحقق للحوار ما يقتضيه من المرونة والسرعة .
4 |
ولما كان من مقاصد هذا البحث وأهدافه استنباط جميع مواضع الحذف فى شعر شوقى المسرحى ، والكشف عن بعض أسرار الحذف وبلاغته بما يدلل على إمكان توظيف الحذف فى بناء أحد جوانب العمل المسرحى وهو جانب تصوير الشخوص المسرحية – كان من الطبيعى – فى سبيل تحقيق ذلك – أن تواجهنى العديد من الصعوبات ، ومن أهمها :
أولاً : أن المادة التطبيقية لهذا البحث مادة واسعة ، تتناول سبع مسرحيات شعرية ، يبلغ عدد الأبيات الشعرية فيها ( 6938) ستة آلاف وتسعمائة وثمانية وثلاثين بيتاً ، موزعة على أكثر من سبعمائة صفحة ، وهذه صعوبة تحتاج إلى التحلى بالصبر والجلد وبذل الكثير من الجهد ؛ لفهم معانى كل هذه الأبيات ، واستخراج مواضع الحذف فيها .
ثانياً: عدم وجود مراجع تهتم بتفسير الكثير من المفردات والتراكيب الصعبة فى هذه المسرحيات ، وهو ما جعلنى أستعين على تفسيرها بالمعاجم اللغوية ، وهذه صعوبة كان لابد من التغلب عليها ؛ لفهم النص المسرحى فهماً جيداً ، والوقوف على العناصر المحذوفة فيه وتقديرها تقديراً دقيقاً مناسباً للمعنى .
ثالثـاً: الوقوف على جميع مواضع الحذف ومعرفة أنماطه فى شعر شوقى
المسرحى – كان أمراً شاقاً للغاية فى بداية البحث ؛ لأنه اقتضى منى أن أقرأ – بجد واجتهاد وتأن – كثيراً من مؤلفات النحويين – القدماء والمحدثين – التى تناولت
أو أشارت إلى قضية الحذف وهو ما أدخلنى فى مواجهة حقيقة مع معظم أبواب النحو ، وأطلعنى على الكثير من قضايا الخلاف بين النحويين حول المسألة الواحدة ، ولكنى تغلبت على ذلك بأن اكتفيت بالأخذ بأشهر آرائهم وأبرزها فى جميع مسائل الحذف التى تعرضت لها .
رابعاً: غزارة ووفرة شواهد الحذف التى توصلت إليها بعد أن عايشت شعر شوقى المسرحى – قارئاً متأملاً – لمدة تجاوزت أربع سنوات ، وتكمن صعوبة ذلك فى كيفية تنظيم هذه الشواهد وتصنيفها ، وكيفية الاستفادة منها ، وكيفية اختيار وانتقاء الشواهد التى يمكن أن تكون مادة هذا البحث .
خامساً: لم أعثر – على طول ما تقبت – على مؤلف أفرد الحذف البلاغى فى أى عمل أدبى بدراسة مستقلة ، وغاية ما وجدته من مؤلفات تشير –على استحياء – إلى غرض هنا أو مزية هناك للحذف فى شواهد لا يجمعها موضوع واحد ، ولا تسيطر عليها وحدة شعورية واحدة ، وهذه صعوبة لمستها جيداً عندما حاولت – فى الباب الثانى – إبراز أثر الحذف فى تصوير الشخوص المسرحية . وقد تغلبت على هذه الصعوبة بأن عولت على نفسى كثيراً فى تذوق النص المسرحى ، وعلى إحساسى الخاص بالأسرار والمعانى والدلالات البلاغية التى تكمن خلف استخدام شوقى لأسلوب الحذف ، مستهدياً فى ذلك – أحياناً – ببعض الأغراض التى ذكرها البلاغيون لبعض أنواع الحذف فى مؤلفاتهم .
هذه كانت بعض الصعوبات التى واجهتنى أثناء إعداد هذا البحث وكتابته ، وقد بذلت كل جهدى للتغلب عليها وإماطتها عن الطريق للوصول إلى الهدف المنشود .
5 |
وقد عرضت لموضوع " الحذف فى شعر شوقى المسرحى وأثره فى تصوير الشخوص" من خلال مقدمة ، وبابين رئيسين يبدأ كل منهما بتمهيد ، ثم خاتمة .
- · أمـا المقدمــة :
فقد تحدثت فيها عن مفهوم " الشعر المسرحى" وعن أهداف الموضوع
وأهميته ، وتحدثت فيها كذلك عن دوافع اختيارى لهذا الموضوع ، وعن حدود مادة البحث التطبيقية ، وعن الصعوبات التى واجهتنى أثناء كتابته ، ثم خطة البحث ،
ومنهجى فى تناوله .
- · أمـا البـاب الأول :
وعنوانه " أنماط الحذف فى شعر شوقى المسرحى " فقد بدأته بتمهيد ، أبرزت فيه مفهوم الحذف فى اللغة والاصطلاح ، وأتبعت ذلك ببيان كيفية تناول كل من النحويين البلاغيين لموضوع الحذف . ثم قسمت هذا الباب إلى ثلاثة فصول بحسب مكان المحذوف وموضعه فى جملته :
الفصـل الأول : " الحذف فى الجملة الاسمية " ويشتمل على مبحثين :
المبحث الأول : الحذف فى الجملة الاسمية غير المقترنة بفعل أو حرف ناسخين ، وقد اشتمل على ثلاثة بنود :
1- حذف المبتدأ .
2- حذف الخبر .
3- حذف الجملة الاسمية (حذف المبتدأ والخبر معاً) .
المبحث الثانى : الحذف فى الجملة الاسمية المقترنة بفعل أو حرف ناسخين ،
وقد اشتمل على بندين :
1-الحذف فى الجملة الاسمية المقترنة بالفعل الناسخ .
2-الحذف فى الجملة الاسمية المقترنة بالحرف الناسخ .
الفصل الثانى : " الحذف فى الجملة الفعلية " ، ويشتمل على خمسة مباحث هى :
- المبحث الأول : حذف الفعل .
- المبحث الثانى : حذف الفاعل .
- المبحث الثالث : حذف الفعل مع الفاعل .
- المبحث الرابـع : حذف المفعول به .
- المبحث الخامس : حذف الجملة الفعلية .
- المبحث السادس : الحذف فى الجملة الشرطية ، وقد تحدثت فيه عن حذف أداة الشرط ، وحذف فعل الشرط وحده ، وحذف الجملة الشرطية (فعلها وفاعلها) ، وحذف أداة الشرط والجملة الشرطية معاً ، وحذف الفاء الواقعة فى جواب الشرط ، ثم حذف جملة جواب الشرط .
الفصـل الثالـث : " الحذف فيما يتعلق بالجملتين الاسمية والفعلية " ، ويشتمل على خمسة
مباحث هى :
- المبحث الأول : حذف الأدوات ، وقد تحدثت فيه عن حذف أداة النداء ، وهمزة الاستفهام ، وأداة العطف ، وأداة الجر ، وحذف (أن) المصدرية .
- المبحث الثانى : حذف المضاف والمضاف إليه .
- المبحث الثالث : حذف المنعوت والنعت .
- المبحث الرابع : الحذف فى أسلوب القسم ، وقد تحدثت فيه عن حذف جملة القسم
أو بعض عناصرها ، وحذف جملة جواب القسم .
- المبحث الخامس : متفرقات ، وتحدثت فيه عما جاء قليلاً ، ويشتمل على حذف الموصول وصلته ، وحذف التمييز ، وحذف المفضل عليه مجروراً بمن ، وحذف المتعجب منه .
- · أمـا البـاب الثانى :
وعنوانه " أثر الحذف فى تصوير الشخوص " ، فقد بدأته بتمهيد ، تحدثت فيه عن الشخصية المسرحية وأهمية تصويرها ، وأشرت فيه إلى مسرحيات شوقى وترتيبها الزمنى ، وموقف النقاد من تصوير شوقى لشخوص مسرحياته . ثم قسمت هذا الباب إلى ثلاثة فصول :
الفصل الأول : " أثر الحذف فى تصوير شخصية (كليوباترا) " ، وتحدثت فيه عن أثر الحذف فى تصوير البعد الجسمى والاجتماعى والنفسى لشخصية كليوباترا .
الفصـل الثانى : " أثر الحذف فى تصوير شخصية (على بك الكبير) " ، وتحدثت فيه عن أثر الحذف فى تصوير البعد الجسمى والاجتماعى والنفسى لشخصية على بك الكبير .
الفصـل الثالث : " أثر الحذف فى تصوير شخصيتى (عنترة) و (صخر) " ، ويشتمل على مبحثين :
- المبحث الأول : أثر الحذف فى تصوير شخصية (عنترة) ، وتحدثت فيه عن أثر الحذف فى تصوير البعد الجسمى والاجتماعى والنفسى لشخصية عنترة .
- المبحث الثانى : أثر الحذف فى تصوير شخصية (صخر) ، وتحدثت فيه عن أثر الحذف فى تصوير البعد الجسمى والاجتماعى والنفسى لشخصية صخر .
- · أمـا الخاتمــة :
فقد ذكرت فيها أهم النتائج التى توصلت إليها من خلال هذا البحث .
6 |
- وقد اتخذ البحث فى الباب الأول منه وهو : " أنماط الحذف فى شعر
شوقى المسرحى" جانب الوصف والتحليل ؛ أى وصف أنماط الحذف المختلفة حسبما وردت فى شعر شوقى المسرحى ، والاستشهاد عليها ، وتحليل هذه الأنماط تحليلاً يتبين من خلاله أسباب الحذف ومسوغاته فى كل نمط من هذه الأنماط ، ومسترشداً فى ذلك بأهم الآراء اللغـوية والنحوية المتعلقة بموضوع الحذف . هذا إلى جانب الاعتماد على المنهج الإحصائى فى رصد واستقصاء الأنماط المختلفة للحذف ؛ وذلك من خلال بيان عدد مواضع الحذف فى كل نمط من هذه الأنماط ، والاستشهاد على ذلك بعدد كبير من الشواهد – يشمل – فى معظم الأحوال – كل مسرحيات شوقى الشعرية .
وقد التزمت فى تناول مباحث الباب الأول بالنهج الآتى :
1- أمهد لكل مبحث أتناول فيه عنصراً محذوفاً أو نوعا من أنواع الحذف – كحذف
المبتدأ مثلاً – بالإشارة إلى مكان المحذوف وأهميته فى بناء جملته ، والإشارة إلى إمكان حذفه أو عدم إمكان ذلك ، معتمداً فى ذلك على أهم أراء النحاة وأشهرها ، وكذلك
أشير – باختصار – إلى بعض الدواعى أو الأغراض التى ذكرها البلاغيون لحذف هذا العنصر من بناء الجملة .
2- أقوم بعد ذلك بذكر عدد مواضع حذف هذا العنصر إجمالاً ، من خلال رصد واستقصاء هذه المواضع فى شعر شوقى المسرحى ، ثم أذكر عدد مواضع حذف ذلك العنصر فى كل مسرحية على حدة .
3- أذكر بعد ذلك الحالات أو المواضع التى يشيع فيها ويطرد حذف ذلك العنصر ، مستشهداً على كل حالة أو كل موضع بسبعة شواهد – غالباً – بواقع شاهد واحد من كل مسرحية ، بهدف التنوع والشمول ، وملتزماً فى عرض الشواهد بترتيب المسرحيات فى طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ فأبد بشاهد من مسرحية (عنترة) ، ثم أعقب ذلك بشاهد من (مجنون ليلى) ، و (قمبيز) ، و (مصرع كليوباترا) ، و (على بك الكبير) ، و(الست هدى) ، وأخيراً (البخيلة ) ، وذلك فى حالة وجود شواهد فى جميع المسرحيات على حذف ذلك العنصر ، وأحياناً أكتفى بذكر عدد شواهد أقل من ذلك – رغم
وفرتها – إذا كان اطراد الحذف فى الحالة أو الموضع الذى نستشهد عليه من الشهرة بحيث لا يحتاج إلى تدليل .
4- أقوم بتقدير المحذوف عقب كل شاهد مباشرة ؛ ليسهل على القارئ فهم المعنى .
5- بعد ذكر شواهد كل حالة أبين علة ذلك الحذف ومسوغاته مهتدياً فى ذلك بأشهر الآراء اللغوية والنحوية .
6- أختم ذلك بذكر شاهد واحد من آيات القرآن الكريم – فى معظم الأحوال - ، وأقوم بتقديره ، لنؤكد أن مثل هذا الحذف موجود فى أعظم كتاب ، ومن ثم فلا مجال لإنكاره .
- وقد اتخذ منهج البحث فى الباب الثانى وهو : " أثر الحذف فى تصوير الشخوص" وجهة جمالية تطبيقية قائمة على توظيف الحذف توظيفاً درامياً ، يتضح من خلالها أثر الحذف – بكل صوره وأشكاله – فى تصوير الشخوص المختارة ، والكشف عن معالمها الجسمية والاجتماعية والنفسية .
وقد جعلت الأطر أو المحاور التى تدور حولها موضوعات مسرحيات شوقى التاريخية والترتيب الزمنى لصدور هذه المسرحيات (1) ، هما أساس اختيارى وتقسيمى لفصول هذا الباب ؛ لأن اختيار مسرحية من كل إطار يحقق التنوع ، كما أن الترتيب الزمنى يكشف عن تطور شوقى ونجاحه فى تصوير شخوص مسرحياته من مسرحية لأخرى
بوجه خاص ، ويكشف عن التطور السريع الذى حققه شوقى فى مجال الدراما الشعرية بوجه عام .
النتائج التى توصلت إليها الرسالة:
فمن خلال البحث والدراسة التطبيقية لموضوع " الحذف فى شعر شوقى المسرحى
وأثره فى تصوير الشخوص " استطعت أن أتوصل إلى نتائج كثيرة تعد ثمرة ما تناولته هنا بالبحث والدراسة ؛ لأنها تؤكد بالدليل والبرهان كثيراً من الحقائق والقواعد التى قررها النحويون أو أشاروا إليها عند تناولهم لموضوع الحذف ، كما أراها تكشف النقاب وتميط اللثام عن بعض الأسرار اللغوية والبلاغية الكامنة وراء استخدام الأدباء المجيدين لأسلوب الحذف فى بناء أعمالهم الأدبية ، هذا فضلاً عن أن هذه النتائج تسهم – بوجه
عام – فى خدمة ملامح الصورة العامة لموضوع البحث ، وتبيّن أهميته ؛ ولذا أجد لزاماً علىّ أن أذكر – بإيجاز – أهم النتائج التى توصلت إليها من خلال هذا البحث ، وهى :
1- يُعَدّ الحذف فى شعر شوقى المسرحى ظاهرة لغوية ونحوية لافتة للنظر ؛ لأنه كثير جداً وشائع فى جميع المسرحيات ، ويكاد يشمل جميع الأبيات ، بحيث يمكن القول إنه لا تخلو منه جملة من الجمل ، وهذا ما أشارت إليه الدراسة الإحصائية التى وضعتها قبل الحديث عن كل نوع من أنواع الحذف فى الباب الأول .
2- للحذف أنواع وأنماط كثيرة ، وهو يعترى جميع العناصر فى الجملتين الاسمية والفعلية ، سواء أكانت هذه العناصر أساسية كالمبتدأ والخبر والفعل والفاعل ، أم كانت من المكملات كالمفعول به ، أم كانت هذه العناصر متعلقة بالجملتين الاسمية والفعلية على حد سواء كحذف الأدوات ، والمضاف ، والمضاف إليه ، والنعت ، والمنعوت ، وغير ذلك ، ويكفى للتدليل على ذلك أننا عقدنا فى الباب الأول وهو " أنماط الحذف فى شعر شوقى المسرحى " ثلاثة فصول ، تشتمل على ثلاثة عشر مبحثا يندرج تحتها نحو ثلاثين نوعاً من الحذف .
3- اتضح من خلال البحث أن أغلب أنماط الحذف التى تحدث عنها النحويون قد تمثلت فى شعر شوقى المسرحى ، وأن شوقى قد التزم بقواعد النحويين وأحكامهم فى هذا الشأن ، وأنه لم يخرج على سنن العربية التى ورد فيها مثل هذه الأنماط.
4- لابد فى جميع أنواع الحذف وكل أنماطه وصوره من وجود قرينة – أو
أكثر – تدل على العنصر أو العناصر المحذوفة ، وقد تكون هذه القرينة
لفظية ، أو حالية ، أو عقلية ، أو صوتية ، أو صناعية ( يختص بمعرفتها
النحاة ) ؛ حيث إن وجود هذه القرينة هو ما يجعل الحذف سائغاً ومقبولاً فى نظر النحاة ، وبدونها يعد الحذف عبثا لا يجوز بوجه ولا سبب ، وهذا ما أبرزه البحث فى الباب الأول وأكده فى جميع أنواع الحذف التى تعرض لها ، وفى كل الشواهد التى استشهد بها .
5- اتضح من خلال البحث أن القرينة اللفظية من أهم وأبرز القرائن التى عول عليها شوقى كثيراً جداً عند الحذف ؛ حيث إن معظم المحذوفات كان مسوغ الحذف فيها هو دلالة العناصر المذكورة فى سياق الكلام على العنصر
أو العناصر المحذوفة ، ويزداد الحذف اعتماداً على هذه القرينة كلما تقدم النص المسرحى الواحد واتضحت جوانب الموضوع المتناول فيه .
6- ورد الحذف كثيراً فى شعر شوقى المسرحى اعتماداً على القرينة الحالية ؛ أى دلالة الموقف وظروف الحدث اللغوى على المحذوف ؛ حيث ساغ – فى مواضع كثيرة – حذف المبتدأ ، والخبر ، والفعل مع الفاعل ، والمفعول به ، والنعت ؛ اعتماداً على القرينة الحالية المصاحبة للكلام ، وحيث لا يجد القارئ غضاضة فى تقبل الحذف فى هذه المواضع ؛ لأن النص المسرحى منقول بظروفه وملابساته ، مما ييسر عليه فهم المعنى ، وتقدير المحذوف تقديراً دقيقاً .
7- اتضح من خلال البحث أن شوقى قد اعتمد على قرينة التنغيم عند حذف أداة النداء ، وهمزة الاستفهام ، وأداة العطف ، والنعت ؛ حيث تقوم هذه القرينة الصوتية بالدلالة على المعنى الوظيفى للجملة ، وتحدد العنصر المحذوف منها ، وخاصة أن القارئ يمكنه بسهولة أن يستحضر هذه القرينة فى ذهنه ؛ لأن
النص المسرحى – عند شوقى – منقول بظروفه وملابساته التى تجعله حيّا
دائماً عند قراءته .
8- إطالة التركيب تبيح للمتكلم حذف بعض عناصره ؛ طلباً للإيجاز و التخفيف ، وقد تمثل ذلك فى حذف عائد الصلة نظراً لطول الكلام بالصلة ، وفى حذف بعض العناصر من أسلوبى الشرط والقسم ؛ لاشتمال كل منهما على جملتين .
9- يعلل الحذف كثيراً فى بعض التراكيب بكثرة الاستعمال ؛ حيث يسهل على الذهن إدراك معنى التركيب بعد ما اعتراه من الحذف ، لشهرته ، ولكون المحذوف مختزناً فى البنى العميقة للمتكلمين باللغة منذ زمن سحيق ، وهو ما أبرزه البحث فى مواضع كثيرة من الباب الأول ، كما فى حذف الخبر بعد لفظ المبتدأ الدال على الدعاء أو التحية ، وحذف خبر المبتدأ بعد ( لولا) الامتناعية ، وحذف خبر ( ليت ) فى تركيب ( ليت شعرى) ، وحذف الفعل مع الفاعل وجوباً فى باب المفعول به وذلك ( فى الإغراء والاختصاص وفيما جرى مجرى الأمثال فى كثرة الاستعمال ) ، وكذلك حذف الفعل مع الفاعل وجوباً فى باب المفعول المطلق ( المصدر ) .
10- قد يكون الحذف لقرينة صناعية ، تتصل بالأسس والقواعد والقوانين التى وضعها النحاة ، كدلالة العامل على المعمول ، كما فى حذف ضمير الشأن مع
( إن ) المؤكدة الداخلة على الجملة الفعلية ، وحذف ضمير الشأن مع ( أن )
و ( كأن ) المخففتين وحذف الفعل وحده وجوباً إذا وقع الفاعل بعد (إذا)
و ( إن) الشرطيتين .
11- تتجلى وظيفة النحو فى الكشف عن الظواهر اللغوية التى تشيع وتطرد فى الأعمال الأدبية الجيدة ، وإبراز أنماطها ، ومحاولة تفسيرها ، بما يسهم فى تذوق هذه الأعمال وفهمها فهماً جيداً .
12- اتضح من خلال البحث أن العلاقة بين النحو والبلاغة علاقة وثيقة عراها ، ومن المفيد توجيه هذين العلمين إلى الأعمال الأدبية المتكاملة ، ومن المفيد كذلك وصل هذين العلمين ببعضهما عند التعامل مع هذه الأعمال ؛ لأن ذلك سوف يعود على علمى النحو والبلاغة بأعظم النتائج .
13- أجاد شوقى فى استخدام أسلوب الحذف ، وأفاد منه أيما إفادة ، واستغل إمكاناته ودلالاته الكثيفة فى بناء مسرحه الشعرى ؛ حيث وظفه توظيفاً درامياً جيداً فى تصوير الشخوص وإبراز أبعادها الجسمية والاجتماعية والنفسية ، وهو ما أبرزه البحث فى الباب الثانى تحت عنوان " أثر الحذف فى تصوير الشخوص " ، وهذا يؤكد أن الحذف وسيلة لغوية وبلاغية ذات أهمية بالغة فى بناء الأعمال الأدبية إذا ما استغله الأديب استغلالاً جيداً .
14- اتضح من خلال البحث أن الحذف يأتى من قبل الشاعر لأسرار ودلالات كثيفة يصعب حصرها أو تحديدها على وجه الدقة ، والمعول عليه فى الكشف عن هذه الأسرار وتلك الدلالات هو ذوق القارئ وذكاؤه وثقافته ، كما أن الاهتداء بالدواعى أو الأغراض التى ذكرها البلاغيون القدماء والمحدثون للحذف يسهم كثيراً فى فقه النص واستنطاقه والوصول إلى المعنى الذى أراده الشاعر ، وهذا ما أبرزه البحث فى الباب الثانى .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
(1) أحمد شوقى : " الأعمال الكاملة – المسرحيات " ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1984م ، تقديم د. عز الدين إسماعيل ، ص 10 .
(1) انظر : تمهيد الباب الثانى من هذا البحث ، ص
ساحة النقاش