بقلم: بقلم : د. جيلان حمزة 27
تأخر إصدار قرارات فورية وقاطعة لمواجهة أزمة التعليم بجامعاتنا في مصر لأنه كان المتوقع أن تسارع وزارات التعليم العالي من سنوات تبلغ العشرين تقريبا أن تقدر لما للتعليم من ضرورة في عملية التقدم التي نبغي جميعا الوصول إليه من خلال الخريج الكفء القادر علي الإضافة
من حيث قدراته المهنية والفكرية ليلحق بقطار التطورات العلمية الحديثة..
وإذا أقررنا في الوقت نفسه بأن مسألة تطوير التعليم ـ رغم أنها أقل بقليل مما ننتظر ـ قد بدأت فعلا من سنوات قليلة لوجود الإنسان القادر علي ان يكون معطيا للحضارة وليس أن يكون مستهلكا لها فقط.
وهنا لابد أن يكون في متناول الطالب أحدث الكتب الفكرية وأعني بها كتب التفكير النقدي بالذات, فحسب حقيقة الأوضاع الآن قليل جدا بل ومن النادر من الجامعات ماتضع مادة التفكير النقدي في لوائحها ومقرراتها. إن دراسة مهارات التفكير عموما والتفكيرالنقدي بصفة خاصة وجوهر ما تحتاجه جهود اصلاح التعليم الذي نحن بصدده علي الأساس المعروف من أن تعليما بلا تفكير جيد ضائع تفكير بلا تعليم أمر في منتهي الخطورة علي جميع مناحي الحياة. والحقيقة أننا واقعون في مفهوم التعليم الذي بلا تفكير وإلا قل لي لماذا سبقتنا دول علي صعيد العلوم المختلفة من طب وهندسة مثلا؟ وهما عماد تقدم وحضارة اي دولة منذ وجدت دنيا الأرض! وإذا كانت الجامعات تبحث وتقدم لنا وجهات النظر العلمية العالمية القديم منها والحديث فلابد هنا من إعادة النظر والتدقيق في المراجع العلمية شديدة القدم علي أن تبقي نافعة وصالحة كحقائق تاريخية.
إن متابعة الجديد من الفكر يحقق المطلوب من التعليم والتعلم وتحدث مسألة النقد علي أوسع نطاق ومسألة رفض المسلمات والحقائق ومن هذا الجدل والاحتكاك يتم الاختراع وهو أساس التقدم الحضاري. وما ذكرته من ضرورات صنع العقل النقدي وتدريبه المستمر ـ فيما عدا مايخص العقائد وحقيقة الخلق ـ لنلحق قطار الحضارة فإن مايوصلنا لكل هذا هو تنمية البحوث وأن قضية البحث العلمي بالجامعات تحتاج الي تدقيق في المفاهيم والسياسات وبذلك يمكنها مد يد العون للطلب المتزايد علي الخدمات البحثية لارتباط البحث بالانتاج حيث يكون دائما للابحاث الجامعية قيمة اكيدة ومحسوسة, ولنا الأسوة في البلاد المتقدمة من حيث درجة مواكبة الأبحاث. فهي في كل مصنع وكل مؤسسة وهذا ليس فقط في المؤسسات او المصانع العالمية ولكنها في اصغر اماكن الانتاج وهذا نفسه مايوصلها في خلال عقدين الي العالمية. إن وجود فكرة الاستدلال العلمي الذي تسير عليه الابحاث العلمية من تشكيك وتأمل وتوقع هذا المزيج من التفكير هو المهارة النقدية التي نحتاجها لفهم هذا الكون والاستفادة من كل مافيه. وحتي اذا اخفقنا في الوصول الي النتائج التي كنا نتوقعها فهذا يعد أيضا في مصلتنحا لأن ما وصلنا اليه كان نتيجة وحصيلة منهج علمي استدلالي. وهذا مايتوافق مع اهداف الجامعة حيث مايهمها ليس النتائج بالضرورة وإنما تطبيق الاستدلال العلمي الذي اتبع للوصول الي النتيجة المعينة والمحددة وهنا تبرز ضرورة العلاقة وأهميتها بين الجامعة والمعاهد المختلفة فالتعلم الفني والتدريب المهني أساس في فكرة الاختراع والابتكار المنتظر. إن مسألة العلاقة التي يجب ان تكون بين المعاهد الفنية والجامعات مسألة حياة او مسألة تجمد ومكانك سر. وكذلك هي لاتعد شكلا من أشكال نقل او تقليد للغرب لأن المعروف انه حين يدخل العالم معمله ليكتشف الجديد والمفيد للحضارة فالساعد الأيمن له هو خريج المعهد العالي وثالثهما هو خريج التعليم الفني عالي التدريب والمحدد التخصص. وهنا فقط يظهر الانسان بين المجالات الثلاثة من خلال تقديم افكار الاول ومعارضة الثاني وإضافة الثالث. إن القدرة علي النقد وفي أحد الجوانب لهو العجلة التي تغذي العمل وتحقق الإضافة من خلال ذلك البعد الانتقادي الصحي بين المحاور الثلاثة.
ساحة النقاش