بقلم: لبيب السباعى 2500
أصبحنا اليوم أمام لحظة حاسمة, تتطلب المصارحة بعد أن استمر الانفلات الأمني متصاعدا ودافعا لتيارات تهدد بالفعل أمن الوطن. والسؤال الخطير الآن هو: إلي متي سوف تستمر عمليات احتكاك القوي والتيارات السياسية والدينية والفئوية ببعضها البعض,
وتدفع الدولة إلي السؤال الحرج وهو أين هيبة الدولة التي بدأت في التآكل؟ وهل ننتظر حتي يحترق الوطن وكيف نتوقع أن تعود عجلة الإنتاج إلي الدوران لإنقاذ مصر من ثورة الجياع علي ثورة الكرامة والحرية والعدالة في ظل ظروف التدهور الاقتصادي وتراجع الاحتياطي النقدي بمعدل ينذر بكارثة إذا استمر الوضع الحالي عدة أشهر أخري, لأننا ببساطة بعدها لن نملك القدرة المالية علي استيراد القمح أو الأنسولين!! وبالتالي من وراء ما جري خلال الساعات القليلة الماضية من أحداث الفتنة الطائفية بصورتها المؤسفة.. إن استعادة الأمن للوطن من واقع دراسة ميدانية منضبطة علميا, أجراها مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية في الأهرام, كشفت عن أن القسم الأكبر من المواطنين يعطي أولوية قصوي, وصلت إلي4.84% من المشاركين في العينة مقابل4.04% لتحسين الوضع الاقتصادي و9.01% لإزالة بقايا النظام السابق و3.0% للإسراع بتأسيس الديمقراطية.
مرة أخري متي وكيف يتراجع هذا الانفلات الأمني الذي نعاني منه جميعا؟.. بالقطع نتفهم أن هناك ظروفا استثنائية, وصفها الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء بأنها مرحلة ما بعد الثورة التي فتحت أبواب الحرية أمام شعب مصر الجريح طوال سنوات طويلة مضت عاني فيها القهر والظلم والفساد وغياب العدالة, وأن الواجب الوطني يقتضي أن نتفهم جميعا تلك المشاعر, ولكن لانسكب علي هذه الجروح الماء المالح.. كل ذلك مفهوم ومقدر, ولكن نحن هنا أمام قوي معادية للثورة تفقد مصالحها وهي علي يقين من أن كل نجاح للثورة في تحقيق أهدافها سوف يهدد مصالحها القائمة علي الفساد, وقد جربت كل الوسائل وتركز الآن بشدة علي كل ما يشعل الفتنة الطائفية, ويعرض معه الوطن للحريق.. ولم يعد مفهوما أو مقبولا أن نظل ننتظر عودة الشرطة..
والمؤكد أن الأمر يتطلب الآن من المجلس الأعلي للقوات المسلحة ما هو أبعد من سياسة الحوار المجتمعي, ويكفي إشارات الخطر التي طرحها اللواء مختار الملا عضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة لكي نشعر بالقلق علي الوطن مشيرا إلي أن ما تعرضت له مصر من تطورات سريعة ومتلاحقة وثورة شارك فيها الشعب بكل فئاته وأطيافه وانحياز القوات المسلحة إلي مطالب الشعب العادلة وإعلانها صراحة أنها لن تستخدم القوة ضد هذا الشعب الأصيل هو برهان قاطع علي أن القوات المسلحة ملك الشعب ومسئولة عن حماية الشرعية الدستورية وليس نظام الحكم.. إلا أن العديد من المتغيرات الحادة أثرت بصورة كبيرة جدا علي مسيرة تلك الثورات وكادت أن تدفعها إلي اتجاه تدمير مصر وليس إعادة بناء مستقبل مصر الديمقراطية القوية ومنها كما يقول اللواء الملا الانهيار الأمني وما تبع ذلك من هروب سجناء وسرقة أسلحة من مراكز الشرطة مع ظهور كم غير عادي من أعمال الترويع والبلطجة ينظمها ويحركها عناصر فقدت مكاسبها غير الشرعية, واتجاهات خارجية تهدف إلي انهيار مصر مع ظهور التيارات الدينية المختلفة, وكل منها يبحث عن دور دون اعتبار لدور مصر والتخبط الإعلامي والسباق فيما بين الوسائل الإعلامية المختلفة علي تقمص دور الثائر.
وبرؤية لهذه المخاطر يطرح اللواء مختار الملا عددا من الأسئلة المهمة أصبح علينا اليوم بعد ما جري مواجهتها, في مقدمتها هل نحن أمام الفوضي الخلاقة التي حمي الله مصر منها بشعبها وجيشها الوطني, أم أننا أمام الشرق الأوسط الكبير أم الفتنة الطائفية أم دعم متطرف من الخارج لتحقيق أهداف محددة؟ وهل تعطيل الدراسة وطلب تغيير المسئولين في كل الأماكن هدفه مصلحة الوطن ومن وراء ذلك؟ وهل يجوز أن يتسبب عشرات الأفراد في إعاقة عمل عشرات الألوف؟ وهل ضاعت قيم المجتمع المصري وتاه الاحترام المتبادل وأصبح المجتمع دون قيم؟ وما هي حقوق الإنسان, وهل انقلب هذا المصطلح إلي قول حق يراد به باطل, وكيف تطبق حقوق الإنسان في إنجلترا وفرنسا وأمريكا؟ وإذا كانت ثورة الشعب المصري قامت للمطالبة بالديمقراطية وهي كذلك, فكيف يكون هناك من يريد أن يفرض رأيه علي الآخرين؟ والقضاء يتحمل مسئولية تحقيق العدالة فكيف يمكنه ذلك وهو تحت ضغط إعلامي من جميع الأنواع واتهامات دون سند وصفات تلصق بالبعض وهل بهذا نضمن عدالة؟
وإذا كانت القوات المسلحة تدير شئون البلاد ولا تحكم البلاد وهي كذلك بالفعل لأن جميع المؤسسات تمارس عملها من مجلس الوزراء ومؤسسات وأجهزة مختلفة وهيئات قضائية وغيرها, وأن القوات المسلحة من خلال المجلس الأعلي لا تتدخل إلا عند الضرورة لحماية مصالح الوطن والمواطن, فإننا من أجل إنقاذ الوطن والثورة أمام عشر وصايا قد يكون في تطبيقها مجرد بداية عودة الأمن للشارع المصري وهي:
إن حقوق الإنسان ليست فوضي, ولكنها احترام للقانون وحقوق الآخرين.
إن أمن الوطن فريضة دينية علي كل مصري, والوحدة الوطنية خط أحمر لا يسمح بتجاوزه.
إعادة هيكلة وزارة الداخلية لتحقيق الهدف الأساسي, وهو أمن المواطن مع فرض الرقابة من وزارة الداخلية والمجتمع علي عمل الشرطة, مع دراسة استغلال قانون أداء الخدمة العامة وفائض التجنيد في بعض الوظائف الأمنية والاستفادة من خريجي كلية الحقوق للعمل في الشرطة.
تفعيل قانون الدفاع الشرعي عن النفس بالنسبة لرجال الشرطة.
تفعيل هيبة القانون واحترام الشرطة وأجهزة الأمن.
دراسة تشكيل لجان أمن شعبية علي غرار أمن الشركات لمدة6 أشهر حتي عام تحت إشراف وزارة الداخلية.
دراسة نقل تبعية السجون من وزارة الداخلية إلي وزارة العدل مع نقل شرطة السجون إلي تبعية وزارة العدل.
ضبط الأسلحة والذخائر غير المرخصة والمهرية.
أن يكون للإعلام بجميع صوره الدور الرئيسي في إعادة بناء أمن الوطن والمواطنين, وتجنب الموضوعات مجهولة المصدر أو بلا سند قانوني.
فصل الشرطة عن السياسة حتي تكون شرطة ديمقراطية لمصلحة المواطن.
ويبقي السؤال هل نتحرك قبل أن يحترق الوطن؟
المزيد من مقالات لبيب السباعى<!-- AddThis Button BEGIN <a class="addthis_button" href="http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&pub=xa-4af2888604cdb915"> <img src="images/sharethis999.gif" width="125" height="16" alt="Bookmark and Share" style="border: 0" /></a> <script type="text/javascript" src="http://s7.addthis.com/js/250/addthis_widget.js#pub=xa-4af2888604cdb915"></script> AddThis Button END -->
ساحة النقاش