دروس‏25‏ يناير
بقلم: أمينة شفيق


لا يمكن تجاهل تلك الحالة الضبابية التي عاشها المصريون طوال تلك الفترة السابقة لليوم الخامس والعشرين من يناير‏2011‏ لم تقف هذه الحالة عند الانتخابات الرئاسية القادمة وإمكانية أو عدم إمكانية تقدم الرئيس حسني مبارك للترشح لفترة رئاسية جديدة.

 

 أو تقدم نجله السيد جمال مبارك إلي الترشح للمنصب كما حدث عندما تقدم السيد بشار الأسدللرئاسة السورية بعد وفاة والده عام‏2000,‏ أو كما كان يقال‏,‏ ولايزال‏,‏ عن الحالة اليمنية التي قد تحدث عند ترك الرئيس الحالي مقعد الرئاسة لأي سبب كان‏.‏
ولا يمكن إنكار تلك الآراء والكتابات التي أشارت إلي ضرورة الإصلاح‏,‏ كما لايمكن إنكار تلك المطالب التي تقدم بها الأفراد كما تقدمت بها الأحزاب تطالب بذات الشئ‏,‏ ولكن استمرت الآراء والكتابات والمطالب تواجه جدارا صلبا لترتد مرة أخري إلي المتقدمين بها‏.‏وبالتالي فقد الرأي العام ثقته ليس فقط في شفافية وكفاءة جهاز الدولة الذي هو من أقدم الأجهزة الإدارية في العالم‏,‏ وليس فقط في الحياة السياسية بكل أطرافها وإنما في النظام السياسي ذاته‏,‏ وانعكس انعدام الثقة هذا علي كل الأبنية الأخري الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فلم يعد ما يقال من أي مسئول يصدق من أي مواطن في أي مكان‏,‏ فما بالنا بذلك المواطن الأكثر انفتاحا علي فضاء إعلامي ومعلوماتي جديد لم نكن نعرفه خلال العقود الزمنية الماضية‏.‏
في هذا المناخ الضبابي‏,‏ ارتقي الشباب بمفاهيمه السياسية العامة لأنه استطاع التواصل مع المزيد من المعرفة عن أحوال بلاد العالم وعن أحوال بلاده من مصادر عديدة متنوعة لم تكن كلها جهات رسمية‏,‏ ومع الارتقاء بالمفاهيم في هذا المناخ الضبابي انضمت شكوكهم إلي شكوك غيرهم تجاه حاضر البناء السياسي المصري ومستقبله‏.‏
لم يعد هذا الشباب كغيرهم من المواطنين‏,‏ يقتنعون بما يسمي بالتعددية الحزبية المصرية التي تقيد تكوين الأحزاب ثم يتميز حزب الدولة علي كل الأحزاب الأخري وسبب استمرار رئاسة رئيس الجمهورية لهذا الحزب ثم اندماج نشاطه الحزبي التام مع جهاز الدولة واستخدامه لهذا الأخير ثم للتمييز الخفي غير المعلن ضد أعضاء أحزاب المعارضة‏,‏ وعلي سبيل المثال تابع الشباب كما تابع غيرهم مراحل تنفيذ أحد أهداف البرنامج الانتخابي للسيد رئيس الجمهورية في الانتخابات الماضية وهو البرنامج الخاص بتطوير الألف قرية الأكثر فقرا خلال فترة الرئاسة الحالية‏,‏ حقيقة الأمر لم نعرف علي وجه التحديد‏,‏ في حالة النقد أو المحاسبة‏,‏ هل كانت الحكومة هي التي تنفذ البرنامج أم أمانة السياسات للحزب الوطني‏,‏ اختطلت الأمور بحيث لم نكن نعرف من هو الوزير ومن هوالعضو القيادي في الحزب الوطني الديمقراطي وكان ذلك شكلا من أشكال الضبابية لاحقت حياتنا العامة‏.‏
كما أنهم أي الشباب‏,‏ كغيرهم‏,‏ لم يعودوا يعترفون بما يسمي بالديمقراطية التي يعيشون في ظلها والتي يعرفها الإعلام الرسمي بأنها تمر بأعظم عصورها فالديمقراطية الحقيقية هي الديمقراطية التي لا تحترم جانبا من حريةالتعبير فحسب‏,‏كتلك المساحة المتاحة جزئيا للصحافة مثلا‏,‏ وإنما عرف الشباب أن الديمقراطية التي لا تحترم جانبا من حرية التعبير فحسب‏,‏ كتلك المساحة المتاحة جزئيا للصحافة مثلا‏,‏ وإنما عرف الشباب أن الديمقراطية الحقيقية هي التي تضمن‏,‏ بالقانون وبالممارسة‏,‏ حرية التعبير والتنظيم والحركة وهي التي تتيح فرص تداول السلطة من خلال صندوق انتخابات حر ونزيه لم يعودوا يصدقون تلك الديمقراطية المصرية بعد أن تعرفوا وهم جالسون في منازلهم عناصر الديمقراطية الحقيقية ونتائجها الرائعة في بلدان قريبة في درجة تطورها من درجة تطور بلدهم مصر مثل الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا فاتسعت المساحة الضبابية في حياتهم وحياتنا‏.‏
كما أنهم‏,‏ ونحن معهم‏,‏تابعوا تحول حالات الفساد التي كنا نتصورها قديما مجرد حالات فردية يمكن محاصرتها وكشفها‏,‏ إلي حالة مؤسسية تتشابك عناصرها السلطوية وتتوحد المصالح الاقتصادية لهذه العناصر بحيث باتت كتلة صماء تناهض كل طرق التقدم وكافة سبل الإصلاح السياسي والاقتصادي‏,‏ وأكثر من ذلك شكلت واقعا مجتمعيا يضع الثروة في يد قلة مصرية قليلة تاركة الغالبية الكبري في واقع فقير تتزايد نسبته العددية والنوعية مع كل يوم جديد ثم ليتسع وليستوعب شرائح ومجموعات مصرية جديدة‏,‏ ونسيت هذه القلة المالية أو تناست أو ربما لم تستوعب تاريخ الشعوب الذي علمنا أن تمركز الثروة في يد القلة تقود إلي تمركز الثورة في جانب الأغلبية وبذلك اتسعت الحالة الضبابية خاصة بعد أن تم دخول عدد غير قليل من عناصر المال الكبير والاحتكاري إلي مراكز السلطة وبسط يدها تماما علي الحياة السياسية‏.‏
لقد فتح الشباب يوم الخامس والعشرين من يناير طريق إزاحة هذه الضبابية ولكن علينا استكمال مشوارهم‏.‏

 

المزيد من مقالات أمينة شفيق<!-- AddThis Button BEGIN <a class="addthis_button" href="http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&pub=xa-4af2888604cdb915"> <img src="images/sharethis999.gif" width="125" height="16" alt="Bookmark and Share" style="border: 0" /></a> <script type="text/javascript" src="http://s7.addthis.com/js/250/addthis_widget.js#pub=xa-4af2888604cdb915"></script> AddThis Button END -->
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 103 مشاهدة
نشرت فى 13 فبراير 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,686,876