authentication required
المصالح المستهدفة في أفريقيا
بقلم: د. أحمد فؤاد أنور


تكررت في الأونة الأخيرة مواقف ومزاعم متناثرة علي الساحة الإفريقية تحتاج للربط فيما بينها لكونها كما يبدو تستهدف بشكل مباشر‏-‏ وأحيانا فج‏-‏ مصر وسياساتها الرامية لمزيد من التفعيل لعلاقات التعاون بين القاهرة والعواصم الإفريقية بشكل عام ودول حوض النيل بشكل خاص‏.

 

ويمكن للمراقب المحايد الموضوعي الربط بين تلك المواقف غير الودية وغير المبررة إذا ما تتبع التغيرات التي لحقت علي سلوك وزارة الخارجية الإسرائيلية إزاء إفريقيا وتعامل الجهات المعنية الإسرائيلية مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية من لاجئين أفارقة من خلال التسلل عبر الحدود مع مصر‏.‏
فإذا نظرنا بداية للإدعاءات والمواقف غير الودية التي تكررت خلال الآونة الأخيرة سنجد علي رأسها مزاعم بأن مصر تدعم أطرافا سياسية بعينها في إثيوبيا‏,‏ وسط حديث غير مقبول عن حرب مياه في حوض النيل‏.‏ وسنجد أحدثها حملات إعلامية لإثارة الرأي العام الدولي حول ما تردد عن احتجاز مواطنين إريتريين في سيناء من قبل تنظيمات إجرامية‏.‏ وهو ما دفع وزارة الخارجية لأن تتهم جهات مشبوهة ـ لم تسمها ـ بالوقوف وراء تلك الحملات‏.‏
من المنطقي لأقصي حد ربط ما سبق بقرار سيادي مصري مشرف تضامنت معنا فيه الأردن وبقية الدول العربية التي تجري اتصالات بتل أبيب ـ بشأن رفض استقبال وزير الخارجية الإسرائيلي اليميني المتطرف أفيجدور ليبرمان‏,‏ بل ورفض التعاون كلية مع وزارة الخارجية الإسرائيلية‏,‏ حيث تفرغت الخارجية الإسرائيلية لدس أنفها في أفريقيا بشكل مكثف لدرجة أن جريدة هاآرتس الإسرائيلية وصفت ليبرمان بجهوده وزياراته المتعددة لإفريقيا بأنه يسعي لأن يكون اطرزان أفريقياب‏,‏ خاصة أنه يصطحب معه دوما رجال أعمال ورؤساء شركات تسليح إسرائيلية كبيرة‏.‏
ربما يكون الهدف هو إحياء أوهام توصيل مياه النيل لإسرائيل‏,‏ أو حتي الانضمام لجامعة الدول العربية بعد إعادة هيكلتها‏.‏ وربما يكون ابتزازا سياسيا هدفه أن تشتد معاناة مصر من المجاعة المائية لكونها تحصل علي حصة من مياه نهر النيل لم تزد علي مر السنوات‏,‏ بينما زادت أعداد المستهلكين لتلك المياه بشكل مطرد‏.‏ واللافت للنظر أن تل أبيب ـ التي سرقت مياه الفلسطينيين واللبنانيين‏-‏ تزعم حسب هيئة المياه الإسرائيلية ـ أنها تعاني من اأزمة مياه ستتفاقم مستقبلا‏.‏ من هنا واستغلالا لتراجع الدور العربي الفاعل في أفريقيا بدأ ليبرمان ذوفقا للمؤشرات المعلنة ـ في إحياء استراتيجية عامة أطلقها دافيد بن جوريون تحت مسمي الطوق الخارجي ـ وهي نظرية تمثلت في السعي لربط إسرائيل بعلاقات وثيقة ودائمة بالدول المحيطة بالعالم العربي وبالتحديد تركيا وإثيوبيا وإيران‏,‏ مع تطوير بسيط بزيادة الارتكاز علي إثيوبيا نظرا للتوترات التي تشهدها العلاقات مع تركيا وبالطبع إيران منذ سنوات‏..‏ فقد كان شيمون بيريز أكثر تحديدا حينما قال منذ سنوات بعيدة‏:‏ علي صعيد السياسة الخارجية يوجد لإسرائيل هدف رئيسي يتمثل في إقامة مصر اخري في إفريقياب‏,‏ موضحا أن إسرائيل تساعد في تحويل قوة إثيوبيا الاقتصادية والعسكرية إلي قوة مضادة لمصر‏.‏ وعلي المنوال نفسه قالت رئيسة وزراء إسرائيل الراحلة جولد مائير‏:‏ إن التحالف مع تركيا وإثيوبيا يعني أن أكبر نهرين في المنطقة االنيل والفراتب سيكونان في قبضتنا‏.‏
الهدف هو استنزاف مصر في المهاترات أو إن أمكن المواجهات تسعي لمحاولة إثارة الرأي العام في بعض الأوساط الإفريقية والعالمية ضد سياساتها‏,‏ وهنا لابد من رصد وتفنيد هذه المخططات بكل قوة وتعظيم جهد تعزيزا للعلاقات مع الدول الإفريقية‏,‏ علي غرار دعم تنظيم دورات تدريبية للضباط الأفارقة وهي الدورات التي بدأت بالفعل منذ سنوات من خلال بروتوكول تعاون هام وفعال بين الصندوق الأفريقي بوزارة الخارجية وأكاديمية الشرطة‏.‏ فقد لوحظ أن المزاعم والمغالطات التاريخية الإسرائيلية تتسرب لدول بعينها ويجب علينا أن نعمل علي الرد علي تلك المزاعم وتفنيدها بشكل علمي‏.‏
في الإطار ذاته نري أن العمل علي لفت أنظار الرأي العام العالمي لتعامل إسرائيل العنصري مع يهود الفلاشا‏,‏ ومع المتسللين إليها من اللاجئين الأفارقة أمر حيوي وفعال‏,‏ وسيكون مفيدا توضيح أن الأثيوبيين الذين تم تهريبهم لإسرائيل بقوا في معسكرات‏(‏ مؤقتة‏)‏ لسنوات‏..‏ مقابل تعامل أكثر أريحية بمراحل مع مهاجرين من روسيا ودول أخري‏.‏ ونفس الأمر ينطبق علي إجراء فرض اختبار اكشف الإيدزب عليهم دون بقية المهاجرين‏.‏
نلاحظ في هذا السياق الكيل بعشرة مكاييل مع المتسللين الأفارقة‏,‏ فالمراقب يلحظ أن القوات الإسرائيلية علي الحدود تترك اللاجئين يمرون وكأن هناك ثقة تامة في نواياهم وما يحملونه ثم يتم التحقيق معهم‏,‏ وفي مرات يتم تحويلهم لسجون وفي مرات أخري لمعسكرات‏,‏ وأحيانا يتم ردهم فورا لمصر‏,‏ وأحيانا نجد عددا منهم يقيمون في فنادق فاخرة‏.‏ فما هو معيار التعامل المتناقض؟ هل هو قدر التعاون في الإضرار بمصالح مصرب وتشويه صورتها؟ غير مستبعد‏.‏ خاصة أن حملة مساندة اللاجئين الأفارقة في إسرائيل تحمل شعار لا تضطهد الغريب ولا تضايقه لأنكم كنتم غرباء في أرض مصر‏,‏ وهي فقرة من سفر الخروج‏.‏
الثابت أن تل أبيب وقعت وصدقت علي الاتفاقية الدولية لعام‏1951‏ المتعلقة بوضع اللاجئين‏,‏ إلا أن إسرائيل ليس لديها تشريعات توضح حقوق اللاجيء أو حتي تنظم وضعه القانوني‏.‏ وزارة الداخلية الإسرائيلية هي المخولة بفحص طلبات اللاجئين بعد تقييمهم في مقابلات شخصية‏.‏ الأمرالذي اتاح اعتقال‏2000‏ من جملة اللاجئين‏,‏ وطرد مئات جميعهم من السودان وقبيل الاستفتاء بأسابيع فهل تلك مصادفة؟ وفي المقابل لم يتم اتهام أحد الأفارقة بالانضمام لخلايا مسلحة سواء داخلية أو خارجية‏,‏ رغم سهولة استقطاب أو اندساس مسلحين بينهم‏,‏ فهل هي مصادفة؟‏.‏ إسرائيل تضم حاليا نحو‏27‏ ألف لاجيء من إفريقيا‏85%‏ منهم من السودان وإريتريا علي الرغم من أن الموقف المعلن هو عدم اعتبار القادمين من الدولتين لاجئين فهل هي مصادفة؟‏.‏
نحن نخوض سباق المصالح ضد إسرائيل في القارة السمراء نجد أمامنا مفترق طرق يجدر بنا إزاءه انجاز تقدير علمي للمخاطر والفرص التي سنواجهها يضع في الحسبان بموضوعية نقاط الضعف والقوة‏.‏

 

المزيد من مقالات د. أحمد فؤاد أنور<!-- AddThis Button BEGIN <a class="addthis_button" href="http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&pub=xa-4af2888604cdb915"> <img src="images/sharethis999.gif" width="125" height="16" alt="Bookmark and Share" style="border: 0" /></a> <script type="text/javascript" src="http://s7.addthis.com/js/250/addthis_widget.js#pub=xa-4af2888604cdb915"></script> AddThis Button END -->
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 203 مشاهدة
نشرت فى 26 ديسمبر 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,686,407