بناء برنامج تدريبي قائم على أساليب السيكودراما وقياس فاعليته في تنمية مهارة   المرونة لدى عينة من طالبات الصف الخامس الأساسي في الأردن

 

د. منيرة محيل عتيق المصبحيين

أحلام محمد فريح المصبحيين

 

ملخص

    هدفت هذه الدراسة إلى بناء برنامج تدريبي يعتمد على أساليب السيكودراما لتطوير مهارة المرونة وقياس فاعليته لدى طالبات الصف الخامس الأساسي . ولتحقيق ذلك طبقت الباحثتان  اختبار تورانس للتفكير الإبداعي الصورة اللفظية (أ)  قبلي وبعدي على المجموعتين التجريبية (15) طالبة والضابطة ا(17) طالبة وهم في عمر (10-11 ) ، بعد أن تم اختيار الشعبة بالطريقة العشوائية. من طالبات الصف الخامس الأساسي في مدرسة بنات الهاشمية الثانوية التابعة لمديرية تربية البادية في منطقة معان ، للعام الدراسي (2007 – 2008) ثم قامت الباحثتان بتطبيق البرنامج التدريبي الذي يعتمد على السيكودراما وهو من إعداد الباحثتين على المجموعة التجريبية، لمدة أربعة أسابيع، بواقع ثلاث جلسات في الأسبوع ، مدة الجلسة ساعة واحدة في حين لم تتلقى المجموعة الضابطة أي تدريب،  وقد  أظهرت نتائج الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة( α ≥05,0). لصالح المجموعة التجريبية، التي شاركت في البرنامج التدريبي المبني على السيكودراما في تنمية مهارة المرونة على مقياس تورانس اللفظي للتفكير الإبداعي. وفي ضوء النتائج التي كشفت عنها الدراسة توصي الباحثتان  بضرورة جراء المزيد من الدراسات حول استخدام  إستراتيجية  السيكودراما مع  المراحل التعليمية المختلفة لتنمية مهارة المرونة، و لتنمية مهارات التفكير الإبداعي الأخرى.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Constructing a Training Program Based on Psychodrama and Measuring its Effectiveness in the Development of Flexibility Skills Among a Sample of Fifth Grade students in Jordan

 

Dr.   Moneerh Mheel AL-msubheen

&

AHLAM MOHAMMAD AL-msubheen 

 

 

Abstract

 

 This purpose of this study was to t constructing a training program that depends solely on psychodrama to develop the flexibility skills fifth grade students. To achieve the aims of this study a pre- and post test were conducted using Torrance's Creativity Think Test (Verbal A Form) on sample consisting of 32 female students in Ma'an school and were divided randomly into experimental group and the control group, Before administering the test, the experimental group received a training program that based on psychodrama to develop the flexibility skills all through a whole semester reaching to total of (12) session

The (ANCOVA) test was utilized to examine the effectiveness of a training program based on psychodrama to develop the flexibility skills among fifth grade students. There was significant differences (0, 05≥ α) in flexibility skill the experimental group that participated in the training program, so that the researchers recommends that teachers care more about the adaptation and interested in training programs for their effectiveness in the development of creative thinking.     

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  المقدمة:

   وجد الإبداع مع الإنسان منذ بدء الخليقة متمثلا في القدرة على التخيل والرغبة في التغيير، والسعي إلى التجديد، والميل إلى الانجاز، والإبداع قدرة موجودة لدى جميع الأفراد، وتتوزع وفق منحنى التوزيع الإعتدالي للقدرات العقلية، ويمكن لها الظهور والتطور إذا توافرت لها البيئة الخالية من الضغوط والتهديد (روشكا، 1989).

      هناك الكثير من الأسباب التي تدفع بنا للاهتمام بالإبداع من أهمها: قصور الطرائق وأساليب التدريس في أغلب المؤسسات التربوية حتى في أكثر الدول تقدما. وهذا ما أكده كل من تورانس  وروبنسون (Torrance & Robinson) بقولهما :" أنه بينما ازداد انتشار النمو المعرفي إلا أن أداء التلاميذ في مقاييس التفكير العليا وهي الأساس في التفكير الإبداعي اظهر الحاجة الماسة لأن يطور التلاميذ مهاراتهم واتجاهاتهم نحو التفكير الفعال" (Torrance,1995).

    وحتى يصبح الطالب مبدعا لا بد من احترام أفكاره والسماح له بحرية التعبير والتخيل وإثراء خبرته من خلال التفاعل مع البيئة المحيطة به كما جاء في نظرية تايلور وأسبورن، ويجب تقديم التعزيز اللازم له كما حثت على ذلك النظرية السلوكية، وهذا كله سيكون له بالغ الأثر في نمو القدرات العقلية المختلفة متفقاّ ذلك مع النظرية المعرفية(السرور، 2002)، وحتى ننمي هذه القدرات لا بد من تشجيع خصائص مهمة للإبداع مثل: الحرية في التساؤل، وحرية طرح الأفكار مهما كانت غريبة، والجرأة، والثقة بالنفس.

    والسيكودراما وسيلة محببة ومشوقة لدى الطالب، يمثل من خلالها أدوارا مختلفة بشيء من التلقائية، والحرية دون توبيخ أو تأنيب، مما يساعده على التعبير عن رغباته ومشاعره المكبوتة، كما يمكن له من خلال التمثيل، أن يتعلم مهارات مختلفة، ويكتسبه المرونة في التعبير(Dayton, 2005). والسيكودراما تعد من أفضل الوسائل التعليمية في تنمية قدرات التعبير لدى الطالب، وتنمية الإحساس الفني المرهف لديه، وتساعد كذلك على فهم قدراته، وتنمي شخصيته وخياله وقدراته اللغوية، وتعزز ثقته بنفسه، كما أن معايشته للأدوار التي يقوم بتمثيلها يزيد من تفاعله الاجتماعي (Blatner, 2000).  وينمي مهاراته الإبداعية كما تشير إلى ذلك بعض الدراسات منها دراسة (المصبحيين، 2009).

      مما سبق حاولت الباحثتان دراسة إمكانية تنمية مهارة المرونة لدى طالبات الصف الخامس عن طريق إعداد برنامج تدريبي يعتمد على السيكودراما,

مشكلة الدراسة:

     إن المبدع يحتاج إلى التحرر من الأفكار التقليدية ودرجة كبيرة من الثقة بالنفس حتى يستطيع مواجهة المواقف الغامضة بتفسيرات غير تقليدية، ويحتاج للتفكير بطرائق مختلفة والتخيل لما قد يكون مستحيلا والرفض لما قد يراه الآخرون مقبولا (روشكا، 1989). لأن          الإبداع يعني إنتاج شيء جديد لا يتماثل مع ما هو كائن، وهذا يحتاج إلى شخصية مستقلة، إذ أن الاستقلالية شرط ضروري يساعد الفرد على التفكير المستقل وعدم الخضوع إلى ما هو مألوف ومعروف، كما أن المبدع يجب أن يتقبل الأفكار الغريبة (Dayton, 2005). وهذا ما تفتقر إليه مناهجنا وطرقنا في التدريس التي تعتمد على الحفظ والتلقين مما قد يقف  عائقاَ أمام إبداع الطلاب.

     من هنا يجب توفير أنشطة ضمن مناخا نفسيا آمنا للطلاب، ليعبروا عن أنفسهم بحرية وتلقائية، وتعطيهم كذلك فرصة لإيجاد أكبر عدد ممكن من الحلول المبدعة، لذلك كانَ الهدف المنشود للباحثتين وللكثير من الباحثين والمهتمين تعليم الطلاب  مهارات التفكير الإبداعي ومنه مهارة المرونة التي قد تسهم في زيادة قدراتهم الأكاديمية, وكذلك  قدرتهم على التكيف، إذ رأى تورانس (1962) من خلال الدراسات المتعددة التي أجريت على الأطفال والراشدين أهمية التفكير الإبداعي ليس  للصحة العقلية والتحصيل الدراسي والنجاح المهني فقط وإنما لتحقيق السعادة للفرد في جميع مناحي الحياة (روشكا، الكسندر ، 1989).

     لذلك فإن الدراسة الحالية تتلخص ببناء برنامج تدريبي قائم على السيكودراما لتطوير مهارة المرونة لدى طالبات الصف الخامس الأساسي. وتتلخص مشكلة البحث  في الإجابة عن السؤال الآتي:

1- هل هناك فروق بين المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة من حيث مستوى المرونة تعزى للبرنامج التدريبي؟

أهداف البحث:

        إلقاء الضوء على السيكودراما وأساليبها. إدخال أساليب جديدة لتنمية مهارة المرونة لدى الطالبات

أهمية البحث:

        ندرة الدراسات تبحث في موضوع السيكودراما وعلاقتها بتنمية مهارة المرونة . تسهم هذه الدراسة في توافر معلومات حول السيكودراما وعلاقتها بمهارة المرونة. إمكانية استخدام السيكودراما مع المراحل المختلفة من التعليم لتنمية مهارة المرونة لديهم.

فرضيات الدراسة:

1- لا يوجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى ( ≤ 0.05α) بين متوسطات درجات أفراد المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة في بعد المرونة على مقياس تورانس اللفظي للتفكير الإبداعي

تعريف المصطلحات نظريا وإجرائياً:

السيكودراما نظريا: هي كلمة مركبة من الروح أو النفس(Psychee)  والمسرحية (Drama), وهى تعنى حرفيا " الدراما النفسية"، وهي خليط من الطرق والنظريات في البداية استخدمت كشكل من أشكال العلاج النفسي، ولكنها طورت في أواخر الثلاثينات وركزت على استخدام المسرح كوسيلة تربوية، ومن خلال هذه الإستراتيجية يقوم الأفراد بتمثيل المشكلات أو المواقف وكأنها تحدث الآن؛ مما يساعدهم على إنتاج أفكار بناءة وكذلك ينفسون عاطفيا عن أنفسهم ويكتشفون طرقا جديدة لمواجهة مشاكلهم (Blatner, 2000).   

  أما التعريف الإجرائي فهو: أسلوب يعتمد على مجموعة من التمثيليات التي ستقوم الباحثتان بتصميمها لتنمية مهارة المرونة لدى طالبات الصف الخامس الأساسي.

المرونة Flexibility: هي قدرة الطالبة على إنتاج أفكار واستجابات تتسم بالتنوع والتلقائية تتغير هذه الاستجابات مع تغير المثير (جروان، 2002-أ).

   أما التعريف الإجرائي فهو: الدرجة التي تحصل عليها الطالبة على اختبار تورانس للتفكير الإبداعي في صورته اللفظية عن الاستجابات المنتمية في الأنشطة الفرعية الستة التي يتكون منها الاختبار (والتي تتناول قدرة الطالبة على تكوين أكبر قدر من الألفاظ والأفكار المتنوعة في زمن محدد عند استجابتها لأسئلة الاختبار).

البرنامج التدريبي (Training Program): مجموعة من التمثيليات والمواقف والأدوار والنشاطات المخططة والمنظمة والمبرمجة زمنيا لتدريب طالبات الصف الخامس الأساسي لتنمية مهارة المرونة لديهن. ويتكون البرنامج التدريبي من اثني عشر لقاءً مدة اللقاء ساعة واحدة، بواقع ثلاثة أيام في الأسبوع، ولمدة خمسة أسابيع،

محددات الدراسة: نتائج هذه الدراسة مستمدة من عينة من طالبات الصف الخامس الملتحقات بمدارس الإناث في محافظة معان من الفئات العمرية 10-11 سنة. ومحددة باختبار تورانس للتفكير الإبداعي المقنن على البيئة الأردنية.

  مفهوم الإبداع: اختلف العلماء والباحثون في وضع تعريف محدد جامع مانع شامل لمفهوم الإبداع، وقد ترجع أسباب هذا الاختلاف إلى تعقيد هذا المفهوم من جهة، واختلاف مناحي الباحثين واهتماماتهم العلمية ومدارسهم الفكرية من جهة ثانية، وإلى كثرة المجالات التي شاع فيها هذا المفهوم، وتعدد جوانب هذه الظاهرة وتعقدها من جهة ثالثة ( روشكا، 1989). لذلك نجد الكثير من التعريفات المختلفة للإبداع لكنها تتمحور حول أربعة أبعاد هي: الإنسان المبدع (Person)، والإنتاج الإبداعي (Product )، و العملية الإبداعية (Process) ، والبيئة الإبداعية (Creative situation).

     ولغاية الدراسة نورد تعريف بعض الباحثين للإبداع بأنه عملية تتضمن إنتاج محتوى مترابط يتسم بالندرة والتفرد ويتم من خلال العمل واللعب. وكذلك تعريف روجرز (Rogers) للإبداع بأنه ظهور إنتاج جديد نابع من التفاعل بين الفرد وما يكتسبه من خبرات كلارك" Wallach, 1970 ) ).

مهارات التفكير الإبداعي: أهم مهارات التفكير الإبداعي هي: الطلاقة والمرونة والأصالة والحساسية للمشكلات، ولغايات البحث تناولت الباحثتان مهارة المرونة Flexibility)) التي تعني قدرة الفرد على إنتاج أفكار واستجابات تتسم بالتنوع والتلقائية، تتغير هذه الاستجابات، مع تغير المثير، وهناك نوعان من المرونة هما : المرونة التكيفية، والمرونة التلقائية(جروان، 2002).  

أساليب تنمية الإبداع:

·  أسلوب العصف الذهني(Brain Storming): وهو من الأساليب الجماعية التي تعطى فيها الحرية لاستخدام الأفكار الغريبة دون وجود نقد أو إصدار حكم مباشر، وإعطاء كمية من الأفكار حول مشكلة أو موضوع معين، ويستخدم هذا الأسلوب لأغراض متعددة منها: توليد الأفكار، وتنظيمها، وحل المشكلات، وزيادة كفاءة القدرات العقلية. وهو أسلوب يمكن استخدامه في غرفة الصف وفي غيرها(السرور، 2002).

·  تآلف الأشتات(Synectics): تهدف هذه الإستراتيجية للوصول إلى حلول إبداعية للمشكلة، وذلك من خلال استخدام الفنون البلاغية (المجاز والاستعارة)، وقوانين المنطق(القياس والتمثيل أو التناظر) في إطار منهجي من أجل الوصول إلى حلول إبداعية للمشكلة (جروان، 2002).

·  التخيل: تهيئة الظروف البيئية أمام الفرد للقيام بتخيل موجه لموقف معين من مواقف الحياة لإدراك هذه الموقف وتخيل الحلول المتاحة للمشكلة وما سيكون عليه في المستقبل، وهذا يساعد الطالب على تنمية التفكير الإبداعي من خلال صور لم يسبقه إليها احد (Decety, 2004).

·   السيكودراما  (Psychodrama): يلتقي هذا البرنامج مع البرامج السابقة من حيث الهدف وهو تنمية مهارات التفكير الإبداعي، ولكنه يختلف عن البرامج الأخرى في أنه يتم التدريب فيه على تنمية مهارات التفكير الإبداعي (المرونة) من خلال السيكودراما، بعيدا عن التركيز على مهارات الكتابة والقراءة والحساب التي تركز عليها المدرسة والبيت ((Blatner, 2000). 

        ولذلك رأت الباحثتان أن تمرر الطالبة من خلال هذا الأسلوب في خبرات حقيقية بطرق جديدة وبدائل متنوعة بعيدا عن الاستجابات النمطية والكلمات المحدودة. كما أن هذه الإستراتيجية تساعد الطالبة على إطلاق مشاعرها من خلال تمثيل مواقف مختلفة دون أي صعوبة تذكر، وتساعدها  كذلك على تخيل مواقف معينة وتمثيلها على أنها تحدث (هنا والآن)، وتستطيع أن تتأكد من صحة هذه التخيلات من خلال تمثيلها، وقد تأتي طالبة أخرى ببدائل جديدة، كما أنها تعطيها الفرصة للتخلص من الأساليب الجامدة في الاستجابة، مما يساعدها على خلق أبعاد جديدة لنفسها، وفشل الطالبة في لعب دور معين، يعطيها الفرصة لأن تلعب أدوارا جديدة تنظر للأمور من زوايا متعددة تتلاءم مع قدراتها وإمكاناتها دون وجود عقاب أو تأنيب، وتساعدها كذلك على توليد استجابات مختلفة من خلال البحث في مخزون الطالبة المعرفي، مما يعطي الفرصة لنمو مهارة المرونة ((Corey, 2001.

    وهناك العديد من أساليب السيكودراما ذكرها بلاتنر (Blatner, 2000) منها:  المناجاة والتداعي، وتكرار لعب الدور، وتقديم النفس، والمرآة،  والاستعمال الرمزي، والكرسي الفارغ  والدكان السحري. أما الأعضاء المشاركون في السيكودراما: فقد ذكرت كوري (Corey, 2001) أنهم:  المدرب  والنجم والذوات المساعدة والمشاهدون.

العلاقة بين الإبداع والسيكودراما:  أكد مورينو (Moreno) في نظريته على اللحظة الحالية الحاضرة (في هذا المكان والزمان) والتي تنبع منها العفوية التي تعتبر محفزاً للتخيل، إنها الأسلوب الأمثل الذي يثير الصور الخيالية في اللحظة الحاضرة، التي لم يسبق للفرد أن مر بها، فالمرونة الفكرية تبدأ مع الفرد الذي له القدرة على الانفتاح للرسائل الداخلية والخارجية التي تأتيه، ثم يطور صور خيالية تمكنه من التواصل وتحقيق الذات في اللحظة الحاضرة( هنا والآن)، مما يساعده على مواجهة التحديات التي تواجهه في الحياة العادية.

         كما يعتقد مورينو بان التلقائية يمكن أن تتطور وتنمو من خلال التدريب على العفوية، لان عناصر العفوية هي ارثنا الطبيعي‘ ويجب أن يعاد استدعاؤها ودمجها إذا أردنا استغلال الطاقات النفسية الهائلة، والتي ستكون مصدراً لمساعدتنا في مواكبة التحديات لتغيرات العالم المتزايدة (Blatner, 2000). 

     والسبب الذي جعل مورينو يركز على التلقائية لأنها ومن خلال ابتعاد الأفراد عن النمطية في استجاباتهم يكشف عن خيالهم ومشاعرهم، ويعمل على تطويرهما من خلال مواقف درامية مختلفة تعتمد على التلقائية؛ ليعبروا عن أنفسهم تعبيرا يتسم بالمرونة والتأقلم مع ما هو جديد (Corey,2001).

      ومن خلال استعراض النظريات المختلفة التي تناولت الإبداع بشكل مباشر أو غير مباشر، تؤكد أن الفرد المبدع لا يعتمد على قدرات عقلية عالية فقط، بل هو يحتاج إلى مناخ نفسي آمن يوفر له الحب والتقدير والاحترام، وتذلل أمامه المعيقات البيئية المختلفة، كما نوهت إلى ذلك النظرية النفسية الاجتماعية (اريكسون). ويحتاج كذلك إلى تحقيق الذات كما أشار إلى ذلك ماسلو في النظرية الإنسانية، ومن الضروري كذلك السماح له بممارسة العمليات الذهنية التي توصله إلى الحل بفعل نشاط ذهني غير عادي (الاستبصار)، كما يتبين ذلك في النظرية الجشتالتية (روشكا، 1989).. 

    وأساليب السيكودراما بما توفره من حرية في طرح الأفكار وتمثيلها بعد تخيلها تحرر وتفسح المجال أمام خيال الفرد ليحلق به نحو الإبداع معتمدا على ذاته وفطرته لإضافة أفكار جديدة، وتطويرا ما كان موجودا منها دون خوف مما يسمى الخطأ والفشل. إذ أشار الطبيب الشهير جون ويلر Wheeler,1981)) أن العلم يتقدم فقط عندما تعمل كل الأخطاء الممكنة، لأن البحث عن إظهار النفس يعني ضمنا الوقوع في أخطاء.

الدراسات ذات الصلة:

    دراسة خطاب (1994) هدفها استقصاء فاعلية برنامج تعليمي لتدريس العلوم في تنمية مهارات التفكير الإبداعي لدى طلبة الصف السادس في الأردن. تكونت عينة الدراسة من (70) طالبا, وزعوا إلى مجموعتين, التجريبية(35) طالبا, والضابطة (35) طالبا. لتحقيق غرض الدراسة استخدم الباحث اختبارات تورانس اللفظية والشكلية كاختبارات قبلية –بعدية. أكدت النتائج فاعلية البرنامج في تنمية مهارات التفكير الإبداعي .

     أما الدراسة التي قام بها (Rossa,1996) فقد هدفت إلى استقصاء فاعلية ثلاث استراتجيات لتنمية مهارات التفكير الإبداعي لدى الطلبة الموهوبين في الصفين الثاني والثالث الابتدائيين. استخدم فيها ثلاث استراتجيات هي: إستراتجية التصور, استخدم الكمبيوتر، وإستراتجية حل المشكلات الإبداعي. تكونت عينة الدراسة من (16) طالبا من الطلبة الموهوبين في الصفين الثاني والثالث. أظهرت نتائج الدراسة وجود تحسن في مهارات الإبداع اللفظي والشكلي لدى الطلبة.

     وهدفت دراسة مطر (2000) إلى استقصاء فاعلية برنامج "تعليم التفكير " في تنمية مهارات التفكير الإبداعي، ومفهوم الذات, لدى عينة من طلبة الصف الخامس الأساسي في الأردن, وتكونت العينة من (58)طالبا, وزعوا عشوائيا على مجموعتين تجريبية وضابطة قوام كل منها(29) طالبا. طبقت الباحثة اختبار تورانس اللفظي, واختبار مفهوم الذات. أشارت النتائج إلى تفوق المجموعة التجريبية على الضابطة في مهارات التفكير الإبداعي ومفهوم الذات.

     وقام خطاب (2004) بدراسة هدفت إلى معرفة مدى فعالية برنامج الكورت (الإدراك والتنظيم) في تنمية القدرات الإبداعية ومفهوم الذات لدى عينه أردنيه من طلبة الصف الرابع والخامس والسادس الأساسي ذوي صعوبات التعلَم، وقد بلغ عدد أفراد الدراسة اثنين وثلاثين طالبا من طلبة ذوي صعوبات التعلَم، ثم وزعوا عشوائيا إلى مجموعتين، مجموعة ضابطه تتكون من ستة عشر طالبا، ومجموعه تجريبية وتتكون من ستة عشر طالبا، وقد بينت النتائج تفوق أفراد المجموعة التجريبية على أفراد المجموعة الضابطة في مهارات التفكير الإبداعي، وتحسين مفهوم الذات.

    وكذلك هدفت دراسة الصافي(2005) إلى معرفة أثر برنامج مبني على تخيل مواقف حياتية على تنمية مهارات التفكير الإبداعي لدى الطلبة في المرحلة الأساسية، أشارت نتائج الدراسة إلى تفوق المجموعة التجريبية على المجموعة الضابطة في مهارات التفكير الإبداعي .

    كما قامت المصبحيين (2007) بدراسة هدفها بناء برنامج تدريبي يعتمد على السيكودراما لتطوير مهارات التفكير الإبداعي لدى الأطفال  ذوي صعوبات التعلَم. تكونت عينة الدراسة من (40) طفلا وطفلة من ذوي صعوبات التعلم، تم اختيارهم بصورة عشوائية، ممن هم في عمر (9-11 ) سنة، قسموا إلى مجموعتين تجريبية وضابطة قوام كل منها عشرين طفلا وطفلة. تم التطبيق القبلي والبعدي لاختبار تورانس للتفكير الإبداعي الصورة اللفظية (أ)، وطبقت عليهم برنامج من إعداد الباحثة مبني على السيكودراما. وقد  أظهرت النتائج تفوق المجموعة التجريبية في تنمية مهارتي الطلاقة والمرونة والدرجة الكلية، ما عدا مهارة الأصالة.

     وقام ديفيد  (David, 2009) بإجراء دراسة شبه تجريبية الهدف منها بيان أثر الارتجال على التفكير الإبداعي الموسيقي لدى أطفال المدارس الابتدائية بعمر ست سنوات، واستخدم الباحث أسلوب الأنشطة الارتجالية. وأسفرت النتائج عن فعالية هذه الأنشطة في إنتاج الأفكار الإبداعية الموسيقية عند المجموعة التجريبية أكثر من المجموعة الضابطة التي اعتمدت على الأساليب التعليمية التقليدية التي محورها المعلم.

   من خلال استعراض الدراسات السابقة تستخلص الباحثة وجود دراسات وبحوث كثيرة تبحث في تنمية مهارات التفكير الإبداعي لدى الطلبة، ولكن الدراسة الحالية تميزت عنها باستخدام أسلوب آخر يختلف عن البرامج التدريبية المستخدمة في تلك الدراسات. ويتفق هذا الأسلوب  مع دراسة المصبحيين (2007) ولكن على عينة مختلفة، ويقترب كذلك من دراسة(David, 2009).

عينة الدراسة:

شملت الدراسة (32) طالبة من طلبة الصف الخامس، تم اختيار المدرسة بالطريقة القصدية لاحتوائها على شعبتين للصف الخامس، وتم اختيار الشعبة التجريبية بطريقة عشوائية من بين شعب الصف الخامس والبالغة شعبتين، إذ بلغت العينة التجريبية (15) طالبة شعبة(ب)، أما المجموعة الضابطة فقد بلغ عددها(17) طالبة شعبة (أ) في عمر (10-11 ) سنة.

أدوات الدراسة:

 أولاَ:اختبار تورانس Torrance) ) للتفكير الإبداعي الصورة اللفظية (أ):  قام تورانس بوضع هذه الاختبارات عام ( 1962) في جامعة (مينوستا), وقد روجعت هذه الاختبارات وطورت عدة مرات. كان آخر ها عام 1999، وهو من الاختبارات الواسعة الانتشار، وتتكون من جزأين لفظي وشكلي، ويمكن استخدام اختبار تورانس (النموذج اللفظي) ابتداءً من الروضة حتى مرحلة الدراسات العليا، ويطبق بشكل جمعي على جميع الفئات باستثناء الأطفال الذين هم دون مستوى الصف الرابع الأساسي فيطبق عليهم الاختبار بشكل فردي، ويقيس هذا الاختبار ثلاث مهارات هي: الطلاقة والمرونة والأصالة (جروان، 2002). تتألف الصورة اللفظية لاختبارات تورانس للتفكير الإبداعي من ستة اختبارات فرعية هي: توجيه الأسئلة، وتخمين الأسباب: وتخمين النتائج، و تحسين المنتج، والاستخدامات البديلة، وافترض أن (السرور، 2002). ويستغرق تطبيق هذا الاختبار حوالي اثنتين وأربعين دقيقة مع ضرورة الالتزام والتقيد بتعليمات تطبيق هذا الاختبار.

    يتوفر لاختبارات تورانس للتفكير الإبداعي في صيغتها الأمريكية دلالات صدق مختلفة منها: صدق المحتوىContent Validity) )، وصدق البناء للمقياس (Constructive (Validity      . والصدق التلازمي، والصدق التنبؤي. وتتمتع كذلك بدرجة مرتفعة من الثبات (الروسان، 1996).

 صدق وثبات الصورة الأردنية لاختبار تورانس، الصورة اللفظية "أ": أجريت العديد من الدراسات على البيئة الأردنية والتي أكدت صدق وثبات الاختبار في البيئة الأردنية منها دراسة أبو جادو (2003). وللتأكد من ثبات الاختبار، قامت الباحثة بتطبيقه على عينه استطلاعيه مكونه من ثمان وعشرين طالبة  من الصف السادس خارج عينة الدراسة، وحسبت ثبات الاختبار بطريقة الإعادة (test retest): بفارق زمني مدته أسبوعان، وأشارت النتائج إلى معامل ثبات مقبول لبعد الطلاقة في الأنشطة الستة التي تضمنها الاختبار حيث تراوحت بين ((0,86 - 0,48، كما يظهر في الجدول الآتي:

جدول (1) معاملات ثبات المقياس

النشاط

المهارة

معامل الثبات

الأول

المرونة

0,86

الثاني

المرونة

0,72

الثالث

المرونة

0.86

الرابع

المرونة

0,69

الخامس

المرونة

0,59

السابع

المرونة

0,48

 

تصحيح الاختبار: يقيس اختبار تورانس ثلاث مهارات هي: الطلاقة، المرونة، الأصالة. ولغاية البحث سأبين تصحيح مهارة المرونة إذ يتم استثناء الإجابات الخطأ، والإجابات المتكررة، ويتم حساب درجة المرونة بحساب عدد فئات الإجابة في كل سؤال، مع الاسترشاد بفئات الإجابة الخاصة بكل سؤال، والموجودة في دليل تصحيح الاختبار، وبعد ذلك قامت الباحثة بجمع الدرجات التي حصل عليها المفحوص في بعد المرونة أما للحصول على الدرجة الكلية لأداء المفحوص على الاختبار من خلال جمع الدرجات التي حصل عليها المفحوص لمهارة المرونة في جميع النشاطات (أبو جادو، 2003).

ثانياَ: البرنامج التدريبي المبني على السيكودراما: يتكون البرنامج التدريبي من اثني عشر لقاءً مع أفراد المجموعة التجريبية، مدة اللقاء ساعة واحدة، تم عقدها خلال الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي 2007)- 208 ). ويحتوي هذا البرنامج على تدريبات وأنشطة ومواقف متنوعة تركز على تنمية مهارات المرونة لطالبات الصف الخامس الأساسي، تتم هذه اللقاءات وفق خطوات التدريب على السيكودراما التي ذكرها بلاتنر (Blatner, 2000) وهي :

الجلسة الأولى: الإحماء (التهيئة): يتم ذلك من خلال القيام بنشاط يثير تفكير الطالبة ويعطيها الدافعية للمشاركة الفاعلة في باقي الجلسات في ظروف نفسية مريحة وآمنة ومحببة لها بأسلوب تلقائي، يتم استخدام بعض التكنيكات الموجهة الغرض منها هو التعبير التلقائي عن المشاعر والأفكار.

الجلسة الثانية: التمثيل: تقوم الطالبات بتمثيل التدريبات أو المواقف تحت إشراف المدربة والتركيز على مشاركة جميع الطالبات أثناء التمثيل بحرية وعفوية.

الجلسة الثالثة: التقويم: تهدف إلى إعطاء معنى متكاملا للخ�

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 55/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
19 تصويتات / 1290 مشاهدة
نشرت فى 12 أكتوبر 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,624,169