مدينة إفسوس
سهير طاهر
قال سبحانه وتعالي( وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه المدينة فلينظر أيها أزكي طعاما...) سورة الكهف الآية19.
في تفسير الجلالين قيل: إن هذه المدينة يقال إنها المسماة الآن طرسوس
وعلي الرغم من أن الآراء تتعدد وتتباين في المكان الذي كان يعيش فيه أصحاب الكهف, لكن أكثر الأقوال اعتدالا يقول هي مدينتا إفسوس وطرسوس, وتعتبر مدينة إفسوس هي مكان الكهف الذي لجأ إليه هؤلاء الفتية المؤمنون ويتفق بعض المفسرين مع المسيحيين أن إفسوس هي الأرجح, وأوضح آخرون أن مكان الكهف ليس إفسوس لذلك حاولوا أن يثبتوا أن الحدث لأصحاب الكهف وقع في مدينة طرسوس.
وفي عهد الامبراطور الروماني دقيوس اتفق الباحثون والمفسرون علي أن هذا الحدث وقع في حوالي عام250 ميلادية. ويعتبر الامبراطور دقيوس إلي جانب نيرو هو الامبراطور الروماني الذي أجبر كل من يخضع لحكمه أن يقدم القرابين ويأتي بما يثبت بأنه قدمها, ومن لم يستجب منهم كأن يأمر بقتله. وتنص المصادر علي أن الغالبية العظمي من المسيحيين رفضوا ممارسة تلك الأفعال الوثنية وهموا بالفرار من مدينة إلي أخري والاختباء في أماكن نائية, ومن المرجح أن أصحاب الكهف كانوا من ضمن هؤلاء المسيحيين الأوائل.
يري المفسرون أن مدينة إفسوس أو أفسس تقع علي الساحل الغربي لبلاد الاناضول, وتعد من أكبر موانئ ومدن الامبراطورية الرومانية ويعرف الآن حطام هذه المدينة باسم مدينة إفسوس العتيقة. كما قال بعض المفسرين لهذه الآية الكريمة أن باب الكهف كان نحو الشمال وعليه فإن ضوء الشمس كان لا يصل إلي الداخل ولهذا فإن من يمر علي الكهف كان لا يستطيع أن يري ما بداخله, وهو ما توضحه الآية في قوله تعالي( وتري الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا).
أوضح فخر الدين الرازي أنه بالرغم من أن المكان يطلق عليه إفسوس فإن القصد هو طرسوس لأن إفسوس ما هي إلا مسمي آخر لمدينة طرسوس بالاضافة إلي أنه في شروح كل من القاضي والبيضاوي والناصفي وتفسير الجلالين والتبيان والعاملي وغيرهم من العلماء المفسرين أن تحديد المكان علي أنه طرسوس.
والبحث الذي أجري للتأكد من المكان ساعد كثيرا في تحديد المكان الحقيقي للكهف وبعد إجراء التحقيقات التي أجراها المجلس القومي تم إعداد تقرير ينص علي أن في الشمال من مدينة طرسوس في بلدة عدنة يوجد كهف علي جبل يبعد عن المدينة ومدخله يتجه ناحية الشمال كما أخبر القرآن الكريم
ساحة النقاش