محاسن الشريعة4
كتب:مصطفي سلامة
ويؤكد فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين الأستاذ بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة محمد بن سعود الاسلامية بالقصيم في مؤلفه( حقوق دعت اليها الفطرة وقررتها الشريعة) حق الأولاد: ويقول.
الأولاد تشمل البنين والبنات وحقوق الأولاد كثيرة من أهمها: التربية وهي تنمية الدين والأخلاق في نفوسهم حتي يكونوا علي جانب كبير من ذلك قال الله تعالي:( ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) وقال النبي صلي الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته فالأولاد أمانة في عنق الوالدين وهما مسئولان عنهم يوم القيامة وبتربيتهم التربية الدينية, والأخلاقية يخرج الوالدان من تبعة هذه الرعية ويصلح الأولاد فيكونون قرة عين الأبوين في الدنيا والآخرة يقول الله تعالي( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم( أي مانقصناهم) من عملهم من شئ كل امرئ بما كسب رهين)
ويقول النبي صلي الله عليه وسلم ـ إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له
فهذا من ثمرة تأديب الولد إذا تربي تربية صالحة أن يكون نافعا لوالديه حتي بعدالممات.
ولقد استهان كثير من الوالدين بهذا الحق فأضاعوا أولادهم ونسوهم كأن لامسئولية لهم عليهم لايسألون أين ذهبوا ولا متي جاءوا ولا من أصدقاؤهم وأصحابهم ولايوجهونهم إلي خير ولاينهونهم عن شر ومن العجب أن هؤلاء حريصون كل الحرص علي أموالهم بحفظها وتنميتها والسهر علي مايزيدها مع أنهم ينمون هذا المال ويصلحونه لغيرهم غالبا أما الأولاد فليسوا منهم في شئ مع أن المحافظة عليهم أولي وأنفع في الدنيا والآخرة, كما أن الوالد يجب عليه تغذية جسم الولد بالطعام والشراب وكسوة بدنه باللباس كذلك يجب عليه أن يغذي قلب ولده بالعلم والايمان ويكسو روحه بلباس التقوي فذلك خير.
ومن حقوق الأولاد: أن ينفق عليهم بالمعروف من غير إسراف ولاتقصير لأن ذلك من واجب أولاده عليه ومن شكر نعمة الله عليه بما أعطاه من المال وكيف يمنعهم المال في حياته ويبخل عليهم به ليجمعه لهم فيأخذوه قهرا بعد مماته؟ حتي لو بخل عليهم بما يجب فلهم أن يأخذوا من ماله مايكفيهم بالمعروف كما أفتي بذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم هند بنت عتبه.
ومن حقوق الأولاد: ألايفضل أحدا منهم علي أحد في العطايا والهبات فلايعطي بعض أولاده شيئا ويحرم الآخرين فإن ذلك من الجور والظلم والله لايحب الظالمين ولأن ذلك يؤدي إلي تنفير المحرومين وحدوث العداوة بينهم وبين الموهوبين بل ربما تكون العداوة بين المحرومين وبين آبائهم وبعض الأبناء قد يتميز بالبر والعطف علي والديه فيخصه والده بالهبة والعطية من أجل ماامتاز به من البر ولكن هذا غير مبرر للتخصيص فالمتميز بالبر لايجوز أن يعطي عوضا عن بره لأن أجر بره علي الله ولأن تمييز البار بالعطية يوجب أن يعجب ببره ويري له فضلا وأن ينفر الآخر ويستمر في عقوقه ثم إننا لاندري فقد تتغير الأحوال فينقلب البار عاقا والعاق بارا لأن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء.
وفي الصحيحين ـ صحيح البخاري ومسلم ـ عن النعمان بن بشير ان أباه بشير بن سعد وهبه غلاما فأخبر النبي صلي الله عليه وسلم بذلك فقال النبي صلي الله عليه وسلم أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ قال لاقال: فأرجعه وفي رواية قال واتقوا الله واعدلوا بين أولادكم وفي لفظ اشهد علي هذا غيري فإني لاأشهد علي جور فسمي رسول الله صلي الله عليه وسلم تفضيل بعض الأولاد علي بعض جورا والجور ظلم وحرام.
ولكن لو أعطي بعضهم شيئا يحتاجه والثاني لايحتاجه مثل أن يحتاج أحد الأولاد إلي أدوات مكتبية أو علاج أو زواج فلا بأس أن يخصه بما يحتاج إليه لأن هذا تخصيص من أجل الحاجة فيكون كالنفقة.
ومتي قام الوالد بما يجب عليه للولد من التربية والنفقة فانه حري أن يوفق الولد للقيام ببر والده ومراعاة حقوقه ومتي فرط الوالد بما يجب عليه من ذلك كان جديرا بالعقوبة بأن ينكر الولد حقه ويبتلي بعقوقه جزاء وفاقا وكما تدين تدان
ساحة النقاش