ارتفاع معدلات الجريمة بسبب الجوع والفقر
تحقيق ـ أماني زايد‮:‬ الأزمات الاقتصادية والبطالة والفقر التي‮ ‬يعاني منها المواطن المصري كانت سبباً‮ ‬رئيسياً‮ ‬في انتشار جرائم القتل والعنف والاصابة بعاهات مستديمة‮.. ‬فقد أصبحت البلطجة هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الكبت وضغوط الحياة اليومية،‮ ‬فانتشرت البلطجة في ظل‮ ‬غياب دور الأمن،‮ ‬وقدرة الحكومة علي السيطرة علي الأمور،‮ ‬وعدم وجود عقوبات رادعة تجاه المخالفين،‮ ‬فأصبح المواطن‮ ‬يفتقد الشعور بالأمن في الشارع،‮ ‬بعد أن أصبحت ظاهرة البلطجة تطارد الناس في كل مكان‮.‬ حذرت دراسة حديثة لمركز حوار للتنمية وحقوق الانسان من ارتفاع معدل جرائم الفقر والجوع في مصر،‮ ‬وأكدت الدراسة ارتفاع معدلات الجريمة خلال العام الماضي‮ ‬2008‮ ‬وحتي بداية عام‮ ‬2009،‮ ‬خاصة التي ارتكبت بدافع الفقر والجوع،‮ ‬حيث رصدت نحو‮ »‬254‮« ‬جريمة في تلك الفترة أي‮ »‬1‭.‬2‮« ‬جريمة فيما بلغ‮ ‬عدد المتهمين في تلك الجرائم‮ »‬402‮« ‬متهم وقد شكلت جرائم الفقر مقارنة بالحوادث الأخري نحو‮ »‬6‭.‬9٪‮« ‬من اجمالي الجرائم التي ارتكبت خلال الفترة من‮ ‬يونية‮ ‬2006‮ ‬الي‮ ‬يونية‮ ‬2008‮ ‬أي بنحو‮ »‬3062‮« ‬جريمة وشهدت محافظة القاهرة وحدها نحو‮ »‬188‮« ‬جريمة تلتها محافظة الجيزة بواقع‮ »‬135‮« ‬جريمة ثم الإسكندرية والغربية‮ »‬121‮« ‬جريمة‮.‬ زيادة المسجلين خطر وأكدت دراسة حديثة اعدتها الدكتورة فادية ابوشهية أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية،‮ ‬عن ارتفاع اعداد المسجلين خطر في فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم من‮ »‬18‮ ‬ـ‮ ‬31‮« ‬سنة،‮ ‬واحتلت محافظات الوجه البحري أعلي نسبة في اعداد المسجلين لتصل الي‮ »‬31٪‮« ‬ثم القاهرة بنسبة‮ »‬28‭.‬8٪‮« ‬والوجه القبلي‮ »‬24٪‮« ‬وأضافت الدراسة ان‮ »‬57٪‮« ‬من المسجلين‮ ‬يعملون بمفردهم،‮ ‬بينما‮ »‬34٪‮« ‬منهم‮ ‬يعملون في تشكيلات عصابية،‮ ‬أما الأنشطة الاجرامية التي‮ ‬يمارسها هؤلاء،‮ ‬تأتي تجارة المخدرات علي رأسها،‮ ‬بنسبة‮ »‬27٪‮« ‬ثم السرقة بالاكراه‮ »‬18٪‮« ‬والبلطجة‮ »‬11٪‮« ‬والقتل العمد‮ »‬10٪‮« ‬وذكرت الدراسة ان نحو‮ »‬65٪‮« ‬منهم‮ ‬غير متزوجين و‮»‬27٪‮« ‬متزوجون و‮»‬6‭.‬8٪‮« ‬مطلقون و‮»‬0‭.‬9٪‮« ‬أرامل‮.‬ زيادة معدلات جرائم البلطجة ارتفعت معدلات جرائم البلطجة في الأشهر الأخيرة حيث لم‮ ‬يكد‮ ‬يمر‮ ‬يوم الا ونسمع عن جريمة جديدة،‮ ‬ففي منتصف شهر‮ ‬يونية الحالي انتهت حياة فرد آمن بطعنة نافذة في القلب وذلك بعد ان تشاجر ابناه مع سائق توك توك بمنطقة بولاق الدكرور،‮ ‬حيث سدد أحدهما للسائق‮ »‬3‮« ‬طعنات بمطواة فأسرع السائق الي منزله وأحضر والدته وشقيقه،‮ ‬وعاد الي منزل‮ ‬غريمه وطعن والد الشابين بسلاح أبيض في صدره وتركه جثة هامدة،‮ ‬وفر هارباً‮.‬ كما شهدت منطقة عين شمس في بداية شهر‮ ‬يوليو الحالي معركة بين صاحب مغسلة وبائع أنابيب استخدمت فيها زجاجات المولوتوف،‮ ‬والأسلحة النارية والبيضاء للخلاف علي بيع وشراء سيارة،‮ ‬وأسفرت تلك المعركة عن اصابة اثنين بعدة طلقات نارية،‮ ‬واحتراق شقة واتلاف‮ »‬4‮« ‬سيارات‮.‬ وشهدت منطقة البساتين في بداية الشهر الماضي جريمة بشعة بسبب الخلاف علي لعب الاطفال وقيام طفلة بضرب جارها الطفل بالشارع،‮ ‬وتشريح وجهه بشفرة خلاقة،‮ ‬حيث نشبت معركة بين أسرتي الطفلين حتي انتهت بمقتل الشقيق الأكبر لأسرة الطفل‮. ‬كما أشهر أهالي الطفلة المطاوي في وجه المارة الذين اعترضوا علي جريمتهم البشعة‮.‬ وفي بداية شهر ابريل الماضي ذبح سائق توك توك طالباً‮ ‬بالشارع في منطقة المؤسسة بشبرا الخيمة،‮ ‬وسط ذهول المارة ولم‮ ‬يتركه الا جثة هامدة عندما اعترض المجني عليه علي وقوف التوك توك أمام منزله فنشبت بينهما مشاجرة أخرج علي أثرها المتهم مطواة من ملابسه،‮ ‬وانهال عليه طعناً‮ ‬حتي فارق الحياة وفي شهر فبراير من العام الحالي مزق بائع كبدة جسد طالب بمنطقة الخصوص في القليوبية بسبب وقوفه أمام المحل حيث طلب منه المتهم عدم الوقوف فرفض ان‮ ‬ينصاع لأوامره فأمسك المتهم سكين الكبدة وانهال عليه طعناً‮ ‬بالسكين وتركه‮ ‬غارقاً‮ ‬في دمائه وفر هارباً‮.‬ الدكتور أحمد‮ ‬يحيي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة قناة السويس،‮ ‬يقول‮: ‬يرجع السبب الرئيسي وراء انتشار ظاهرة البلطجة في الشارع المصري الي‮ ‬غياب عدة عوامل أهمها انهيار القيم الأخلاقية التي كانت تحمي المجتمع من هذا السلوك،‮ ‬واختفاء التسامح نتيجة لعدة عوامل اقتصادية واجتماعية كما انه تعبير عن حالة الرفض المجتمعي للسلوك العام السياسي والاقتصادي،‮ ‬وغياب تفعيل القانون في الشارع المصري،‮ ‬نتيجة لانتشار الفردية،‮ ‬واحساس كل فرد بأنه فوق القانون،‮ ‬وانه‮ ‬يفعل ما‮ ‬يشاء دون وجود محاسبة فعلية كما انتشرت السلبية واللامبالاة لدي أفراد المجتمع فلم نعد نجد من‮ ‬يحترم المرأة في الشارع فازداد التحرش الجنسي ولم‮ ‬يعد هناك أيضاً‮ ‬احترام لكبار السن والمرضي،‮ ‬وضياع آدمية المواطن في التعامل الرسمي وفي أقسام الشرطة مما تولد عنه حالة من الغضب المكتوم والذي‮ ‬يظهر في صورة أعمال البلطجة والقتل في الشوارع‮. ‬ومن ناحية أخري نجد ان هناك نوعاً‮ ‬آخر من البلطجة وهي التي‮ ‬يمارسها الفرد اعتماداً‮ ‬علي منصبه أو ماله أو قوته العضلية،‮ ‬وكل هذه الأنواع من البلطجة أهمها الحماية السياسية،و ذلك‮ ‬يرجع في النهاية الي‮ ‬غياب الأمن وعدم وجود ثقة بين المواطن والسلطة الحاكمة نتيجة حالة الغليان والكبت التي نعيشها والتي تظهر في صورة انفعالات نشاهدها داخل الأسرة وفي الشارع‮.‬ وعلي الرغم من وجود عدة قوانين للبلطجة الا انها لا تطبق بجدية فلا‮ ‬يوجد في مجتمعنا احترام للقوانين في ظل انتشار الفساد والوساطة‮.‬ الدكتور كمال مغيث باحث بمركز البحوث التربوية،‮ ‬يقول لاشك ان اختلاف أولويات الأمن في المجتمع المصري هو السبب الرئيسي وراء تفشي ظاهرة البلطجة والقتل في الشارع،‮ ‬فقد اصبح امن النظام من اهم الأولويات لدي الحكومة،‮ ‬فتم اهمال الوظيفة الأساسية للأمن،‮ ‬ولم‮ ‬يعد هناك استقرار في الشارع،‮ ‬كما كان موجوداً‮ ‬من قبل،‮ ‬فانهارت أخلاقيات المواطنين في المجتمع،‮ ‬كما أن تفشي ظاهرة الفقر وانخفاض الأجور‮ ‬يجعل هناك رغبة للمواطن بمحاولة التكسب بأي طرق‮ ‬غير شرعية فيبدأ بممارسة سلوك عنيف للحصول علي ما‮ ‬يريده بسهولة،‮ ‬ومن ناحية أخري نجد أن انهيار المعايير التي تحكم سلوك الفرد تعد سبباً‮ ‬رئيسياً‮ ‬في زيادة معدل البلطجة،‮ ‬فالسلوك العام في الشارع له معايير ثابتة تحكم المواطن اثناء سيره وهذا مع الأسف اختفي تماماً‮ ‬في السنوات الأخيرة،‮ ‬وازدادت ظاهرة العنف والقتل والبلطجة،‮ ‬هذا فضلاً‮ ‬عن حالة اليأس التي‮ ‬يعيشها الشباب وعدم وجود فرص عمل أمامهم وزيادة حجم البطالة وارتفاع سن الزواج وكل هذه الأمور تجعل الشاب‮ ‬يفكر في الانحراف واتباع البلطجة أو القتل كوسيلة للتعبير عما بداخله من كبت،‮ ‬بعد ان فشل في اشباع رغباته وتلبية ابسط احتياجاته،‮ ‬ومع الأسف جاء‮ ‬غياب دور الحكومة،‮ ‬وقدرتها علي السيطرة علي الأمن،‮ ‬وانعدام تواجدها في الشارع،‮ ‬وتنظيم تحركات المواطنين سبباً‮ ‬في انتشار البلطجة،‮ ‬بعد ان فشلت في اقرار القانون،‮ ‬فسادت اللامبالاة،‮ ‬وشعر المواطن بأن المناخ مناسب لظهور ولممارسة البلطجة‮. ‬والاعتماد عليها في تحقيق أي شيء‮ ‬يريده بسهولة،‮ ‬فلم تعد هناك معايير تحكم سلوكيات البشر‮.‬ الدكتور حسن السباعي ـ أستاذ القانون الجنائي،‮ ‬يقول‮: ‬بعد أن قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون البلطجة والغائه عام‮ ‬2006،‮ ‬ازدادت أعمال العنف والقتل في الشارع وانتشر الاجرام بكل صوره،‮ ‬وذلك‮ ‬يرجع في الأساس الي انتشار الفساد في المجتمع والذي فتح الباب علي مصراعيه أمام المجرمين الذين وجدوا مجالاً‮ ‬كبيراً‮ ‬لممارسة الاجرام،‮ ‬فأصبح البلطجي‮ ‬يجد طريقاً‮ ‬سهلاً‮ ‬للخلاص من مشاكله ومعاناته في أن‮ ‬يقدم المزيد من الرشاوي،‮ ‬فهناك العديد منهم صدرت ضدهم أحكام واجبة النفاذ،‮ ‬ومع الأسف لا تنفذ في ظل وجود الفساد في المجتمع،‮ ‬مما‮ ‬يشجع علي تكرار الجرائم‮. ‬لعدم وجود محاسبة فعلية فهناك العديد من الجرائم التي تحدث في الشارع،‮ ‬مثل الشروع في القتل والضرب،‮ ‬والضرب بالأسلحة البيضاء وخلاف ذلك وكل تلك الأمور لا نجد لها قانوناً‮ ‬فعلياً‮ ‬رادعاً‮ ‬يحاسب عليها،‮ ‬فليس هناك قصور في القانون بل اننا في حاجة الي احترام القانون القائم،‮ ‬والعمل علي تطبيقه علي الجميع،‮ ‬فنحن لا نحتاج لقانون جديد بل نحتاج الي تطبيق القانون الذي‮ ‬يعاني عدم التطبيق‮.‬

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 52/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
18 تصويتات / 375 مشاهدة
نشرت فى 1 أغسطس 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,793,761