الكلم الطيب الإسراء والمعراج .. اختراق لكل القواعد والأعراف دروس لأهل الإيمان ولّل الأجيال في مختلف العصور |
آيات الله في الكون كثيرة ومتنوعة وتمضي وفق نواميس وضوابط لا تحيد عنها تحت أي ظرف من الظروف لأنها تمضي بقدرة الحق تبارك وتعالي: "إنا كل شيء خلقناه بقدر". "الشمس والقمر بحسبان". "وآية لهم الليل نسلخ منه النهار". "كل في فلك يسبحون" كل ذلك من آيات الله نظام دقيق حتي أن كل شيء في الكون يمضي في إطار نظام دقيق وكل شيء يعلم صلاته وتسبيحه "ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون" 41 سورة النور. هذه الآيات لا تتعطل إلا بأوامر من الخالق جل وعلا وفي ليلة الاسراء وقع حدث أذهل الجميع وسبق كل البشرية في مختلف العصور المتعاقبة إلي ما شاء الله حتي يرث الله الأرض ومن عليها حيث أخذ الحق تبارك وتعالي سيدنا محمداً في رحلة لم تستغرق سوي ساعات معدودة وقعت فيها أحداث جسام وتحركت فيها قوي متعددة وتحددت فيها معالم كثيرة لم تستطع عقول أهل هذا الزمان وغيرهم حتي في هذا القرن الواحد والعشرين ان تستوعب هذا الذي جري. رحلة يضربون فيها أكباد الإبل شهراً كاملاً كيف يقطعها محمد "صلي الله عليه وسلم" في هذا الوقت القصير. عقولهم ترسخت في الابل وحركتها حيث لا صواريخ عابرة للقارات ولا طائرات نفاثة أو غير ذلك من وسائل السرعة لأن الإنسانية لم تكن بعلمائها قد توصلت إلي تلك المعدات والآلات التي تقطع المسافات في أوقات قصيرة ولم يتوصل العلماء ايضاً إلي قوانين الصوت والضوء وشدة هذا الحدث الهائل أزاح الستار عن المشككين والمنافقين والمرجفين فقد اصابهم الذهول وانطلقوا يروجون احاديث تثير تساؤلات دون ان يفطنوا إلي ان لله آيات يسخرها كيفما شاء وصدق الشاعر إذ يقول: وفي كل شيء له آية تدل علي أنه الخالق. الرحلة تجاوزت كل الأعراف التي تعرفت عليها البشرية وتركت الكل في حيرة فأهل الإيمان قد ثبتوا لأنهم تعودوا من الرسول الصدق والأمانة وأخذوا يرددون كل من عند ربنا وهو القاهر فوق عباده وقد كان ولايزال هذا الحدث مثار خلاف بين أهل العلم والفكر البعض يري ان هذه الرحلة كانت بالروح فقط واخذ يدلل علي ذلك بأن فراش الرسول في مكان نومه لم يزل ساخناً كما هو لم يتغير. ومن بعض الروايات التي تدعم رأيه وأكثر أهل العلم كما قلنا من قبل ان الرحلة كانت بالروح والجسد واستدلوا بقول الحق تبارك وتعالي "سبحان الذي أسري بعبده" فكلمة بعبده تؤكد ان ذلك أكبر دلالة علي أنها كانت بالروح والجسد إذ كيف يأخذ الروح دون الجسد وكذلك ان الصلاة بالأنبياء بالمسجد الاقصي لم تكن تتم روحانياً إذ لابد أن تكون بالروح والجسد. وهكذا يظل الحوار دائماً ومستمراً وهذه الرؤي وتلك الاختلافات تمضي في إطار حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من اجتهد فاصاب فله أجران ومن اجتهد فاخطأ فله أجر واحد" الكل لديه عقيدة راسخة وإيمان ثابت بأن الرسول الرءوف الرحيم احاديثه كلها صادقة وهو الذي يبلغ عن ربه أوامره ونواهيه والكل يهدف إلي تطبيق ما جري مع التنزيه الكامل للرسول الذي يبلغ عن ربه أشد الآيات وقعاً علي النفس ويقول للبشرية جمعاء: "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إليَّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً". أما أهل الافك والضلال وهم موجودون في كل مكان حتي في عصرنا هذا أصبح كل همهم التكذيب والتشكيك وإثارة الاقاويل وانطبق في حقهم "وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر" وللأسف الشديد مازال العمي يسيطر علي أهل الفكر والانحراف نسمع من بعضهم أقوالاً ما أنزل الله بها من سلطان ويصفون أهل الايمان والعقائد الراسخة بأصحاب العقول المتحجرة ويطلقون علي بعض العلماء بأنهم أهل العمائم المتخلفة والمنغلقة ويفترون أكثر من ذلك مستمرين في ضلالهم وبهتانهم مما يجعلنا نردد "ما أشبه الليلة بالبارحة" انهم بذلك ينضمون إلي الذين قال الله في حقهم بأنها "لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور". لكن تظل الدروس التي تركها هذا الحدث الجليل نبراساً يهتدي به من هداه الله إلي طريق الحق والهدي والنور فالثبات علي الحق طريقهم والابتعاد عن أهل الزيغ أهم سماتهم ويسألون الله ان ينجيهم من هؤلاء الذين لا يؤمنون بالغيب وستظل الآية الكريمة في سورة آل عمران حداً فاصلاً بين أهل الإيمان وأهل الزيغ. يقول الحق تبارك وتعالي: "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب" 7 آل عمران. وحادث الاسراء تنطبق عليه معاني هذه الآية والله يعلم أهل الإيمان وأهل الزيغ والمرجفين في المدينة. أهل الإيمان يدركون ان النصر مع الصبر وان تكريم الله للانبياء والصالحين لا تحول بينه وبين هؤلاء أي حوائل أو ظروف أو موانع فالصبر ديدنهم والعزيمة في قلوبهم مهما كانت النواذر يطردون هواجس النفس ونوازع التمسك بالمرئيات المحسوسة ويتشبثون بالغيب الوارد في آيات الله "إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير" يرددون ايضاً "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب" ولا يلتفتون إلي ما يتردد في الساحة من أقوال أهل الضلال والزيغ فآيات الله في الكون تؤكد ان النصر والتكريم حليف أهل الإيمان: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد". إن تكريم الله عز وجل للنبي صلي الله عليه وسلم برحلة الاسراء من المسجد الحرام إلي المسجد الاقصي والمعراج من الاقصي إلي السماوات السبع حيث سدرة المنتهي. آيات وآداب التزم بها سيد الخلق حيث في أشد لحظات التكريم "مازاغ البصر وما طغي. لقد رأي من آيات ربه الكبري" لكن أهل الفسق والضلال يمارون ويجادلون بأقوال الدهريين نسأل الله لهم الهداية. ولا شك ان الحقيقة دائماً سوف تلقم كل من يحاول التشكيك حجراً في حلقة "ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله" الثبات علي الحق أقصر الطرق الموصلة إلي السعادة في الدنيا والآخرة والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. السيد العزاوي [email protected] |
المصدر: http://www.almessa.net.eg/
نشرت فى 16 يوليو 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
4,791,869
ساحة النقاش