قواعد قيد الشركات بالبورصة المصرية والمشروعية الدستورية «٢-٣»

  بقلم   د. سلامة فارس عرب    ١٦/ ٧/ ٢٠١٠

تناولنا فى المقال السابق كثرة الخطابات التى ترسلها الهيئة العامة للرقابة المالية إلى الشركات المقيدة بالبورصة وتطالبها فيها بالالتزام بقواعد القيد لاسيما إرسال القوائم المالية لهذه الشركات والغرامات التى تفرضها الهيئة عليها عند التأخر فى إرسال هذه القوائم وبمناسبة هذه الخطابات التى ترسلها الهيئة العامة للرقابة المالية للشركات المقيدة فى البورصة للمطالبة بسداد مبالغ الغرامة المنصوص عليها فى المادة ٦٥ مكرر من قانون سوق المال نلاحظ أن الأسانيد التى تتكئ عليها الهيئة فى هذا الصدد لم تأخذ فى اعتبارها ما يلى:

١- أن المادة ٦٥ مكرر مضافة إلى قانون سوق المال فى عام ٢٠٠٤، وبالتالى لم تكن هذه المادة موجودة- قبل هذا التاريخ- ومن ثم لم يكن هناك أى جزاء جنائى على عدم إرسال الشركات المقيدة نسخة من قوائمها المالية لا للهيئة ولا للبورصة.

٢- أن قواعد قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية الصادرة عن مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال عام ٢٠٠٢ (وتعديلاتها) لم تنشر فى الوقائع المصرية بحسبانها لائحة تنفيذية أناط قانون سوق المال (المادة ١٦) بمجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال إصدارها على النحو الذى سنزيده توضيحا فيما بعد، ومن ثم فهى ليست واجبة النفاذ على المخاطبين بأحكامها.

٣- أن أصل صياغة المادة ٢٠ من قواعد قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية المشار إليها لم تكن تنص على التزام الشركات المقيدة بإرسال صورة من قوائمها المالية للهيئة، فهذه المادة تم تعديلها فى سبتمبر ٢٠٠٨ بموجب قرار مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال رقم ٩٤ لسنة ٢٠٠٨ على نحو أصبحت معه الشركات المقيدة ملزمة بإرسال نسخة من القوائم المالية للهيئة.

٤- أن التكييف القانونى للواقعة التى تتناولها المادة ٦٥ مكرر من قانون سوق المال- من وجهة نظر التجريم والعقاب- يتمثل فى كونها جنحة قرر المشرع لها عقوبة الغرامة، ومن ثم يجب تفسيرها بذات الأسلوب الذى تفسر به النصوص الجنائية، فضلا عن أنه يجب تقيدها بما تقيد به هذه النصوص من قيود ومبادئ دستورية صونا للحقوق.

وإذا أخذنا الملاحظات السالفة فى الاعتبار- بخصوص التعليق على موقف الهيئة من تطبيق المادة ٦٥ مكرر من قانون سوق المال فقط- وجب علينا أن نفرق- من الaناحية القانونية المجردة - بين فترتين لكل منهما تسبب قانونى مختلف، وإن كانت تجمعهما فى النهاية نتيجة واحدة تتمثل فى أن مطالبة الهيئة العامة للرقابة المالية للشركات المقيدة بالبورصة بسداد مبلغ ٢٠٠٠ جنيه كعقوبة جنائية عن كل يوم تأخير فى إرسال القوائم المالية (المنفردة والمجمعة) السنوية والربع سنوية للهيئة لا تصادف صحيح القانون مما يستتبعه ثلاث نتائج سنشير إليها فى نهاية الرأى الذى نبديه.

أولا: الفترة قبل صدور قرار مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال رقم ٩٤ لسنة ٢٠٠٨ بتعديل المادة ٢٠ من قواعد قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية.

ينتج عن الربط بين الحكم الوارد فى المادة ٦٥ مكرر من قانون سوق المال المضافة بالقانون رقم ١٤٣ لسنة ٢٠٠٤، وبين أصل صياغة نص المادة ٢٠ من قواعد قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية (قبل تعديلها فى عام ٢٠٠٨) عدم وجود أى إلزام قانونى يوجب على الشركات المقيدة بالبورصة إرسال نسخة من قوائمها المالية (المنفردة والمجمعة - السنوية أو الربع سنوية) إلى الهيئة العامة للرقابة المالية، لأن صياغة نص هذه المادة - قبل استبدالها فى عام ٢٠٠٨ – لم تكن تشترط إرسال نسخة من القوائم المالية للهيئة العامة للرقابة المالية، فبداية الإلزام بإرسال نسخة من القوائم المالية كانت على أثر تعديل المادة ٢٠ من قواعد قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية، فى نهاية سبتمبر عام ٢٠٠٨. وبناء على ما تقدم لا يوجد أدنى سند قانونى يبرر مطالبة الهيئة العامة للرقابة المالية للشركات المقيدة بالبورصة بأداء مبالغ الغرامة المنصوص عليها فى المادة ٦٥ مكرر من سوق المال فى الفترة السابقة على شهر سبتمبر ٢٠٠٨، فالمطالبات التى ترسلها الهيئة للشركات المقيدة بخصوص هذه الفترة تعد تطبيقا من الهيئة لنص عقابى بأثر رجعى بالمخالفة للقانون والدستور.

ثانيا: الفترة بعد صدور قرار مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال رقم ٩٤ لسنة ٢٠٠٨ باستبدال المادة ٢٠ من قواعد قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية.

كان يفترض- وفقا للمجرى العادى للأمور- أن يكون للهيئة- حق فى المطالبة بتفعيل الحكم الوارد فى المادة ٦٥ مكرر من قانون سوق المال بعد تعديل المادة ٢٠ من قواعد القيد فى سبتمبر ٢٠٠٨، إذ أصبحت الشركات المقيدة فى البورصة ملزمة- بعد تعديل المادة المشار إليها- بأن ترسل للهيئة العامة للرقابة المالية نسخة من قوائمها المالية (المنفردة والمجمعة- السنوية والربع السنوية)، لكن يحول دون قبول هذه النتيجة أمر خطير لم يتنبه له أحد منذ عام ٢٠٠٢ حتى الآن، هذا الأمر يتمثل فى أنه قد فات على مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال إرسال هذه القواعد للمطابع الأميرية لنشرها فى الوقائع المصرية حتى تنفذ قانونا فى مواجهة المخاطبين بأحكامها، وذلك بحسبانها لائحة تنفيذية ذات طابع عام لتنظيم أهم ركن من أركان سوق المال فى مصر (قيد وشطب الأوراق المالية بالبورصة) مما يمحو- فى اعتقادنا- وجود وأثر قواعد قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية المعمول بها فى البورصة المصرية من الناحية القانونية، ومن ثم تفقد سوق الأوراق المالية أهم الأدوات القانونية المنظمة لها، فمعروف أن سن أى تشريع يستلزم اتباع إجراءات محددة تنتهى بنشره فى الجريدة الرسمية أو الوقائع المصرية، وأن هذا النشر يعد ركنا جوهريا للقول بوجود أو عدم وجود التشريع، فإذا انتفى النشر- على الوجه القانونى- فلا يمكن الاحتجاج بالتشريع على المخاطبين بأحكامه حتى لو ثبت علمهم اليقينى به أو بمضمونه.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 179 مشاهدة
نشرت فى 16 يوليو 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,796,963