التلاميذ يديرون أنفسهم نحو منهجية جديدة في التربية الذاتية المدرسية الأستاذ الدكتور / محمد زياد حمدان 1991
المقدمة التربية المدرسية الجماعية تتعامل مع التلاميذ بالجملة، دون رعاية واضحة لحاجاتهم الفردية في التعلم، أو نوع المستقبل الذي ينتظر كلاً منهم. والمدرسة بهذا كمصنع للإنتاج الإنساني الجملي، يتخرج فيها الضعيف ضعيفاً، ويعاني المتفوق / الموهوب حيناً مما يُعرض عليه من معارف / خبرات عادية.. أو يتسرب جانباً أحياناً أخرى لغير مستقبله أو دون صالح المجتمع. أما تلميذ الوسط أو المعدل العام الذي يشكل بفئته حوالي 68 ٪ من مجموع الناشئة المدرسية، فيتأرجح في تحصيله بين الفشل والنجاح بحسب ظروفه الشخصية والأحوال الأسرية / الاجتماعية التي يَمرّ بها. والتربية المدرسية بمعالجتها الجماعية أعلاه لتحصيل ونمو الناشئة، تبدو عاجزة عن جذب اهتمام زبائنها التلاميذ وإشغال وقتهم بما يغذي حاجاتهم الفردية للحاضر والمستقبل. وما المشاكل المتنوعة التي يعاني منها الشباب في الوقت الحاضر، وما يسود سلوكهم من جنوح وفراغ وعدم انتماء لأنفسهم وأسرهم ومجتمعهم، وأفواج العاطلين الذين يرومون الشوارع والأسواق بدون هدف.. ومظاهر التسيب والإهمال بمؤسسات الخدمة العامة.. وانخفاض التحصيل لدرجة مؤسفة وخطيرة تربوياً بوجه عام.. وسوء الحال في الإدارة والاقتصاد والأسرة والحرب والسلام، والأمن الفردي والوطني، والتصرف اليومي غير الهادف للأفراد والجماعات.. سوى أمثلة محدودة لعجز التربية المدرسية الجماعية عن تحقيق أهدافها التربوية الإنسانية والوطنية المأمولة منها؟! والحل؟ هو أن نبدأ بتربية جديدة غير جماعية، نركز بها على تطوير الفرد السوي المهاب في نفسه وسلوكه، فنتمكن بالتالي ( كما يؤمل) من الانعتاق من دونيتنا وقيودنا المختلفة، ثم الانطلاق لمستقبل أقدر وأعز وأفعل قراراً. إن هذه التربية هي فردية إنسانية وذاتية في أهدافها وتنفيذها ونتائجها.. إنها " إدارة التلاميذ مدرسياً لأنفسهم " التي نطرحها في ورقة البحث الحالية. مفهوم " إدارة التلاميذ لأنفسهم " إدارة التلاميذ ذاتياً أو إدارتهم لأنفسهم مدرسياً هي منهجية منظمة في التربية الذاتية يتحول بها المتعلمون ( أو الدارسون ) إلى معلمين لأنفسهم ولأقرانهم، بينما يتبنى المعلمون والكوادر المدرسية الأخرى دور المساندين والمفسرين الأكاديميين والموجهين غير المباشرين، أي إلى قوى معاونة لتلاميذهم التقليديين.. المعلمين اليافعين الجدد في هذا البحث. وتعمل "إدارة التلاميذ لأنفسهم" مدرسياً بمبدأ التربية الفردية المطعمة بأساليب المجموعات الصغيرة. والتربية الفردية تتم بتعليم التلميذ لنفسه بصفة مستقلة حيث تسمى بالتربية الفردية المستقلة، أو بمرافقة قرين غالباً أو مساعدة معلم أحياناً فيما يشار إليه بالتربية الفردية الخاصة. يتخلل هذه التربية الفردية بنوعيها المستقل والخاص، تربية المجموعات المتعاونة الصغيرة التي يتراوح عدد المشتركين في الواحدة منها بين خمسة وعشرة تلاميذ، أو قد يمتد العدد إلى أكثر قليلاً عند الحاجة أحياناً. والتربية الذاتية تتكون سلوكياً من خطوات يقوم بها الدارس تباعاً بمعاونة الكوادر المدرسية المناسبة، ليتحصل في النهاية على الخبرة أو المعرفة أو المهارة المطلوبة. إن هذه الخطوات في رأينا هي: الشعور الذاتي بالحاجة للتعلم، والمبادرة الذاتية في البحث لتغذية أو سد الحاجة، والتحفيز الذاتي للبدء ومواصلة العمل لسد الحاجة، وإعداد البدائل التربوية المطلوبة لتغذية حاجة التعلم أو المشاركة الفعالة في أعدادها، والتعلم الذاتي للخبرة أو المعرفة أو المهارة المطلوبة لسد الحاجة، والإدارة الذاتية لعوامل وعمليات وبيئة التعلم بما في ذلك الانضباط والانتظام في التعلم والتحصيل، والمحاسبة الذاتية لكفاية وإنتاجية سلوك التعلم بالقياس والتقييم، ثم التوجيه الذاتي للأفضل بتصحيح التعلم وزيادة التحصيل أو بالانتقال إلى مرحلة وحاجات أخرى. تتجسد هذه الخطوات عموماً في الشكل (2) التالي. مبررات راهنة " لإدارة التلاميذ لأنفسهم " التربية هي تنشئة ورعاية أفراد وأجيال المجتمع لمواصفاتهم الشخصية والسلوكية المطلوبة. وهي بما تمارسه من تأثير سلبي أو إيجابي على الناشئة بواسطة نظمها التعليمية ومؤسساتها المختلفة، تُعبّر عن واقع المجتمع ومرآة له، تعكس ضعفه وقواه وما يدور فيه من تفوق وعدل وتقدير للإنسان، أو دونية وغبن وهدر لقيمته وإمكانياته بالمقابل؟! فإذا كان المجتمع متفوقاً في أهدافه وكوادره التربوية وعوامله المدرسية المتنوعة، فإنه يتبنى بهذا نظاماً قوياً وتربية متقدمة فعالة في نتائجها على المتعلمين. والعكس بهذا الصدد في الأحوال العادية صحيح، حيث دونية المجتمع تؤدي سلوكياً ومادياً لدونية نظامه التعليمي، والأمر الذي يؤدي بالنتيجة إلى أفواج دونية من المتخرجين في إدراكها وسلوكياتها وطموحاتها للحاضر والمستقبل. ومجتمعنا وهو يكافح منذ قرون من أجل البقاء والدفاع عن الوطن وصد الظلم الذي يحيق به كل لحظة في هويته وأرضه ولغته وحرية قراره.. يعيش كما يبدو حالة ضعف حادة، لا يقارنها كما يشير التاريخ سوى الذي ساد مرحلة الاحتلال الأوروبي الأول خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر. إن هذا الضعف استشرى كما يلاحظ في هيكلية النظام التربوي ومؤسساته التعليمية المدرسية والجامعية بحد سواء، الأمر عجزت معه جميعاً عن إنتاج أجيال قادرة على تعويض مظاهر الغبن والمعاناة المختلفة التي تعيشها مع مجتمعها. وقد ظهرت نتائج الضعف التربوي بصيغ سلوكيات سلبية وصعوبات متعددة مثل: التسرب، وتدني التحصيل، وشلل المواد الممنوعة، والروتين الإداري، وضعف حافزية التعلم، والبيئات المدرسية والخربة، والمناهج الناقصة في محتواها الأكاديمي أو أهدافها أو مواصفاتها الفنية أو صيغها التقديمية، أو تجسيدها لحاجات الواقع من تلاميذ ومجتمع؛ والجماعية التي نتعامل بها مع التلاميذ بالجملة دون مراعاة لفروق فردية من أي نوع؛ والدروس الخصوصية التي تحول بها التلاميذ لسلعة تتكالب عليها مطامع " التجارة التعليمية السوداء ". فلا عجب نتيجة كل هذه السلبيات، بأن تبدو التربية غير قادرة على جذب اهتمام التلاميذ وإشغال وقتهم المدرسي بما يغذي حاجاتهم ويفيد طموحاتهم للمستقبل،، متحولين بالنتيجة في بعضهم إلى قوى مدمرة عدوانية وشلل خارجه عن القانون.. حيث التطاول على حدود المجتمع وكوادره وأسره وممتلكاته وأخلاقياته ومقومات تقدمه واستقراره؛ أو منحرفين هرباً من الواقع بتناول المخدرات وسموم العقل والسلبيات السلوكية الأخرى. والتربية المدرسية الجماعية بمثل هذا الواقع والنتائج، تفقد تلقائياً كما نرى مبرراتها للعمل والبقاء، وتشير إلى خطورة الاستمرار بها على الفرد والأسرة والمجتمع في آن! والحل؟ تغييرها لأخرى أقدر على التصحيح والعطاء... قبل فوات الأوان على الجميع بالكامل.. فرداً وأسرة ومجتمعاً! ولا يستطيع المجتمع مباشرة بالطبع تصحيح ما اعوج من أنظمته وكوادره، أو شفاء أمراضه المختلفة الإدارية والسياسية والاقتصادية والتشغيلية والاجتماعية والتربوية والحضارية... لأن مثل هذه المهمة المركبة تتعدى قدراته في الوصول لكل فرد وأسرة وموقع عمل. ومن هنا في الواقع يتوجه المربون إلى النظام التربوي ومؤسساته التعليمية لتحقيق ما يطمح إليه المجتمع من علاج مشاكله ومن تقدم منشود لحياته ومستقبله. والناشئة المدرسية بدءاً من ليونة عودها برياض الأطفال وانتهاء بنضجها المبدئي بالشباب اليافع في المدرسة الثانوية، هم كما نرى المادة الشغالة للتغيير وإعادة البناء الاجتماعي – الحضاري المطلوب. من هذه المعطيات في الحقيقة، كان بحثنا عن بدائل جديدة أكثر فعالية وجدوى كما يؤمل من التربية الجماعية الراهنة، متمثلة هذه المرة بتربية التلاميذ ذاتياً فيما أسميناه: " إدارة التلاميذ لأنفسهم ". وتربيتنا المدرسية وهي جماعية ضعيفة في هويتها وتنفيذها ونتائجها، لم تكن أول تربية عالمية تواجه النقد والحاجة للإصلاح أو الدعوة للتغيير بأفضل منها، بل سبقها في الواقع العديد من التربيات العالمية المتقدمة، نذكر منها بهذا الصدد على سبيل المثال: التربية الأمريكية، والتربية الإنجليزية، والسوفيتية/ الروسية، والأوروبية / الشرقية والغربية. ففي التربية الأمريكية دعا البعض(1) إلى حل النظام المدرسي بالكامل وإغلاق مدارسه، نظراً لعدم جدواها حسب رأيهم في تحقيق الأهداف الإنسانية والحضارية المطلوبة.. أما في التربية الإنكليزية فقد خبرت عبر تاريخها هزات إصلاحية متتابعة، أدت إلى تحول هذه التربية من مركزيتها الواضحة قبل منتصف القرن العشرين، إلى نظام لا مركزي نسبياً تبادر به المدارس والمجتمعات المحلية بتشريع مناهجها حسبما تراه مجدياً لتلاميذها وحياتها المحلية (2)، مؤدياً كل هذا إلى ظهور التربية المدرسية غير الرسمية – المفتوحة؛ ولتعدد الحركات التربوية الأخرى بعدئذ التي جرى تنظيمها على غرار بستالوزي وفروبل وروسو وغيرهم. والتربية الأوروبية القارية الغربية لم تكن بأفضل حال من قريناتها الإنجليزية والأمريكية، فهي أيضاً لها نواقصها التي أفرزت أفواجاً من الشباب التائه في مظاهره ولهوه وسموم إدراكه.. دون طموح واضح للمستقبل. وأخيراً التربية العلمية الاشتراكية التي سادت الاتحاد السوفيتي السابق والدول الشرقية الأوروبية منذ الثورة البلشفية عموماً سنة 1917 ومنذ الحرب العالمية الثانية على أقل تقدير، فأمر جماعيتها المطلقة التي أذابت الفرد في المؤسسة والمجتمع يبعث في الواقع على الأسف والحزن في آن. ولماذا هذا الوضع السيئ الخاص بالتربية الاشتراكية؟ لأنه تبين بعد عقود طويلة من عمل هذه التربية، أن ما كان يجري كان خاطئاً في بعضه، وناقصاً ضاراً بالإنسان والمجتمع في بعضه الآخر؟! الأمر الذي دفع " بالأوصياء الجدد " كما لوحظ إلى إحداث تأثيرات حادة شخصية أو مدسوسة، لم تكن مجتمعاتهم مؤهلة لاستيعابها باعتبار كافة المعايير النفسية والاقتصادية والمادية والاجتماعية. والنتيجة؟ فوضى عارمة في كل شيء! تخللتها – على غرار بعض الأقطار المقهورة المُقيّدة لسنين طويلة– أعمال القتل والانتحار والانتقام وشلل المافيا، وفقدان القرار الوطني، والاعتماد على المصادر الأجنبية في سد حاجاتها الفطرية اليومية؟! والأمل بأن تخرج هذه المجتمعات قريباً من محنتها الراهنة، حرصاً بالطبع على كرامة الإنسان فيها. ولا ندعو بالتربية الذاتية الجديدة، إلى حل فوري لمدارسنا القائمة، لأن مثل هذه الدعوة تعد في نظرنا تطرفاً لا مبرر له، ووسيلة في نفس الوقت لكارثة اجتماعية مُحققّة نتيجة افتقار المجتمع للدور الإداري المدرسي الذي يحفظ به الناشئة نهاراً أو يعوضهم عن الانتشار في الشوارع وساحات المدن المزدحمة تواً بالمارة ( المتسكعة العاطلة )، وهم في الأصل من بين الأجيال المنتسبة مدرسياً أو من المتخرجين بشهادات لا تجد لها كما يبدو سوقاً في عمل الواقع، ولم تُمكّن حامليها في نفس الوقت من صناعة قرارات بديلة يرعون بها مستقبلهم. إن المطمح الذي نركز على تحقيقه من جراء " إدارة التلاميذ أنفسهم " وتعديل الأدوار التقليدية للمعلمين والكوادر التعليمية الأخرى، وتسلم الناشئة لمسؤوليات تعلمها، خاصة بعد عجز الكوادر المدرسية لدرجة واضحة عن تحمل واجباتها.. هو تعويد الناشئة أفراداً ومجموعات على صناعة القرار وابتكار البدائل التربوية التي تقتضيها مواقفهم الفردية والاجتماعية والعملية، دون وقوفهم ميؤسي الحال ومشلولي القدرة أو الإرادة على التفكير والتصرف نتيجة تربيتنا المباشرة الراهنة. وبينما تستثني التربية الذاتية الجديدة بالكامل من حساباتها التنفيذية، الأدوار التقليدية المباشرة للكوادر المدرسية والتي كانت أحد العوامل الرئيسة وراء فشل التربية الجماعية الجارية، فإنها تعتمد من أجل توفير الجهد والإمكانيات الوطنية على الاستفادة القصوى من المعطيات البشرية والتربوية والمادية القائمة من إداريين ومعلمين وفنيين ومواقع وأبنية وتسهيلات وتجهيزات ومواد وأجهزة.. بعد إعادة تنظيمها بطبيعة الحال وتدريبها وتأهيلها لأدوار جديدة منتظرة، تتناسب في طبيعة مسؤولياتها مع نوع العمل الذي ينتظر كلاً منهم. أهداف عامة " لإدارة التلاميذ لأنفسهم " تطمح التربية الذاتية كما يعرضها البحث إلى صناعة جديدة لشخصية الإنسان وهوية المجتمع، وبتحويل التربية من مهمة ثقيلة يقوم بها التلاميذ والموظفون المدرسيون روتينياً حيناً، وبإهمال أو جهل حيناً آخر، أو بالتهرب منها وتمريرها كواجب حيناً ثالثاً، إلى سلوك ذاتي يقوم به التلاميذ طوعياً لتحقيق قيم ومهارات شخصية اسما بذاتها من التحصيل الأكاديمي التقليدي وأشمل أثراً منه.. يَقْدرون بها كما يؤمل تعويض الأمة أسباب ضعفها في المستقبل، والأخذ بيدها من ثم لمواكبة حركة الحضارة العالمية. واستراتيجية التربية الذاتية الحالية " إدارة التلاميذ لأنفسهم " تختلف عن نظيراتها الممارسة السائدة في التربية المدرسية، الذاتية منها والتقليدية الجماعية بحد سواء، كيف؟ بكون التعلم الأكاديمي لا يمثل غاية نهائية مطلقة بذاته لجميع التلاميذ, بل وسيلة لتحقيق عادات سلوكية عليا حاسمة لشخصية الفرد، بالإضافة لكونه هدفاً تربوياً يفاضل أفراد التلاميذ في مستويات تحصيله حسب قدراتهم وحاجات مستقبلهم، مثقفين أو موظفين أو علماء مبتكرين. تبدو الأهداف التربوية التي تسعى " إدارة التلاميذ لأنفسهم " لتحقيقها في خمس عشرة عادة، تجسد الأربع عشرة الأولى منها ما نسميه بالعادات العليا، ثم الخامس عشرة الأخيرة – العادة الدنيا للتحصيل الأكاديمي،، لتُشكّل كلها معاً ما يمكن تسميته بالشخصية المستنيرة المتكاملة ( إداركاً وعاطفة وحركة ). إن الأهداف الخمسة عشر للعادات المقصودة بالتربية الذاتية الحالية، هي: 1- صناعة القرار كعادة. 2- الاعتماد على النفس كعادة، أو تحمل المسؤولية ونتائجها كعادة. 3- الانضباط الذاتي كعادة. 4- إدارة الذات والوقت والمسؤولية اليومية كعادة. 5- العمل المتخصص المنتج كعادة. 6- التكيف مع الذات كعادة. 7- التكيف مع الآخرين كعادة، أي فهم حاجاتهم وأحوالهم وقبولهم كما هم. 8- التعاون مع الغير كعادة. 9- الالتزام بدساتير البيئة المحيطة كعادة، سواء كانت هذه البيئة وطناً محلياً، أو عملاً وظيفياً، أو دراسياً أو غير ذلك مما يمكن. 10- الانتماء للبيئة المحيطة كعادة، أي أن يشعر الفرد أنه جزء من البيئة، والبيئة بدورها جزء لا يتجزأ منه، سواء كانت هذه البيئة مرة أخرى وطناً محلياً مباشراً، أو عملاً وظيفياً، أو سياحياً ترفيهياً، أو دراسياً علمياً، أو غير ذلك. 11- التفاعل البناء مع البيئة المحيطة كعادة. لا ينحصر هذا التفاعل على الأفراد بعضهم مع بعض، بل أيضاً على كيفيات تعاملهم مع المواد والأشياء باختلاف أنواعها. 12- المشاركة الاجتماعية البناءة كعادة، أي أن يكون للفرد حضور بناء محسوس في أفراح مدرسته وأقرانه ومعلميه وأتراحهم، ومن ثم مجتمعه الواسع عند كبره، وأن يقوم بدور جاد في تنفيذ ما يقتضيه المجتمع المدرسي والمجتمع العام بعدئذ وحياتهما الاجتماعية من مواقف ومشاركات وجدانية ومادية ومسؤوليات مدنية ودفاعية وتطوعية خيرية وإعلامية. 13- الحكم الموضوعي على الناس والأشياء كعادة. 14- رباطة الجأش واحتواء أو توازن النفس عند تقلبات الأمور كعادة. 15- طلب المعرفة المتجددة كعادة، أي الرغبة الذاتية المستمرة في البحث والتعلم والتحصيل لمزيد من المعرفة الإدراكية و لتحسين وتطوير الأداء الفردي للعادات الأربع عشرة السابقة. قواعد علمية وتطبيقية " لإدارة التلاميذ لأنفسهم " بينما ترجع مفاهيم وأسلوبية التربية الذاتية المقترحة في هذا البحث إلى حصيلتنا الثقافية والتربوية العامة.. وتأملاتنا المعمقة فيما يمكن طرحه من بدائل للنهوض بالتربية وتطوير قدراتها على تنشئة أجيال قوية في شخصياتها وسلوكياتها وطموحاتها للحاضر والمستقبل، فإنه نرى مهما يكن للدارسين والمهتمين بمجال التربية الذاتية، التنويه لأهم المربين والمصادر والممارسات التي أفادتنا عموماً في تناول هذا الموضوع. وتأثير هذه المصادر على أسلوبية التربية الذاتية الحالية عدا القرآن الكريم، يتمثل في حقيقة الأمر بإغناء وتعزيز معارفنا وتصوراتنا لواقع التربية الذاتية الممكنة لتعليمنا المحلي، دون أساسياتها على الإطلاق. إن هذه الأساسيات قد تكونت منذ سنين طويلة، بالتربية الفردية المستقلة لذاتنا، وبالتنشئة السويّة لأهدافنا وسلوكنا، دون تحيز لبشر. حيث أخذ منا سعينا الدائم لإحترام لله ومحبة الناس كما هم، السعي لمنافع الدنيا الزائلة. ومهما يكن، إن أهم المصادر التي تَسْتند أو تَتَقعّد عليها التربية الذاتية الجديدة، هي بإيجاز، ما يلي: أ- القرآن الكريم: القرآن الكريم منهج سلوكي ودستور حياة لوقاية وتوجيه التربية والإدارة والسياسة والسلم والحرب والخير والشر والاقتصاد والاجتماع وكل المجالات الدنيوية الأخرى.. هذه بديهيات لا تحتاج إلى توضيح أو تفصيل. والقرآن أيضاً وثيقة ذاتية مُوجهة لكل فرد، يقرأه ويتبصر في آياته فيستوي فكره وخلقه وسلوك حياته. وإذا كان القرآن بقدسيته وشموليته وبمعجزاته اللغوية وبلاغته المطلقة، يبدو مقروءاً مفهوماً من معظم الأفراد بمختلف قدراتهم وألسنتهم، فإنه أحرى بنا في التربية، أن لا نعلم التلاميذ شيئاً لا يستطيعوه بأنفسهم، ولا نقرأ لهم مادة أو وثيقة للتعلم طالما يقدرون على قراءتها بمفردهم. ومع كون القرآن منهجاً تربوياً شاملاً بذاته تعجز المصادر حتى الآن عن معالجته الكاملة، فإننا نختار من هذا المنهج ما نسترشد به من مبادئ عامة هامة للتربية الذاتية الجديدة، منها: 1- تربية كل تلميذ حسب قدراته، وتكليفه مسؤوليات وأنشطة تعلم وتعليم تسعها نفسه. وإذا كان الله يؤكد عدم تكليف النفس إلا وسعها في خمس آيات ( أنظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ) بخصوص فرائض الصلاة والصيام والعبادات كوسائل لتحصيل أعز نتيجة تهم الفرد هي صحة الدنيا والآخرة، فكيف يكون الأمر إذاً مع فرائض الإنسان النسبية في مجالات التعلم والتدريس والتحصيل؟! 2- المسؤولية الذاتية للتلميذ على تعلمه وتحصيله. فهو مسؤول عن سلوكه أو تعلمه، وعن تقدمه وتأخره، ومسؤول في النهاية عن النتائج التي يتوصل إليها إيجاباً أو سلباً. قال تعالى في سورة الإسراء " اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ( الآية 14 )، وفي سورة النساء " وما أصابك من سيئة فمن نفسك " ( الآية 19 ) وفي سورة البقرة " واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة " ( الآية 123 ). 3- المحاسبة الذاتية لكفاية التعلم والتحصيل. فالله شرع محاسبة المخلوقات كأفراد، كما منحهم القدرة على الاختيار وفرصة الدفاع عن النفس يوم البعث والحساب كأفراد. قال تعالى في سورة النحل " يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون " (الآية 111)، وفي سورة آل عمران " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً " (الآية 30)، وفي سورة الإسراء والآية (14) السابقة " اقرأ كتابك كفى بنفسك عليك حسيباً". ب- الفكر التربوي لكبار المربين: من أمثلة المربين الذي نرى أثرهم الواضح في التربية المستنيرة للتلاميذ هم: 1- سقراط في التربية اليونانية، لم يكن بذاته معلماً للمعرفة، بل مثيراً لكوامنها لدى أفراد التلاميذ ومجموعاتهم الصغيرة الذين حفزهم فضولهم الفردي للقضاء على حيرتهم الذاتية بواسطة المعلم الجوال عبر شوارع وساحات أثينا العامة. 2- جان جاك روسو في القرن الثامن عشر، وتربيته لأميل بمنحه حرية الاختيار والتعلم لما يريد آنياً. 3- يوحنا بستالوزي في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الذي أكد على المبادرات الفردية للتلاميذ، وعلى استخدام لغتهم وحاجاتهم المباشرة في التعلم. 4- فروبل الأب المؤسس لرياض الأطفال. رأى المعلم موجهاً للتعلم ومعداً بانياً لبيئته التربوية. كما أكد على الاهتمام بحاضر أفراد التلاميذ والاستجابة لحاجاتهم وتغذيتها لأقصاها، ليس باعتبار هذا الحاضر مرحلة انتقالية لنمو مقبل، بل كمسؤولية يمكن لهم خلالها تحقيق ذاتهم والتحول الطبيعي نتيجتها لأعضاء ناضجين نافعين لأنفسهم ومجتمعهم. 5- بستولوزي. أكد على احترام قدرات أفراد التلاميذ للقيام بمسؤوليات تعلمهم، وعلى ضرورة التخلي عن كون المدرسة مكاناً مثيراً للضيق النفسي أو الإزعاج والتذمر. 6- فريديريك هربارت وجون ديوي أكدا على مبدأ التغيير المدروس للتلميذ من خلال التربية. أي التغيير من خلال التربية المنظمة مدرسياً، مع أهمية مساهمة التلميذ في نموه ومبادرته الفردية ومشاركته العملية النشطة في التعلم. 7- ماريا منتسوري التي راعت في تربيتها الفروق الفردية للتلاميذ مؤكدة في الوقت نفسه على حرية اختيارهم لمواضيع وخبرات تعلمهم، المتوفرة لهم عادة على شكل مناهج مدروسة وبيئات مدرسية منظمة بعناية. 8- عبد الرحمن بن خلدون (4). يقول ابن خلدون في مقدمته " أعلم أن تلقين العلوم للمتعلمين إنما يكون مفيداً إذا كان على التدريج شيئاً فشيئاً وقليلاً قليلاً، يلقى عليه أولاً مسائل من كل باب من الفن هي أصول ذلك العلم، ويقرب له في شرحها على سبيل الإجمال،، ويراعى في ذلك قوة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه.. " مبادئ عملية نفسية وتربوية موجزة، ولكن شاملة في مضامينها التعليمية والمنهجية المعاصرة. 9- بدر الدين بن جماعة الحموي (5). أكد أهمية الحوافز والتحفيز والتعزيز والإدارة والانضباط السلوكي للتعلم والتحصيل. كما كتب عن الفروق الفردية والبناء الإدراكي للمتعلمين وأثره في التعلم، وتناول الاستعداد أو ذكاء القدرات الخاصة، والمرحلة الحرجة للتعلم، ودور الترويح والتركيز في الاستيعاب، والتصحيح والتعديل السلوكي... والتعامل الإنساني ورعاية حاجات التلاميذ واهتماماتهم الفردية... فيما تدعو إليه جميعاً هذه الأيام أحدث الاتجاهات التربوية والنفسية بما في ذلك تربيتنا الذاتية. جـ- التربية المدرسية غير الرسمية، والمفتوحة الواقعية والإلكترونية المعاصرة (6) التي تعني عموماً قدرة التربية على رعاية استيعاب رغبات التلاميذ المتنوعة في التعلم وتوقيته ووسيلته وأسلوب تحصيله ومواقعه وأنواع الأفراد المفضلين للتعامل خلاله.. أي أن التربية المدرسية هي بهذا مفتوحة لما يراه أفراد التلاميذ آنياً من تعلم مناسب لكل منهم، دون قيود تذكر على حركتهم أو أماكنهم أو أوقاتهم أو اختياراتهم الفردية لذلك. هـ- التربية المُوجَّهة فردياً Individually guided education التي تقوم على خطوات متمثلة في الشكل التالي1 (8): و- التربية الإنسانية، التي تركز على السماح لأفراد التلاميذ المختلفين بتعلم مواضيع مختلفة في أوقات وطرق مختلفة، مُتحصلين بذلك في النهاية على قيم ونتائج سلوكية تتفق مع خصائص وحاجات كل منهم (9).
ز- علم التدريس، وخاصة ما يرتبط منه بالطرق الفردية والمجموعات الصغيرة والإدارة الصفية ومواد ووسائل وتكنولوجيا التعليم والإتصال والمعلومات المعاصرة، ومفهوم المعلم كموجه ومعاون.. أي علم التدريس غير المباشر. ح- علم النفس التربوي فيما يخص آراء ومبادئ علمائه الإدراكيين والسلوكيين مثل (10): بياجيه، وسكينر، وثورندايك، وواطسون، وكيلر، وغاينيه، وميغر. الإطار العملي العام " لإدارة التلاميذ لأنفسهم " موجز مكوناته وكيفيات عمله " إدارة التلاميذ لأنفسهم " هي منهجية علمية جديدة في التربية الذاتية تتمّ عملياً بإطار سلوكي منظم, يبدو موجزاً في الشكل (2) والفقرات التالية: 1- تطوير الوحدات المنهجية المصغرة المكتوبة. الوحدة المصغرة هي مجموعة محدودة من الأهداف السلوكية والمعارف/الخبرات ونشطة التعلم والتقييم التي يمكن تحصيلها من أفراد التلاميذ خلال نصف حصة أو عشرين دقيقة على الأكثر. وإن اشتقاق هذه الوحدات يتم مباشرة من موضوعات المنهج المقرر. 2 - تطوير البدائل السمعية \البصرية والإلكترونية للوحدات المنهجية المصغرة المكتوبة. وبينما تصل هذه البدائل التعليمية لعشرة صيغ أو أكثر، فأننا نؤكد على توفير صيغتين أو ثلاث على الأقل لكل وحدة مصغرة مكتوبة لتمكين أفراد التلاميذ لاختيار الصيغة المنهجية الأكثر ملاءمة لأساليب تعلمهم. 3- استطلاع أساليب التلاميذ في إدارتهم لأنفسهم. يهدف هذا الاستطلاع إلى تحديد كيفيات أفراد في التعلم والتعامل مع الآخرين. 4- أداء التلاميذ لاختبارات أكاديمية عامة قبل التعلم. تهدف هذه الاختبارات إلى تحديد أنواع ودرجات تحصيل التلاميذ السابقة للوحدات المصغرة، قبل بدئهم بدراستها وتعلمها. ستفيد هذه الاختبارات في تطوير الوصفات الفردية للتعلم والإدارة والتعليم، ثم في تنفيذ هذه الوصفات من التلاميذ بعدئذ. كما تفيد في تحديد جدوى التربية الذاتية نتيجة مقارنة أنواع ودرجات التحصيل قبل وبعد التعلم. 5- تطوير الوصفات الفردية للتعلم والإدارة والتعليم. إن الوصفات الفردية الحالية هي سجلات موجزة مكتوبة لما سيقوم به أفراد ومجموعات التلاميذ في مجلات التعلم والإدارة والتعليم. 6- تحضير البيئة المدرسية لبدء " إدارة التلاميذ لأنفسهم ". يتمثل هذا التحضير في إعداد المدرسة وتسهيلاتها وتجهيزاتها المتنوعة وموادها ووسائلها وكوادرها العاملة مادياً وسلوكيا ونفسياً، لتنفيذ أعمال التربية الذاتية وتحقيق الأهداف الخمسة عشر المرجوة منها. إن الصيانة والتصليح والشراء والتطوير للجوانب المُكونات المادية، ثم التدريب للعوامل البشرية.. هي أمثلة لما يمكن إنجازه بعمليات التحضير الحالية. 7- تنفيذ التلاميذ لوصفاتهم الفردية في التعلم والإدارة والتعليم. وتعني قيام أفراد ومجموعات التلاميذ بالتعلم، أو بالمسؤوليات الإدارية والتعليمية في الوصفات الواردة على الصناديق البريدية المدرسية لكل منهم. 8- تقييم نتائج " إدارة التلاميذ لأنفسهم ". تركز هذه الخطوة على كشف مدى فعالية التربية الذاتية المقترحة في تحقيق أنواع التعلم المبشرة المطلوبة، ثم في ترجمة الأهداف الإستراتيجية العليا والدنيا الخمسة عشر إلى الشخصية المستنيرة المتكاملة لدى التلاميذ.
شكل 2 : رسم بياني لمكوناته وكيفيات عمل النموذج العملي العام " لإدارة التلاميذ لأنفسهم "
مواصفات علمية وعملية " لإدارة التلاميذ لأنفسهم " إن التربية الذاتية المقترحة في هذا البحث باسم " إدارة التلاميذ لأنفسهم "، تنفرد بالمواصفات العلمية والعملية التالية: 1- قابلية التطبيق مباشرة في تربيتنا المحلية، لكون المنهجية المقترحة قد تم تفصيلها في الأساس بناء على المعطيات الثقافية والمادية لهذه التربية، بهدف تجديد دمائها وخدمة أغراضها الإنسانية والوطنية. 2- قابلية التطبيق بالتدريج على مراحل بالنسبة لعمليات ومكونات التربية الذاتية نفسها ومجالات تبنيها من التلاميذ والفصول والمراحل والمناهج الدراسية.. فيمكن مثلاً البدء بتطبيق الإدارة الذاتية لسنة دراسية، ثم التعليم بالأقران والمجموعات الصغيرة المتعاونة لسنة أخرى، ثم استكمال دائرة التربية الذاتية مع حلول السنة الثالثة بتحمل أفراد التلاميذ لمسؤوليات تعلمهم. 3- جدة نموذج التربية المقترحة، وخاصة في مجالات التعلم المصغر للوحدات المنهجية المصغرة المكتوبة وبدائلها السمعية /البصرية والإلكترونية، وأساليب التلاميذ في إدارتهم لأنفسهم، وشمول أنواع الوصفات الفردية للتعلم والإدارة والتعليم، وثلاثية أنواع التحصيل والتلاميذ المتخرجين: مثقفين وموظفين وعلماء مبتكرين.. وأدوار ومفاهيم المعلمين والتلاميذ والكوادر المدرسية الجديدة في التربية. 4- جدة أساليب عمل التربية الذاتية بدءاً من دراسة المنهج المقرر لتطوير الوحدات المصغرة والبدائل السمعية /البصرية والإلكترونية، وانتهاء باستطلاع وتحليل أساليب عمل التلاميذ وتحصيلهم السابق وتنفيذهم للوصفات الفردية وتقديركفاية التحصيل. 5- جدة الأهداف التي تسعى التربية الذاتية إلى تحقيقها، وأهميتها البالغة في نفس الوقت للفرد والأسرة والمجتمع وللحاضر والمستقبل محلياً وحضارياً وعالمياً. إن العادات السلوكية العليا والدنيا وتطوير الشخصية المستنيرة المتكاملة نتيجتها تمثل جوهر ومحور هذه الأهداف. 6- جدة توأمية تحصيل نتائج التربية الذاتية المقترحة، تحصيل العادات العليا من جهة والعادة الدنيا من جهة ثانية. فالعادات الأربع عشرة العليا تنتج تلقائياً بالتحصيل الأكاديمي، الذي يحدث بدوره أيضاً نتيجة تكوين وامتلاك التلاميذ لهذه العادات، ولاستخدامهم المباشر لها في تنفيذ مسؤوليات التعلم والإدارة والتعليم للحصول على النتائج التربوية والإدارية المطلوبة. أي أن التحصيل الشخصي والتحصيل الأكاديمي يمثل كل منهما وسيلة ونتيجة للآخر في آن. 7- جدة التركيز على حدوث التربية المدرسية بدرجة رئيسة داخل حدود المدرسة، وما يبقى بعدئذٍ من مواقع ومناشط وزمان، فهي ملك لأفراد التلاميذ يشاركون بها أسرهم ومجتمعهم الواسع بصيغ حرة مفتوحة من ضغوط الواجبات المدرسية الثقيلة التي تلاحق أقرانهم الآخرين في التربية الجماعية التقليدية، مهما اختلفت طبيعة ومتطلبات مواقفهم الحياتية خارج المدرسة. 8- جدة المفهوم العام وتركيبة وكيفيات عمل التربية الذاتية المقترحة " إدارة التلاميذ لأنفسهم " فهي انعكاس مباشر لما نراه في التربية، مهما تنوعت المصادر الأخرى والتي لم نطلع في الواقع إلا على عموميات بعضها، دون التفاصيل أبداً. افتراضات تربوية ونفسية تربوية أساسية " لإدارة التلاميذ لأنفسهم " تقوم " إدارة التلاميذ لأنفسهم " مدرسياً كاستراتيجية أو منهجية تربوية جديدة، على معارف وخبرات متنوعة تجسدها معلومات هذا البحث عموماً والعناصر الثمانية أعلاه بالفقرة السابقة بشكل خاص. نقدم في هذه الفقرة مهما يكن عدداً من الافتراضات التي تعزز مفهوم التربية الذاتية التي نطرحها هنا، بحيث تبدو موجزة بما يلي: 1- إن التربية الذاتية المقترحة هي صيغة خاصة من السلوك الإنساني، وهي بهذا كأي سلوك أو مهارة، يمكن تعلمها وتحصيلها من أفراد التلاميذ وتحويلها لديهم بالممارسة والمتابعة والتوجيه والتركيز، إلى عادة يومية أصيلة في شخصياتهم الفردية، إن الأمر هنا يحتاج في البداية لإخلاص وجهد ومثابرة في العمل، ولكنه في النهاية ممكن وقابل للتنفيذ. 2- إن التعلم عندما يتجزأ لمهمات تحصيلية صغيرة يصبح ممكناً سهل المنال من أقل القدرات الإدراكية للتلاميذ. والتعلم المصغر الذي نتناول به نتفاً صغيرة من المعارف / الخبرات لتحصيلها تباعاً في التربية الذاتية، سيمكن أفراد التلاميذ من إدارتهم لأنفسهم مدرسياً دون حاجة ملحوظة للمعاونة الخارجية أو معايشة كثير من الفشل. 3- إن المسؤولية عندما تتجزأ يسهل أداؤها، والمناهج الدراسية الحالية وهي ثقيلة جماعية في شكلها ومحتواها ولغتها ومتطلباتها التنفيذية، تصبح سهلة التناول للتعلم والتحصيل من أفراد التلاميذ عند تجزئتها إلى وحدات سلوكية صغيرة متتابعة أسميناها الوحدات المنهجية المصغرة المكتوبة والسمعية /البصرية والإلكترونية. 4- إن ممارسة التعلم يؤدي لمزيد من التعلم. فالتعلم كأي عمل إنساني عندما يمارسه صاحبه (التلميذ) أكثر، يزيد من الاستيعاب لمفاهيمه ويساعد على التمكن من سلوكياته ومهاراته. وبالمقابل، إن التعلم الشفوي العابر الذي يسود التربية الجماعية الراهنة ويعجز عن توفير فرص كافية لمشاركات ومبادرات التلاميذ في إنجاز تحصيلهم، يؤدي كما يلاحظ إلى ضعف هذا التحصيل ولتعدد صعوباته السلوكية. 5- إن الفرد عندما ينشغل بشيء سوف يفتقد تلقائياً الوقت والانتباه لعمل شيء آخر. والتلاميذ وهم منشغلون في تربية أنفسهم أفراداً ومجموعات صغيرة، سوف لا يتوفر لديهم وقت أو تركيز إدراكي لعمل شيء آخر.. سلبي مدمر كالتسرب والاعتداء على الآخرين وارتكاب المخالفات السلوكية المتنوعة الملاحظة حالياً في التربية المدرسية التقليدية. 6- إن اعتياد الفرد إدراكياً وسلوكياً على القيام بواجب أو سلوك بشكل يومي متكرر، كفيل بتكوين عادات تلقائية لديه تخص هذا الواجب أو السلوك. ومن هنا في الواقع نلاحظ الموظفين بعد قضائهم لمدة زمنية في الخدمة حسب روتين ومواعيد محددة، يستمرون سلوكياً في روتينهم اليومي بالرغم من تقاعدهم أو تركهم العمل الوظيفي أحياناً. والتلميذ باعتياده على صناعة القرارات الخاصة لتعلمه وإدارة نفسه وبيئته ونوع مستقبله، ثم على تحمله مسؤوليات هذا التعلم والنتائج التي يصل إليها.. والتعامل البناء خلال ذلك مع الغير من أقران وكوادر مدرسية، والمشاركة الهادفة في الأنشطة والمواقف الخاصة والعامة للمجتمع المدرسي.. كفيلة كلها بتكوين الشخصية المتكاملة المستنيرة وعاداتها التي ندعو إليها هنا. 7- إن معايشة الإنجاز والنجاح تؤدي لمزيد من الرغبة في الإنجاز والنجاح، ومن الشعور في القدرة على تحصيلهما. والتربية الذاتية الجديدة بقدرتها على تمكين أفراد التلاميذ من الإنجاز والنجاح في التعلم والإدارة والتعليم، ترعى هذا المبدأ الهام في علم النفس والتحفيز الإنساني إلى أقصاه. 8- إن المحاسبة المنظمة المستمرة للسلوك الإنساني تحفظ له مواصفاته النوعية والكمية والكيفية المقصودة، وذ� نشرت فى 21 يونيو 2010
بواسطة azazystudy
الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »
ابحثتسجيل الدخولعدد زيارات الموقع
4,795,282
|
ساحة النقاش