المساواة بين الرجل والمرأة.. طريق العدالة الاجتماعية
كتبت: تهاني القيعي : علي الرغم من أن185 دولة في العالم وقعت علي اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة, إلا أن عددا محدودا من هذه الدول طبقت الاتفاقية وأصدرت تشريعات قانونية تتوافق معها
لكن الأغلبية لا تلتزم بما وقعت عليه وهذا ما يفسر استمرار تراجع دور المرأة وعدم حصولها علي حقوقها, بدليل أن70% من فقراء العالم نساء, كما أن الرجال يمتلكون99% من الأراضي.
هذه المؤشرات رصدها المشاركون في ندوة بعنوان قوانين الأحوال الشخصية ومدي تأثيرها في الدول العربية, خاصة فيما يتعلق بالأسرة وهي الندوة التي عقدتها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتعاون مع الاتحاد النسائي العربي والمعهد السويدي بالإسكندرية تحت شعار معا نحو عدالة اجتماعية وحقوق متساوية للأسرة العربية, التي عقدت تحت رعاية عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وقد أشارت الوزير المفوض هناء سرور مدير إدارة المرأة بالجامعة العربية إلي أنه يجري حاليا العمل لاطلاق الموقع الالكتروني الخاص بموسوعة( وضع المرأة في التشريعات العربية) التي أعدتها الأمانة العامة للجامعة كوثيقة مرجعية ترصد النصوص والمواد القانونية الخاصة بالمرأة في18 دولة عربية, وذلك للاسترشاد بها عند وضع أو تعديل أو توحيد التشريعات الخاصة بالمرأة خاصة في مجال الأحوال الشخصية والقانون المدني والعمل والضمان الاجتماعي, والمشاركة السياسية والجنسية وغيرها.
وقالت إن الموسوعة تتكامل مع التوصيات التي أصدرتها منظمة المرأة العربية, والتي تهدف إلي تعديل الوضع القانوني للمرأة بما يتماشي مع فقه الأصول وفقه الواقع.
وأضافت الوزير المفوض هناء سرور أن تحقيق الأمن الاجتماعي والأهداف الانمائية للألفية لايزال مرهونا بتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين في جميع المجالات, وأن المسئولية في تحقيق ذلك لا تقع فقط علي عاتق الحكومات بل هي مسئولية تشاركية بين منظمات المجتمع المدني ورجال الدين والفقه المستنير, ورجال القانون ووسائل الاعلام التي تخلق البيئة الملائمة والداعمة لتمكين المرأة العربية.
وأكدت أن المنظمات العربية شهدت في العقد الأخير كثيرا من التطورات والمكاسب لصالح المرأة حيث نالت قضاياها قسطا كبيرا من مناقشات المجالس النيابية, وأسفرت عن اصلاحات قانونية منها استهداف قوانين ونصوص جديدة ومواجهة وتعديل العديد منها للقضاء علي ما ورد بها من تمييز ضد المرأة, كما تصدت بعض البلدان العربية لقضايا طال السكوت عنها مثل جرائم الشرف والتحرش الجنسي وختان الإناث والاتجار بالبشر وغيرها, من خلال تجريم تلك الأفعال وتشديد العقوبة عليها.
وقالت رمزية الارياني الأمين العام للاتحاد النسائي العربي إنه يجب علينا ألا نغفل بأن هناك تمييزا ضد المرأة في بعض القوانين وفي تنفيذها علي الواقع سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة, ليس في بلادنا العربية فحسب, ولكن في معظم دول العالم, فالنساء مازلن يتعرضن لكثير من الانتهاكات الإنسانية والتمييز الملحوظ في تطبيق القوانين النافذة مما يسبب الظلم والتعسف والمعاناة اليومية, فالثقافة التراكمية والاعراف الاجتماعية تجاهلت كل القوانين الدولية, وجعلت النساء مواطنات من الدرجة الثانية يتعرضن لسوء معاملة في حياتهن الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والوظيفية وخاصة في المناطق الريفية, حيث يعملن ساعات متواصلة بلا أجر.
وأضافت أن المرأة العربية رغم كل المعوقات الثقافية التقليدية إلا أنها تمكنت من الانطلاق وجعلت التعليم والعمل غاية ووسيلة للتمكين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
واستعرضت الدكتورة سيماتجون الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الشئون الاجتماعية بالجامعة الدور البناء والجهد المتميز الذي يقوم به الاتحاد النسائي العربي العام, منذ تأسيسه كاتحاد عربي يجمع الحركات والتنظيمات النسائية العربية الساعية بعزيمة قوية وخطوات ثابتة إلي إحداث حراك مجتمعي عربي وتأثير إيجابي عربي ودولي في كثير من القضايا ذات الصلة بالمرأة العربية وأدوارها المتعددة ومشاركتها الفعالة.. وأشادت بالاهتمام البالغ الذي توليه جامعة الدول العربية للشراكة مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدولية, والإقليمية لتوسيع دائرة التعاون والمشاركة في مجتمعاتنا العربية وربطها بالتنمية الاقتصادية, والاجتماعية الشاملة.
وتطرقت إلي قمة الكويت التي كرست أعمالها لبحث القضايا التنموية, والاقتصادية, والاجتماعية كخطوة جادة في وضع أجندة التنمية البشرية الاجتماعية والاقتصادية أمام القادة العرب واتخذت عددا من القرارات للارتقاء بمستوي معيشة المواطن العربي, وأعطت الأولوية للتنمية الاجتماعية بجميع مجالاتها وعلي رأسها خفض الفقر, وتطوير التعليم والارتقاء بالصحة وتحقيق الأهداف التنموية للألفية وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والتأكيد علي التزام القادة العرب بالقضايا ذات الصلة بالمرأة العربية باعتبارها من العوامل الأساسية لتحقيق أهداف التنمية الشاملة, وإيجاد مجتمع متكافئ في الفرص المتاحة لكل امرأة في المنطقة العربية.
وأضافت أنه رغم ذلك فإن المعوقات والتحديات مازالت تواجه المرأة حيث إن عدم الاستقرار يسود منطقتنا العربية والاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية ولاتزال النزاعات والصراعات المسلحة مستمرة, بما يهدد الأمن الإنساني للمرأة والأسرة العربية بشكل خاص والمجتمعات العربية بشكل عام.. إلي جانب الأزمة المالية التي أضافت عبئا آخر علي التحديات التي تواجهها البلاد العربية وشكلت صعوبات حقيقية في مدي تحقق الأهداف التنموية, وخطط النهوض بالمرأة والأسرة والطفل وغيرها من الأهداف التنموية, التي تهدد تحقيق الآمال التي كانت معقودة لتسارع عملية التنمية, بما يضمن لشعوبنا مستقبلا مشرقا هو من حقهم, ولمواجهة ذلك يبقي الاستثمار في تمكين المرأة العربية علي جميع المستويات هو السبيل لإحراز التقدم المنشود.
وأضافت: أننا بحاجة إلي المزيد من العمل الجاد للحكومات ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص من أجل تمكين المرأة وإزالة جميع أشكال التمييز ضدها, حيث إن تحقيق الأهداف مازال مرهونا بتحقيق المساواة, وتكافؤ الفرص.
ساحة النقاش