محمد عدنان سالم لقد أثبتت الدراسات أن عين القارئ الجهري تسبق صوته بما يتراوح بين أربع وست كلمات , ويدعى هذا الفرق بمدى العين والصوت أثناء القراءة , ومحصلة هذه الدراسة أن القراءة الجهرية أبطأ من القراءة الصامتة , حيث تضطر العين لانتظار اللسان ريثما يفرغ من النطق بالكلمات , ولأن اتفق الدارسون على أن القراءة الصامتة هي الاسرع , فإنهم اختلفوا في اولوياتها , وبأيهما نبدأ ؟ فالبعض يرى أن نبدأ بالتعود على القراءة بثوت عال , لأن ذلك يعيننا على تقسيم الكلام حسب معناه في ادائنا الصوتي له , وفي هذا تعود على لمح المعنى بدقة وسرعة , فإذا ما تعودنا هذا النوع من القراءة بصوت عال بقدر كاف , عدنا الى القراءة المهموسة , ثم الصامتة التي تتيح لنا سرعة أكبر في القراءة , بعدما أتقنا السرعة في لمح المعنى عن طريق القراءة الجهرية . والبعض الآخر من المربين يرى ضرورة البدء بتعويد أطفالنا على القراءة الصامتة المبنية على أساس من الفهم و مقترن بحركات سليمة للعينين دون تحريك للشفتين , أو تتمة بالألفاظ , فإذا أتقنوا القراءة الصامتة مع لمح المعاني بسرعة , انتقلوا الى القراءة الجهرية , مزودين بالقدرة على سرعة القراءة وسرعة الفهم .وأيّا ما كان المر ء, فإن القراءة الصامتة هي الهدف النهائي للتعود , لأنها أعون على الفهم , وأوفر في الوقت و الجهد , حيث تختصر حركات العينين وتقلل من توقفهما وتراجعهما , بينما الجهرية تهتم اهتماما كبيرا بسلامة النطق ومخارج الحروف وقواعد اللغة والإعراب , هذه القواعد التي يهملها بعض المذيعين والخطباء والمتحدثين , فيجعلون من أنفسهم عرضة للسخرية والتهكم . وثمة مواقف لا يصلح لها إلا القراءة الجهرية , كقراءة قصيدة أو مقطوعة للآخرين , وإلقاء تعليمات , ورواية خبر , واسترجاع تقرير وإلقاء محاضرة . وهي تتطلب من القارئ قدرات وكفايات ينبغي له تحصيلها والتدرب عليها , مثل الدقة في التعبير , وإظهار مخارج الحروف , والاستقلال في نطق الكلمات , كما تقتضي من القارئ أن يفسر لمستمعيه بواسطة انفعالاته الأفكار التي تتضمنها المادة المقرؤة , مما يتطلب منه اغناء ثروته اللفظية , ومعرفته بقواعد اللغة والتحليل الصرفي , ومقدرته على فهم السياق . www.balagh.com
|
ساحة النقاش