التضخم يطرق أبواب الأسواق الناشئة تدريجيا
رسالة نيويورك: عزت إبراهيم
في ظل الهلع العالمي من تجدد الأزمة المالية العالمية بعد ما حدث في اليونان حظي تقرير من ثماني صفحات أصدره قبل أيام الدكتور محمد العريان الرئيس التنفيذي لPMCO.
وهو أكبر صندوق عالمي لإستثمارات السندات والذي يبلغ حجمه تريليون دولار أمريكي باهتمام كبير في الأوساط السياسية والمالية العالمية في الأسبوعين الماضيين نظرا للتوقعات الصادمة التي رفعها الخبير المرموق للمجتمع الدولي والتي أثبتت مصداقية في تقارير السنوات الثلاث الماضية. والدكتور محمد العريان هو المدير السابق لوقفية جامعة هارفارد وقبلها نائب مدير صندوق النقد الدولي وهو ينحدر من أسرة دبلوماسية مصرية ويبلغ من العمر51 عاما وأصبح اليوم من أكثر الشخصيات المالية نفوذا علي الصعيد الدولي منذ عودته لإدارة أكبر صندوق سندات في العالم حتي أصبح يلقب ب ملك السندات.
وقد لفتت عبارة في التقرير انتباه الكاتب الامريكي توماس فريدمان فأفرد مقاله يوم الأحد الماضي في صحيفة النيويورك تايمز للحديث عن تقرير العريان وتقول العبارة العالم في رحلة إلي جهة غير مستقرة يمر بمنطقة غريبة وعلي طريق غير ممهد والأكثر خطورة أنه استنفذ الإطار البديل. بالرجوع إلي الأصل نجد أن العريان قد قصد بالإطار البديل للسيارة خطط الإنقاذ التي قامت بها الولايات المتحدة والدول الغربية لتحفيز الاقتصاديات المضارة بعد كارثة سوق العقارات فيما يجتاز العالم مطبات صناعية الواحد تلو الآخر علي نحو شبه يومي تقريبا بما يهدد بإستنزاف كل فرص النجاة من كوارث مالية أكبر في المستقبل.
ويقول إن ملامح التغيير الاقتصادي والمالي واضحة في تحول الكثير من الثوابت السابقة إلي متغيرات يعاد النظر فيها وأن هذا هو وقت الاحتكاك والصدام ثم التجديد. وقال إن السياسة اليوم صارت مهمة للغاية رغم المشاحنات المعرقلة في معظم الدول لأن الأمر لم يعد يتعلق بمجرد تجاوز أزمة مالية تلحق ضررا شديدا بالبلاد ولكن الأهم هو كيفية التعامل مع توابع الأزمات من حيث صياغة عقد اجتماعي جديد بين الحكام والمحكومين لا سيما في الدول التي تواجه معدلات بطالة عالية وضغوط في الميزانية. وقال العريان إن الأوضاع السياسية الراهنة لا تساعد الكثير من الحكومات ولا سيما عندما يتعلق الأمر بمواجهة القضايا الهيكلية في الوقت المناسب. ووجه نقدا صريحا للممارسات السياسية عالميا فقال إن الأحزاب السياسية تبدو أكثر اهتماما اليوم بإبراز الخلافات بدلا من الاتفاق علي الحلول في ظل حالة من الاستقطاب السياسي الكبير.
يوضح العريان أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة تغيير جوهرية لكن العالم سوف يعتاد واقعا جديدا مختلفا تماما عن السابق. وبصراحة يشير تقرير العريان إلي أن الولايات المتحدة صاحبة الاقتصاد الأقوي في العالم معرضة لخطر ارتفاع التضخم في فترة تتراوح ما بين ثلاث وخمس سنوات نتيجة ضغوط الأسعار وقيام البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم بطباعة المزيد من أوراق النقد لشراء أوراق مالية في حالات الطوارئ مثلما فعل البنك المركزي الأوروبي في الشهور الأخيرة لتحقيق الإستقرار في سوق السندات المالية. ويحذر التقرير من أن عملية التحول التدريجي في السيطرة علي التضخم تجري بسرعات متنوعة في جميع انحاء العالم لكن التحول إلي التضخم يسير علي نحو مطرد في الاقتصاديات الناشئة وهو ما يستلزم الحذر. ويصف التطورات الأخيرة بعد أزمة اليونان بأن أوروبا قد فعلت أكثر مما يمكن وصفه بالخطوة الجريئة في رد فعلها علي الأزمة لكن اقتصادها يدخل في مياه مجهولة. ويوضح التقرير أن الولايات المتحدة سوف تشهد تخفيض الديون وإعادة التأهيل المالي تدريجيا وهو ما سوف يحدث في سياق انخفاض معدل النمو الاقتصادي في المدي المتوسط والمزيد من التدخل لتنظيم الأسواق. وفي المملكة المتحدة سوف ينحشر الاقتصاد البريطاني في مستويات ضعيفة للنمو في ظل ضعف في أحوال المالية العامة مع قدر أكبر من التعرض لعدم الاستقرار المالي الداخلي والخارجي. وفي دول الاتحاد الاوروبي يحمل المستقبل مؤشرات علي الانكماش الاقتصادي ونمو التوترات والخلافات. وحذر من أن إدارة الدين العام في البلدان الصناعية هي عملية دقيقة للغاية مع إمكانية تآكل استقلال المؤسسات الاقتصادية الرئيسية بما في ذلك مجلس الاحتياطي الفيدرالي القوي في أمريكا.
ساحة النقاش