وقد شهدت القاهرة أخيرا, أكبر تجمع دولي لأعصاب الأطفال من خلال المؤتمر العالمي الحادي عشر للأمراض العصبية للأطفال بحضور أكثر من1200 طبيب من أساتذة أعصاب الأطفال من65 دولة لمناقشة أكثر من750 بحثا جديدا. وقد تناولت أبحاث المؤتمر ـ كما يقول الدكتور أحمد رؤوف أستشاري أعصاب الأطفال ورئيس الجمعية المصرية لأعصاب الأطفال ورئيس المؤتمر ـ تشخيص وعلاج أمراض الصرع والصداع المتكرر والشلل الدماغي والحركات اللاإرادية والإفراط الحركي وضمور العضلات والتصلب العصبي وعلاج بعض الأمراض العصبية الوراثية بالخلايا الجزعية والجينات. ومرض الصرع هو عرض ناتج عن خلل أساسي في وظائف المخ, وأنه يمثل أكثر الأمراض العصبية شيوعا بين الأطفال في أوروبا, لكن ـ كما يقول الدكتور أورفار أولوفسون أستاذ أعصاب الأطفال بجامعة أوبسالا بالسويد ـ هناك تقدم كبير في مجال التشخيص, خاصة فيما يتعلق بتصوير البؤر الصرعية وتصوير الأعصاب وسحايا المخ بالرنين المغناطيسي والانبعاث البوزتروني, وهناك أمراض عديدة من القائمة السابقة قد تأتي مصاحبة للصرع, أما عن أسباب حدوثها فهي إما وراثية أو بيئية نتيجة لعدوي بكتيرية أو فيروسية, وتشمل المسببات الوراثية نقص تكوين المخ أو قشرة المخ, وإعتلال الكروموسومات والاضطرابات الناتجة عن هجرة الخلايا العصبية واضطرابات التمثيل الغذائي والإختلالات المناعية. أما المسببات البيئية, فتشمل الأورام و'خبطات' الرأس ونقص الأكسجين بالمخ أثناء الحمل أو الولادة والحمي ونقص سكر الدم والتسمم والعدوي الميكروبية والفيروسية والتغيرات المفاجئة في مستوي الضغط الجوي, وإضطرابات الأوعية الدموية والضغوط النفسية, وكثرة تعاطي بعض الأدوية, ونصح بالجمع بين وسائل التشخيص المتاحة للمقارنة بينها ضمانا لدقة تشخيص البؤر الصرعية. وعن فائدة الرسم الكهربي للمخ في تشخيص الصرع, أوضح أستاذ الأعصاب اليوناني أثاناثيوس كوفانيس أنه أكثر الإختبارات أهمية لدقة تشخيص وعلاج النوبات الصرعية, مؤكدا أن التعرف الدقيق علي الحالة وتصنيفها من حيث كونها صرع من عدمه يعتمد علي الإعتناء بكتابة التاريخ المرضي, لأن تشخيص النوبات في80% من المرضي يتم في رأيه من التاريخ المرضي للحالة. وحظي الغذاء الدهني أوالكيتوني لمرضي الصرع بإهتمام عدد كبير من الباحثين, كان من بينهم الدكتور أحمد عبد المعطي أستاذ ورئيس قسم أعصاب الأطفال بجامعتي ميسوري الذي قدم دراسة بحثية أجراها علي87 طفلا بين شهرين إلي18 عاما ممن يعانون تشنجات صرعية فشلت الأدوية التقليدية في السيطرة عليها, وأوضح أن المخ يعتمد علي الجلوكوز والأجسام الكيتونية كمصدرين أساسيين للحصول منهما علي الطاقة اللازمة لعمله, حيث وجد أن الأخيرة تحافظ علي نشاط المخ وتساعد في علاج الأطفال الذين فشل معهم العلاج الدوائي. كما وجد أن النشاط الذهني والعقلي للأطفال المرضي الذين يستخدمون الغذاء الكيتوني تطور للأفضل لدي97% منهم وظل مستمرا في تطوره حتي نهاية فترة العلاج الذي يمكن أن يمتد لثماني سنوات بدون أدوية أو مع قليل منها, كذلك يتم اللجوء للغذاء الكيتوني كمصدر بديل للطاقة في علاج بعض أمراض التمثيل الغذائي مثل وجود عيوب خلقية تحول دون وصول الجلوكوز للمخ, حيث استطاع عدد كبير من المرضي الاستغناء عن الأدوية أو تقليل جرعاتها. وفي دراسة بحثية مماثلة للدكتور عادل محمود أستاذ أعصاب الأطفال بمدينة الملك فهد الطبية بالرياض علي عينة من الأطفال المصابين بالصرع الذين فشل معهم العلاج بأربعة أدوية, وذلك لعلاجهم بنظام غذائي تشكل الدهون80% من مكوناته, والبروتنيات15%, والباقي من النشويات, وهي تركيبة تؤدي لانتاج ما يعرف بالكيتونات اللازمة للسيطرة علي النوبات الصرعية في جسم المريض, أوضح أنه تمكن بهذا النظام من تحقيق نسب نجاح كبيرة مع أكثر من ثلثي المرضي, حيث تخلص90% منهم تماما من النوبات الصرعية, ويذكر أن هناك مركزين الأن بالسعودية لعلاج مرضي الصرع بالغذاء الكيتوني, وأن الولايات المتحدة وحدها بها الآن115 مركزا تقدم هذا العلاج. وفي دراسة بحثية لتجربة دواء جديد علي150 طفلا أمريكيا بين6 إلي18 عاما من المصابين بمتلازمة توريت التي يأتي فيها المرضي بحركات لا إرادية مختلفة مثل الغمز بالعين أو إصدار أصوات غريبة من الحنجرة أثناء التحدث أو تقليد كلمات أو أفعال الغير أو فرط الحركة وعدم التركيز أثناء التعلم أو الوسواس القهري, أكدت النتائج ـ كما يقول الدكتور ياسر عواد أستاذ أعصاب الأطفال بجامعتي واين ستيت ومتشجن ـ فاعلية مركب جديد يسمي'ليفتريستام' في علاج65% من الحالات دون أي مضاعفات جانبية تذكر. وتشير الإحصاءات إلي أن هذا المرض يصيب واحد بين كل10 آلاف طفل في أمريكا, وقد ترتفع هذه النسبة بالدول العربية بسبب زواج الأقارب, وتعد الوراثة والعوامل البيئية من أهم أسباب انتشاره, وقد يكون لإضافات الغذاء الخاصة بالطعم واللون والرائحة دور في ذلك. من جهة أخري, فإن هناك علاقة جينية بين الصرع والحركات اللاإرادية عند الأطفال, كما تقول الدكتورة حنان الشقنقيري أستاذ أعصاب الأطفال بطب عين شمس, حيث تظهر الحركات اللاإرادية لدي بعض المصابين بالصرع إما أثناء الإصابة أو بعد اختفاء التشنجات, وترجع أهمية ذلك في رأيها إلي ضرورة التأكد من الوصف الدقيق لحالة كل طفل, لتجنب تعاطي أدوية مضادة للتشنجات بجرعات كبيرة دون داع. وفي محاضرة عن ضمور العضلات الشوكي, أوضح الدكتور عبد العزيز الصمان أستاذ أعصاب الأطفال بمدينة الملك فهد الطبية أنه مرض وراثي ينتشر في الدول العربية بصورة كبيرة بسبب زواج الأقارب, ومن هنا تظهر أهمية الفحوص قبل الزواج للوقاية من هذا المرض الخطير الذي ليس له علاج شاف حتي الأن والذي يسبب الوفاة في الدرجة الأولي له قبل بلوغ الطفل عامه الثاني.
|
ساحة النقاش