اعتمادا علي أبحاث التكنولوجيا الحيوية وما قد تسهم به في دعم صناعة الأدوية وتوفير العلاج ليتناسب واحتياجات المجتمع, وما الدور الذي يجب علي المجتمع أن يلعبه في هذا الإطار. تساؤلات حاول الإجابة عليها عدد كبير من العلماء, وجاءت أولي تلك الإجابات علي لسان العالم السويسري فيرنر أربر الحاصل علي جائزة نوبل في الطب عام1997, والذي أكد أنه علي الرغم من أن استخدام التكنولوجيا الحيوية بات أمرا شائعا في مجال الطب إلا أنه مازالت هناك مجالات كثيرة يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي عليها مثل مجال المنتجات الأغذية, حيث يمكن أن تضمن للعالم الاكتفاء الذاتي حتي في ظل ظروف بيئية شديدة القسوة, بل إنها تستطيع تحسين نوعية الغذاء, ولكن مرة أخري نعود إلي أن هذا كله يتوقف علي المجتمع نفسه, وهنا عليه أن يختار ما بين تحسين نوعية الغذاء ومضاعفته, ولكن هذا سيحتم علي المجتمعات أن تختار خفض حجم تربية المواشي إذا ما أردنا أن تطعم مزيد من الناس والتوسع في زراعة المحاصيل اعتمادا علي تلك الأبحاث. ويتفق الدكتور كاري ستيفانسون أستاذ الهندسة الوراثية في إيسلندا مع نظيره السويسري في الرأي, فهو يري أن أبحاث الهندسة الوراثية علي سبيل المثال ليست سوي محاولات يمكن من خلالها فهم لماذا البشر جميعا متشابهين, بينما في نفس الوقت مختلفين تماما, وأن يعرفوا الأمراض التي يمكن أن يصابوا بها, وكيف يمكن أن يستخدموا تلك المعرفة ليتخذوا القرارات طبقا لها وطبقا لما يروه أفضل بحسب معطيات تلك الأبحاث. ويضيف اندريا ترمب من معهد هايدلبرج لتكنولوجيا الخلايا الجذعية والطب التجريبي أن أبحاث السرطان تتوصل لاكتشافات جديدة بشأن العلاج والتشخيص, فلن يكون هناك علاج واحد للسرطان, فمستقبل علاجه يتوقف علي مد ي فهمنا كيفية تفاعل الخلايا معا وكيف تجدد نفسها, ويضيف دكتور جينس أوليفر المتخصص في أبحاث السرطان أن المسألة لا تتوقف فقط علي العلاج, بل أيضا علي تقنيات التشخيص, ولكنه يحذر من التفاؤل المبالغ فيه, حيث أنه لن يكون هناك علاج بسيط للسرطان وربما في المستقبل يمكن تحويل السرطان إلي مرض مزمن لكن هذا يتطلب نوعية حياة أفضل من تلك التي نحياها اليوم. ولكن يبقي علي المجتمع أن يقرر أي من مرضي السرطان يجب أن يستفيد من تلك النتائج, وربما علي المرضي علي وجه الخصوص الاختيار ما بين العيش لفترة قصيرة ربما لاتتعدي شهور للموت في سلام أو العيش لفترة أطول وإن كانت مؤلمة, ولكن هذه التطورات سينتج عنها تعقيدات علاجية و أخلاقية ومالية, فالمجتمع لابد أن يقرر من يجب أن يتم إعطائه العلاج وفي أي مرحلة وبأي شكل لتتحول المسألة من الاهتمام بتحقيق نجاحات طبية إلي أن يصبح الهم الأكبر هو تدبير الالتزامات المالية الضرورية, فتوفير الأموال اللازمة لنظام الرعاية الصحية مسألة صعبة لأنه أينما وجد المال لإنفاقه علي علاج جديد فهذا يعني أنه سيستقطع من مجالات أخري ولكن سوزان اربوجاست خبيرة الباثولوجي والأنسجة تري أن أبحاث التكنولوجيا الحيوية لن تسهم فقط في التشخيص السريع, بل إدارة جرعات العلاج بدقة من حيث الحجم وتوقيت إعطائها لكل مريض علي حده, فهي تعتقد أن ما يعرف بأبحاث المؤشرات البيولوجية يمكنه شخصنة الطب وهو ليس بمفهوم جديد, ولكنه مفهوم يتم العمل علي تحقيقه بشكل تدريجي, فمثل هذا التكنيك يمكن أن يقيس بموضوعية شديدة التطورات التي تحدث في جسم الإنسان والتحذير منها سواء كانت تطورات طبيعية أو غير طبيعية مثل تلك المتعلقة بضغط الدم أو مستوي سكر الدم, وحتي هذه اللحظة فأي علاج قد يناسب المريض بنسبة80% علي أقصي تقدير, فيما أن التكنولوجيا الحيوية يمكن أن تساعدنا أكثر في التعرف علي ما إذا كان المريض سيستجيب للعلاج أم لا وبأي قدر من الاستجابة علي وجه الدقة.
|
ساحة النقاش