بدأت تظهر منذ مطلع تسعينات القرن الماضي وسائل جديدة غير جراحية بالبالونات والدعامات وغيرها من الطرق البديلة لعلاج دوالي الساقين.. مما أثار جدلا بين أساتذة الجراحة من جهة وبين أساتذة الأشعة التداخلية..هذا الحوار كان من أبرز سمات المناقشات في المؤتمر السادس للجمعية المصرية للأوعية الدموية, والتي ارتأت جمع كل الأطراف سواء المناصرة للجراحة أو المؤيدة للبدائل غير الجراحية للخروج بتوصيات تضمن الحل الأكثر آمانا وأقل مضاعفات لكل حالة مرضية.. فمن القضايا الخلافية ـ كما يقول الدكتور أشرف هدايت أستاذ الجراحة العامة وجراحة الأوعية الدموية بقصر العيني ورئيس الجمعية ـ علاج ضيق الشرايين السباتية المغذية للمخ والذي يؤدي لحدوث جلطات بالمخ, هل علاجها أفضل جراحيا أم بالبالون والدعامة, والتعامل مع تمدد الشريان الأورطي, وانسداد الشرايين أسفل الركبة بالوصلات الشريانية الطويلة أم بالتوسيع وفتح أنفاق في الانسداد, وهل التوسيع يتم بالشريان المتصلب بالفخذ عن طريق جدار الشريان أم الفتحة الطبيعية المسدودة نتيجة التصلب, والتعامل مع انسداد الشرايين في الطرف السفلي في مراحله الأولي..كلها قضايا خلافية ولايمكن تحديد الأفضلية لأيهما حاليا, فكل طريقة لها مناصريها. يذكر أن أبرز مشكلات الأوعية الدموية تحدث نتيجة تصلب الشرايين لأسباب متعددة منها الغذاء الخاطئ والتدخين والكحوليات والسكر وأمراض مناعية مثل مرض' بهجت' أحد أنواع الالتهاب المناعي, والذي يؤدي لانسداد الشرايين في سن صغيرة ويداهم عدة مواضع في الجسم, سواء العين أو القلب وشرايينه وشريان الفخذ وشريان الكلية ويؤدي إلي انسداد أو تمدد مع انفجار جانبا آخر من قضايا الخلاف أو الجدل, يوضحه الدكتور أحمد طه أستاذ جراحة الأوعية الدموية بقصر العيني وسكرتير عام المؤتمر, مثال ذلك المريض الذي لديه قصورا مزمنا بالدورة الدموية يظهر علي شكل عرض متقطع بالساقين, فهناك وجهتي نظر للتعامل معه, منها المدرسة الأمريكية التي تري علاجه تداخليا بالدعامات, علي عكس المدرسة الأوروبية' خاصة البريطانية منها' الذين يرون البدء بالعلاج الدوائي لمدة لاتقل عن6 أشهر قبل أي تدخل جراحي, لأن هناك مرضي كثيرون يستفيدون من ذلك..وكذلك مشكلة تمدد شريان الأورطي, فلو أن هناك مريضا حالته العامة جيدة وصغير في السن, هناك مدرسة تري أنه طالما يتحمل الجراحة لإصلاح الشريان فلم لا, تناظرها مدرسة تقول طالما أن هناك إمكانية لإصلاح تمدد شريان الأورطي بالوسائل الحديثة بالدعامات, علما بأن كلاهما حلا مستديما. وعن الجديد في علاج دوالي الساقين التساؤل الذي طرحه المؤتمر ـ كما يضيف الدكتور أحمد طه ـ هل المريض يستفيد أكثر بالجراحة أم بالوسائل غير الجراحية كالليزر لكي الوريد من الداخل أو التمدد' التردد' الحراري أو الحقن الرغوي, الذي يضمن تثبيت مادة رغوية مخلوطة بالهواء في مكان الحقن المطلوب حتي لاتتسرب للأوردة العميقة, والأفضلية لهذه الوسائل غير الجراحية لإمكانية إجراؤها في العيادة, لكنها مكلفة مقارنة بالجراحة, علما بأن نسبة ارتجاع الدوالي في كلا الطريقين متساوية ولاتتجاوز3%, كما أن الخلاف مازال متصلا حول علاج انسداد وضيق الشرايين السباتية المغذية للمخ, سواء بالجراحة أو الدعامات, وإن كانت كفة الجراحة هنا هي الأرجح لقلة المضاعفات الناتجة عنها, لكن مازال هناك عدد غير قليل من الحالات يستفيد من القسطرة العلاجية. ومن الحوارات المهمة التي جرت في المؤتمر, كما أشار الدكتور أحمد ناصف استشاري جراحة الأوعية الدموية في جامعة شيفلد ببريطانيا الحديث عن ضيق علاج الشرايين السباتية المغذية للمخ, موضحا أن هناك طريقتين لعلاجها, هما الجراحة أو الدعامة, فالجراحة علاج راسخ ومستقر لها منذ60 عاما, أما الدعامة فتطورت من نهاية التسعينات حتي اليوم, ودار الحوار حول أيهما أفضل بخصوص ظروف مريض حالته الصحية تسمح بإجراء الجراحة أو الدعامة بنسبة متساوية, موضحا أن الأدلة التي نشرت حديثا من أول سبتمبر حتي فبراير2010 ونتيجة تجربة طويلة وعدد كبير من الحالات ثبت بما لايدع مجالا للشك أنه بخصوص مثل هذا المريض بالذات, الجراحة هي الأفضل أو بالأحري أقل خطورة من الدعامة, وذلك بعد متابعة للحالات بعد إجراؤها لمدة120 يوما, وهناك دراستين رئيسيتين في ذلك, الأولي أوروبية وتحمل اسمICSS وشملت1710 مريضا والثانية أمريكية هيCREST وتضم2500 مريضا, نصفهم تقريبا لديهم ضيق في الشريان السباتي غير مسبب لأعراض, وإذا كانت الدراسة الأمريكية أشارت إلي تساوي النتائج بين الدعامة والجراحة, لكنها لفتت إلي تزايد معدل حدوث الجلطات الدماغية بعد الدعامات, في مقابل حدوث جلطات قلبية بعد الجراحة, لكن أثبتت نفس التجربة أن التأثير الناتج عن الجلطات الدماغية بعد الدعامة يؤثر في نوعية الحياة للمريض بدرجة أكثر من التأثير الناتج عن الجلطات القلبية الناتجة عن الجراحة, وهذه الأبحاث لاتعني مطلقا أنه لايوجد دور للدعامة, بل لابد من السماح بإجرائها في المرضي غير القادرين علي تحمل الجراحة, فضلا عن السماح للمريض ـ بناء علي توفير معلومات كافية أمامه ـ بأن يقرر ما هو الأنسب له. وكانت الطرق المثلي لعلاج القدم السكرية سواء التقليدية أو الحديثة بالتوسيع بالقساطر وتركيب دعامات للشرايين الطرفية بالقساطر, أيضا نقطة جديدة للخلاف بين الأطباء, كما أشار الدكتور سعيد الملاح أستاذ ورئيس قسم جراحة الأوعية الدموية بطب المنوفية ورئيس المؤتمر, موضحا أن من القضايا التي حرص المؤتمر علي طرقها تحديد مستقبل تدريب ورخصة مزاولة المهنة والشهادات اللازمة لجراح الأوعية الدموية في مصر, ومشيرا إلي أن المؤتمر حضره نحو30 خبيرا من أوروبا وأمريكا منهم رئيسا الجمعيتين البريطانية والصينية لجراحة الأوعية الدموية, وعدد من أبرز جراحي الأوعية الدموية المصريين في الخارج. ومن الموضوعات المهمة التي نوقشت في المؤتمر أسلوب جديد أجراه فريق من أطباء قصر العيني من4 مراحل لعلاج مرضي التقرحات المزمنة في القدم السكرية, وبلغت نسبة النجاح بعد6 أشهر من المتابعة بين78 ـ82% من حيث غلق الجروح, وينصح باستخدام هذه المنظومة المتكاملة التي ضمت فريقا من جراحي الأوعية الدموية والتجميل في الحالات المعقدة من مرضي القدم السكرية قبل اتخاذ قرار البتر, وينصح فريق الدراسة الأطباء بعدم الاستهانة بأي جرح لمريض السكر.
|
ساحة النقاش