الكتاب بين الثقافتين الورقية والإلكترونية
بقلم: سامح كريم
في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي إنتهي منذ أيام‏,‏ أثيرت تساؤلات جانبية حول الثقافة الورقية والأخري الإلكترونية‏,‏ وأيهما الأفضل ؟ البعض يري أن الثقافة الورقية التي في بطون الكتب هي السائدة والموثوق بها والمستخدمة في الأغلب والأعم‏
 
 

 

,‏ بينما يري البعض الآخر خاصة الأجيال الجديدة أن الثقافة الإلكترونية علي النت وغيرها من الوسائل الالكترونية هي الأسرع والأيسر‏,‏ وأنها من سمات العصر الذي نعيشه‏,‏ حيث تقرب العلوم والمعارف والثقافات بصورة أوسع واشمل‏,‏ إلا أن هؤلاء المتحمسين للثقافة الإلكترونية يتناسون ما للكتب من ميزات وأفضال في مقدمتها إيجاد صلة مباشرة بينها‏,‏ وبين القارئ تسمح له بالتأمل والتفكير والتذوق‏,‏ وهي صلة ربما تصعب مع الأجهزة الإلكترونية‏,‏ كذلك هناك ميزة مهمة تتجسد في فضل الكتاب علي هذه الأجهزة الالكترونية‏,‏ حيث إنها تعتمد علي العلوم والمعارف والثقافات وتسجلها في بطون الكتب‏,‏ ولذلك عبر العرب الاقدمون عن ذلك في قولهم العلم صيد‏,‏ والكتابة قيد‏,‏ وإذا ضاع القيد‏,‏ ذهب الصيد‏,‏ إشارة إلي أنه إذا لم تقيد وتسجل أي معرفة في الكتب فلن توجد مع غيرها من معارف وثقافات هي الاصل الذي تعتمد عليه الأجهزة الإلكترونية‏,‏ ومن هنا تتضح العلاقة بين الكتاب‏..‏ والقارئ‏,‏ كما يتضح فضل الكتاب علاقة وفضل اشار اليهما من وراء القرون كاتب العرب الاول‏,‏ الجاحظ‏,‏ وإن لم يكن مبالغا حين قال‏..‏ والكتاب هو الذي إذا نظرت إليه أطال امتاعك‏,‏ وشحذ طباعك‏,‏ وبسط لسانك‏,‏ وجود بناءك‏,‏ وفخم الفاظك‏,‏ وبجح نفسك‏,‏ وعمر صدرك‏,‏ ومنحك تعظيم العوام‏,‏ وصداقة المملوك‏,‏ وعرفت فيه في شهر ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر‏..,‏ الي آخر ما كتبه الجاحظ في المجلد الأول من مجلدات الحيوان عن فضل الكتاب‏..‏ وهذا الفضل لم يتناقص حتي بعد اختراع الإذاعة والتليفزيون والفيديو وسرعتها في نقل العلوم والمعارف والثقافات لسبب بسيط هو أن مادة هذه الاجهزة في الاصل معتمدة علي الكتاب‏..‏ ومع ان الجاحظ لم يتوقع اقتحام هذه الاجهزة لحياتنا‏,‏ إلا ان بصيرته كانت أبعد مدي‏,‏ وأكثر تقديرا لقيمة الكتاب وفضله الأمر الذي نفتقر إليه اليوم حين نجحد فضل الكتاب ودوره في تنمية ثقافتنا وتزويدها بالمعارف والعلوم وذلك يرفع سعره حيث لا يستفيد منه الكافة في المدينة‏,‏ ووضع العراقيل التي تعوق وصوله الي مستحقيه في القرية‏,‏ فأما عن رفع السعر فإنه يرجع الي الجمارك الباهظة التي تفرض علي الورق ومستلزمات الطباعة التي إذا قورنت حصيلتها المادية بالفائدة المعنوية التي يحققها الكتاب لترددنا كثيرا‏,‏ وأما عن وصول الكتاب إلي مستحقيه في الريف‏,‏ فهناك المكتبات المتنقلة التي يسمع عنها أهالينا في الريف ولا يرونها لنتساءل‏:‏ لماذا لا تقوم بعملها في توصيل الكتب الي القري والنجوع؟ وهناك غير هذه المكتبات المتنقلة وسائل اخري بالقطع لن تعجز الدولة عن ايجادها إذا صدقت الجهود‏.‏ ـ وإذا لم تصلح هذه الوسائل فعلينا ان نلجأ مضطرين الي الوسيلة التي سجلها د‏.‏ طه حسين بكتابه الايام منذ اكثر من ثمانين عاما‏,‏ وهي سعي بائع الكتب الي الريف ممتطيا حماره‏,‏ وحاملا كتبه في زكيبة أو صندوق أو حقيبة‏,‏ حتي عرف هذا النوع من الحمير في الريف بحمير الكتب‏,‏ أو علي حد تعبير عميد الأدب العربي طه حسين حمير الثقافة‏.‏ أقول إذا لم تصلح أي من الوسائل الحديثة فلنلجأ الي هذه الوسيلة خاصة أن الحمير معفاة من الضرائب التي يقررها وزير المالية‏..‏ وإذا تعذر وصول المكتبات المتنقلة الي قري الريف‏,‏ ونجوعه‏,‏ واصبح لا معدل ولا مناص عن استخدام الوسائل القديمة لتوصيل الثقافة‏.‏
ولهذا ولغيره من أسباب نقول انه رغم وجود الوسائل الالكترونية ممثلة في النت وغيرها بشكل لافت‏,‏ فلا غني عن الثقافة الورقية ووسيلتها الكتاب‏.‏
 

المصدر: مؤسسة الأهرام
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 124 مشاهدة
نشرت فى 17 فبراير 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,792,470