إسلام آباد‏..‏ مدينة الحلم والظلام والإرهاب‏!‏
إسلام أباد‏:‏ أحمد عبد المطلب


كانت إسلام آباد في اليوم الأول لوصولي‏,‏ تختفي تحت ستائر كبيرة من الظلمة مما جعلها شبحية‏,‏ طوال الطريق من مطار إسلام آباد‏ .

 

وحتي فندق هيريتاج الذي يقع بالقرب من جبال مارجلا المرتفعة‏.‏كان الظلام يسود الشوارع‏,‏ فأعمدة الإنارة بالكامل تخلت عن أنوارها‏,‏ ولا تري شيئا مضيئا سوي الأضواء المرتعشة للسيارات في الشوارع المتسعة للمدينة‏,‏ لقد أجبرت أزمة الطاقة التي تعاني منها البلاد‏,‏ الحكومة‏,‏ علي تعطيل أعمدة الإنارة‏,‏ بل وقطع التيار الكهربائي لفترات طويلة‏,‏ عن كل أحياء المدينة‏,‏ مما جعل الكثيرين يستعيضون عن ذلك بماكينات طاقة تعمل بالوقود‏,‏ وذلك الظلام الليلي الدامس‏,‏ كان يجعل أكمنة الشرطة أشبه بشبح أمام أضواء السيارة‏,‏ وحين يتوجه نحونا‏,‏ وهو يسلط الكاشف اليدوي في وجوهنا‏,‏ وهو يطلب منا إثبات الشخصية‏,‏ التي من المستحيل أن أتذكر عدد المرات التي من الممكن أن أضطر الي اظهارها‏,‏ لولا مرافقة أعضاء السفارة المصرية في إسلام آباد لي طوال الوقت‏,‏ الذي قضيته في المدينة التي كان من المستحيل أن أتخيلها هكذا‏,‏ حتي في أفضل أحلامي سعادة‏,‏ لم تكن المدينة عشوائية التنظيم كما تصورت‏,‏ ولم تكن شوارعها أرضا لحرب العصابات والسيارات المفخخة‏,‏ كما صورها لنا الإعلام‏,‏ فالمدينة تشبه في شوارعها المتسعة والممهدة‏,‏ والمنظمة بدقة تبادل اشارات المرور‏,‏ والمساحات الخضراء التي تحزمها من كل مكان كملكة حولها الإرهاب الي جارية قيدت الأكمنة‏,‏ الحراس المدججون بالسلاح الذين يطوفون حول الفندق ليل‏,‏ نهار‏,‏ من مفاتنها‏,‏ فتحولت ملامحها الرقيقة الي حزن تستطيع أن تراه بسهولة‏,‏ في فوهات بنادق حراسها‏,‏ والمظاهرات التي شاهدت خلال زيارتي القصيرة إليها أكثر من ثلاث وقفات احتجاجية يجلس خلالها المحتجون علي أرض الشارع‏,‏ حاملين لافتات ضد الفساد والغلاء‏,‏ ويحوطهم رجال الشرطة‏..‏ والصمت الذي يشبه صمت القبور يسكن الشوارع المحتجة والمحتجبة خلف إرهاب الجماعات الدينية التي وصل عددها إلي أكثر من ست وعشرين جماعة إرهابية تحت مظلة الإسلام العسكري‏,‏ وبرغم أن بعض هذه الجماعات‏,‏ تعمل تحت مظلة الدولة التي هي الصانعة الحقيقية لمثل هذه الجماعات‏,‏ بهدف استخدامها في معاركها الحدودية في كشمير وفي أفغانستان‏,‏ إلا أن الدولة تؤكد طوال الوقت أنها لن تستطع أن تحرس كل المدن الباكستانية‏.‏
خلال سبع ليال قضيتها في إسلام آباد‏,‏ لم أرها سوي مدينة حالمة‏,‏ لم أسمع خلالها صرخات الأعيرة النارية‏,‏ أو أري فيها ســـيارة مفخخة تمزق أجساد البشر‏,‏ وانما كانت مدينة حلم مقيد بأكمنة الواقع‏,‏ ومظلمـة بأزمات الطاقة‏,‏ والاقتصاد المحسود‏.‏
 

 

 


azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 660 مشاهدة
نشرت فى 18 أغسطس 2010 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,614,058