أولاً : الإطار التشريعي المنظم لتصرفات الدولة في أموالها وأصولها العقارية:
(1) لقد صدر قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 لكى تسرى أحكامه على وحدات الجهاز الإدارى فى الدولة وهى الوزارات والمصالح والأجهزة التى لها موازنات خاصة بها وعلى وحدات الإدارة المحلية، كما تسرى أحكامه على الهيئات العامة، ويشمل ذلك الهيئات القومية، ولا يعتد بأي نص خاص فى القوانين أو القرارات الخاصة بإنشاء تلك الهيئات وذلك خلافاً للقانون القائم.
إذ نصت المادة الأولى فيه من مواد الإصدار على الآتي:
"يعمل بأحكام القانون المرافق فى شأن تنظيم المناقصات والمزايدات، وتسرى أحكامه على وحدات الجهاز الإدارى للدولة – من وزارات ومصالح وأجهزة لها موازنات خاصة – وعلى وحدات الإدارة المحلية، وعلى الهيئات العامة، خدمية كانت أو اقتصادية".
وارتأى المشرع فى هذا القانون أن يكون أسلوب التعاقد على شراء المنقولات أو على مقاولات الأعمال أو النقل، أو على تلقى الخدمات، وكذا الدراسات الاستشارية والأعمال الفنية عن طريق مناقصات عامة أو ممارسات عامة، ومع ذلك يجوز استثناء، وبقرار مسبب من السلطة المختصة التعاقد بإحـدى الطرق الآتية : (أ) المناقصة المحدودة، (ب) المناقصة المحلية، (ج) الممارسات المحددة، (د) الاتفاق المباشر. ولهذا نصت المادة الأولي من القانون على أن" يكون التعاقد على شراء المنقولات، أو على مقاولات الأعمال أو النقل، أو على تلقى الخدمات والدراسات الاستشارية والأعمال الفنية، عن طريق مناقصات عامة أو ممارسات عامة ويصدر بإتباع أي من الطريقين قرار من السلطة المختصة وفقاً للظروف وطبيعة التعاقد.
ومع ذلك يجوز استثناء وبقرار مسبب من السلطة المختصة التعاقد بإحدى الطرق الآتية :
(أ) المناقصة المحدودة.
(ب) المناقصة المحلية.
(ج) الممارسة المحدودة.
(د) الاتفاق المباشر.
ولا يجوز فى أية حال تحويل المناقصة إلى ممارسة عامة أو ممارسة محدودة. وفى جميع الحالات يتم التعاقد فى الحدود ووفقاً للشروط والقواعد والإجراءات الواردة بهذا القانون ولائحته التنفيذية.
وقـد أجـاز المشـرع – فـى المادة السابعة من هذا القانون – استثناء مما سبق التعاقد بطريق الاتفاق المباشر فى الحالات التى لا تحتمل التأخير، وقد خول المشرع فى الفقرة الثانية من المادة السابعة لرئيس مجلس الوزراء وفى حالة الضرورة القصوى، أن يعطي الإذن بالتعاقد بالطريق المباشر فيما يجاوز الحدود المنصوص عليها فى البند (ب) من المادة السابعة. وأيضـاً خول القانون لرئيس مجلس الوزراء فى الفقرة الثانية من المادة (8) التصريح لجهة بعينها بالتعاقد بطريق المناقصة المحدودة أو المناقصة المحلية أو الممارسة المحددة أو الاتفاق المباشر – فى حالات الضرورة – وفقاً للشروط والقواعد التى يحددها. إذ نصت المادة السابعة من هذا القانون على أنه" يجوز فى الحالات العاجلة التى لا تحتمل إتباع إجراءات المناقصة أو الممارسة بجميع أنواعهما، أن يتم التعاقد بطريق الاتفاق المباشر بناء على ترخيص من:
(أ) رئيس الهيئة أو رئيس المصلحة ومن له سلطاته فى الجهات الأخرى، وذلـك فيمـا لا تجـاوز قيمتـه خمسين ألف جنيه بالنسبة لشراء المنقولات أو تلقى الخدمات أو الدراسات الاستشارية أو الأعمال الفنية أو مقاولات النقل، ومائة ألف جنية بالنسبة لمقاولات الأعمال.
(ب) الوزير المختص ومن له سلطاته، أو المحافظ فيما لا تجاوز قيمته مائة ألف جنية بالنسبة لشراء المنقولات أو تلقى الخدمات أو الدراسات الاستشارية أو الأعمال الفنية أو مقاولات النقل، وثلاثمائة ألف جنية بالنسبة لمقاولات الأعمال.
ولرئيس مجلس الوزراء، فى حالة الضرورة القصوى، أن يأذن بالتعاقد بالطريق المباشر فيما يجاوز الحدود المنصوص عليها فى البند (ب) من الفقرة السابقة. كذلك أوردت المادة الثامنة من القانون استثناء هاما آخر حيث أباحت لوزارات الدفاع والإنتاج الحربي وأجهزتهما، فى حـالات الضرورة، التعاقد بطريق المناقصة المحدودة أو المناقصة المحلية أو الممارسة المحدودة أو الاتفاق المباشر مع إعمال أحكام القانون رقم 204 لسنة 1957 بشأن إعفاء العقود الخاصة بالتسليح من الضرائب والرسوم والقواعد المالية والقوانين المعدلة له وللسلطة المختصة التفويض في أي من اختصاصاتها. كما يجوز لرئيس مجلس الوزراء، فى حالات الضرورة، أن يصرح لجهة بعينها لاعتبارات يقدرها ترتبط بطبيعة عمل ونشاط تلك الجهة بالتعاقد بطريق المناقصة المحدودة أو المناقصة المحلية أو الممارسة المحدودة أو الاتفاق المباشر وفقاً للشروط والقواعد التي يحددها.
وقد رأى المشرع وبعد صدور هذا القانون بفترة زمنية ليست بقصيرة وجود اعتبارات عملية تصدر عن دواعي وأسباب اقتصادية أحياناً واجتماعية فى أحيان أخرى، تستوجب التصرف فى عقار مملوك للدولة أو الترخيص بالانتفاع به أو باستغلاله، عن طريق الاتفاق المباشر، إلى شخص بالذات تربطـه علاقـة علـى وجـه أو آخر بهذا العقار، أو أن يكون العقار فى وضع أو حالة بالنسبة إلى هذا الشخص لا يزاحمه فيها شخص آخر. ويحقق التصرف أو الترخيص لذلك الشخص أثراً يصب فى النهاية فى المصلحة العامة من منظور اقتصادي أو اجتماعي، بأن يؤدى إلى إتاحة قيام أنشطة منتجة فى مجال أو أكثر، أو إلى استقرار أوضاع اجتماعية قلقة، مما لا يحققه إتباع الآليات المقررة حالياً للتصرف أو للترخيص.
وقد تبين للمشرع أن الأحكام القانونية المعمول بها والمستمدة من قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 – التى تسرى على بيع العقارات والترخيص بالانتفاع بها أو باستغلالها – لا تتيح التصرف أو الترخيص فى مثل الحالات المشار إليها عن طريق اتفاق مباشر مما من شأنه أن يحقق الاعتبارات السابق ذكرها. لهذا ارتأى المشرع إدخال تعديل على أحكام هذا القانون بإضافة مادة تحمل رقم 31 مكرراً تسمح بالتصرف أو بالترخيص فى تلك الحالات بطريق الاتفاق المباشر، وبحيث يتم ذلك وفقاً لقواعد وإجراءات يصدر بها قرار من مجلس الوزراء، على أن يتضمن هذا القرار الشروط الواجب توافرها للتصرف أو الترخيص والأسس التى يتم بناء عليها تقدير مقابلة وأسلوب سداده، وكيفية اختيار من يجرى التصرف أو الترخيص له، وما يتبع من إجراءات فى هذا الشأن، والسلطة المختصة باعتماد التصرف أو الترخيص.
وقد رُوعي في هذا التعديل أن يوفر آلية مناسبة للتصرف أو الترخيص بالاتفاق المباشر يما يؤدى إلى تحقيق الأهداف السالف الإشارة إليها، مع إحاطة هذه الآلية بما يلزمها من ضوابط تصلح لضمان حسن استخدامها وقدرتها على التوصل إلى الغايات التي تنشدها. ولقد تم إضافة هذه التعديلات من قبل المشرع وذلك عن طريق قيامه بتعديل بعض أحكام قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998، وذلك بالقانون رقم 148 لسنة 2006 والذى ينص فى المادة الأولى منه على:
"يضاف إلى قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 مادة جديدة برقم 31 مكرر ونصها كالآتي:"استثناء من أحكام المادتين 30 و 31 من هذا القانون، ويجوز التصرف فى العقارات أو الترخيص بالانتفاع بها أو باستغلالها بطريق الاتفاق المباشر لواضعي اليد عليها الذين قاموا بالبناء عليها أو لمن قام باستصلاحها واستزراعها من صغار المزارعين، بحد أقصى مائة فدان من الأراضي الصحراوية المستصلحة، وعشرة أفدنة في الأراضي الزراعية القديمة، وكذلك بالنسبة إلى زوائد التنظيم، وفى غير ذلك من حالات الضرورة لتحقيق اعتبارات اجتماعية أو اقتصادية تقتضيها المصلحة العامة، وذلك كله وفقاً للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية، يتضمن الشروط التي يلزم توافرها لإجراء التصرف أو الترخيص، وتحديد السلطة المختصة بإجرائه واعتماده وأسس تقدير المقابل العادل له وأسلوب سداده.
وقد صدر بالفعل قرار رئيس مجلس الوزراء الرقيم 2041 لسنة 2006 والذى تضمن فى مادته الحادية عشرة كيفية التعامل بالاتفاق المباشر وكيفية تقييم المقابل لهذه الأراضي التي سيتم التعاقد عليها بالاتفاق المباشر لحالات الضرورة وعلى الوجه الآتي :
"يجوز التعامل بالاتفاق المباشر على العقارات بالبيع أو التأجير أو الترخيص بالانتفاع أو بالاستغلال فى حالات الضرورة لتحقيق اعتبارات اجتماعية أو اقتصادية تقتضيها المصلحة العامة، وذلك بالاتفاق بين وزير المالية والوزير أو المحافظ المختص، بناء على مبررات تبينها الوزارة أو المحافظة طالبة الترخيص بالتعامل مع اقتراح مقابل التعامل وأسلوب السداد. على أن تقوم اللجنة العليا للتقييم بالهيئة العامة للخدمات الحكومية بالتحقق من مناسبة هذا المقابل ويعرض وزير المالية ما تنتهى إليه اللجنة على مجلس الوزراء للاعتماد".
(2) لقد صدر القانون رقم 59 لسنة 1979 فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة والذى نص فى مادته الـ (27) على إنشاء هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والتى تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة، ويسرى فى شأنها أحكام قانون الهيئات العامة فيما لم يرد فيه نص فى هذا القانون. ووفقا لنص المادة 28 من القانون المذكور تختص الهيئة ببحث واقتراح ورسم وتنفيذ ومتابعة خطط وسياسات وبرامج إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة طبقاً لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفى نطاق السياسة العامة للدولة. ويكون لها على الأخص إجراء التخطيط العام والتخطيط التفصيلي للمواقع التي يقع عليها الاختيار والعمل على تنفيذ الأعمال والمشروعات عن طريق إجراء المزايدات أو المناقصات أو الممارسات العالمية والمحلية أو التعاقد المباشر، وذلك وفقاً للوائح الهيئة، والإشراف على تنفيذ هذه المشروعات سواء بذاتها أو عن طريق جهاز التنمية بكل مجتمع عمراني جديد(فقرة 4 من المادة 28).
ساحة النقاش