كيف تنامين بيني و بين الجراح؟؟!!
1
ظلّتْ مواويل الصبابة
تغرق الآذان بالأشواق
للأفق الملوّح بالألوان
في عالية المشاعر بالجبلْ...
و الصّور المثيرة،
و الثياب البيض...
تهتزّ على همس النسائم،
في عشيّ الصيف المتوّج بالأملْ..
الحنّاء تطلق في بطن الأكفّ،
و في ظهر الأصابع،دعوة حمراء،
للّقيا على عبق البخور
وراء دائرة الخجلْ...
2
تمضي الخناجر..تغزل الآهات ألحانا
تثير أجنحة الطّيور
فتعتلي سُجف السّحاب..تشجّها..
تتلألأ الأطياف،تجْتاب الحللْ...
أشرعة ورديّة الخفقان..
النور..تشرق ساحة العينين..
تتّضح السُّبُلْ !
العطر..ترشفه الصّدور،
فترتوي شُعَبُ الأملْ !!
3
العاشقون إذا تمكّن عشقهم:
نبضت قلوب لم تكن من قبل..
عانقت الحياة..!
و ما ثنتْها نواهي العَذَلْ...
العشق..هذا البلسم السّحريّ،
يعطي الروح أجنحة تطوي مدى الإدراك
توغل في متاهات المشاعر
فتبدي السّرور بما لم تَنلْ...
يصبح المنظور أشلاء مبعثرة،
تطفو على هدب العيون..
فلا جذوع و لا غصون..
و لا وجوه و لا مُقَلْ..!
4
الخمر،و اِنسكب الرّضاب
فبلّل الأشداق،و اِمتدّت أصابعه
البلهاء..داعبت الشّجرْ
فأينعت دنيا من التفّاح مستويا خدّا
إذا مرّت عليه الكفّ..
اِستقام،مؤذّنا للسّفرْ
ويحك يا خلّي البال !
أنثى الليل هيّأت الفراش،
و صبرها أكل العنان،
و خيّمتْ سحب الملَلْ...
هل شهرزاد إذا بكتْ
نبت الرّبيع..؟
أبدا..و لا سالت ينابيع الوداعة في الخواطر،
أرْهَفتْ حسّ المدلّل
هذا العليم بتلك الأسباب الأُوَلْ
فاِرتمى غِرّا على باب العشيقة..
يلثم الأرض التي كانت معطّرة
بأقدام حبيبة نبتتْ صورتها
في القلب منذ الأزلْ...
و اِحْتوتْها الدّار..
علّ هذا الباب تفتحه النوايا الخالصات!؟
لعلّها؟؟ بل إنّها لا بدّ فاتحة !
و الدّار تحتضن المحارب ظافرا..
يا فرحة الوطن المظفّر بالبطلْ !!
5
بل إنّها لمّا بكتْ،
نزل الصّقيع على المفاصل و العروق،
و أخمد المسعور في الجسد الناريّ
فلم تبْغ الحبيبة منه البَدَلْ...
و اختلطت مساحيق الجنازة و الزّفاف،
و شكّلت نوعا من التحنيط
يُبْقي النهر في مجراه محْتقنا
و زئبق المحرار ينحطّ إلى جذور الصّفر
حتّى الدّمع يأخذ في الجفاف
في أجل مسمّى..
فينهض الفصل الموالي
على مسافات الأجلْ !!..
6
خفّتْ"زليْخة"ترفع المحمول..
خاطبت الجزيرة..
أيقضت زمن البسوس،
و حرّكت بعض اللّحود..
و أخطرتْ تالي العصور بموعد،
وضعت حدوده خارج الأيّام..
و الشّكل المعوّق لاِلتئام الشّمل،
و الخطّ المعرّض لاِحتمالات الفشلْ...
لبّت"بثينة"داعي الإفطار في دنيا الصّيام،
و سارعت"ليلى"و"عبلة"بالحضور
إلى حياض النيل،رغم نواهي العَذَلْ
فِنتشرت في الجوّ رائحة الوليمة..
"ولاّدة" قطعت إجازتها و جاءت
عندما عُزِفتْ تواشيح الغزلْ...
7
و تسابق الأولاد:
"عنترة العبسيّ"،و"اِبن أبي ربيعة"،و"المهلهل"،
و الملمْلَم من شظايا العذريين
وشائج التّاريخ ضمّتهم إلى حضن الكنانة
فتأنّق و اِحْتفلْ...!
و اِلتقى الجمعان،فاِحمرّت عيون اللّيل..
حتّى النجم من عنف الوقائع
قد أَفَلْ..!
فاضت مياه النيل..أغرقت المكان،
و هدّدت،بالويل،كلّ الجالسين على الرّوابي،
و أنذرتْ:هيّا اِستقلّوا مراكب العشّاق !
أو فلْيجْرفْ التيّار..
حتّى..لا حياة لمن تلدّد
أو تردّد..أو وَجَلْ !!
من هو"ذو القرنين"؟
و من يكون كبيرهم
ذاك ال"هُبَلْ"؟؟
هذا التّيس !
يا غُبْن القرون تنكّستْ !
ماذا؟!
تعاقبت القرون،تمرّس الجديان،
عرْبدتِ الفحولة و المِلَلْ...
خصّبتْ كلّ الأرامل من بنات الجنس،
فاِنْطلق الرّعاةإلى المراعي،
و صولة الكلب الوفيّ
تصدّ غائلة الجبلْ...
8
"بلقيس"أدركها الحنين..تأوّدت،
فترنّحت،سالت أنوثتها
تنْذر الثّقلْ...
تاقت ظفائرها للاِنسيابْ
تهدّلت..صارت ملائمة للوضع
المهاجر بين دفّات الخطابْ
بات التاج خلخالا لقائمة السّرير !!
و أمّا الملك! و آلام الرعيّة؟
و اِنهيار السدّ؟
و الظّمإ المخزّن في الغيابْ
في زوايا العرش؟
و الأيّام تنْهبها الغفوات؟
في من تجاهل أو سألْ..
و الجسد المُعطّل كم تكبّد من عَطَلْ؟؟
"روما"اِعْتلتْ قمم الرّماد..
و أشرقت شرفاتها..
أغصانها رقصت،
و بكى من جرحها ذاك الطّللْ...
و حفيفها أغرى البلابل بالوقوع،
على الفواكه لم تر عين لها مثلا
في الهند أو في السّند،أو في الحلم،
أو مرّت مرور الطّيف
في أفق المَثَلْ !!..
9
ما كان في الحسبان أنّ النار
قد تعطي المدينة كلّ هذا العشق
للنسيان،للاِهمال،
للذكرى الأليمة..تشحذ الأصداء،
تستجدي من الأوجاع جرحا
تمنّع..و تمنّع..فاِنْدَملْ...
للضرب على وتر الإثارة
في هُيولى المخّ...نابشة
كي تستفزّ كوامن الوجع القديم
فتستفيق على الرّضوض،
و يصرخ الخلل...الخللْ !!!
10
"نيْرون"يرقد في العراءْ..
البرد يأكل مقلتيه و قلبه،
عيْناه يمّمتا كواليس المباغي،
و جالتا..في كلّ الفضاءْ..
هالت غباوته المشاهد..
حتّى أنّ ضراوة الأجساد
توشك أن تفجّر في الحجارة
رغبة في الاِلتحام،
مع النّحور..مع الصّدور
مع اِهتزازات الخصور
إذا مضى وتر الكمنجة يبْتَهِلْ...
بين المعتّق من نبيل الخمر،
و العطر المقطّر من شفاه الورد،
و الضوء المسرّب من خيوط الجلنّار
و الهجْر أعنف ما قتلْ...
المستحيل من خيال الظلّ أزرق،
في لون دجلة و الفرات
أو وميض البنفسج إذ تهفو
الشفاه إلى الشفاه..
تغيب في حُمّى القُبَلْ...
11
عشق إذن...
هذا الرّحيل إلى جهنّم
و الذي ساق المراكب..
هرّب الأفكار من سفر المجوس،
و صبّها منذ البداية في حليب الأمّهاتْ
تنزّلتْ..في المفرداتْ..
فأسّستْ كلّ المُصنّف من جُمَلْ..!.//.
£ محمد رمضان الشابي £