خريطة طريق الحكومة الإلكترونية

يستنتج مما سبق مجموعة من التساؤلات التي يجب طرحها لنجاح إقامة مشروعات الحكومة الإلكترونية حيث أنها تتطلب التزاما مستداما للرغبة السياسية، وتوافر الموارد الموجهة لها، وتضامنا بين الحكومة والقطاعين العام والخاص والمواطنين. علي أي حال، إن إجابة المسئولين ومخططي الحكومة الإلكترونية علي التساؤلات التالية سوف يحدد معالم خريطة الطريق  (The Working Group on E-Government, 2002)لتطوير نظام الحكومة الإلكترونية التي لا تجعل أداء الحكومة أكثر كفاءة فقط، بل إنها تحول العلاقة بين الجمهور والحكومة وكافة القطاعات الأخرى المتضمنة إلي علاقة ومشاركة إيجابية لصالح الكل(Leitner, Christine,ed., 2003) .

(1) لماذا ندعو لإقامة الحكومة الإلكترونية؟

تمثل الحكومة الإلكترونية التحول الذي يساعد المواطنين والأعمال لكي تجد فرصا جديدة في اقتصاد المعرفة الدولي، فهي تمثل إصلاح كيفية عمل الحكومة، إدارة المعلومات، إدارة الوظائف الداخلية بالمنظمة، خدمة المواطنين ورجال الأعمال. وفي هذه الحكومة الإلكترونية تستخدم التكنولوجيا الحديثة كأداة للتنمية الاقتصادية والتنمية الإدارية أو الإصلاح الإداري المستهدف المرتكز حول خدمة المواطن.

(2)ما نوع الحكومة الإلكترونية المستعدين لإقامتها؟

لأن لكل مجتمع حاجاته وأولياته المختلفة، لا يوجد نموذج واحد للحكومة الإلكترونية، كما لا يوجد معيار دولي للاستعداد لها. واستعداد كل مجتمع وحكومة سوف يعتمد علي أي الأهداف والقطاعات المعينة التي تختار كأولويات لها، بالإضافة إلي الموارد المتاحة في توقيت معين التي قد تعتمد علي الموازنات العامة والمانحين، ..الخ. وكل ذلك يعتمد علي حاجات المجتمع الأكثر أهمية التي قد تتضمن البنية الأساسية، الإطار التشريعي، ورأس المال البشري المحتاج إليه للحكومة الإلكترونية ..الخ. ولا يمثل الاستعداد الإلكتروني قضية حكومية فقط، بل يتمثل أيضا في إعداد المجتمع لتقبل رؤية هذه الحكومة الإلكترونية. ويبدأ الاستعداد بالرغبة السياسية في التغيير، ويبني علي تواجد سياسة قومية للمعلومات ترتبط بعدة عوامل منها:

- إرساء البنية الأساسية للاتصالات، -     إقامة التواصلية واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المصالح والمنظمات المختلفة، -   تنمية رأس المال البشري، -     توفير موارد الموازنة الحالية والمتوقعة، -      تهيئة مناخ الأعمال الإلكترونية، -            استعداد المواطنين للتغيير.

(3) هل توجد رغبة سياسية كافية لقيادة جهود إقامة الحكومة الإلكترونية؟

كما في حالة أي جهد من جهود الإصلاح الحكومي، تتطلب الرغبة السياسية لتنفيذ أي مشروع للحكومة الإلكترونية. وفي هذا الصدد، يتضح جليا أن الرغبة السياسية المصرية المعبر عنها من أعلى مستوي متوافرة وكانت واضحة وجلية بمشاركة رئيس الجمهوري بنفسه في مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات المنعقد بمدينة جنيف بسويسرا في شهر ديسمبر 2003، وفي تكليف الوزارة الجديدة برئاسة أ. د. أحمد محمود نظيف، بالعمل علي تطبيق مجتمع المعلومات المصري، وتبسيط الإجراءات لتسهيل تعامل الجمهور مع الأجهزة الحكومية من خلال برنامج الحكومة الإلكترونية لوزارة الدولة للتنمية الإدارية الأثر الواضح في اهتمام القيادة السياسية علي أعلى مستوياتها بإقامة الحكومة الإلكترونية.

(4) هل تختار مشروعات الحكومة الإلكترونية بأحسن طريقة؟

اختيار أو التقاط مشروعات الحكومة الإلكترونية الصحيحة والبدء فيها تعتبر أساس النجاح للحكومة الإلكترونية، وبذلك تعتبر المشروعات الأولي مهمة وذات طبيعة حرجة. إن نجاح المشروع التمهيدي أو الأول يمكن أن يصبح نقطة البيع والانطلاق لكل الجهود المستقبلية ويخلق الاستعداد السياسي لدعم الحكومة الإلكترونية إلي الأمام. وإن أي قصة نجاح صغيرة يمكن أن تصبح مثالا قويا يقلده الآخرون. وعلي ذلك يجب القيام بالتشخيص المتأني، والتعرف علي المبادرات الأخرى، ومضاهاة المشروع بالرؤية المحددة، ورؤية الحكومة الإلكترونية من منظور المستخدم وسؤال المواطنين ورجال الأعمال والعاملين.

(5) كيف تخطط مشروعات الحكومة الإلكترونية ، وكيف تدار؟

تعتبر الإدارة الفعالة والكفء مهمة وجوهرية لنجاح الحكومة الإلكترونية، كما هو الحال في كل العمليات الحكومية أو عمليات الأعمال. وتعتمد القدرة علي إتاحة مشروع في التوقيت وبالميزانية المحددة، والتنسيق بين المصالح الحكومية والقطاع الخاص يعتمد علي إدارة قادرة. وعلي ذلك فإنه قبل القيام بأي مشروع من مشروعات الحكومة الإلكترونية يجب تحديد الآليات الإدارية علي كافة المستويات المحلية والوطنية. ويتم ذلك من خلال: اعتبار إنشاء فرق الحكومة الإلكترونية، تأكيد فريق إدارة المشروع له السلطة الكافية، تطوير خطة عمل لتنفيذ أولوية مشروعات الحكومة الإلكترونية التي تشتمل علي عناصر أساسية (كتطوير المحتوي، بناء الكفاءات، التواصلية، قوانين الفضاء الخارجي، واجهات التفاعل مع المواطنين، رأس المال) ، إنشاء آليات لاستمرارية تضمين ومشاركة الأطراف المختلفة من مواطنين ورجال أعمال وموظفين، ..الخ. وتعتبر إدارة الحكومة الإلكترونية أكثر من تنفيذ المشروعات فهي تعني التخطيط للبناء واستيعاب القدرات.

(6)كيف يمكن التغلب علي المقاومة من داخل الحكومة ذاتها؟

قد يقاوم الموظفون أنفسهم مشروعات الحكومة الإلكترونية، وقد يرفضون تطبيق الإجراءات الجديدة. وتعتبر هذه المشكلة حادة جدا في مصر، علي وجه الخصوص، عندما تكون الموارد البشرية أقل مهارة، والاقتصاد أقل ثباتا، وفرص العمل الأخرى أقل توافرا. وتتمثل الخطوة الأولي في تفهم هذه القضية والتعرف علي لماذا يقاوم العاملون التغيير؟، وقد يكون ذلك نابعا من عوامل عديدة منها:

-   الخوف من أن التكنولوجيا سوف تفقدهم وظائفهم، -   الخوف من فقدان النفوذ والقوة والسلطة التي استحوذوا عليها في النظام الحالي،

-   عدم التعامل مع التكنولوجيا، والخوف من وصمهم بالتخلف والجهل أمام الآخرين عند عدم استخدامها بطريقة صحيحة ويطلق البعض علي ذلك بالصدمة الفنية Technical Shock.

-   الخوف من أن التكنولوجيا سوف تعني عملا أكثر لهم، كما في حالة الإجابة علي البريد الإلكتروني باستمرار. -     الاعتقاد بأنهم لن يحصلوا علي مزايا مهنية من تطبيق التكنولوجيا الجديدة، ولن يفقدوا أي شئ عند رفضهم. -    الاهتمام بأن العمليات الجديدة الآلية سوف تعني فرصا أقل لاستلام مدفوعات غير رسمية.

وللتغلب علي مقامة التغيير يجب القيام بحملات وبرامج التوعية، الشرح، التدريب، التقويم، والمكافأة، والتقدير.

(7)كيف نقيس الأداء وتواصل التقدم؟ وكيف نعرف نقاط الفشل؟

حيث تتضمن مشروعات الحكومة الإلكترونية جهدا مضنيا، وتوفر موارد مؤهلة، والتزام سياسي، لذلك تعتبر ذات طبيعة حرجة إلي حد كبير. من هذا المنطلق، يعتبر الأداء مهم جدا ويستدعي ذلك وضع معايير أداء شاملة تتضمن التالي: 1. معايير قياس أداء الحكومة والأعمال:

- حجم التصرفات المتداولة إلكترونيا، -      وقت الاستجابة للتساؤلات، -     طول عملية خدمة الحكومة الإلكترونية المرتبطة بالمشكلات الحرجة والحرة بدءا من انطلاقها، -    عدد أو نسبة الخدمات العامة المقدمة إلكترونيا، عدد الخدمات الجديدة المتاحة إلكترونيا، -   نسبة تغطية المنطقة الجغرافية المعينة بواسطة الخدمة المقدمة.

2. معايير قياس تأثير تطبيقات الحكومة الإلكترونية:

-  عدد أو نسبة العملاء (مواطنون، رجال أعمال، موظفون، الخ.) والمواقع التي تتوصل إلي الخدمات إلكترونيا, -                                        مدي الرضي أو الكفاءة المتزايدة في إتاحة المعلومات أو الخدمات الإلكترونية -    طول الوقت المستغرق للحصول علي المعلومات والخدمات الإلكترونية من وجهة نظر المواطنين والأطراف المستخدمة الأخرى، -     مدي تقليل التكلفة في الوصول للخدمات الإلكترونية، -     التقليل في التكلفة من وجهة نظر المسئولين الحكوميين.

كما يمكن أيضا إضافة معايير أداء أخري كما في حالة مشروع الإمداد الإلكتروني E-Procurement،الذي يمكن أن يقوم بناء علي حجم التصرفات المعالجة؛ تقليل وقت عملية الإمداد ؛ أو التقليل في التكلفة الإدارية للإمداد الحكومي. وفي المقابل، فإن المشروع الذي يوفر معلومات صحية علي الخط قد يقوم بناء علي نسبة المنطقة الجغرافية التي يمكنها الوصول للمعلومات، وزيادة الخدمات الصحية في المناطق التي لا تتوافر فيها المعلومات الصحية علي الخط، أو زيادة توعية المواطنين التي يمكن أن تقاس بواسطة مسوح ودراسات موجهة نحو ذلك. وفي هذا الإطار، يمكن وضع نقاط قياس لتقييم مدي التقدم، وتوفير طريقة للقياس علي أساس فوري ودائم سواء كانت مشروعات الحكومة الإلكترونية متقدمة ومستدامة وتتيح ما تعد به، أم لا. وقد تبني نقاط القياس علي المعلومات التالية:

-                               تواريخ معينة، -                               مقارنات مع الدول والأقاليم الأخرى، -                               استطلاعات الرأي، -                               مسوح مستقلة(علي سبيل المثال رضي العميل، مدي المشاركة الجماهيرية، فعالية التكلفة، ..الخ. -                               قياسات مشاركة القطاع الخاص أو الإتاحة بواسطة الموردين، -                               درجة التمويل الذاتي المحققة بواسطة المشروع.

(8) ما الذي سوف تكون عليه العلاقة مع القطاع الخاص ؟

الحكومة الإلكترونية ليست شيئا ما يمكن أن تقوم به الحكومة منفردة، فيوجد للقطاع الخاص بصفة معينة دورا رئيسيا يؤديه في تحديد الرؤية والتخطيط وحتى خلال تنفيذ الحكومة الإلكترونية ومراجعتها وتقويمها المستمر. وعلي هذا الأساس يجب:

-                               التعامل مع القطاع الخاص كشريك كامل، -                               حاجة كل طرف من الأطراف المشتركة والمتعاملة مع الحكومة الإلكترونية إلي عائد علي استثماراته ووقته، -                               تقليل استنزاف العقول مما يتطلب تخطيطا متأنيا، -                               خلق نماذج أعمال واقعية لمشروعات الحكومة الإلكترونية، -                               إيجاد نقاط القوة لكل شريك، -                               تعريف الأطراف المتضمنة، -                               تحديد المساهمات المحلية والخارجية.

(9) كيف تحسن الحكومة الإلكترونية مشاركة المواطنين في الشئون العامة؟

عند الحديث عن الحكومة الإلكترونية والشئون العامة، تتعلم كل الحكومات حتى المتقدمة منها كيف تشجع المشاركة العامة للمواطنين وتنظمها وتديرها بعالية وكفاءة. وتعتبر المشاركة العامة عنصرا مهما في مراحل كثيرة للحكومة الإلكتروني من تفسير رؤية وتحديد أولويات المجتمع منها، إلي تقرير الاستعداد الإلكتروني وإدارة مشروعاتها. والحكومة الإلكترونية تعادل المشاركة لا الآلية. حيث أن الجمهور الذي يشتمل علي القطاع الخاص، المجتمع المدني، والأفراد يمكن أن يشارك بفعالية في شئون الحكومة الإلكترونية بطرق كثيرة ومختلفة، منها:

-                               التعليق علي خطط الحكومة الإلكترونية نفسها، -                               استرجاع المعلومات (علي سبيل المثال، الوصول للمعلومات من مواقع الحكومة علي شبكة الويب) أو تقديم المعلومات من خلال المسوح العامة، المجموعات المحورية، أو البريد الإلكتروني، -                               المشاركة في الحوار بين المواطنين والمخططين والمنفذين للحكومة الإلكترونية.

وفي هذا الإطار، يعتبر المواطنون خبراء الحكومة الإلكترونية التي تقوم من خلال المشاركة الفعلية مع جمهور المستفيدين منها.

المصدر: الحكومة الإلكترونية كوسيلة للتنمية والإصلاح الإداري أ.د. محمد محمد الهادي أستاذ نظم المعلومات أكاديمية السادات للعلوم الإدارية
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 794 مشاهدة
نشرت فى 26 يناير 2013 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,766,742

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters