من المعلوم ان السياسة تهدف الى فعل اقتصادي على الارض أي ان تحقق عمل مرئي وملموس وليس هدف التصدي للسياسة غير هذه المسالة الرئيسية فليس أي بلد بحاجة الى خطباء جدد وراء الميكرفونات بقدر ظهور فاعلين في التنمية ومحققين الرفاه لكافة افراد المجتمع، أي ان السياسي صاحب فكرة وبرنامج ممكن التطبيق في حالة البلد المحددة.
ومن الوارد جدا ان تكون تجارب الغير مساعدة وذات عبرة كبيرة باعتيار انها تجارب حصلت بظروف قريبة الشبه والزمن بتجربة بلد آخر مثلا.
ليس من المهم ان يكون القط اسودا او ابيض طالما يستطيع ان يصطاد الفار فهو قط جيد تحت هذا المعنى يتفاعل الاقتصاد الصيني مع الانفتاح بجميع اقتصادياته في الداخل والخارج مع الدول الغربية حيث ان الاقتصاد الصيني بحاجة الى الحصول على التكنلوجيا ورؤوس الاموال ودراسة التجارب الناجحة والتخطيط والادارة في الدول الاجنبية وتعزيز الاصلاح الداخلي والتنمية الاقتصادية من اجل النهضة كذلك تقليل الفجوة بين الاغنياء والفقراء من خلال المساعدات الحكومية ورفع المستوى المعاشي للفرد الصيني وجعل الاقتصاد اكثر قدرة على التكييف مع المتغيرات الهيكلية التي يعرفها الاقتصاد العالمي وقد عمل في النقاط التالية كبرنامج عمل اقرته الحكومة الصينية بغض النظر ان كان اشتراكيا او راسماليا طالما يفضي الى صلاح الحالة الصينية.
1ـ اعادة النظر في الاولويات والتركيز على الزراعة ثم الصناعة فالبحث العلمي واخيرا الدفاع.
2ـ اعادة هيكلة قطاعات الانتاج واقرار المسؤولية العائلية الذي يقضي بتحويل المزارع الجماعية الى حيازات عائلية والسماح بمشروعات خاصة وتحتفظ الدولة بسيطرتها على الصناعات الثقيلة وقطاع الطاقة والتعدين.
3ـ الاصلاحات الحضرية وتقوم على لامركزية تسيير المشروعات العامة، وخاصة فيما يتعلق بسياسات الاسعار والعمالة وفتح المجال امام بناء المشروعات المشتركة مع الاستثمارات الاجنبية او السماح لها باقامة مشروعات خاصة بها بعد الحصول على رخصة ، وبذلك اصبح من حق المقاطعات ان يكون لها ممثلون تجاريون في الخارج وهم موظفون مسؤولين امام السلطات المحلية وليس امام وزارة العلاقات الاقتصادية والتجارة الخارجية.
4ـ منح المؤسسات الادارية درجة من الاستقلالية عن بيروقراطية الحزب.
5ـ تسهيل قنوات التجارة الخارجية بتخفيض الرسوم الكمركية.
6ـ السعي الى الانضمام الى الهيئات المالية والتجارية الدولية.
7ـ تشجيع المرافق السياحية والشروع في عملية واسعة لبناء هذه المرافق.
ان ما يزمع الوصول اليه من استكمال هذه النقاط هو محصلة الوصول الى زيادة الانتاج والترقي بالمجتمع الى الرفاهية الاقتصادية وقد شهد عام 1978 بداية النهضة الاقتصادية لجمهورية الصين الشعبية وقد حققت كثير من الانجازات وما زالت تسعى لتحقيق المزيد منها وسيما وان الصين تشهد معدلات نمو كبيرة جدا وارتفاع هائل في الانتاج القومي وتحسن في المستوى المعيشي انعكس هذا التحسن على حياة المواطن الصيني ويشير كل ذلك الى ان الصين سوف تحتل مكانا متميزا في القرن الواحد والعشرين.
ان الصين وفق المتغيرات في السوق العالمي ستحتل مكان مرموقا في الاقتصاد العالمي ان لم يكن المقام الاول، وهو الهدف غير المعلن للسياسة الصينية والذي يمكن تحويله عمليا من خلال النقاط التالية:
1ـ تحقيق مضاعفة مجمل قيمة الانتاج القومي خلال السنوات العشر من عام 1980ـ 1990
من اجل حل مشكلة الغذاء والكساء والسكن.
2ـ تحقيق مضاعفة مجمل قيمة الانتاج القومي مرتين آخرتين عند حلول سنة 2000 مع وصول معيشة الشعب الى مستوى الميسور.
3ـ عصرنة الاقتصاد الصيني في اواسط القرن الحادي والعشرين، والوصول به الى مصاف القمم الصناعية العالمية في كثير من حلقات الانتاج الصناعي فضلا عن الوصول الى مستوى الدول المتطورة فيما يتعلق بمؤشر نصيب الفرد من مجمل الانتاج الوطني.
وقد اسست الصين الى طفرتها الاقتصادية النوعية بنقاط مهمة وتتلخص بـ:
- بيع الوحدات الصناعية المملوكة للدولة.
- انضمام الصين لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للانشاء والتعمير.
- دراسة التجربة السوفيتية ودول اوربا الشرقية التي نجم عنها انتهاءا سياسيا واقتصاديا ولذا فقد جائت الاصلاحات من تحت عباءة الحزب الشيوعي نفسه وليس انقلابا من قبل فئات سياسية خارجة عنه كما حصل في اوربا الشرقية ، كما ان القيادة الصينية لم تتخلى عن اولوية القطاع الزراعي لصالح القطاع الصناعي كما هو شأن، التجربة السوفيتية، والاوربية الشرقية، الذي اسهم بتعجيل الفشل الاقتصادي والسياسي والايديولوجي في هذه التجارب.
فالعمل باسلوب الانتقال من مرحلة الى الاخرى بصورة تدريجية هو ما يميز التجربة الصينية الاقتصادية حيث العمل بنظام السوق ومغادرة التخطيط المركزي، وقد اقتصرت التجربة في البداية الى انتخاب وحدات ادارية خاصة ومحدودة والعمل على نقلها فيما بعد الى مناطق البلاد عند النجاح وقد اختير قطاع الزراعة اولا وتم تعميمه والانتقال الى قطاع الصناعة وهكذا.
ومن المؤشرات على انفتاح الصين على العالم انشاء اربع مناطق اقتصادية :
1ـ تعتمد اقتصاد المناطق الخاصة بشكل رئيسي على اجتذاب رؤوس الاموال الاجنبية والاستفادة منها ومن منتجاتها بشكل اساسي نحو التصدير.
2ـ التكييف للسوق ضمن الحركة الاقتصادية في المناطق الخاصة .
3ـ امتيازات خاصة في مجال الضرائب وتاشيرات الدخول والخروج للتجار القادمين اليها بقصد الاستثمار.
4ـ تطبيق نظام اداري مختلف عن النظام في المناطق الداخلية اذ تتمتع المؤسسات بحرية اكبر.
ويحقق الصين حاليا نموا مطردا ومعدلات غير مشهودة في اية دولة اخرى مما ادى الى قفزات نوعية وواسعة في مردود الناتج الاجمالي المحلي
ان الاقتصاد بدأ منذ النصف الثاني من القرن الماضي يحظي باهمية متزايدة في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، وقد ادركت القيادة الصينية ذلك فانتهجت طريق الاصلاح الذي سيحولها من عملاق سكاني الى عملاق اقتصادي تكنلوجي في فترة قياسية.