تدفع عجلة التنمية والتقدم التكنولوجي حاجة معلمي المكتبات وعلم المعلومات للكشف عن طرق جديدة للتعليم من خلال استخدام الأدوات والوسائط التكنولوجية ومن خلال المشاركة في الموارد وتبادل المعلومات , وقد تطورت تكنولوجيا الاتصالات عن بُعد تطوراً كبيراً وأفرزت بدائل عديدة للنقل والاتصال الإلكتروني، ومنها على سبيل المثال الفيديو، والوسائط السمعية والمرئية، والفاكسميلي، والبريد الإلكتروني، والإنترنت والأقمار الصناعية.

 

ولم يغب عن مصر المشاركة في هذا التطور التكنولوجي إذ كان إطلاقها للقمر الصناعي المصري "نايل سات" في 28 إبريل 1998، إيذاناً بدخول مصر عصر الفضاء والاتصالات الفضائية والاستفادة من تجارب الدول التي سبقتها في هذا المجال

وكان من حسن الطالع أن تخصِّص بعض القنوات التي يبثها القمر الصناعي المصري للتعليم ، وقد يكون من المفيد أن يكون لتعليم المكتبات وعلم المعلومات حصة في هذه القناة التعليمية ونأمل من هذا الموضوع أن يكون إسهاماً متواضعاً في هذا المجال لأنها تكشف عن الإطار النظري للتعليم عن بُعد في مجال المكتبات والمعلومات، وتطرح التعريفات والمصطلحات المتداولة في هذا السياق وتستعرض الإنتاج الفكري السابق للموضوع، وتعرض لبعض التجارب التي نُفذت في برامج تعليم المكتبات عن بُعد في الدول النامية والدول المتقدمة.

 

ويمكن بالقياس إلى ذلك توفير الوصلات الإلكترونية اللازمة لأي عدد من التطبيقات في مجال تعليم المكتبات وعلم المعلومات, ويعتمد مستقبل أمناء المكتبات إلى حدٍ كبيرٍ على مدى تآلفهم مع تعدد أنماط موارد المعلومات المتاحة في أشكال إلكترونية واستخدام هذه الموارد بطريقة تحقق عائداً من فاعلية التكلفة ويعتمد استخدام التكنولوجيا على مدى توفيرها للأموال التي يتم إنفاقها، للوصول الأفضل للمستمع الذي تنشده، وتوفير تعليم أفضل مما يقدِّمه التعليم التقليدي داخل أسوار الجامعة، إضافةً إلى التغلب على المشاكل والعوائق التقليدية لعملية التعلم، ومنها على سبيل المثال العوائق الجغرافية، والوظيفية، والأسرية، والبيئية، والاقتصادية، بالإضافة إلى أنَّ التعليم عن بُعد قد يحل مشكلة النقص في أعداد الخريجين من أقسام المكتبات الأكاديمية، وتلبية احتياجات سوق العمل وحركة التنمية الشاملة التي تشهدها مصر في شتَّى المجالات، وتلبية رغبة الأفراد الذين يعوقهم الالتحاق بالبرامج الأكاديمية لتعليم المكتبات في الجامعات.

 

ونحن على مشارف القرن الحادي والعشرين، ينبغي أن تركِّز جهود التخطيط الحالية على اختيار بيئة الاتصال المناسبة التي يمكن أن تقود مكتبتك أو معهدك الأكاديمي أو المهنة عامة إلى القرن القادم وبالتجهيزات والعتاد اللازم لمعايشة هذا القرن.

 

 

وباستعراض الإنتاج الفكري نلاحظ عدم وضوح تعريف التعليم عن بُعد واستخدام المصطلح في خلطه مع التعليم بالمراسلة.

حيث تورد سلفيا فيبسوف (2) Faibisoff وديبورا ويلز Willis (1987) بعض التعريفات للمصطلحات المستخدمة للتعليم عن بُعد على النحو التالي:-

 

ـ يوضح ستانفورد (1980) Stanford أنَّ التعليم عن بُعد هو تعليم مستقل للكبار بالمراسلة•

ـ يرى زيجريل (1984) Zigerell إنَّ التعليم عن بُعد هو إحدى صيغ التعليم التي تتصف بفصل طبيعي بين المدرس والطالب، باستثناء بعض اللقاءات التي يعقدها المدرِّس مع الطالب وجهاً لوجه لمناقشة بعض المشروعات البحثية• ويوضح زيجريل، أن التعليم عن بعد يختلف عن التعليم بالمراسلة من حيث أنه يستلزم بعض الفرص لتفاعل الطالب مع المعلِّم• ويعطي تمييزاً واضحاً بين التعليم عن بُعد والتعلم عن بُعد، فالأول يعنى بالإعداد أو بالعملية التعليمية ذاتها ويركز الآخر على نهاية التلقي للتعليم عن بُعد .

ـ ويقدم ويدمير (1983) Wedemeyer بالتعريف خطوةً أفضل إلى الأمام بالتركيز على المتعلِّم الذي يحصل منه على الفرصة على أساس احتياجاته واهتماماته وطموحاته.

 

ـ يتصف أيضاً التعليم عن بُعد بقربه من المعلِّم، وقد عُرَّف في القانون في فرنسا على سبيل المثال بأنَّه موقف تعليمي يستلزم حضور المعلِّم شخصياً من حين إلى آخر.

ـ يُعرَّف التعليم عن بُعد بأنه نقل برنامج تعليمي من موضعه في حرم جامعة ما إلى أماكن متفرقة جغرافياً• ويهدف هذا التعليم إلى جذب طلاب لا يستطيعون تحت الظروف العادية الاستمرار في برنامج تعليمي تقليدي.

 

ويتضح من التعريفات السابقة أنه توجد تعريفات متنوعة عن التعليم عن بُعد وتشترك كل هذه التعريفات في بعض الخصائص الشائعة، وربما تكون أفضل طريقة لتعريف هذه العبارة هو من خلال توضيح خصائصها كما يتضح في الأبعاد التالية:-

 

(أ) الإمداد بالتفاعل من حين إلى آخر مع أعضاء هيئة التدريس.

(ب) إمداد الطالب بدراسة مستقلة وفردية.

(جـ) يتم تلقيه للمعرفة من خلال مقررات داخل وخارج الحرم الجامعي.

(د) يعتمد على احتياجات الطالب الفعلية.

 

وبينما تركز التعريفات السابقة على خصائص وسمات التعليم عن بُعد من ناحية الإعداد أو المعالجة فإن آخرين ينظرون إليه كنظام• ويتضح ذلك على الوجه التالي:-

 

1ـ كان الموضوع الرئيسى في المؤتمر العاشر للمجلس الدولي للتعليم عن بُعد كنظام، وقد تضمن المؤتمر تحليلاً للمكونات والنظم الفرعية الإدارية والتعليمية، مع الإشارة خاصة إلى الطموحات، والمغزى، والخصائص والعلاقات المتداخلة وفعالية التعليم عن بُعد من حيث المعلومات والتوجيه والأنشطة الطلابية والاتصالات المتبادلة والتسويق والإدارة•

 

2ـ ترى (1975) Ljosa ً أن التعليم عن بعد كنظام ينبغي أن يُنظر إليه من خلال نُظُمه الفرعية كنماذج للتعليم، والخدمات، والأنشطة الطلابية، وشمول مواد المقرَّرات، ومتابعة الطالب، والاختبارات، والمجالات الموضوعية، والاتصالات المتبادلة•

 

وبغضِّ النظر عن قبول التعليم عن بُعد كمعالجة أو كنظام أو حتَّى كقناة للمتلقي، ينبغي أن يبقى المفهوم متصلاً بمفهوم التعليم مدى الحياة•

 

وقد اعتمدت المفاهيم على أن هذا النوع يوجد فيما وراء أسوار مؤسسات التعليم التقليدي، أي أنه نوع من التدريب الفني والمهني يُتاح لكل فرد بغض النظر عن الجنس ، أو العمر، أو الخلفية التعليمية أو المؤهلات العلمية•

 

كان إدجار فور (1972) Faure صاحب المبادرة لمفهوم نظام التعلم مدى الحياة لتلبية احتياجات كل شخص كي يتواكب مع المجتمع المعاصر إضافة إلى إسهام المتعلمين في الإرشاد والتوجيه وفقاً لاحتياجاتهم التعليمية، وتشجيع التعلُم من مصادر متنوعة سواء أكانت نظامية أم غير نظامية، تقليدية أم غير تقليدية.

 

واعتمد إعداد العاملين للعمل في المكتبات في سنواته المبكرة قبل مرحلة التعليم النظامي على نظام التلمذة الصناعية، ذلك النظام الذي كان يتم في المكتبات الكبرى ويحدَّد بمقررات عملية تفرضها ظروف العمل كي يتناسب خاصة مع العاملين في المكتبات المدرسية•

 

وقد افتتح ديوي أول مدرسة نظامية لتعليم المكتبات في جامعة كولومبيا  بنيويورك في عام 1887 , ومن السنوات المبكرة لجهود ديوي وحتى يومنا الحاضر يرغب الكثير من العاملين في المكتبات في إيجاد بعض صيغ التعليم التي تتلاءم مع ظروفهم واحتياجاتهم خارج أسوار التعليم النظامي التقليدي• وقد تمثلت هذه الصيغ كما أوردها دانيال• د• بارون  في الأنماط الرئيسة التالية:-

 

1ـ الدراسة بالمراسلة .Correspondence Study

2ـ الجهود (التعليمية) الممتدَّة Extension Effors •

3ـ استخدام وسائل الاتصالات عن بعد في التلقي Telecommunications Delivery •

 

أولاً: الدراسة بالمراسلة

يُقرُّ بارون بأن الدراسة بالمراسلة (6)، أول أنواع التعليم عن بُعد التي استخدمت في تعليم المكتبات وعلم المعلومات• وقد تمثلت جهود الدراسة بالمراسلة في الجهود التالية:-

 

1ـ نادى ملفل ديوي (1888) بتطوير مقرَّرات للدراسة بالمراسلة في مدينة ألباني (Albany) لخدمة المكتبات الصغيرة والمكتبات المتخصصة•

 

2ـ أوصت لجنة تدريب المكتبات المنبثقة عن جمعية المكتبات الأمريكية ALA أن تقوم المكتبات (الكبيرة) والمدارس الرائدة بتقديم أعمال بالمراسلة في عام 1903 وأصدرت بعض التعليقات على برنامج جامعة المراسلة الدولية في عام 1907 •

 

3ـ أوصى شارلز ويليامسون (7) Williamson في تقرير لهيئة كارنيجي (1923) بضرورة تولي مدارس المكتبات تبني طريقة التعليم بالمراسلة، ليس كبديل لأي طريق آخر، ولكن ليكون ملحقاً ومكمِّلاً للطرق الأخرى المستخدمة• كما أوصى ويليامسون في تقريره بتخصيص الهبات التي تموِّلها هيئة كارنيجي لتطوير الدراسة بالمراسلة في مدارس مدينة نيويورك مع توفير أفضل الإمكانات التعليمية المُتاحَة لهذه المدارس•

 

وقد أورد ويليامسون في تقريره أنَّ الدراسة بالمراسلة في علم المكتبات كانت موجودةً بالفعل وأن 24 درساً في الطرق الفنية في المكتبات تمَّ تدريسها عن طريق المراسلة في جامعة شيكاغو، وأن مقرراً في الفهرسة تمَّ تدريسه بهذه الطريقة في مكتبة ولاية كاليفورنيا، كما أنَّ قسم التوسع التعليمي بجامعة ويسكونسن قدَّم مقرراً بهذه الطريقة في عام 1920 لما يزيد على 250 طالباً•

 

4ـ تم تأسيس مدرسة المكتبات الأمريكية للتعليم بالمراسلة في عام 1923تحت إدارة وتوجيه هـ • ب• غايلورد Gaylord بسيراكيوز ونُقلت هذه المدرسة في عام 1928 بمشتملاتها كلها إلى جامعة كولومبيا بنيويورك تحت قيادة ويليامسون نفسه الذي أصبح مديراً لمدرسة المكتبات ومديراً لمكتبات جامعة كولومبيا في الوقت نفسه• وكان البرنامج جماهيرياً لأمناء المكتبات الممارسين للمهنة• وقد ازدهر هذا البرنامج حتى عام 1936 حين ألغت جامعة كولومبيا كلَّ الدراسات بالمراسلة، وإن لم يعد يلقى التعليم بالمراسلة قبولاً إيجابياً لدى أساتذة علوم المكتبات•

 

5ـ لم تستخدم هذه البرامج من عام 1951، لتلبية متطلبات البرامج المعتمدة لدرجة الماجستير من جمعية المكتبات الأمريكية• وتقوم حالياً لجنة تعليم المكتبات بالجمعية بتوفير قائمة بالمقررات المتاحة بوساطة المراسلة ومنها على سبيل المثال مقرَّرات في أساسيات الفهرسة وأدب الأطفال إضافة إلى مقررات أخرى لاختصاصيي الوسائط التعليمية في المكتبة المدرسية•

 

ثانياً: الجهود (التعليمية) الممتدة

بينما كان للتعليم بالمراسلة سبق الأولوية، إلا أنه لم يكن الوحيد من الجهود المبكرة في الولايات المتحدة لتوفير فرص بديلة للتعليم والتدريب في المكتبات وعلم المعلومات• أوجد أساتذة المكتبات وعلم المعلومات فرصاً للعاملين غير القادرين على الالتحاق ببرامج ثابتة في جداول تقليدية عن طريق إعطائهم فرصاً تعليمية خارج حدود الحرم الجامعي التقليدي• وقد سميت هذه الفرص بالجهود التعليمية الممتدة•

 

أورد ريس (8) Reece عندما تحدث عن الجهود المبكرة في هذا السياق ما يلي:

نظمت مدرسة المكتبات لولاية نيويورك فصلاً صيفياً في عام 1896، وكان الفصل لمدة 6 أسابيع وهو مأخوذ من بعض الموضوعات المقرَّرة التي تقدِّمها المدرسة بهدف خدمة هدف محدَّد ومتميز•

 

وقد استخدمت أشكالاً أخرى إلى جانب الفصل الصيفي منها على سبيل المثال، مقرَّرات مكثفة، ومعاهد تموِّلها الولاية، وفصول عطلة نهاية الأسبوع، وفصول مسائية، إلى جانب أنماط أخرى متنوعة في أطرها الزمنية ثم استخدامها لكي تتلاءم مع العاملين الذي يعملون طيلة أيام الأسبوع ويتلقون تعليمهم في مدارس أخرى، أو يعيشون بعيداً عن برامج تعليم المكتبات وعلم المعلومات التقليدية التي يكون الانتظام فيها غير ممكن، بالإضافة إلى قبول معلمي المكتبات وعلم المعلومات للطلاب غير المتفرغين ممن تجذبهم المهنة•

 

ومما يجدر التنويه به أنَّ معظم برامج تعليم المكتبات والمعلومات في الولايات المتحدة قد سعت إلى اجتذاب المتعلِّم غير التقليدي وتمَّ بذل الكثير من الجهد للتكيف ولتدعيم هذا النوع من التعليم• وكانت هذه هي اللبنة الأولى التي أُرسيت دعائمها في شرعية التعليم عن بُعد•

 

وبينما يوجد القليل من الإنتاج الفكري الذي يتعلق بالواقع التاريخي لمقررات التعليم الممتدِّ خارج أسوار الحرم الجامعي، إذ لم يستمع معلمو المكتبات والمعلومات إلى القصص التي وردت عن السلف من الرواد أمثال أمناء المكتبات العامة الأُوائل الذين كانوا يحزمون صناديق من الكتب خلف سياراتهم ويرحلون بالمعلومات والتعليم وراء حدود مباني المكتبات التي يعملون فيها وخارج أسوار الحرم الجامعي الذي ينتسبون إليه•

 

وقد أوضح لويس شورز(9) Shores على سبيل المثال، أنه من عام 1947، أخذ أعضاء هيئة التدريس على عاتقهم تعليم المكتبات إلى مراكز 37 مقاطعة بولاية فلوريدا، تمتد جغرافياً نحو 850 ميلاً في الجنوب الشرقي• وقد التحق بهذه الفصول أكثر من 5000 طالب، معظمهم من المدرسين الذين لديهم الرغبة في تعليم رسالة المكتبة لتلاميذهم ولزملائهم•

 

ولكن الكثير من هؤلاء الطلبة المتميزين قد أُحيلوا إلى التقاعد من مهنة المكتبات، وبعضهم أكمل المتطلبات المعتمدة لدرجة الماجستير من خلال برنامج تعليمي ممتد بإقامة محلية في فصل الصيف• وربما تكون السجلات، على حد قول بارون، التي تتعلق بالجهود التي بذلت للتعليم عن بعد مدفونةً في (دهاليز )المحفوظات في الكثير من البرامج الأكاديمية للمكتبات، ولم يوجد بعد الباحث الذي يحاول أن يخرجها من أرشيفات هذه البرامج ويضعها في سياق بحثي تاريخي أو يوردها في تقرير عن المهنة•

 

وحتى اليوم، مازال يحمل معلمو المكتبات وعلم المعلومات في الولايات المتحدة معهم في سياراتهم الكتب والمواد التعليمية الأخرى، ويطرقون أيضاً سبل المواصلات الأخرى كالقطارات والطائرات والقوارب لتقديم الفرص التعليمية الممتدَّة للمتعلم عن بعد• ويدل على ذلك ما أوردته أفضل السجلات الإحصائية التي عبَّرت عن هذه الأنشطة ووردت في تقرير أليز (10)، ALISE الإحصائي عن المكتبات على النحو التالي:

 

باستعراض البيانات الواردة في التقرير عن قسم المناهج لفترة السنوات العشر الأخيرة 1980 ـ 1990، يوضح التقرير أن 3045 مقرراً تمَّ تقديمه في هذه الفترة بعيداً عن الحرم الجامعي الرئيس لمدارس تعليم المكتبات وعلم المعلومات• ويتراوح عدد هذه المقرَّرات ما بين 223 مقرراً تمَّ تقديمه في عام 1980 إلى 408 مقرر تمَّ تقديمه في عام 1990 •

 

وكان عدد المدارس التي قدَّمت مقررات خارج الحرم الجامعي في هذه الفترة 37 مدرسةً بمتوسط قدره ما بين 31 إلى 40 مدرسةً• وقد قدَّمت هذه المدارس مقرراتٍ تتراوح ما بين مقرر واحد لمدرسة واحدة وأكثر من 40 مقرراً في سنة واحدة•

 

وباختبار أنواع المقررات التي أوردها تقرير أليز الإحصائي يبدو أن الكثير من المقررات نُفَّذت بعيداً عن الحرم الجامعي في برنامج تعليم المكتبات وعلم المعلومات كجزء من برنامج مخطط أو كجزء من متطلبات درجة أو كبرنامج شهادة داخل ولاية معينة أو منطقة من ولاية تتمُّ خدمتها بوساطة هذا البرنامج• ولم يكن من الممكن تقرير مدى امتداد برامج الدرجة التي تمَّ توفيرها عن طريق التعليم عن بُعد• ويتعرَّض القليل من الإنتاج الفكري لوصف هذه المقدمات وبيان مدى فعاليتها وأثرها على المهنة أو على النظام ككل•

 

وهناك تقارير عن برامج التعليم عن بُعد للمكتبات وعلم المعلومات ونُفذَت بوساطة مجموعة محددة من المقرَّرات في ولايات أخرى• يشترك في هذه البرامج الطلبة من خلال سفر الأساتذة لموطنهم في الولايات التي يعيشون فيها•

 

وقد تضمن هذا النوع من التعليم على سبيل المثال، جهود كل من جامعة ولاية لويزيانا مع أمناء المكتبات في فرجينيا، وجامعة كارولينا الشمالية لأمناء المكتبات في فرجينيا الشرقية، وجهود كلية ولاية كلاريون بالالتحاق ببرنامج يؤدي إلى الحصول على درجة بولاية مين Maine إضافة إلى برامج أخرى قدمتها أمبوريا للحصول على درجة في كولورادو ونبراسكا وأيوا•

 

ثالثاً: استخدام وسائل الاتصالات عن بُعد في التدريس.

 

سعى المعلِّمون في الولايات المتحدة للاستخدام الأمثل للمذياع من العشرينيات وللتلفاز من الثلاثينيات ولكن لم يكن استخدامهما واسعَ الانتشار حتى الستينيات من هذا القرن•

وقد استخدمت الجماعات المهنية مثل المحامين، الصيادلة، المعلمين، المهندسين والعاملين بالعلوم الصحية، الاتصالات عن بُعد سواء أكان ذلك للحصول على درجة أكاديمية أم في التعليم المستمر وعقد المؤتمرات• بينما تم استخدام المذياع ومازال هذا الاستخدام سارياً في التعليم عن بُعد على مدى محدود، بينما حظي التلفاز والهاتف بتركيز خاص لدى معظم المعلِّمين، كما يتضح فيما يلي:

 

تمَّ أول استخدام لفيديو المؤتمرات في التعليم المستمر لاختصاصيي المكتبات والمعلومات بوساطة جمعية المكتبات الأمريكية بوساطة استخدام الأقمار الصناعية(11)، في هذا السياق في مؤتمر عُقد حول حقوق الطبع في عام 1978، وتبعه مؤتمران من هذا القبيل عن مارك1 ومارك 2، اللذين طورتهما جمعية المكتبات الأمريكية بالتعاون مع مُجَمَّع الأقمار الصناعية للخدمة العامة•

واستخدام الهاتف في المؤتمرات عن بُعد في أوكلاهوما في عام 1983 لتوفير تجربة التعليم المستمر المتعلقة بطلبات المراجع الطبية(12)•

وقد أورد ديفيد سولت Salt تقريراً عن استخدام الهاتف في المؤتمرات في مشروع للتعليم المستمر في جامعة ساسكتشوان بالتركيز على مجال المعلومات الفنية التي يستخدمها المهندسون في عام 1987 (13)•

كما أنتجت جمعية المكتبات البحثية والجامعية (ACRL) مؤتمرين اعتمدا على استخدام الهاتف ويتعلقان بتكنولوجيا الأقراص المتراصَّة (CD - ROMصs) في عامي 1988، 1989 على التوالي وفقاً لما أورده بارون عن محادثاته الشخصية مع المنتجين لهذه المؤتمرات(14)•

وقد تمَّ تمويل تلك المؤتمرات بوساطة شركات من القطاع الخاص أفرزت منتجاتها الجمعية الأمريكية لأمناء المكتبات المدرسية AASL واتحاد الاتصالات التعليمية والتكنولوجيا بالتعاون مع كلية المكتبات وعلم المعلومات بجامعة كارولينا الجنوبية•

نماذج الجهود وأنشطة التعليم عن بُعد في الولايات المتحدة

 

يصف بارون(15) الجهود والأنشطة التي بُذلت في التعليم بوساطة وسائل الاتصالات عن بُعد التي وردت في الإنتاج الفكري على النحو التالي:-

 

1ـ تصف مقالات منفصلة بوساطة ويندر Wender وبيرك Berk استخدام تكنولوجيا الاتصالات عن بُعد في جهود التعليم المستمر للعاملين في الخدمات الصحية•

 

2ـ أورد ويندر Wender أن 4 محاضرات تم إلقاؤها بوساطة الاتصالات عن بعد لـ110 مستشفيات في أوكلاهوما في عام 1981 •

 

3ـ يصف بيرك Berk التجربة التي قدَّمتها جمعية المكتبات الطبية الأمريكية لمقرَّر تعليم مستمر في الإدارة والموازنة في عام 1982 من خلال شبكة الهاتف التعليمي لجامعة ويسكونسن• وقد وُصِفَ كل من الجانب الإيجابي والسلبي للجهود التي بُذلت في هذا المجال مع خاتمة تقول إنَّ الوسيط (الاتصالات عن بعد) "صالح ومناسب وفعَّال وينبغي أن يستخدم مرةً ثانيةً في هذه المهنة"•

 

4ـ يصف جورج هارتج Hartje استخدامه لمحاضرة عن طريق الهاتف في فصل لعلم المكتبات بجامعة ميسوري ـ كولومبيا• ورغم عدم وجود تحليلات إحصائية في المقال إلا أن المؤلف يورد خاتمةً تقول "إن التجربة كانت ناجحةً ومفيدةً للطلاب"•

 

5ـ إن استخدام التلفاز في تعليم المكتبات عن بُعد كان غامضاً كما يشير بذلك ارفنج ليبرمان (1973) Liberman كفرد من المجموعة التي نبَّهت إلى ضرورة القيام بجهود بحثية في تعليم المكتبات وعلم المعلومات• وفي قائمة حول استخدامات التلفاز في الأغراض التعليمية، ذكر ليبرمان: إن مقررات الدوائر (التلفزيونية) المفتوحة لطلاب الكليات المعتمدة أصبح واقعاً ملموساً• ويصف في التقرير نفسه المحاضرات التي تعتمد على الهاتف باستخدام تكنولوجيا الاتصالات للتدريس، ولكنه لم يقدِّم أية نماذج من هذا القبيل في تعليم المكتبات وعلم المعلومات•

 

6ـ ظهر التنفيذ الفعلي لاستخدام التلفاز في تعليم المكتبات وعلم المعلومات في مدرسة المكتبات وعلم المعلومات بجامعة انديانا (بلومنجتون) في أوائل عقد السبعين وركز على واحدة من القطع البحثية القليلة التي اكتملت في هذا السياق عن التعليم عن بُعد• ويصف بروش شومان Shuman استخدام الدوائر (التلفزيونية) المغلقة (16) لمقرر واحد تم تقديمه باستثناء أن بعض الطلاب قد وصفوها بأنَّها تجربة غير مجدية•

 

7ـ وتعدُّ مدرسة دراسات المكتبات والمعلومات بجامعة ويسكونسن، ميدسون، رائدة في استخدام المؤتمرات عن بعد من خلال الاتصالات بالعاملين في المهنة• وقد أوردت دارلين وينغاند Weingand في بحثها تقريراً عن عقد مقارنة بين الطلاب الذين يتلقون التعليم في الفصول التقليدية والآخرين الذين يستخدمون نظام الاستماع عن بعد طوال فصل دراسي في موضوع عن إدارة المكتبة العامة• وتختم وينغاند دراستها بأن المقارنة بين المجموعتين كانت متوافقةً وليس هناك قرينة تدعم الفكرة التي تقول إن الفصل الدراسي التقليدي يُعَدُّ النموذج الأمثل لتلقي التعليم، وإن الاستماع عن بُعد يمكن أن يكون مساوياً إن لم يكن أحسن من التعليم في الفصل الدراسي التقليدي، وتضيف إن غياب التفاعل وجهاً لوجه واستبداله بالاستماع عن بُعد ليس مضراً لعملية التعلم•

 

8ـ تستمر الدراسة في توضيح مميزات نظامٍ من أكثر نظم الاستماع عن بُعد تقدُّماً في العالم، وهو شبكة المؤتمرات التعليمية عن بعد Educational Tele conferecing Network (ETM)، وتربط هذه الشبكة بين أكثر من 170 موقعاً بولاية (ويسكونسن) مع استثناءات قليلة• وتعدُّ المقررات التي تقدم بوساطة هذ الشبكة تقدماً حديثاً كأساس لتعليم المكتبات والمعلومات باستمرار•

 

9ـ تصف بام بارون(17) Barron تطور الاختبارات الحقلية في مقالتها بعنوان "القفز على القمر" عن أدب الأطفال Jump Over The Moon Sharing Literature With young Children (ETM) بأنه مقرر عن بُعد حصل على جائزة وتمَّ تطويره في عام 1982 ومازال مستمراً كقاعدة للمقررات المتاحة لنظم التلقي على مستوى الولاية وعلى المستوى القومي سواءً بسواء• وتختم بارون دراستها عن هذا المقرر بقولها"إنه لا ينبغي ألا يُستخدَم هذا المقرر ليحل محل أكثر الطرق التقليدية فحسب، ولكن كبديل حيوي وفعَّال أيضاً•

 

10ـ تصف جيل ماي May المشكلات المتعلقة بحقوق الطبع والتطور العام والتقويمات التي تمَّت لمقرر استخدم أشرطة الفيديو في الوسائط المقدمة للأطفال•

 

11ـ تورد مارلين منغ Ming وغاري ماكدونالد Macdonald تقريراً عن الجهد المتجدِّد في مشروع تدريب المكتبة الريفية الصغيرة في البرتا، كندا• شارك المشروع في تصميم وتنفيذ وتقويم كامل لبرنامج يؤدي إلى شهادة ويعوِّل أساساً على المواد المطبوعة جنباً إلى جنب مع استخدام أشرطة الفيديو• وكانت نتائج التقويم إيجابية جداً بالنسبة لتقويم الطلاب والعاملين في البرنامج•

 

12ـ باستعراض البيانات التي اشتمل عليها تقرير أليز ALISE الإحصائي حول تعليم المكتبات وعلم المعلومات في الفترة ما بين 1980 و1992 يوضح الاستخدامات التالية للتدريس بوساطة الاتصالات عن بُعد:-

 

(أ) تمثِّل كارولينا الجنوبية (SC) البرنامج الوحيد لتعليم المكتبات وعلم المعلومات الذي يستخدم التدريس من خلال الاتصال عن بُعد•

(ب) تستخدم كارولينا الجنوبية، وأمبوريا وأريزونا شركة كوابل التلفاز لتقديم مقرَّرات عن بُعد•

(جـ) تستخدم جنوب فلوريدا وولاية سان خوزيه، وكارولينا الجنوبية، وانديانا، وأريزونا وأوكلاهوما (فيديو) ذا الاتصال من جانب واحد إلى جانب الاستماع الهاتفي عن بُعد، كما استخدمت ويسكونسن (ميلاواكي) وكنتاكي أيضاً هذا النظام•

(د) تستخدم امبوريا، وويسكونسن (ميدسون) وجامعات ولاية لويزيانا وألاباما وكارولينا الشمالية نظم الاستماع والفيديو ذات الاتصال من جانبين•

 

(هـ) ربما يكون أكثر برامج التعليم عن بعد تجديداً وأحسنها تمويلاً في الولايات المتحدة هو مشروع هيئة إذاعة اننبرغ Annenberg العامة، إذ تمَّ وقف هبة مالية تقدر بنحو 150 مليون دولار، من أجل إنتاج مقرَّرات تستخدم (كاسيتات الفيديو) والحواسيب وأشرطة التسجيل والأقراص المتراصة والمرئية، لكي تجعل التعليم الجامعي حقيقة واقعية للمتعلم عن بُعد• وقد توسعت مديرة المشروع مارا مايور Mayor في البرنامج توسعاً كبيراً•

 

(و) إضافة إلى البرامج المتمركزة في الجامعات الأمريكية، هناك محاولات متعدِّدة نابعة من القطاع الخاص التجاري للإمداد بالتعلم عن بُعد، ومنها على سبيل المثال فصول إذاعة: (إن• بي• سي) للقارات NBCصs Continental classroom التي بدأت من ست سنوات وفصول إذاعة (سي• بي• إس) للشمس المشرقة: CBSصs Sunrise Semester التي بقيت نشطةً لسبعَ عشرةَ سنةً خلت•

 

(ز) استخدمت بتسبرج الألياف الضوئية Oplical Fibers لتوصيل المقررات لأماكن نائية وبعيدة عن الحرم الجامعي لتلك الجامعة، كما استخدمت بتسبرج مزيجاً من نظم الاستماع والفاكس• واستخدمت كارولينا الجنوبية خدمات شركة كوابل التلفاز لتوفير مقررات على المستوى القومي واستخدمتها أيضاً ولاية أمبوريا وجنوب كونيكتكت في برامجها الأكاديمية•

 

أنشطة التعليم عن بعد في بعض دول العالم.

 

بالإضافة إلى أنشطة وجهود التعليم عن بعد في الولايات المتحدة توجد بعض الأنشطة في الدول النامية، وفي روسيا وأستراليا وأوربا الغربية• يقدم نيلور(18) 1985 Naylor ملخصاً للمشاركين في أنشطة التعليم عن بعد في أرجاء العالم• وفيما يلي عرض للنماذج التي قدَّمها نيلور عن هذه الأنشطة:-

 

1ـ يستخدم التعليم عن بعد في الدول النامية لتوفير ما يقدمه التعليم التقليدي كما هو متاح في المؤسسات التعليمية التقليدية في العالم الغربي•

2ـ يتوافر التعليم عن بعد في روسيا في أماكن العمل وتركز جهوده على زيادة الإنتاجية•

3ـ تعدُّ الجامعة المفتوحة البريطانية (BOU) من أكثر نماذج التعليم عن بعد نجاحاً (19) وصار النظام المقبول كبرنامج نموذجي في أنحاء العالم كله•

 

وقد بدأت الجامعة المفتوحة كفكرة لجامعة على الهواء إذ صممت لتوفير المقررات الدراسية في التعليم العالي بوساطة وسائل الاتصال الجماهيري للفنيين والعاملين في المجالات التكنولوجية• وفي أوائل عقد السبعين بدأت الجامعة البريطانية المفتوحة تقوم بإمداد البالغين بنظام يسمح لهم بنيل الدرجة الدراسية الأولى•

 

4ـ جمعت الجامعة المفتوحة البريطانية بين أفضل الخصائص التي يتميز بها نظام الدراسة بالمراسلة إلى جانب استخدام الأفلام والأشرطة التعليمية التي تم إعدادها بعناية بوساطة هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)• ونتيجة لذلك، أصبحت الجامعة المفتوحة البريطانية أعظم منشأة تعليمية ناجحة في أرجاء العالم وربما تكون أعظم وأهم تجديد حدث في تاريخ التعليم على حد قول نيلور•

text-justify: kashida;

المصدر: د. محسن السيد العريمي
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 1778 مشاهدة
نشرت فى 30 ديسمبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,782,142

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters