جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
المكتبات ومرافق المعلومات:
المكتبات أو ما يعرف بمرافق المعلومات هى تلك المؤسسات التى تهتم بمهمة تجميع أوعية المعلومات واختزانها وتنظيمها واسترجاعها للإفادة منها، ويرى (السيد النشار ،2004 ،15) بأن هذه المؤسسات هى المكتبات، ومراكز التوثيق، ومراكز المعلومات، والأرشيف.
وتعتبر المكتبة ثمرة من ثمرات النضج الثقافي، ووجدت المكتبات عندما ظهرت المسجلات المكتوبة فى تنظيم العلاقات الإنسانية، وقد كانت المكتبات القديمة ضرورة ملحة لحفظ الوثائق والأرشيف وتيسير عمليات التجارة أو إدارة الدولة أو بث المعتقدات وتوصيلها إلى الأجيال المتعاقبة .
ولقد أنشئت المكتبة بواسطة النخبة أو الصفوة ومن اجلهم أيضا، ولكن المكتبة بدأت من القرن التاسع عشر تقوم بمسئوليتها نحو الجماهير العريضة، كما فرضت على المكتبات حراسة ورقابة شديدة لأنها تحتوى على معلومات تراها النخبة معلومات سرية وحيوية للدولة .
وتطورت عمليات الحفظ والتنظيم والنشر خلال هذه القرون لتكون مهنة المكتبات خلال مئات السنين يسند إليها القيام بحفظ وتنظيم وتشجيع استخدام الإنتاج الفكري الإنساني المتزايد، واحتلت مهنه المكتبات والمعلومات مكانها الطبيعي فى خدمة التطور التعليمي والعلمي والصناعي المعاصر، وهى تقوم فى العالم المتقدم على أسس منهجية وعلمية سليمة.
المكتبة كمؤسسة اجتماعية:
تعتبر المكتبة من أهم المؤسسات الاجتماعية حيث لا تقل أهمية عن المستشفيات والمدارس وباقي المؤسسات الاجتماعية، ويقع على عاتقها دور اجتماعي مهم؛ وهى حلقة الاتصال بين أوعية المعلومات أو مصادر المعلومات بكافة أشكالها وبين المجتمع المتمثل فى المستفيدين المختلفين (طلاب – باحثين)؛ (أطفال – كبار) (ذكور – إناث)؛ (سكان الريف – سكان الحضر) أو غيرهم، حيث يعتبر الدور الاساسى للمكتبة هو تيسير إتاحة الوصول إلى المعلومات والحفاظ عليها والمساعدة على نشرها، ومن هنا فإن دور المكتبة يتمثل فى نقل الخبرات ونشر المعلومات وتبادل الثقافات، وغيرها من الأدوار الجليلة والتي تعتمد أساساً على نقل المعلومات وإتاحتها .
أنواع المكتبات ومرافق المعلومات:
ومن أهم أنواع المكتبات ومرافق المعلومات ما يلى:
1- المكتبة العامة:
تعرف المكتبة العامة بأنها المكان الذي أعد وجهز لغرض تقديم الثقافة والتعليم لجميع فئات الشعب سواءً أكانوا أطفالاً أو كباراً أو متعلمين فى مراحل تعليمية متقدمة، أو مراحل تعليمية أولية؛ فهى وجدت لتقديم الخدمات لجميع أفراد المجتمع دون تفرقة بينهم أو تمييز بسبب اللون أو الجنس أو السن أو المستوى الاجتماعي أو الثقافي أو الدرجة العلمية والوظيفية.
وتهتم المكتبات العامة فى الغالب بمحاولة اقتناء مصادر معلومات مختلفة فى جميع فروع المعرفة البشرية، ومتنوعة الأشكال وأوعية الحفظ لتناسب احتياجات جميع المستفيدين، ولتلبى احتياجاتهم واهتماماهتم، وأقرب مثال على ذلك في مصر هى مكتبة دار الكتب القومية، والمكتبة العامة بالإسكندرية.
وهى مكتبة تخدم منطقة سكنية معينة ويشمل ذلك جميع أفراد المنطقة، أى أن المكتبة العامة مكتبة تُنشَأ فى منطقة معينة (مدينة - حى فى مدينة – قرية)، وذلك لتقديم خدماتها لجميع فئات المجتمع دون تمييز ولجميع الأعمار، حيث يستطيع أى مواطن دخول هذه المكتبة والاستفادة من الكتب والمطبوعات الموجودة بها بالمجان، وذلك من أجل نشر الثقافة والوعى لدى جميع أفراد المجتمع، ويقتضى ذلك اقتناء مصادر المعلومات بكافة أشكالها من كتب ودوريات وغيرها فى مختلف فروع المعرفة، وإن كان هذا لا ينفى ضرورة الاهتمام باحتياجات البيئة التى توجد فيها المكتبة سواء كانت بيئة زراعية أو صناعية أو ريف أو حضر وتوفير الكتب والمطبوعات التى تناسب كل هذه البيئات المختلفة.
ويرجع تاريخ المكتبات العامة فى مصـر إلى عام 1870م حيث أنشئت أول مكتبة عامة وهى مكتبة " دار الكتب المصرية " حيث كانت تسمى فى هذا الوقت مكتبة " الكتبخانة الخديوية " ولقد انتشرت المكتبات العامة الآن فى جميع أنحاء مصـر ومن أشهرها مكتبة القاهرة الكبرى.
أهداف المكتبة العامة: وتهدف المكتبة العامة إلى:
أ- توفير مصادر المعلومات المختلفة التى تساعد جميع أفراد المجتمع على التعلم المستمر والتربية مدى الحياة؛ والتى لا ترتبط بسن محدد أو مستوى معين.
ب- توفير المصادر والمعارف المتجددة فى ظل عالم متغير؛ بما يتناسب مع احتياجات المهن والوظائف المتغيرة فى ظل العولمة وتغير الاختصاصات وتغير احتياجات الشعوب.
جـ- توفير المعلومات الإعلامية المتجددة وفق المستجدات على المجتمع لتحقيق الرواج العلمي والفكري لكافة أفراد المجتمع.
د- توفير الجوانب التثقيفية والتوعية الهادفة للجمهور بما يتناسب مع احتياجات أفراد المجتمع.
هـ- تحقيق الإفادة الهادفة من الوقت بالترويح عن النفس باستخدام العلم والمعرفة لتنمية عقول البشر وتحقيق أهداف رقى وتقدم المجتمعات.
و- رفع المستوى السياسي لأفراد المجتمع بما يتلاءم مع التغيرات السياسية السريعة.
ز- المساهمة فى دعم العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع؛ عن طريق إيجاد علاقات ايجابية بين المناطق المختلفة بالدولة الواحدة والوطن الواحد ومحو الخلافات والفرقة بين أفراد الشعب الواحد.
ح- المساهمة الفعالة فى التغلب على المشكلات التى قد يتعرض لها المجتمع مثل مشكلة مرض أنفلونزا الطيور، وأنفلونزا الخنازير، أو انتشار الالتهاب الكبدي الوبائي فيرس c فى مصر، وطرق الوقاية من هذه الأمراض، وكذلك التوعية بالنظافة العامة والخاصة، والتوعية بالمحافظة على ممتلكات الدولة، أو التوعية بأهمية دفع الضرائب ودور الضريبة فى النفع العام والخاص على الفرد والمجتمع.
ط- نشر الثقافة والوعي الفكري في جميع اتجاهاته الإيجابية، وتنويع مصادر معرفته لدى المواطن العادي والموظف والتلميذ؛ صغيراً أو كبيراً على مستوى المنطقة أو المحافظة أو المركز.
2- المكتبة الفرعية:
المكتبات الفرعية هى عبارة عن مكتبات تابعة لمكتبة رئيسية، وهى تنشأ لخدمة منطقة محددة تكون بعيدة عن المكتبة الرئيسية، وهى بذلك تقرب الخدمات المكتبية وتيسرها للقراء والباحثين، وقد تنشأ لخدمة بيئة معينة (زراعية – صناعية) تحتاج لنوع خاص من الخدمات.
3- المكتبة المتنقلة أو المتحركة:
وتعرف المكتبات المتنقلة أو المتحركة بأنها تلك المجموعات من الكتب التى تنقل من المكتبات فى وسيلة نقل مجهزة لغرض المطالعة، والمزودة بأرفف تسع مجموعات من الكتب قد تصل إلى أكثر من ألفى كتاب، وتمر هذه المكتبة المتنقلة بالمناطق النائية المحرومة من الخدمات المكتبية، أو المناطق التى بها خدمات مكتبية ضعيفة، وهى بذلك تعم الحركة العلمية بالمجتمع وتنقل الكتاب إلى المتعلم أو القارئ لتسهل عملية المطالعة والمدارسة.
تعد المكتبات القومية بمثابة دار حفظ التراث والفكر الخاص بالدولة، فهى المكتبة التى عليها واجب جمع وحفظ الإنتاج الفكري والفنى للشعب فى أى دولة لصالح الأجيال القادمة، ولها من الواجبات والمهام القومية العديدة، وتعد دار الكتب القومية فى مصر هى أهم مكتبة قومية.
وتقوم تلك المكتبات بتجميع الإنتاج الفكري الوطني وحفظه وتنظيمه وصيانته وتقديمه للباحثين والمهتمين والمتعلمين عبر الزمن.
5- المكتبة الجامعية:
وتعرف المكتبة الجامعية بأنها تلك التى تنشأ لخدمة مجموعة من كليات الجامعة بفرعها المختلفة، أو التى تنشأ فى الكلية أو المعهد العالي بهدف تقديم الخدمات التعليمية والبحثية والتثقيفية للطلاب والباحثين والأساتذة، مع الاهتمام بخدمات البحث فى مجال الدبلومات والماجستير والدكتوراه.
وتهدف المكتبات الجامعية إلى:
أ- تيسير سبل الدراسة وتدعيم المناهج الجامعية من خلال توفير المصادر المساعدة على تنمية مجموعات التخصصات المختلفة.
ب- توفير مصادر التعلم والبحث العلمى من خلال مصادر المعلومات البحثية لطلاب الماجستير والدكتوراة، ولها دور مهم وفعال في خدمة البحث العلمي، فهى بمثابة نقطة الانطلاق، كما إنها تعتبر أحد الأركان التي تدعم الجامعة للقيام بوظائفها وتنفيذ أهدافها لا سيما فيما يتعلق بالبحث العلمي
جـ- تقديم المعلومات الثقافية التى تدعم العمل الجامعى وتساعد الطلاب على التفكير العلمى والمنهجى.
د- توفير الألفة بين الطلاب والتقارب الفكرى، من خلال مصادر التوعية التى تدعو إلى عدم الفرقة والتنازع وتدعيم ديمقراطية الفكر داخل الحرم الجامعى.
هـ- تحقيق التواصل الهادف بين الطلاب والأساتذة بالجامعة من خلال المصادر التى توضح للطالب كيف يتعامل مع أساتذته، وتوضح معايير وحدود العلاقة بين الطالب والقائمين بالعملية التعليمية داخل الجامعة.
6- المكتبة المتخصصة:
تعرف المكتبة المتخصصة بأنها تلك المكتبة التى تنشأ لخدمة هيئة علماء متخصصة فى أحد المجالات العلمية، ويكون روادها من العلماء المتخصصون، فهى تكون مركزة حول مجال معين ومحدد (طب- زراعة- هندسة).
ولقد ظهر هذا النوع من المكتبات كنتيجة طبيعية للاتجاه نحو التخصص فى العلوم المختلفة، وخاصة مع ظهور المؤسسات والجمعيات المتخصصة فى ميادين علمية وموضوعات متنوعة، ولذلك عرفها البعض بأنها المكتبة التى تعنى بموضوع معين أو عدة موضوعات ذات علاقة، كما يشمل مفهوم المكتبة المتخصصة تلك التى تمثل محتوياتها شكلاً معيناً من المواد المكتبية كالمصغرات الفيلمية والتسجيلات الصوتية والأفلام والمخطوطات والخرائط وغيرها من المقتنيات.
ويعرف (السيد النشار، 2004، 27) المكتبة المتخصصة بأنها المكتبة التى تقتنى مجموعة من المواد والمصادر المتخصصة فى موضوع معين أو عدة موضوعات ذات علاقة متصلة؛ وتقوم بتقديم الخدمات المكتبية لأشخاص معينين ومتخصصين يعملون فى مؤسسة متخصصة وهذا التعريف يعنى أن المكتبات المتخصصة قد تشمل مكتبات:
- الوزارات والهيئات الحكومية المتخصصة.
- مراكز البحوث التربوية والصناعية والزراعية والهندسية والتكنولوجية.
- الشركات والمؤسسات التجارية والصناعية.
- الكليات والمعاهد العليا المتخصصة.
وبالإضافة الى ذلك فإن مقتنيات تلك المكتبات غالباً ما تكون متخصصة فى المجال الذى تخدمه المؤسسة ويعمل على رقيها وتقدمها، فكلية الطب تحتوى مكتبتها فى الغالب على كتب فى الطب وفروعه المختلفة، وكلية الزراعة تحتوى مكتبتها على كتب الزراعة المختلفة؛ وهكذا.
وللمكتبة المتخصصة دوراً هاماً فى إمداد العاملين والباحثين فى المؤسسة المتواجدة بها بالكتب والدوريات العلمية التى تجعلهم على علم بأحدث ما وصل إليه العلم فى مجال عملهم.
وتهدف المكتبات المتخصصة إلى:
- تدعيم التخصص الدقيق وتقوية فروع العلم وتطويرها.
- توفير المعلومات الدقيقة المتخصصة لعينة من المتخصصين والعلماء.
- ربط فروع التخصص وتقويتها بتطوير أداء المجموعات وتنميتها بما يوفر الوقت والجهد على الباحثين.
- المساهمة فى تطوير وتقدم العلوم بتحقيق الاحتياجات العلمية الدقيقة من المعارف الخاصة بالمؤسسات والهيئات.
- التعاون والترابط بين المكتبات والهيئات المخصصة بتوفير المجموعات وتبادلها.
7- المكتبة المدرسية:
تعد المكتبة المدرسية الركيزة الأساسية للخدمات المكتبية فى المجتمع، لوجودها فى مؤسسات تعليمية تربوية تعمل بصفة مستمرة على تزويدهم بالقدرات والمهارات التي تمكنهم من التعامل بنجاح وفاعلية مع المعلومات التي أصبحت سمة من سمات العصر الحاضر، حيث أصبحت المعلومات ضرورة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها أو التقليل من أهميتها.
ولقد انتشرت المكتبات بصورة كبيرة بغالبية المدارس بمختلف دول العالم النامي والمتقدم، وأصبحت المكتبات مرافق المدارس العصرية، ولقد اهتمت الهيئات الثقافية والتعليمية والتربوية كافةً بالمكتبة المدرسية باعتبارها شرطاً أساسياً من شروط التعليم الحديث.
وتعتبر المكتبة المدرسية من أهم مظاهر التقدم التي تتميز بها المدرسة في عالمنا المعاصر، ولم يعد هناك من يشك في أهمية المكتبة المدرسية أو يقلل من قيمتها التربوية بعد أن أصبحت محوراً من المحاور الأساسية للمنهج المدرسي ومركزاً للمواد التعليمية التي يعتمد عليها في تحقيق أهدافه.
وكنتيجة لهذا الكم الهائل من المعلومات الذي شكّل انفجاراً في المعرفة رأى رجال التربية ضرورة الانتقال بالمناهج الدراسية من حدود الكتاب المدرسي المقرر إلى الآفاق الواسعة لمصادر المعلومات المختلفة الموجودة على كثير من الصور؛ وذلك بالتأكيد على ضرورة وجود الركن الداعم لهذه الفكرة ألا وهو المكتبة .
ولقد ساهمت المكتبة المدرسية إسهاما كبيراً في مواجهة التدفق الكبير في المعلومات أو ما يسمى بثورة المعلومات ومن ذلك إعداد وتوفير مصادر هذه المعلومات والأجهزة المطلوبة، وتهيئة المجتمع المدرسي من طلاب ومعلمين للتعامل مع هذا التطور بفعالية وذلك ليتحقق الاستخدام الأمثل لمصادر المعلومات المتوافرة في المكتبة والتي أصبحت محوراً من المحاور الرئيسية للمجتمع المدرسي.
والمكتبة المدرسية هي المركز الفكري للمدرسة الذي يجب أن يتردد عليه كل شخص في المدرسة من أجل استشارة مواد التعلم.
ولا شك في أن المكتبة المدرسية تعد جزءاً لا يتجزأ من العملية التعليمية والتربوية ومن المنهج التعليمي والدراسي على اختلاف مراحله، وفي مطلع القرن الماضي تجلى الأهتمام بتوفير مقومات التعليم ومتطلباته كافة ومن الطبيعي أن تأتي المكتبات المدرسية في مقدمة تلك المتطلبات.
مفهوم المكتبة المدرسية:
وتعرف المكتبة المدرسية بأنها تلك المكتبة التي تلحق بالمدارس سواء الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية ويشرف على إدارتها وتقديم الخدمات لها هو أخصائي المكتبات، وتهدف إلى خدمة المجتمع المدرسي؛ من طلاب ومدرسين وأخصائيى أنشطة وفنيين ورجال إدارة وغيرهم من جمهور المستفيدين، والمكتبة المدرسية تعتبر جزءا من المنهج المدرسي وأداة بواسطتها تحقق المدرسة أهدافها.
وتعد المكتبة المدرسية نوعاً متميزاً من أنواع المكتبات؛ فهى تختلف عن أى نوع فى أهدافها وغاياتها، وفى طبيعة مقتنياتها، وفى خصائص مجتمعها، فهى موجهة نحو أهداف تربوية محددة تتلخص فى تشجيع عادة القراءة والمطالعة وتنمية القدرة على التعلم من المصادر المختلفة للمعلومات بدون معلم.
ويرى (السيد النشار، 2004 ، 16) بأن مفهوم المكتبة المدرسية قد اختلف كثيراً فى الفترة الأخيرة؛ فلم تعد المكتبات المدرسية بمفهومها القديم مجرد غرفة أو مخزن يضم مجموعة من الكتب، حيث كان المفهوم السائد حول المكتبة المدرسية عبارة عن مستودع للكتب في زاوية بعيدة ومهجورة يأتي عليها حين من الدهر لا يلتفت اليها أحد، وكان ينظر لامين المكتبة بمثابة الحارس لمجموعة المكتبة من الفقد والضياع، دون الأخذ في الاعتبار الخدمات الأخرى التي يجب أن يقدمها للمجتمع المدرسي؛ من طلاب ومدرسين وإداريين.
بل أصبحت المكتبة المدرسية مركزاً لمصادر المعلومات وترتبط مباشرة بالعملية التعليمية، وتهدف إلى دعم المنهج المدرسي ومساندته من خلال توفير المواد المكتبية المختلفة والمتوافقة مع مستويات وميول واتجاهات المتعلمين.
وبات ينظر إلى المكتبة المدرسية على أنها مركز إشعاع تربوي يهدف إلى تأصيل عادة القراءة والإطلاع باستمرار لدى التلاميذ والمتعلمين على حدٍ سواء؛ وذلك عن طريق توفير المواد التعليمية والتربوية؛ من كتب ومراجع وسائل تعليمية: سمعية وبصرية تكون مناسبة لفئات رواد المكتبة، والعمل على إحكام تنظيم تلك المواد بالأساليب الفنية كالفهرسة والتصنيف، والإعلان عنها، وتسهيل مهمة الوصول إليها والاستفادة منها داخل المكتبة وخارجها؛ بإتباع إجراءات الإعادة الداخلية والخارجية.
وذلك هو المفهوم الحديث للمكتبة المدرسية في ظل تطوير تكنولوجيا المعلومات، والنظرة نفسها يجب أن تنظر إلى أمين المكتبة الذي لم يعد ذلك الشخص غير المؤهل والمستغنى عنه في عملية التدريس أو صاحب عهدة أو مجرد حارس للكتب الموجودة فيها وما إلى ذلك، بل يجب أن ينظر إليه على أنه أخصائي في المكتبات والمعلومات والإعلان والإعلام العلمي وعلى درجة كافية من التأهيل النظري والتدريب العملي بحيث يسمح له ذلك بتوجيه المتعلمين والمعلمين على اختلاف مستوياتهم وتخصصاتهم التعليمية والثقافية وإرشادهم نحو الأفضل والجديد بصورة مستمرة .
النظام التعليمي نظام متكامل له مقوماته الخاصة، كما أن له أنظمته الفرعية، غير أنه لا يعمل من فراغ فهو نظام مفتوح يؤثر ويتأثر بالنظام الاجتماعي كله بما فيه من أنشطة اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية، وطبقا لأسلوب تحليل النظم يمكن النظر إلى المكتبة المدرسية على أنها نظام فرعي للتعليم يتفاعل مع النظم الفرعية الأخرى للمدرسة ككل، وكما أن للتعليم مدخلاته ومخرجاته، فللمكتبة المدرسية باعتبارها إحدى أنظمة التعليم الفرعية مدخلاتها الخاصة والمرتبطة بالأهداف التي ينبغي تحقيقها من وجود المكتبة مثل مجموعات المواد، والمكان، والتجهيزات والأثاث، والقوى البشرية، وكل هذه المدخلات ضرورية ولا يمكن الاستغناء عن أي جانب منها حيث إنها تكون المقومات الأساسية للخدمة المكتبية.
دواعي الاهتمام بالمكتبات المدرسية:
ومن العوامل التي أدت إلى الاهتمام المتزايد بالمكتبات المدرسية على سبيل المثال لا الحصر هي:
1- الأخذ بالنظريات التربوية الحديثة التي تشجع دافع الرغبة في الاستطلاع لدى كل تلميذ ورغبته فى اكتساب المعلومات بطريقته الخاصة وظهور مفهوم التعليم الذاتي، بذلك تنتقل العملية التربوية من تعليم على تعلم ومن تلقي إلى حث وتنقيب وتحصيل ذاتي، وتعمل التربية الحديثة في هذا الإطار على توثيق الصلة بين المنهج الدراسي والمكتبة المدرسية وحرص المعلم على غرس حب الاطلاع عند تلاميذه ومساعدتهم على تحقيق ذاتهم وصقل شخصيتهم وتنمية مهاراتهم الأساسية.
2- الطرق الحديثة في تنظيم المنهج وطرق التدريس الحديثة ساعدت على زيادة الاهتمام بالمكتبات المدرسية والنشاط المكتبي والثقافي بين التلاميذ والمعلمين، وقد أدى ذلك إلى دفع الجميع إلى القراءة والاطلاع وتحصيل المعلومات من المكتبة المدرسية.
3- التغير الكبير الذي حدث في عالم النشر وصناعة الكتاب بأحدث المعدات التقنية الآلية والتدفق الكبير للمعلومات في جميع التخصصات، والذي أدى إلى ظهور الثورة التكنولوجية،
كل ذلك أدى بدوره إلى تشجيع القراءة وزيادة عدد المترددين على المكتبات المدرسية في وجهها التقني الحديث.
أهمية المكتبة المدرسية:
أصبحت أهمية المكتبة المدرسية للعملية التعليمية من المسلمات التى لا جدال فيها، وتبرز أهمية المكتبة المدرسية من خلال العناصر التالية:
احتلت المكتبة المدرسية مكانها المتميز فى العملية التعليمية، ومن ثم تحولت من مكان لحفظ وتداول الكتب إلى مركز التعلم داخل المدرسة، وهو ما انطبع على طرق التدريس الجديدة وتطوير وتحديث المناهج الدراسية والدعوة المستمرة لاستخدام مصادر التعلم التى تقتنيها المكتبة المدرسية كأساس عملية التعليم الحديثة، ومن هذا المنطلق أصبح للمكتبة المدرسية دوراً محورياً فى عمليتي التعليم والتعلم بالمدرسة، ولها الدور الايجابي والفاعل فى تطوير البرامج التعليمية.
ولم يعد الكتاب هو مصدر المعرفة الوحيد، ولم يعد المعلم هو مصدر التدريس الوحيد للمنهج؛ بل أصبحت المكتبة المدرسية هى العامل المساعد والمدعم للمنهج والمعلم بتوظيفها للعديد من مصادر التعلم المطبوعة وغير المطبوعة فى سبيل تحقيق أهداف العملية التعليمية، وأصبح على المتعلم والمعلم وأخصائى المكتبة ضرورة التعامل والتفاعل مع هذه المصادر وتطويعها والاستعانة بها لخدمة المنهج الدراسى.
2- المكتبة المدرسية محور اكتساب مهارات التعلم الذاتى:
وغنى عن البيان أن المكتبة المدرسية هى أفضل مكان يمكن أن يساعد على تفريد التعليم؛ حيث يتوفر بالمكتبة المدرسية مصادر التعلم على اختلافها مطبوعة أو غير مطبوعة، والتى تساعد فى تحقيق أهداف المنهج، حيث تكرس محتويات المكتبة المدرسية وتتكامل لخدمة العملية التعليمية.
فالمدرسة فى ظل الاتجاه نحو التعلم الذاتى والتعليم المستمر لا تستطيع أن تؤدى رسالتها على الوجه الأكمل ما لم يتوافر للطلاب مكتبة مدرسية تساعدهم على استيعاب وفهم ما تشتمل عليه الكتب والمناهج الدراسية.
والتعلم الذاتى هو النشاط التعليمي الذى يقوم به الطالب بدافع من رغبته الذاتية واقتناعه بهدف تنمية استعداداته وامكاناته وقدراته، مستجيباً لحاجاته وميوله واهتماماته بما يحقق تنمية شخصيته وتكاملها، ومن ثم التفاعل مع مجتمعه عن طريق الاعتماد على نفسه والثقة بقدراته في التعلم.
والتعلم الذاتى فى الإطار المدرسى يتحقق بتهيئة الموقف التعليمى لاستثارة الطالب إلى التعلم معتمداُ على نفسه ومتفاعلاً مع مصادر التعلم المختلفة بالمكتبة. (فهيمي مصطفى، 2001، 16).
3- تعديل السلوك وتكوين العادات المرغوبة:
فالمكتبة المدرسية عن طريق خدماتها وأنشطتها المتنوعة وتلاحمها مع البرنامج المدرسي وتكاملها مع المناهج الدراسية يمكن أن تعمق أهداف التعليم وتزود المتعلم بكثير من الخبرات والمهارات التى تؤدى إلى تعديل سلوكه وتكوين عادات اجتماعية مرغوبة.
4- تدعيم المناهج وتكاملها:
المكتبة المدرسية صارت فى الوقت الحاضر قلب العملية التعليمية النابض؛ فهى تعمل على تحقيق التكامل والاندماج بين المناهج المختلفة عن طريق إذابة الحواجز التقليدية بين المقررات الدراسية، تلك الحواجز التى تخلقها الفصول الدراسية لتسهيل تناول المقررات، ذلك أن المكتبة تتيح المعرفة البشرية فى نسيج متكامل العلاقات، ومن ثم يوظف الطالب معلومات مقرر ما لخدمة مقرر آخر وهكذا.
5- التغلب على بعض المشكلات التعليمية:
وتتمثل أهمية المكتبة المدرسية أيضاً فى كونها وسيلة من أهـم الوسائل التى يستعين بها النظام التعليمى فى التغلب على الكثير من المشكلات التعليمية التى نتجت عن المتغيرات الكثيرة والمتلاحقة التى طرأت على الصعيدين الدولى والمحلى، ومـن أبرز جوانب هـذه المتغيرات التطور التكنولوجي الهائل والاكتشافات العلمية المذهلة وانفجار المعلومات وتطور وسائل وأساليب الاتصال الحديثة التى يسرت نقل المعرفة والثقافة بيـن الشعوب.
6- التأثير على المتعلم:
للمكتبة المدرسية أهمية خاصة تنبع من كونها النوع الأول من أنواع المكتبات الذي يواجهها الطالب في حياته، وأول احتكاك له بمصادر المعرفة، وهي الأساس المتين في العملية التعليمية والتربوية ولها فضل على المعلم والطالب من هدفها الرامي لرفع كفاءة كل منهما.
وهى مكان يتمتع بالاحترام العميق يمكن أن يتصل فيه الفرد الراغب في بذل الجهد بالأفكار التي سجلها الإنسان عبر العصور بطريق مباشر، وهي المكان الوحيد في المدرسة الذي يمكن أن يعمل فيه الفرد بمفرده دون مساعدة الآخرين، ويتوقف على نجاح المتعلم للمكتبة المدرسية نجاحه المستقبلي فى استخدام الأنواع الأخرى من المكتبات.
والمكتبة المدرسية هي النافذة التي يطل منها التلميذ على العالم يرى من خلالها ثقافته وحضارته وتقدمه ويطلع عبرها على منجزاته في جميع الميادين وهي الأستاذ الدائم والمدرسة المستمرة في حياة الفرد.
7- تنمية ثقافة الفرد:
عملية البحث والتمحيص عن الثقافة والتأليف وعملية التوفيق بين عناصر الثقافة التي ينتج عنها الاختراع هي عمليات تحتاج إلى مكتبات غنية ومنظمة تنظيماً جيداً، فالمكتبات مؤسسات اختزانية تحتوي على عناصر الثقافة تتكفل بحفظها وتنظيمها وتسليمها للأجيال القادمة، فبدونها يصعب على الفرد في ظل تعدد وتنوع مصادر المعرفة أن يلم ولو بعشر أعشار ما تنتجه المطابع في عام واحد، كما أنه في ظل الارتفاع الحاد في أسعار بعضها يصعب على كثير من الناس اقتناء ما يحتاجون إليه ولا سيما المصادر المرجعية.
والمكتبة المدرسية يمكن أن تؤدي دوراً مهاماً في العملية التربوية وفي الحياة الاجتماعية والاقتصادية بحيث يؤهلها هذا الدور أن تحتل مركز الصدارة في المجتمع من خلاله تصبح موجهاً عاماً لذلك المجتمع في جميع الميادين.
وإذا كانت المكتبة يمكنها أن تؤدي دوراً مهماً في ثقافة الفرد بما تقدمه له من خلاصة الفكر الثقافي للبشرية بعد عملية تنظيمية بصورة تسمح بتلبية احتياجاته المختلفة بسهولة ويسر، فإن المكتبة يمكنها أن تنمي أيضاً هذه الثقافة؛ وذلك من خلال سياسة اختيار لمصادر تعلم جيدة شاملة تهدف إلى تنمية التفكير الأصيل لدى الأفراد، فالمكتبة لها قوة تأثير على ثقافة الفرد وتنميتها وذلك من خلال محتوياتها المتنوعة فى المضمون والشكل.
فالمكتبة المدرسية تعتبر نقطة الانطلاق أو البداية لثقافة الفرد وتنميته فهي الجزء الأهم بالنسبة للمكتبات النوعية الأخرى، فيجب الاهتمام بهذا الجزء عند تكوينه وإعداده لكي يقوم بدوره على أكمل وجه في بناء ثقافة الفرد، وهذا يتطلب اختيار موقع مناسب للخدمة ومبنى يتناسب من حيث الحجم مع عدد من ستقدم لهم الخدمة يتميز بجاذبيته، وأيضا أثاث وتجهيزات مناسبة، كما يتطلب وجود سياسة اختيار تتفق مع أهداف المدرسة أو العملية التربوية.
المكتبة المدرسية والمعلم:
من خلال استراتيجيات التعليم الحديثة والاهتمام بأساليب التعلم الذاتي والفردى، والتعلم من خلال النشاط أصبح للمكتبة دوراً كبيراً ومهماً ومؤثراً فى العملية التعليمية وتغير دور المعلم ليكون موجهاً ومرشداً بعد أن كان ملقناً ومحفظاً، وبذلك أصبح للمعلم دور كبير في التدعيم والتشجيع على القراءة والإطلاع واقتناء الكتب، حيث يستطيع أن يستغل ميول التلاميذ ويحسن توجيههم للقراءة، ومهمة المعلم لا تعد مقتصرة على تلقين الطالب للمعلومات وإنما في توسيع مداركه وتشجيعه على البحث لإيجاد الحلول لبعض الاستفسارات التي تتطلب البحث والاستقصاء، فلا ينبغي أن يتقوقع المعلم وطلابه في الكتاب المدرسي المقرر فقط ولكن عليه أن ينطلق بهم إلى رحابة ما يثري الموضوعات المقررة لديهم.
كما يحرص المعلم على تشجيع التلاميذ على القراءة الحرة وغرس تلك القيمة في نفوسهم مما يدفعهم إلى البحث والتنقيب عن المعلومات ويمهد السبيل لهم لاكتساب مهارة التعلم الذاتي والتفكير العلمي الابتكاري، ويرشد ويساعد على القراءة وعمل الأبحاث مستعينا بالكتب والمصادر المختلفة، وعلى المعلم ألا ينسى أو يتناسى ما للمكتبة من وظيفة مهمة في إعداد المواطن إعداداً سليماً للاندماج الفاعل في الحياة المجتمعية الحاضرة والمستقبلية بتزويده بأساسيات التعليم والثقافة يسير فى ظلالها حتى يصل إلى أقصى درجات الرقي والتقدم.
المفهوم الحديث للمكتبة المدرسية:
تطور مفهوم المكتبة المدرسية عبر تاريخها فتحول من المفهوم التقليدي والذي كان ينظر للمكتبة المدرسية على أنها مكان لحفظ وتنظيم الكتب والمواد المطبوعة فقط، وتطور الأمر إلى المفهوم الحديث الذى أصبحت فيه مكتبة شاملة بمعنى أن تحتوى المكتبة المدرسية على مصادر المعلومات المتنوعة المطبوعة وغير المطبوعة مثل اسطوانات الليزر التعليمية وأشرطة الفيديو التعليمية وغيرها من الوسائل التعليمية، وكان هذا التطور فى المكتبة بصفة عامة والمكتبة المدرسية بصفة خاصة بسبب عاملين هامين هما:
1- الاتجاه نحو التعلم بالحواس:
حيث تؤكـد الأبحاث العلمية أن الحواس الخمس: (السمع- والبصـر - واللمس - والتذوق – والشم)، هي القنوات التي نكتسب المعرفة من خلالها، وأن هذه الحواس هى وسيلة التعلم واكتساب المعلومات، أي أن التعلم لا يُكتَسب بواسطة حاسة واحدة وإن كان السمع والبصر هما الحاستان الأكثر أهمية فى التعليم.
والاتجاه الحديث فى التعليم أصبح هو التوجه نحو التعلم من خلال توظيف جميع حواس الإنسان المتعلم وعدم الاكتفاء بالتلقين اللفظى للمدرس فى الفصل، بل أصبح الدور الأكبر لاستخدام الصوت والصورة المتحركة والثابتة فى التعليم، ولذلك بدأ الاتجاه نحو إنتاج مصادر معلومات تعتمد على الصوت والصورة بجانب الكتب فأتيحت شرائط الكاسيت الصوتية وأفلام الفيديو التعليمية وغيرها من المواد والأجهزة التعليمية.
ومع تعدد مصادر المعرفة السمعية البصرية بجانب الكتب المطبوعة فقد كان لابد من الاتجاه نحو تطوير المكتبة المدرسية لتشمل المواد والأجهزة التعليمية بجانب الكتب لتصبح مكتبة شاملة بمعنى شمولها على جميع مصادر المعرفة، وأصبح المفهوم الحديث للمكتبة المدرسية هو شمولها على الأدوات والأجهزة التعليمية (المواد غير المطبوعة) بجانب الكتب والدوريات (المواد المطبوعة).
2- ثورة المعلومات:
لم يكن الاتجاه نحو التعلم بالحواس هو الدافع الوحيد نحو تطوير المكتبة المدرسية ولكن كان هناك عامل هام آخر هو ما يسمى بثورة المعلومات أو الانفجار المعرفي، وهو تضاعف حجم المعلومات فى جميع المجالات، وتعدد فروع المعرفة وسرعة تناقل المعلومات، ومن أجل ذلك بدأ الاستعانة بمصادر معلومات جديدة تناسب التغيرات المتلاحقة فى حجم المعلومات وسرعة نقلها، فكان الاتجاه نحو الاستعانة بما يسمى المصادر غير المطبوعة مثل اسطوانات الليزر ذات القدرة الكبيرة على تخزين كم هائل من المعلومات وشبكة الإنترنت والقنوات التليفزيونية التعليمية والإخبارية التى تمكننا من مواكبة سرعة تدفق المعلومات أولاً بأول فنكون على علم بما يستجد من علوم حديثة وأخبار علمية وغير علمية، بعكس الكتب والمواد المطبوعة الأخرى التى لا تستطيع توفير المعلومات بهذه السرعة والسهولة.
وقد واكب عملية تطوير المكتبة المدرسية قيام بعض المكتبيين إطلاق مسميات جديدة على المكتبة المدرسية:
- مركز التعلم Learning Center.
r
المصدر: د محمد جابر خلف الله - مدرس المكتبات وتكنولوجيا التعليم بكلية التربية جامعة الازهر .
خدمات البحث العلمي 01009848570