نظام الأعمال العالمي الجديد

 

يتميز نظام الأعمال العالمي الجديد بسمات تختلف جذرياً عما كانت أوضاع الأعمال والتعاملات بين المنظمات فيما قبل. وتتبلور أهم هذه السمات والملامح فيما يلي:

 

-       انفتاح الأسواق وانهيار الحواجز بينها نتيجة تطبيق اتفاقيات الجات ومنظمة التجارة العالمية القاضية بإزالة الحواجز والقيود الجمركية وغير الجمركية من طريق التجارة الدولية في السلع والخدمات.

-       تحول الأسواق إلى التعامل من خلال الشبكة العالمية الإنترنت، وانتشار التجارة الإلكترونية كأساس في التعامل بين المنظمات، وكذا التعامل مع المستهلكين الأفراد في مختلف مجالات السلع والخدمات.

-       تصاعد حركة التحالفات الاستراتيجية بين المنظمات من مختلف الجنسيات وفي أهم قطاعات الإنتاج في العالم، والميل إلى تركيز السيطرة على تلك القطاعات الإنتاجية الحيوية في محيط تلك التحالفات التي تتحول عملياً إلى احتكارات عملاقة. وتشهد صناعات الأدوية والسيارات العالمية تلك الظاهرة إذ تتركز كل من الصناعيتين في مجموعة قليلة من الشركات العالمية العملاقة يدخل بعضها في تحالفات استراتيجية.

-       تعتبر السرعة الفائقة من أهم سمات التعاملات في العصر الحالي نتيجة التفوق الباهر والتطورات المستمرة في تقنيات المعلومات والاتصالات. وتمارس كثير من المنظمات أعمالها من خلال شبكة الإنترنت أو الشبكات الداخلية الخاصة بها التي تربط فروعها وإداراتها وتسمح لمستخدمي الشبكة التعامل مع كل الملفات على الحاسبات الآلية وفق الصلاحيات المسموح بها لكل منهم، والشبكة الخارجية التي تربط المنظمات بعملائها الأساسيين والموردين وغيرهم من الأطراف الخارجية ذات العلاقة الخاصة بمعاملات المنظمة مما يسمح بالتعاملات الفورية والآنية فيما بينهم.

-       كما تتسم المعاملات في قطاعات المصارف والمؤسسات المالية تطورات هائلة نتيجة تعميق استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات مما يسمح لعملائها بإجراء معاملاتهم معها إلكترونياً من مقار أعمالهم دون الحاجة إلى الالتجاء لموظفي تلك المؤسسات، فضلاً عن السرعة والآنية في المعاملات عبر العالم وعلى مدار الساعة.

 

وانعكاساً لتلك السمات تحولت منظمات الأعمال هي الأخرى وبدأت ملامح المنظمة العولمية الجديدة [نسبة إلى العولمة] في الواضع والتعمق على النحو التالي:

-       أخذت  كثير من المنظمات في مراجعة أوضاعها التنظيمية والبحث عن سبل التخفف من عوامل تقييد الحركة وبطء اتخاذ القرارات، ومن ثم بدأت الحركة التحول من الهياكل الهرمية ذات المستويات التنظيمية المتعددة والتي تباعد بين المستويات الإدارية العليا صاحبة الصلاحيات وسلطات القرار وبين القائمين بالتنفيذ والأكثر اتصالاً بالسوق والعملاء والأقرب إلى الإحساس بالمنافسة وتأثيراتها، إلى الهياكل المرنة المستندة إلى المعلومات وعمل الفريق.

-       وتأميناً لسرعة الحركة والاستجابة الفورية كلما أمكن لتحولات السوق ورغبات العملاء، اتجهت كثير من المنظمات إلى تقسيم نفسها إلى وحدات أعمال استراتيجية صغيرة تتمتع كل منها بحرية الحركة والاستقلالية النسبية للتعامل في السوق وكأنها منظمة قائمة بذاتها.

-       وقد صاحب هذه التحولات التنظيمية الأخذ بفكرة المنظمة الصغيرة والاستفادة من مميزات الحجم الصغير نتيجة عمليات تخفيض أعداد العاملين والتقسيم إلى وحدات استراتيجية، ثم التوجه نحو اللامركزية وتوزيع صلاحيات اتخاذ القرارات لتكون أكثر قرباً من الأسواق والعملاء.

-       واهتمت المنظمات المعاصرة بتعميق استخدامها لتقنيات المعلومات والاتصالات، وترسيخ قدراتها على العلم والتطور المستمر لتصبح منظمة متعلمة تستفيد بجماع الأفكار والمعلومات والخبرات المتراكمة لديها وفي المناخ المحيط، لتنتج منها مستويات أعلى من المعرفة تستثمر في إنتاج منتجات وخدمات متجددة باستمرار.

-       وأصبح التوجه نحو "العولمة" سمة مهمة لمنظمات الأعمال المعاصرة مهما اختلف الحجم ومجال النشاط. وقد أسهمت تقنية الإنترنت في تحقيق هذا الهدف للمنظمات التي وجدت فيها ضالتها للوصول السريع وقليل التكلفة إلى الأسواق والعملاء في كل أنحاء العالم وعلى مدار الساعة.

-       استثمار الوقت وتخفيض الزمن المستنفذ في الأداء سمة أخرى للمنظمة المعاصرة التي تبينت أن المنافسة الحقيقية الآن هي المنافسة على الوقت وسرعة الوصول إلى الأسواق والعملاء. لذلك اهتمت إدارة المنظمات المعاصرة بتأمين كل ما يساعد في تحقيق هذه السرعة وتوظيف الوقت بشكل إيجابي سواء بتعميق استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات المتطورة، أو بتعديل وتطوير وتهذيب عملياتها واختصار كل ما يستهلك الوقت فيها دون أن يحقق قيمة مضافة تعادل قيمة هذا الوقت المستغرق، وتحولت إلى نظم الإدارة بالوقت.

-       وقد طالت تلك السمات المنظمات الحكومية وشركات القطاع العام التي أحست بوطأة المنافسة وضرورة الأخذ بمعطيات العصر، ومن ثم شاعت عمليات الخصخصة ونقل ملكية وحدات القطاع العام إلى القطاع الخاص، وحتى المؤسسات الحكومية أخذت نفسها بأساليب وأفكار الإدارة في الشركات الخاصة من أجل تحسين الأداء وزيادة الإنتاجية بما يؤهلها للتعامل مع الأوضاع الجديدة بكفاءة. وقد أطلق على هذا الاتجاه تعبير "إعادة اختراع الحكومة".

-       أصبح الاهتمام بإدارة الجودة الشاملة من السمات الرئيسية للمنظمات المعاصرة وذلك في سعيها نحو تأكيد تفوقها وتميزها بجودة كل عملياتها ومنتجاتها تحقيقاً لرضاء العملاء.

-       وتتسم المنظمات المعاصرة بالاستخدام الكثيف للتقنيات المعتمدة على الحاسبات الآلية والمعلوماتية بما يحقق لها درجات عالية من المرونة في تشكيل منتجاتها والاستجابة لرغبات العملاء والجمع بين خصوصية التصميم ومزايا الإنتاج الكبير، وكذلك التخلص من الأنماط والأساليب التقليدية التي يعيبها كونها عالي التكلفة ومنخفضة الإنتاجية، وكثيفة العمالة.

 

التنافسية أساس نظام الأعمال الجديد

لقد أفرزت المتغيرات والتحولات العالمية وضعاً جديداً يتمثل فيما يمكن اعتباره "نظام أعمال جديد" سمته الأساسية هي التنافسية التي تعتبر التحدي الرئيسي الذي تواجهه منظمات الأعمال المعاصرة، والتي تفرض ضرورة الدراسة الواعية للظروف الجديدة وما تنتجه من فرص، وما تفرضه من قيود ومخاطر. وقد تبينت الإدارة المعاصرة أن الموارد البشرية ذات الكفاءة الأعلى والتأهيل الأفضل هي العنصر الفاعل في تمكينها من مواجهة تحديات التنافسية فضلاً عن باقي التحديات التي نشأت عن العولمة.

 

ويقصد بالتنافسية الجهود والإجراءات والابتكارات والضغوط وكافة الفعاليات الإدارية والتسويقية والإنتاجية والابتكارية والتطويرية التي تمارسها المنظمات من أجل الحصول على شريحة أكبر ورقعة أكثر اتساعاً في الأسواق التي تهتم بها. وتؤدي التنافسية أيضاً معنى الصراع والتضارب والرغبة في المخالفة والتميز عن الآخرين.

 

وتعتبر التنافسية من طبيعة نظم الأعمال منذ نشأها، فالمنظمات "بل والأفراد" تميل إلى المنافسة بحكم استشعار الخطر من وجود منتجين آخرين في نفس المجال، أو احتمال تحول عملاءها إلى استخدام منتجات وخدمات بديلة.

وفي العصر الحالي تفاقمت حدة التنافسية كأسلوب حياة للمنظمات- بل والدول وتجمعاتها الإقليمية- باعتبارها الوسيلة الفعالة لمواجهة التحديات التالية:

-       حتمية اكتساب القدرة على التعامل في سوق مفتوح لا تتوفر فيه أسباب الحماية والدعم التي اعتادت المنظمات التمتع بها فيما قبل عصر العولمة والتنافسية.

-       ضرورة التخلص من أساليب العمل النمطية والتقليدية التي لم تعد تتناسب مع حركية الأسواق وضغوط المنافسة، والتحول إلى أساليب مرنة ومتطورة تجاري متغيرات السوق وتسابق المنافسين.

-       ضرورة التحرر من أسر الخبرة الماضية والانكفاء على الذات، وأهمية الانطلاق إلى المستقبل واستباق المنافسة بتطوير المنتجات والخدمات وأساليب الأداء سعياً إلى كسف ثقة وولاء العملاء.

-       ومن ثم يكون الاهتمام بالبحوث والتطوير، واستثمار الطاقات الفكرية والإبداعية للموارد البشرية أحد أهم الركائز للمنظمات المعاصرة في عملياتها التنافسية.

-       أهمية الانطلاق في كل عمليات المنظمة وتوجهاتها من قراءة واعية وإدراك صحيح لحالة السوق ورغبات العملاء وممارسات المنافسين الحاليين والمحتملين، والعمل على سد الفرص أمام هؤلاء المنافسين والبحث عن صيغ وآليات تتيح التميز عليهم وسبقهم إلى العملاء.

-       أهمية تنمية واستثمار القدرات التنافسية للمنظمة وهي كل ما يميزها عن المنافسين من وجهة نظر العملاء الحاليين والمرتقبين.

 

أسباب التنافسية

-       ضخامة وتعدد الفرص في السوق العالمي بعد أن انفتحت الأسواق أمام حركة تحرير التجارة الدولية نتيجة اتفاقيات الجات ومنظمة التجارة العالمية.

-       وفرة المعلومات عن أسواق العالمية والسهولة النسبية في متابعة وملاحقة المتغيرات نتيجة تقنيات المعلومات والاتصالات، وتطور أساليب بحوث السوق تقنيات القياس المرجعي والشفافية النسبية التي تتعامل بها المنظمات الحديثة في المعلومات المتصلة بالسوق وغيرها من المعلومات ذات الدلالة على مراكزها التنافسية.

-       سهولة الاتصالات وتبادل المعلومات بين المنظمات المختلفة، وفيما بين وحدات وفروع المنظمة الواحدة بفضل شبكة الإنترنت وشبكات الإنترانيت وغيرها من آليات الاتصالات الحديثة وتطبيقات المعلوماتية المتجددة.

-       تدفق نتائج البحوث والتطورات التقنية، وتسارع عمليات الإبداع والابتكار بفضل الاستثمارات الضخمة في عمليات البحث والتطوير، ونتيجة للتحالفات بين المنظمات الكبرى في هذا المجال.

-       مع زيادة الطاقات الإنتاجية، وارتفاع مستويات الجودة، والسهولة النسبية في دخول منافسين جدد في الصناعات كثيفة الأسواق، تحول السوق إلى سوق مشترين تتركز القوة الحقيقية فيه للعملاء الذين انفتحت أمامهم فرص الاختيار والمفاضلة بين بدائل متعددة لإشباع رغباتهم بأقل تكلفة وبأيسر الشروط، ومن ثم تصبح التنافسية هي الوسيلة الوحيدة للتعامل في السوق من خلال العمل على اكتساب وتنمية القدرات التنافسية.

 

مفهوم القدرات التنافسية ومصادرها الأساسية

القدرة التنافسية هي المهارة أو التقنية أو المورد المتميز الذي يتيح للمنظمة إنتاج قيم ومنافع للعملاء تزيد عما يقدمه المنافسون، ويؤكد تميزها واختلافها عن هؤلاء المنافسين من وجهة نظر العملاء الذين يتقبلون هذا الاختلاف والتميز حيث يحقق لهم المزيد من المنافع والقيم التي تتفوق على ما يقدمه لهم المنافسون الآخرون.

 

وتسمح القدرات التنافسية للمنظمات بتحقيق نتائج مهمة تتمثل في خلق الفرص التسويقية الجديدة كما تحقق اختراق مجال تنافسي جديد، كما تمثل وسيلة لتكوين رؤية جديدة للمستقبل الذي تريده المنظمة نفسها.

 

وتبدو القدرات التنافسية في مظاهر متعددة منها الجودة الأعلى للسلع والخدمات التي تقدمها منظمة دون غيرها، سرعة الاستجابة لرغبات العملاء وقصر الوقت المستغرق في دورات الإنتاج وفي مشروعات تطوير المنتجات، الحرص على تقديم خدمات للعملاء قبل البيع في صورة معلومات وإرشادات ومساعدات تسمح للعميل بقدرة أعلى على تحديد رغباته واختيار أفضل البدائل.

 

من أهم القدرات التنافسية التي تتمتع بها المنظمات المعاصرة أن تتمكن من إقامة علاقات تحالفية مع الموردين مما ييسر لها الحصول على احتياجاتها منهم بطرق أكثر مرونة وسرعة وكفاءة وأقل تكلفة مما يتيسر لمنافسيها مثل العلاقات القائمة على أسلوب. وفي النهاية فإن قدرة المنظمة على السلع تخفيض تكاليف الإنتاج والتسويق مع المحافظة على مستوى جودة السلع والخدمات يعتبر قدرة تنافسية هائلة.

 

الاستراتيجيات التنافسية الرئيسية :

-       استراتيجية قيادة التكاليف.

-       استراتيجية التميز والاختلاف.

-       استراتيجية التركيز.

 

إذن القدرات أو المميزات التنافسية هي تعبير عن المهارات ومظاهر التفوق والتميز التقني والإداري والتسويقي التي تتبلور في منتجات وخدمات أفضل تحقق للعملاء مستويات من الإشباع والمنافع تزيد كثيراً عما يقدمه المنافسون. ومن ثم فإن المعيار الأهم في تقييم القدرات التنافسية هو مدى فعاليتها في إنتاج قيم ومنافع للعملاء تزيد عما يقدمه المنافسون من جانب، ومدى الاختلاف والتباين عن المنافسين الذين تضيفه على منتجات وخدمات المنظمة وأساليب تعاملها مع العملاء.

 

المداخل التي قد تعتمدها المنظمات في محاولاتها بناء وتعظيم قدراتها التنافسية:

1-    بناء [وتحسين] القدرة التنافسية بتحسين الموارد كماً ونوعاً وتعظيم العائد منها، ويكون ذلك باتباع آليات التركيز، التراكم، المزج، الصيانة والمحافظة، الاستعادة.

2-    تحسين القدرة التنافسية بتطوير وتفعيل العمليات باستخدام تقنيات إعادة الهندسة، إعادة الهيكلة ، إدارة الجودة الشاملة، والتطوير المستمر.

3-    تحسين القدرة التنافسية بالتعامل المباشر مع المنافسين في البيئة التنافسية مثل محاولات بعض المنظمات إضعاف المنافسين والالتحام بالموردين، أو تغيير طبيعة المنافسة.

 

أسس ومبادئ التنافسية الفعالة.

-       أن المستقبل ليس امتداداً آلياً للماضي، بل هناك متغيرات وتحولات مستقبلية تجعل المستقبل مختلفاً عما سبقه من مراحل.

-       أن المنافسة الحقيقية هي تلك التي تتجه إلى خلق وتنمية الأسواق الجديدة، وليس مجرد التنازع على أجزاء من السوق القائمة.

-       أن المنافسة هي مواجهة شاملة تستخدم فيها المنظمة كل أدواتها وقدراتها لتحقيق تفوق ساحق على كل جبهات التنافس. فليست المنافسة الآن قاصرة على جودة السلعة أو انخفاض سعرها، لكنها تعتمد على كل ما تستطيع الإدارة توظيفه من طاقات للوصول الأسرع والأكفأ للأسواق وإرضاء العملاء.

-       تعتمد المنافسة على العمل المترابط للمنظمة كلها وليس فقط القطاعات المهتمة بالتسويق. إذ أن الوصول إلى المركز التنافسي المتميز يتطلب تكامل كافة الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها أجزاء المنظمة جميعاً.

-       أن التوصل إلى ميزات تنافسية واستثمارها بكفاءة يلفت أنظار المنافسين ويستدعيهم للبحث في الحصول على ميزات مماثلة أو أفضل منها، الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى استمرار المنظمة ذات القدرات التنافسية الأعلى في العمل على ابتكار وتنمية قدرات جديدة وتوظيفها بكفاءة لقطع السبل على المنافسين.

-       أن هدف المنافسة ليس مشاركة المنافسين في الفرص المحدودة المتاحة في الأسواق، بل البحث عن الفرص الجديدة الهائلة والمعنى أن المنافسة الحقيقية هي على السوق الذي لم ينشأ بعد.

-       يعتبر الوقت هو العامل الحاسم في كسب معركة التنافسية، وبالتالي تتركز جهود بناء القدرات التنافسية في ضغط الوقت واستثماره لإبداع قدرات جديدة والوصول بها إلى السوق قبل المنافسين.

-       التنافسية الجديدة عملية تراكمية تتكامل فيها المعرفة الإدارية التي تبدأ بدراسة الظروف المحيطة واستنتاج ما بها من فرص ومهددات، وتقدير الموقف النسبي للمنظمة بالمقارنة مع منافسيها المباشرين وغير المباشرين، ثم تتجه الإدارة إلى التخطيط الاستراتيجي من أجل سد الفجوة التي تفصل المنظمة عن منافسيها وتحديد القدرات التنافسية الواجب تنميتها واستثمارها لتحقيق التفوق التنافسي، ومن ثم تتجه الإدارة إلى بناء وتنمية تلك القدرات وتوظيفها من أجل التفوق والتميز على المنافسين.

-       تتم جهود بناء وتنمية وتوظيف القدرات التنافسية في شكل عمليات تراكمية تمر خلال مراحل تماثل دورة حياة الكائن.

 

العوامل الحاسمة في تكوين وتنمية القدرات التنافسية

أهم العوامل الحاسمة في بناء وتفعيل القدرات التنافسية في ثلاثة عوامل جوهرية هي التقنية الأفضل، والموارد البشرية المتميزة، والقيادة الإدارية الواعية.

 

لذلك اهتمت المنظمات المعاصرة في سعيها للدخول في ساحة التنافسية العالمية وحتى المحلية إلى تبني مفاهيم إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية، وتغيير نظرتها إلى العنصر البشري من مجرد اعتباره أحد عناصر الإنتاج يؤدي أعمالاً محددة لقاء تعويض مادي محدد في صورة رواتب ومميزات معينة، واستبدلت بهذا المفهوم التقليدي السلبي مفهوماً إيجابياً متكاملاً يرى في الموارد البشرية أهم وأثمن الأصول التي تمتلكها أي منظمة، والمصدر الحقيقي للقيمة المضافة.

 

خصائص الموارد البشرية الجديدة والمتوافقة مع متطلبات التنافسية:

-       القدرة على التعامل في سوق مفتوح يتصف بالتقلب والفجائية.

-       المرونة والقدرة على التخلص من أساليب العمل النمطية إلى أساليب متغيرة وغير جامدة لمواكبة حركة المتغيرات داخل وخارج المنظمة.

-       التحرر من أسر الخبرات الماضية وحدود التخصص المهني والعملي الدقيق، والقدرة على الانطلاق نحو مجالات عمل وتخصصات وأسواق وشرائح متعاملين متغيرة باستمرار.

-       الاهتمام باكتساب المعرفة الجديدة وتجديد الرصيد المعرفي ومواصلة التنمية الذاتية في فروع المعرفة والخبرة الأكثر توافقاً مع متطلبات العمل، مع إتاحة مساحة مرنة من الخبرات والمعارف المساندة.

-       قبول التغيير والاستعداد لتحمل مخاطر العمل في مجالات أو مناطق جديدة.

-       القدرة على تحمل المسئولية وممارسة الصلاحيات وتوفر درجة كافية من الاستقلالية وعدم الاعتماد على الغير كمصادر توجيه وإرشاد طول الوقت وفي كل الظروف.

-       قبول التنوع وتحمل أعباءه سواء كان التنوع في أعضاء فرق العمل التي يتعاون معها أو في العملاء أو في مجالات العمل والمسئوليات.

-       القدرة العالية على العمل في فرق ليس بالضرورة أن تكون على أساس المواجهة الشخصية ولكن بالدرجة الأولى إدراك قيمة العمل المشترك والتعامل بمنطق الفريق حتى في حالات تباعد الأفراد في مواقع متباعدة.

-       القدرات الابتكارية والإبداعية، واستثمار الطاقات الذهنية في تقديم الأفكار والمقترحات والحلول للمشكلات، وابتداع الطرق والأساليب الجديدة، والنظر إلى الأمور من زوايا متجددة.

-       القدرة على التفكير الحر والمتحرر من قوالب الصيغ والمفاهيم التقليدية.

-       القدرة على تحمل الصدمات وقبول الفشل ليس باعتباره نهاية المطاف أو النظر إليه على أنه كارثة.

-       الطموح والتطلع إلى مستقبل أفضل باستمرار، وعدم الركون إلى قبول ما حققه الفرد من نجاح، بل السعي باستمرار إلى ما هو أفضل وأحسن سواء لشخصه أو للمنظمة التي يعمل بها.

-       قبول التحديات والمهام الصعبة واعتبارها فرصاً قد لا تتكرر لإثبات الذات وتحقيق التفوق والتميز.

-       التعامل مع المواقف المختلفة بالمرونة المناسبة، والقدرة على تعديل أنماط التعامل بما يتفق ومتطلبات كل موقف.

 

وبشكل عام من أجل أن تسهم الموارد البشرية في نجاح وتفوق منظمة ما، يجب أن تتوفر فيها الصفات التالية:

1.    أن تكون نادرة بمعنى أنها غير متاحة للمنافسين Rare.

2.    أن تكون الموارد البشرية قادرة على إنتاج القيم Values.

3.    أن يصعب على المنافسين تقليد الموارد البشرية المتميزة سواء بالتدريب والتأهيل أو السحب من المنظمة.

 

إن تطبيق مفاهيم وتقنيات إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية هي السبيل إلى تحقيق غاية المنظمة في تكوين وتنمية موارد بشرية متميزة تسهم في بناء وتنمية وتوظيف قدرات تنافسية عالية. أما بالنسبة للشروط الأساسية للتشغيل الناجح لتلك الموارد المتميزة فيمكن إيجازها في مجموعة المتطلبات التالية:

-       التدقيق في اختيار العناصر المرشحة لشغل وظائف تسهم في قضية بناء وتنمية وتوظيف القدرات التنافسية، والتأكد من توافق التكوين الفكري والنفسي والاجتماعي والمعرفي للأشخاص المرشحين مع مطالب هذه الوظائف.

-       التأكد من إسناد الأعمال والمهام المناسبة للأفراد، وتجنب الأخطاء الشائعة من استخدام هؤلاء الأفراد المتميزين في أعمال تقل كثيراً عن قدراتهم ومستويات تفكيرهم.

-       الحرص على أن يشارك هؤلاء الأفراد المتميزين في صياغة وتشكيل المهام التفصيلية التي يقومون بها، وترك مساحة جيدة من المرونة وحرية الحركة لهم إعادة الصياغة في ضوء ظروف التنفيذ وحركة المتغيرات.

-       تمكين الأفراد المتميزين وتخويلهم صلاحيات اتخاذ القرارات في ما يتعلق بتنظيم وتفعيل الموارد المخصصة لتنفيذ المهام المسندة إليهم، وتطبيق مبدأ المحاسبة بالنتائج والمساءلة وفقاً للإنجازات، وليس على أساس الالتزام بقواعد ونظم العمل وغض النظر عن النتائج.

-       إعمال نظم للتقييم المتكامل لأداء هؤلاء الأفراد المتميزين تأخذ في الاعتبار جميع عناصر ومكونات الأداء وتأثيراته على مجمل موقف المنظمة ومستقبلها.

-       تعويض عمال المعرفة حسب نتائج الأداء، وإتاحة الفرص لهم للمشاركة في عوائق إنتاجهم الفكري بتطبيق نظم المشاركة في الأرباح، وتوزيع أسهم مجانية.

-       تخطيط عمليات التدريب والتنمية المستمرة لعمال المعرفة، وإتاحة الفرص لهم للمشاركة في المؤتمرات والفعاليات العملية والمهنية المختلفة، وتطبيق نظام يقضي بتحمل المنظمة عنهم رسوم الاشتراك في تلك الفعاليات ورسوم العضوية في الجمعيات والهيئات العلمية والمهنية ذات العلاقة، فضلاً عن تيسير فرص استكمال الدراسات العليا والتخصصية مع تحمل النفقات عنهم كلها أو جزء منها وعلى وقت المنظمة.

 

دور الموارد البشرية في بناء وتنمية القدرات التنافسية

يتضح لنا من تأمل عملية بناء وتنمية وتفعيل القدرات التنافسية وتحليل العوامل المؤثرة فيها حقيقة أساسية هي أن المورد البشري هو العنصر الفاعل والمؤثر في تلك العملية المحورية في المنظمات المعاصرة. ويتركز دور الموارد البشرية في بناء وتنمية القدرات التنافسية بالدرجة الأولى في عمليات الابتكار والاختراع والتجديد والتطوير المستمر، ثم وضع تلك المبتكرات والاختراعات في التنفيذ الفعال.

إدارة الأداء

نحو مورد بشري متميز

 

إن المهمة الأساسية للإدارة أن تحقق الأهداف التي قامت من أجلها المنظمة، ويتم الوصول إلى هذه الغاية من خلال توفير مجموعة الموارد اللازمة وتنسيقها وتوجيهها بما يجعلها قادرة على تحقيق النتائج التي تبتغيها الإدارة. وتأتي الموارد البشرية في المقدمة حيث تلعب الدور الأساسي في تحريك باقي الموارد الأخرى المادية والتقنية والمعلوماتية وتفعيلها إيجاباً أو سلباً. لذا يصبح هم الإدارة الأول هو التحكم في أداء الموارد البشرية والتأكد من توافقه من حيث الأساليب ومستويات الجودة والتناسق مع باقي الموارد المستخدمة.

 

وفي سبيل الوصول إلى نظم فعالة للتعامل مع الموارد البشرية تم تطوير مفاهيم وعناصر فلسفة جديدة لإدارة الموارد البشرية يلخصها الإطار الفكري التالي:

-       المورد البشري قادر على وراغب في المشاركة الفاعلة في حل مشكلات العمل وتطويره وتحمل المسئوليات، مما يرتب أهمية فتح مجالات المشاركة وقنوات الاتصال لاستثمار تلك الطاقات.

-       أهمية تكامل عمليات إعداد وإدارة وتنمية الموارد البشرية في منظومة متجانسة تعكس الاهتمامات الاستراتيجية لمنظمة الأعمال ومتطلبات تطويرها.

-       ضرورة التزام جميع عمليات إدارة الموارد البشرية بقواعد ومعايير إدارة الجودة الشاملة.

-       أهمية تصميم استراتيجية إعداد وإدارة وتنمية الموارد البشرية وإدماجها في الاستراتيجية العامة للمنظمة.

-       أهمية إعداد وتنمية واستراتيجية متكاملة لتنمية الموارد البشرية.

المصدر: التنمية الإدارية .
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 92/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 1588 مشاهدة
نشرت فى 29 أكتوبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,872,127

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters