أفادت الدراسة بأنه انطلاقا من تحريم الربا ( أحل الله البيع و حرم الربا ) ظهرت أهمية إعادة النظر في الهياكل المالية والنقدية والأدوات التمويلية في الدول الإسلامية، فبدأ التفكير المنهجي في بعض دول العالم الإسلامي لإنشاء البنوك الإسلامية منذ الأربعينيات من القرن العشرين حيث أنشئت في ماليزيا صناديق الادخار بدون فائدة، وطبقت باكستان الفكرة في عام 1950 وذلك بإنشاء مؤسسة في الريف تقبل الودائع من الموسرين بدون عائد، ثم تعاود إقراضها إلى صغار المزارعين بلا فوائد، إلا أن التجربة المذكورة لم يكتب لها النجاح بسبب الافتقار إلى جهاز إداري ومالي كفء، وعدم إقبال المودعين على الإيداع لدى البنك، وعلى نفس النمط نشأت في الريف المصري -بنوك ادخار محلية- تعمل وفق مقتضيات الشريعة الإسلامية وبلا فوائد على الودائع لديها، ولم تستمر تلك التجربة أكثر من سنوات عدة، حيث تم إيقاف العمل في تلك البنوك بسبب عدم توافر الكوادر اللازمة لأداء النشاط المصرفي الإسلامي.
و من هنا جاءت نشأة المصارف الإسلامية تلبية لرغبة المجتمعات الإسلامية في إيجاد صيغة للتعامل المصرفي بعيداً عن شبهة الربا وبدون استخدام سعر الفائدة .
ومن ثم تكررت المحاولة لإنشاء مصرف إسلامي عام 1963 حيث تم إنشاء ما يسمي ببنوك الإدخار المحلية والتي أقيمت بجمهورية مصر العربية والتي أسسها د . أحمد النجار – رئيس الإتحاد الدولي للبنوك الإسلامية الأسبق, وقد استمرت هذه التجربة حوالي ثلاث سنوات
ثم تم بعد ذلك إنشاء بنك ناصر الإجتماعي حيث يعد أول بنك ينص في قانون إنشائه على عدم التعامل بالفائدة المصرفية أخذا أو إعطاء, وقد كانت طبيعة معاملات البنك النشاط الإجتماعي وليس المصرفي بالدرجة الأولى.
وقد جاء الإهتمام الحقيقي بإنشاء مصارف إسلامية تعمل طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية ضمن توصيات مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية بمدينة جده بالمملكة العربية السعودية عام 1972 , حيث ورد النص على ضرورة إنشاء بنك إسلامي دولي للدول الإسلامية.
وجاء نتاج ذلك إعداد إتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية والتي وقعت من وزراء مالية الدول الإسلامية عام 1974 وباشر البنك الإسلامي للتنمية نشاطه عام 1977 بمدينة جده بالمملكة العربية السعودية, ويتميز هذا البنك بأنه بنك حكومات لايتعامل مع الأفراد في النواحي المصرفية.
وجاء إنشاء أول مصرف إسلامي متكامل يتعامل طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية عام 1975 وهو بنك دبي الإسلامي , حيث يقدم البنك جميع الخدمات المصرفية والإستثمارية للأفراد طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
ثم توالى بعد ذلك إنشاء المصارف الإسلامية لتصل إلى 267 مصرفاً منتشرة في 48 دولة على مستوي العالم, بحجم أعمال يزيد عن 250 مليار دولار طبقا لإحصائية المجلس العام للبنوك الإسلامية في سبتمبر 2003 , هذا بخلاف فروع المعاملات الإسلامية للبنوك التقليدية على مستوى العالم.
ما هو المصرف الإسلامي ؟
هو المصرف الذي يلتزم بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في جميع معاملاته المصرفية والإستثمارية, من خلال تطبيق مفهوم الوساطة المالية القائم على مبدأ المشاركة في الربح أو الخسارة, ومن خلال إطار الوكالة بنوعيها العامة والخاصة”.
وفيما يتعلق بأهداف المصارف الإسلامية يجب أن نشير إلى أن الأهداف تنبع من ضرورة حل مشكلات قائمة بالفعل في المجتمع , فالمشكلة تعبر عن حاجة أو رغبة قائمة بحيث تكون الحاجة هي الهدف, والتوصل لأسلوب إشباع هذه الحاجة هو الحل , وقد كانت من أهم حاجات المجتمعات الإسلامية وجود جهاز مصرفي يعمل طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية ويقوم بحفظ أمواله وإستثمارها, بالإضافة إلى توفير التمويل اللازم للمستثمرين بعيداً عن شبهة الربا.
وبإنتشار المصارف الإسلامية في المجتمعات الإسلامية تكون قد أوجدت حلاً لهذه المشكلة .
ما أهمية وجود المصارف الإسلامية في المجتمع ؟
للمصارف الإسلامية أهمية كبيرة لأنها أوجدت نوعا من التعامل المصرفي لم يكن موجوداً قبل ذلك في القطاع المصرفي التقليدي.
فقد أدخلت المصارف الإسلامية أسساً للتعامل بين المصرف والمتعامل تعتمد على المشاركة في الأرباح والخسائر بالإضافة إلى المشاركة في الجهد من قبل المصرف والمتعامل , بدلاً من أسس التعامل التقليدي القائم على مبدأ المديونية(المدين/الدائن) وتقديم الأموال فقط دون المشاركة في العمل.
كما أوجدت المصارف الإسلامية أنظمة للتعامل الإستثماري في جميع القطاعات الإقتصادية وهي صيغ الإستثمار الإسلامية ( المرابحة / المشاركة / المضاربة / الإستصناع / التأجير /……. ) إلى غير ذلك من أنواع صيغ الإستثمار التي تصلح للإستخدام في كافة الأنشطة .
وترجع أهمية وجود المصارف الإسلامية إلى مايلي:
1- تلبية رغبة المجتمعات الإسلامية في إيجاد قنوات للتعامل المصرفي بعيداً عن إستخدام أسعار الفائدة.
2- إيجاد مجال لتطبيق فقة المعاملات في الأنشطة المصرفية.
3- تعد المصارف الإسلامية التطبيق العملي لأسس الإقتصاد الإسلامي.
ما هي خصائص تميز هذه المصارف عن غيرها من المصارف التقليدية ؟
يجب أن نعلم جميعا أن الله تعالى قال: ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) و هذه الآية من فضل الله علينا أن ترك لنا قاعدة عامة فما هي صور البيع؟ تركها لنا المهم أننا نعرف أن الأصل هو البيع، إنما يستحدث الناس من صور البيع ما شاؤا ضمن الضوابط الشرعية للبنك. و من هنا يمكن لنا أن ذكر خصائص المصارف الإسلامية.
تتميز المصارف الإسلامية بالعديد من الخصائص عن المصارف التقليدية من أهمها:
1 – تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في كافة المعاملات المصرفية والإستثمارية .
2 – تطبيق أسلوب المشاركة في الربح أو الخسارة في المعاملات .
3 – الإلتزام بالصفات (التنموية, الإستثمارية , الإيجابية ) في معاملاتها الإستثمارية والمصرفية .
4 – تطبيق أسلوب الوساطة المالية القائم على المشاركة .
5 – تطبيق القيم والأخلاق الإسلامية في العمل المصرفي .
6 – كما تتميز المصارف الإسلامية بتقديم مجموعة من الأنشطة لا تقدمها المصارف التقليدية وهي :
1 – نشاط القرض الحسن .
2 – نشاط صندوق الزكاه .
يلتزم المصرف الإسلامي بأداء الزكاة المفروضة على المال النام الذي حال عليه الحول, والمستحقة شرعاً على ملاك هذا المال (مساهمين أو مودعين) والذين يفوضون البنك أو يأذنون له بأداء ذلك نيابة عنهم, وتصرف الزكاة في مصارفها الشرعية, وكذلك الصدقات والتبرعات, وما قد يقرره ولي الأمر من إنفاق إضافي لصالح المجتمع المسلم .
3 – الأنشطة الثقافية المصرفية
أهداف المصارف الإسلامية
إنطلاقا من حاجة المجتمع الإسلامي والفرد المسلم إلى أن يجد ملاذاً للتعامل المصرفي والإستثماري بعيداً عن شبهة الربا, فإن رسالة المصارف الإسلامية هي:(تقديم الخدمات المصرفية والإستثمارية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية)
في سبيل تحقيق رسالته نرى ان اهدافه تقسم الى:
أولا : الأهداف المالية
إنطلاقاً من أن المصرف الإسلامي في المقام الأول مؤسسة مصرفية إسلامية تقوم بأداء دور الوساطة المالية بمبدأ المشاركة, فإن لها العديد من الأهداف المالية التي تعكس مدى نجاحها في أداء هذا الدور في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية, وهذه الأهداف هي :
1- جذب الودائع وتنميتها :
يعد هذا الهدف من أهم أهداف المصارف الإسلامية حيث يمثل الشق الأول في عملية الوساطة المالية. وترجع أهمية هذا الهدف إلى أنه يعد تطبيقاً للقاعدة الشرعية والأمر الإلهي بعدم تعطيل الأموال وإستثمارها بما يعود بالأرباح على المجتمع الإسلامي وأفراده , وتعد الودائع المصدر الرئيسي لمصادر الأموال في المصرف الإسلامي سواء كانت في صورة ودائع إستثمار بنوعيها؛ المطلقة – والمقيدة « , أو ودائع تحت الطلب ؛ الحسابات الجارية « أو ودائع إدخار وهي مزيج من الحسابات الجارية وودائع الإستثمار .
2- إستثمار الأموال :
يمثل إستثمار الأموال الشق الثاني من عملية الوساطة المالية , وهو الهدف الأساسي للمصارف الإسلامية حيث تعد الإستثمارات ركيزة العمل في المصارف الإسلامية والمصدر الرئيسي لتحقيق الأرباح سواء للمودعين أو المساهمين , وتوجد العديد من صيغ الإستثمار الشرعية التي يمكن إستخدامها في المصارف الإسلامية لإستثمار أموال المساهمين والمودعين , على أن يأخذ المصرف في إعتباره عند إستثماره للأموال المتاحة تحقيق التنمية الإجتماعية .
3- تحقيق الأرباح :
الأرباح هي المحصلة الناتجة من نشاط المصرف الإسلامي , وهي ناتج عملية الإستثمارات والعمليات المصرفية التي تنعكس في صورة أرباح موزعة على المودعين وعلى المساهمين, يضاف إلى هذا أن زيادة أرباح المصرف تؤدي إلى زيادة القيمة السوقية لأسهم المساهمين .
والمصرف الإسلامي كمؤسسة مالية إسلامية يعد هدف تحقيق الأرباح من أهدافه الرئيسية , وذلك حتى يستطيع المنافسة والإستمرار في السوق المصرفي , وليكون دليلا على نجاح العمل المصرفي الإسلامي.
ثانيا : أهداف خاصة بالمتعاملين
للمتعاملين مع المصرفي الإسلامي أهداف متعددة يجب أن يحرص المصرف الإسلامي على تحقيقها هي على النحو التالي :
1- تقديم الخدمات المصرفية :
يعد نجاح المصرف الإسلامي في تقديم الخدمات المصرفية بجودة عالية للمتعاملين , وقدرته على جذب العديد منهم , وتقديم الخدمات المصرفية المتميزة لهم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية يعد نجاحاً للمصارف الإسلامية وهدفاً رئيسياً لإدارتها .
2- توفير التمويل للمستثمرين :
يقوم المصرف الإسلامي بإستثمار أمواله المودعة لديه من خلال أفضل قنوات الإستثمار المتاحة له عن طريق توفير التمويل اللازم للمستثمرين , أو عن طريق إستثمار هذه الأموال من خلال شركات تابعة متخصصة , أو القيام بإستثمار هذه الأموال مباشرة سواء في الأسواق (المحلية , الإقليمية, الدولية).
3- توفير الأمان للمودعين :
من أهم عوامل نجاح المصارف مدى ثقة المودعين في المصرف, ومن أهم عوامل الثقة في المصارف توافر سيولة نقدية دائمة لمواجهة إحتمالات السحب من ودائع العملاء خصوصاً الودائع تحت الطلب دون الحاجة إلى تسييل أصول ثابتة. وتستخدم السيولة النقدية في المصارف في الوفاء باحتياجات سحب الودائع الجارية من ناحية وإحتياجات المصرف من المصروفات التشغيلية بالإضافة إلى توفير التمويل اللازم للمستثمرين
ثالثا : أهــداف داخلية
للمصارف الإسلامية العديد من الأهداف الداخلية التي تسعى إلى تحقيقها منها:
1- تنمية الموارد البشرية :
تعد الموارد البشرية العنصر الرئيسي لعملية تحقيق الأرباح في المصارف بصفة عامة , حيث أن الأموال لا تدر عائداً بنفسها دون إستثمار , وحتى يحقق المصرف الإسلامي ذلك لابد من توافر العنصر البشري القادر على إستثمار هذه الأموال , ولابد أن تتوافر لديه الخبرة المصرفية ولايتأتى ذلك إلا من خلال العمل على تنمية مهارات أداء العنصر البشري بالمصارف الإسلامية عن طريق التدريب للوصول إلى أفضل مستوى أداء في العمل .
2 – تحقيق معدل نمو :
تنشأ المؤسسات بصفة عامة بهدف الإستمرار وخصوصاً المصارف حيث تمثل عماد الإقتصاد لأي دولة, وحتى تستمر المصارف الإسلامية في السوق المصرفية لابد أن تضع في اعتبارها تحقيق معدل نمو , وذلك حتى يمكنها الإستمرار والمنافسة في الأسواق المصرفية .
3- الإنتشار جغرافيا وإجتماعيا :
وحتى تستطيع المصارف الإسلامية تحقيق أهدافها السابقة بالإضافة إلى توفير الخدمات المصرفية والإستثمارية للمتعاملين , لابد لها من الإنتشار, بحيث تصل إلى مختلف فئات المجتمع, وتوفر لجمهور المتعاملين الخدمات المصرفية في أقرب الأماكن لهم, ولا يتم تحقيق ذلك إلا من خلال الإنتشار الجغرافي في المجتمعات.
رابعا: أهداف ابتكارية :
تشتد المنافسة بين المصارف في السوق المصرفية على اجتذاب العملاء سواء أصحاب الودائع ؛ الإستثمارية , الجارية (أو المستثمرين). وهي في سبيل تحقيق ذلك تقدم لهم العديد من التسهيلات بالإضافة إلى تحسين مستوى أداء الخدمة المصرفية والإستثمارية المقدمة لهم, وحتى تستطيع المصارف الإسلامية أن تحافظ على وجودها بكفاءة وفعالية في السوق المصرفية لابد لها من مواكبة التطور المصرفي وذلك عن طريق ما يلي :
1- إبتكار صيغ للتمويل :
حتى يستطيع المصرف الإسلامي مواجهة المنافسة من جانب المصارف التقليدية في اجتذاب المستثمرين لابد أن يوفر لهم التمويل اللازم لمشاريعهم المختلفة , ولذلك يجب على المصرف أن يسعى لإيجاد الصيغ الإستثمارية الإسلامية التي يتمكن من خلالها من تمويل المشروعات الإستثمارية المختلفة , بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
2- إبتكار وتطوير الخدمات المصرفية :
يعد نشاط الخدمات المصرفية من المجالات الهامة للتطوير في القطاع المصرفي. وعلى المصرف الإسلامي أن يعمل على إبتكار خدمات مصرفية لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. ويجب على المصرف الإسلامي ألا يقتصر نشاطه على ذلك, بل يجب عليه أن يقوم بتطوير المنتجات المصرفية الحالية التي تقدمها المصارف التقليدية بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
ما هي الخدمات المصرفية في المصارف الإسلامية ؟
تعد الخدمات المصرفية في المصارف بصفة عامة الواجهة الرئيسية للمتعاملين مع المصرف ووسيلة هامة لجذب المتعاملين الجدد والمحافظة على المتعاملين الحاليين , فهي بوابة العبور للتعامل في أنشطة المصرف المختلفة.
كما ترجع أهمية الخدمات المصرفية إلى أن الإيرادات الناشئة عنها {إيرادات منخفضة مخاطر } .
ويقدم المصرفي الإسلامي كافة الخدمات المصرفية التي يقدمها البنك التقليدي فيما عدا الخدمات المصرفية التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية والتي تستخدم أسعار الفائدة في تنفيذ تلك الخدمات.
تنقسم الخدمات المصرفية المقدمة بالمصارف الإسلامية إلى نوعين هما :
1 – خدمات مصرفية تتضمن عمليات إئتمانية.
2 – خدمات مصرفية لا تتضمن عمليات إئتمانية.
فالخدمات المصرفية التي تتضمن عمليات إئتمانية تخضع لعمليات الدراسات الإئتمانية. فيتم تنفيذها بالمصارف الإسلامية كعمليات إستثمارية .
أما الخدمات المصرفية التي لا تتضمن عمليات إئتمانية فيتم تنفيذها كخدمة مصرفية يتم أخذ عمولة أجر مقابل تقديم الخدمة مثل
أولا : الاعتمادات المستندية
تعد الإعتمادات المستندية من أهم الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف بصفة عامة , حيث تعد أساس الحركة التجارية (الإستيراد – التصدير ) في كافة أنحاء العالم والتي تنفذ من خلال شبكة المراسلين للمصارف حول العالم.
ويعرف الإعتماد المستندي بأنه طلب يتقدم به المتعامل من أجل سداد ثمن مشتريات بضائع من الخارج ويقوم البنك بموجبه عن طريق المراسلين بسداد القيمة بالعملة المطلوب السداد بها.
وتنفذ الإعتمادات المستندية بالمصارف من خلال أسلوبين هما :
أ- الأسلوب الأول: وهو تنفيذ الإعتماد المستندي كخدمة مصرفية حيث يتم تغطيته بالكامل من قبل المتعامل , ويقتصر دور المصرف على الإجراءات المصرفية لفتح الإعتماد لدى المراسل وسداد قيمة الإعتماد بالعملة المطلوبة.
أ- الأسلوب الثاني: وهو تنفيذ الإعتماد المستندي كإئتمان مصرفي حيث يقوم المتعامل بسداد جزء فقط من قيمة الإعتماد ويقوم المصرف بإستكمال سداد قيمة الإعتماد كعملية إئتمانية.
وتنفذ هذه العملية بالمصرف الإسلامي عن طريق إحدى قنوات الإستثمار (مرابحة – أو مشاركة الإعتمادات ) .
وفي حالة تنفيذ المصرف للإعتماد المستندي كخدمة مصرفية فهي خدمة جائزة شرعا تندرج تحت قواعد الوكالة والإجارة يتقاضى المصرف عن تأديتها أجراً. وفي حالة تنفيذها كعملية إستثمارية فهي تندرج تحت قواعد عقود البيوع والمشاركات .
ثانياً: خطابات الضمان
تعد خطابات الضمان من الأنشطة المصرفية الهامة , حيث أصبحت أداة للتعامل الإقتصادي الداخلي والخارجي على حد سواء وخاصة في مجال التعاقدات والمقاولات.
يعرف خطاب الضمان بأنه { تعهد كتابي يصدر من المصرف بناء على طلب المتعامل بدفع مبلغ نقدي معين أو قابل للتعيين بمجرد أن يطلب المستفيد ذلك من المصرف خلال مدة محددة ويجوز إمتداد الضمان لمدة أخرى وذلك قبل إنتهاء المدة الأولى }.
وتوجد أنواع متعددة لخطابات الضمان منها :
خطاب ضمان إبتدائي
خطاب ضمان نهائي
خطاب ضمان دفعة مقدمة
ويتم عادة قيام المتعامل بتغطية جزء من قيمة خطاب الضمان. والتكييف الشرعي لدي الفقهاء أن خطابات الضمان تتضمن أمرين (الوكالة, الكفالة).
وقد اتفق المستشارون الشرعيون للمصارف علي عدم أخذ أجرة على إصدار خطاب الضمان, وترى الهيئات الشرعية أن يتم إصدار خطاب الضمان في إحدى صور قنوات الإستثمار .
ثالثاً:الأوراق المالية
يقصد بالأوراق المالية الأسهم والسندات , والسهم يحصل صاحبه على عائد سنوي , أما السند فيحصل صاحبه على فائدة ثابتة , ولذلك فإن المصارف الإسلامية لا تتعامل بالسندات.
وتتضمن الخدمات المصرفية المتعلقة بالأسهم ما يلي :
1- حفظ الأسهم: ويجوز للمصرف القيام بحفظ الأسهم للمتعامل ويتقاضى أجراً فهي كالوديعة.
2- بيع الأسهم: يجوز للمصرف القيام ببيع وشراء الأسهم لصالح عملائه كوكيل عن العميل ويستحق مقابل ذلك أجرا .
3- الإكتتاب: يجوز للمصرف أن يقوم بأداء عملية الإكتتاب للشركات الجديدة , وتكييفها الشرعي وكالة ويستحق المصرف عنها أجراً .
4- صرف أرباح الأسهم: يجوز للمصرف صرف أرباح الأسهم نيابة عن الشركات وتكييفها الشرعي وكالة ويجوز للمصرف أخذ أجرا عنها .
ولا يجوز للمصرف بصفة عامة التعامل في أسهم الشركات التي تبيع منتجات تخالف الشريعة ( السجائر – الخمور – … ) .
رابعاً: الأوراق التجارية
تستخدم الأوراق التجارية (الكمبيالة, السند الإذني, الشيك ) بصفة عامة في الأعمال التجارية “{ كسند يثبت فيه المدين تعهداً للدائن بدفع مبلغ معين إما بنفسه أو عن طريق شخص آخر في تاريخ معين }. وتستخدم الأوراق التجارية أداة للوفاء بالديون مقابل الغير بحيث يمكن تحويل المديونية من شخص لآخر. وجرى العرف علي أن أكثر هذه الأوراق تداولا هي الكمبيالة.
وتقوم المصارف التقليدية عادة بتقديم مجموعة من الخدمات المصرفية متعلقة بالأوراق التجارية وهي :
1- تحصيل الأوراق التجارية : وهذه الخدمة من الناحية الشرعية جائزة ويتقاضى المصرف عنها عمولة أو أجراً وتكييفها الشرعي وكالة.
2- قبول الأوراق التجارية كضمان : لايوجد مانع شرعا من قبول الأوراق التجارية كضمان في بعض العمليات الإستثمارية إذا تم التأكد من صحة الأوراق التجارية المقدمة كضمان.
3- حفظ الأوراق التجارية : وهذه الخدمة من الناحية الشرعية جائزه ويؤخذ عليه أجراً مقابل الخدمة.
4- خصم الأوراق التجارية : ومفهومها أن يتقدم المتعامل للمصرف بطلب تحصيل القيمة الحالية لكمبيالة تستحق بعد فترة بعد خصم مبلغ معين يتم احتسابه باستخدام سعر الفائدة وهو يمثل الفترة بين تاريخ الخصم وتاريخ الإستحقاق, وهذه العملية لا يجوز تنفيذها في المصارف الإسلامية لأنها تعتمد على استخدام سعر الفائدة في تحديد القيمة الحالية للكمبيالة .
خامساً: الصرف الأجنبي
تعد عمليات الصرف الأجنبي أو ما يطلق عليه بيع وشراء العملات لتسيير نشاط الخدمات المصرفية الهامة وخاصة في مجال الإعتمادات المستندية وتسديد الإلتزامات المالية بالعملات المختلفة للمصارف الخارجية .
عمليات الصرف الأجنبي والعملة الأجنبية هي كل { عملة لدولة يتم تداولها خارج نطاق تلك الدولة } وعمليات الصرف الأجنبي من المعاملات الجائزة شرعا حيث يتم بيع وشراء العملة فورا وتسديدها للمراسل في حالة الإعتمادات المستندية أو تسليمها للمتعامل في حالة البيع النقدي. وتحصل البنوك مقابل ذلك علي أجر مقابل تحويل العملات للخارج, وتندرج تحت التكييف الشرعي عقد الوكالة , كما تستفيد المصارف أيضا من فرق العملة بين سعر الشراء وسعر البيع , ومن شروط صحة عمليات الصرف الأجنبي التقابض في مجلس الصرف .
سادساً: السحب على المكشوف
تقوم المصارف التقليدية بالسماح لعملائها بالسحب النقدي من حساباتهم الشخصية مقابل فائدة معينة, وهذه الخدمة لا تجوز بالمصارف الإسلامية حيث لا يتم التعامل بالفائدة أخذاً أو إعطاء , ولكن في حالة كشف حساب المتعامل بمبلغ من المال مقابل مديونية فيعد هذا من قبيل القرض الحسن , وذلك يكون لمدة معينة.
أما إذا كان هذا القرض قد تعدى لمدة أكبر فيتم دراستة وتنفيذه من خلال أحد قنوات الإستثمار الإسلامية وخاصة المشاركة والتي يمكن إستخدامها لتمويل رأس المال العامل.
سابعا: تأجير الخزائن
تعد هذه الخدمة من الخدمات المصرفية التي تقدم في المصارف للعملاء لحفظ ممتلكاتهم من المجوهرات أو المستندات الهامة أو العقود ويحتفظ المتعامل بمفتاح خاص لهذه الخزينة لا يفتح إلا بمعرفته ومندوب المصرف. ويتقاضي المصرف أجراً مقابل ذلك وتكييفها الشرعي أنها عقد إجارة .
ثامناً: (بطاقات مصرفية مثل الفيز ا والماستر كارد)
انتشرت في الأونة الأخيرة استخدام البطاقات الإئتمانية ( فيزا ) بديلاً عصرياً عن حمل النقود, لما لها من مزايا أمنية للتعامل, إضافة إلى سهولة إستخدامها وقبولها دولياً من كافة المؤسسات التجارية والخدمية.
ويتقاضى المصرف مقابل تقديم هذه الخدمة رسوماً تتمثل في تكاليف إصدار البطاقة ورسوماً تدفع للشركة الدولية. وتستخدم هذه البطاقة في سداد قيمة مشتريات العملاء أو استخدامهم لخدمات الفنادق أو السفر بالطائرات أوما شابه ذلك.
تختلف المصارف الإسلامية عن المصارف التقليدية في نقطة هامة في استخدام البطاقات المصرفية وهي عملية استخدام البطاقة في السحب النقدي, فالمصرف التقليدي يتقاضى مقابل ذلك فائدة عن السحب النقدي, أما المصرف الإسلامي فإنه يشترط على المتعامل عدم استخدامها في عمليات السحب النقدي إلا في أضيق الحدود, وفي حالة السحب النقدي لا يتقاضى المصرف أي فائدة بل يعتبر ذلك من قبيل القرض الحسن .
تاسعاً: الحوالات
يحتاج الكثيرمن عملاء المصارف إلى إجراء عملية تحويل أموال داخل البلد الواحد أو إلى بلاد أخرى خارجية , ويتم تغطية هذه الخدمة إما عن طريق التحويلات البرقية أوالتلكس أو عن طريق شيكات تحصل في بلد المستفيد.
وتندرج هذه الخدمات في العقد الشرعي الوكالة ويتقاضى المصرف مقابل ذلك أجراً.
عاشراً: بيع وشراء الشيكات السياحية
تقوم المصارف بتقديم هذه الخدمة لعملائها سواء شراء الشيكات السياحية الخاصة بهم أو بيع الشيكات السياحية الخاصة بالمصارف أو المؤسسات المالية الدولية مقابل عمولة متعارف عليها . والتكييف الشرعي لهذه الخدمة يندرج تحت عقد الوكالة يحصل المصرف مقابل ذلك على أجر .
حادي عشر: الحسابات الجارية
يمكن القول أن الحسابات الجارية تعد أهم الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف للعملاء.
ويتيح الحساب الجاري للعميل حفظ أمواله في المصرف مع إمكانية سحبها أو سداد أي إلتزام مالي عليه في أي وقت , سواء عن طريق إصدار شيكات للدائنين, أو السحب من رصيده مباشرة من خلال فروع المصرف أو من خلال ماكينات الصرف الآلي (ATM) والتي تعمل طوال اليوم , أو سداد قيمة مشتريات من خلال ماكينات نقاط البيع (P.O.S).وقد اختلف في التكييف الشرعي للحساب الجاري .. هل هو عقد وديعة أو عقد قرض وقد اتفق الفقهاء على أن الحساب الجاري هو عقد قرض .
وقد اتفق على أن عوائد استثمار الحساب الجاري تضاف إلى عوائد المساهمين وليس للمودعين حصة فيها حيث أن المصرف ضامن لهذه الأموال وتقع مخاطر إستثمار هذه الأموال على المصرف وليس علي المودع، طبقاً لقاعدة “الخراج بالضمان”