قبيحة العادة السرية عند الأطفال
العادة السرية هي ما يسمى في عرف الفقهاء بالاستمناء، وهو العبث بالأعضاء التناسلية بطريقة منتظمة ومستمرة بغية استجلاب الشهوة، والاستمتاع بإخراجها. وتنتهي هذه العملية عند البالغين بإنزال المني، وعند الصغار بالاستمتاع فقط دون إنزال لصغر السن. فلفظ العادة السرية يستخدم لجميع أنواع العبث، واللعب بالأعضاء التناسلية، إلا أن البعض يقصر مفهومها على حالات اجتلاب الشهوة. ولعل هذا الرأي الأخير هو الأقرب إلى الصواب، فمن الإجحاف أن يُعد التزام الولد الصغير لعضوه التناسلي، وعبثه به من وقت لآخر عادة سرية، أو استمناء، وإن كان في ذلك شيء من الاستمتاع.
وحكمها في الإسلام التحريم؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المعارج:29-31]، ولا تجوز إلا عند الضرورة والحاجة، فعامة العلماء على تحريمها.
وقد دلت بعض البحوث على أنه يمكن أن يكون لبعض الأطفال نشاط جنسي قبل البلوغ، يتمثل في اللعب والعبث بالأعضاء التناسلية بغية الاستمتاع، حيث وجد أن ثلاثاً وخمسين حالة من بين ألف حالة فحصت بعيادة ببرلين بألمانيا قد مارست العادة السرية، وقد كانت النسبة الكبرى تخص الأولاد الذكور في المرحلة ما بين سبع إلى تسع سنوات، فانتشار العادة عند الأولاد أكثر منه عند البنات، كما وُجد في بعض الدراسات أن ثمانية وتسعين بالمائة من الأولاد قد زاولوا هذه العادة في وقت من الأوقات.
ويرى بعض المهتمين بالتربية أن ممارسة هذه العادة تبدأ في سن التاسعة عند عشرة بالمائة من الأولاد. ويرى البعض الآخر أنها تبدأ في الفترة من سنتين إلى ست سنوات، وبعضهم يرى أنها تبدأ في سن الشهر السادس تقريباً. وبعضهم يتطرف فيجعل بدايتها مع الميلاد، إذ يؤول جميع نشاطات الطفل بأنها نشاطات جنسية، وهذا بلا شك خطأ محض لا يُلتفت إليه، ولا يُلتفت أيضاً إلى كل قول يرى بداية ممارسة العادة السرية عند الطفل قبل أن يتمكن الطفل من التحكم تحكماً كاملاً في استعمال يديه، والحصول على بعض المعلومات في المجال الجنسي.
ولعل أنسب الأقوال، وأقربها إلى الصواب أن بداية ممارسة هذه العادة بطريقة مقصودة غير عفوية يكون في حوالي سن التاسعة؛ إذ إن الطفل في هذا السن أقرب إلى البلوغ ونمو الرغبة الجنسية المكنونة في ذاته. أما مجرد عبث الولد الصغير بعضوه التناسلي دون الحركة الرتيبة المفضية لاجتلاب الشهوة أو الاستمتاع، لا يعد استمناء، أو عادة سرية. وهذا المفهوم مبني على تعريف العادة السرية بأنها العبث بالعضو التناسلي بطريقة منتظمة ومستمرة لاجتلاب الشهوة والاستمتاع، لا مجرد التزام العضو من وقت لآخر دون هذه الحركة المستمرة.
ويتعرف الولد على هذه العادة القبيحة عن طرق عدة. منها وقوع كتاب يتحدث بدقة وتفصيل عن هذه القضية فيتعلم كيفيتها ويمارسها، وطريق آخر تلقائي حيث يكتشف بنفسه لذة العبث بعضوه، وطريق آخر يعد أعظم الطرق وأخطرها وهو تعلم هذه العادة عن طريق رفقاء السوء من أولاد الأ قرباء، أو الجيران، أو زملاء المدرسة ممن حرموا نصيبهم وحقهم من التربية الإسلامية، والرعاية النفسية ((فقد لُوحظ أن أكثر الأطفال ممارسة للعادة السرية هم الأطفال المضطهدون، أوالمهملون، أو المنبوذون، أو من لا يظفرون بما يصبون إليه من تقدير في المدرسة أو ساحة اللعب)). ففي بعض الأوقات - بعيداً عن نظر الكبار - يجتمع هؤلأء الأولاد، ويتناقلون معلومات حول الجنس، ويتبادلون خبراتهم الشخصية في ممارسة العادة السرية، فيتعلم بعضهم من بعض هذه الممارسة القبيحة. وربما بلغ الأمر ببعضهم أن يكشف كل ولد منهم عن أعضائه التناسلية للآخرين، وربما أدى هذا إلى أن يتناول بعضهم أعضاء بعض. بل ربما أدت خلوة اثنين منهم إلى أن يطأ أحدهما الآخر، فتغرس بذلك بذرة الانحراف ، والشذوذ الجنسي في قلبيهما، فتكون بداية لانحرافات جنسية جديدة. كما أن الخادم المنحرف يمكن أن يدل الولد على هذه العادة القبيحة ويمارسها معه فيتعلمها ويتعلق بها.
إن حل المشكلة وحماية الولد من خوض خبراتها المؤلمة خاصة قبل البلوغ بالنسبة للولد الكبيرفي طفولته المتأخرة، يكون أولاً وقبل كل شيء بتقوية صلته بالله, وتذكيره برقابته عليه، وأنه لا تخفى عليه خافية، فيعلمه الحياء من الله، ومن الملائكة الذين لا يفارقونه. ولا بأس باستخدام أسلوب عبد الله التستري الذي كان يردد في طفولته قبل أن ينام فيقول. (( الله شاهدي،الله ناظري، الله معي)). فيتركز في قلب الولد رقابة الله عليه، ونظره إليه، فيستحي منه، فلا يقدم على مثل هذا العمل القبيح.
ويضاف إلى هذا هجر رفقاء السوء، وقطع صلة الولد بهم، وتجنيبه إمكانية تكوين صداقات مشبوهة مع أولاد منحرفين، أو مهملين من أسرهم، حتى وإن كانوا أصغر منه سناً، فبإمكانهم نقل معلومات حول هذه العادة، أو قضايا جنسية أخرى، أو على الأقل يعلمون الولد شتائم قبيحة متعلقة بالجنس.
ثم يسعى الأب بجد وهمه في تكوين صداقات بديلة عن الصداقات المنحرفة، وصلات قوية بين أولاده وأولاد غيره من الأسر الملتزمة بمنهج الإسلام في التربية، متخذاً في ذلك الوسائل المرغبة المختلفة.
ويحمي الأب ولده من الكتب، والمجلات، والنشرات الطبية التي تتحدث عن هذه القضية بأسلوب غير تربوي، فتعرضها عرضاً يحببها إلى النفس، ويخفف ضغط تأنيب الضمير على ممارسيها، ويشغل وقته بالقراءة المفيدة، والاطلاع الجيد، وارتياد المكتبات العامة النافعة، كمكتبات المساجد، والمكتبات المهتمة بالكتب الشرعية النافعة، والثقافية المفيدة، أو تسجيله في أحد المعاهد العلمية، أو جمعيات تحفيظ القرآن في فترة ما بعد العصر.
كما يمكنه أن يستغل ميل الولد إلى المخترعات والأعمال الميكانيكية، في طفولته المتأخرة بأن يؤمن له شيئاً من ذلك في المنزل، أو يسجله في بعض المعاهد التدريبية المأمونة؛ ليمارس هذه الأعمال النافعة التي يميل إليها عادة الأولاد في طفولتهم المتأخرة. من فوائدها أنها تشغل أوقاتهم، وتستغل طاقاتهم العقلية والجسمية فيما ينفعهم، فلا يلتفت الولد إلى ممارسة العادة السرية بسبب هذا الانشغال، واستنزاف الطاقة، فلا يأتي عليه الليل بستره إلا وقد أخذ منه جهد النهار طاقته، فلا يفكر إلا في النوم.
ويلاحظ الأب توجيه ابنه عند النوم بأن يلتزم السنة، فلا ينام على بطنه، فإن هذه النومة تسبب تهيجاً جنسياً بسبب احتكاك الآعضاء التناسلية بالفراش، إلى جانب أنها نومة ممقوتة مخالفة للسنة المطهرة.
أما بالنسبة للولد الصغير فإن عادة التزام الولد لعضوه التناسلي ووضع يده عليه من وقت لآخر: تحدث بعد بلوغ الولد سنتين ونصف تقريباً، وكثيراً ما يُشاهد الولد في هذه السن واضعاً إحدى يديه على عضوه التناسلي دون انتباه منه، فإذا نبه انتبه ورفع يده. ويعود سبب ذلك في بعض الحالات إلى وجود حكة، أو التهاب في ذلك الموضع من جراء التنظيف الشديد من قبل الأم، أو ربما كان سبب الالتهاب هو: إهمال تنظيف الولد من الفضلات الخارجة من السبيلين.
ومن أسباب اهتمام الولد بفرجه: إعطاؤه فرصة للعب بأعضائه عن طريق تركه عارياً لفترة طويلة، فإنه ينشغل بالنظر إليها، والعبث بها، والمفروض تعويده التستر منذ حداثته، وتنفيره من التعري.
وإذا شوهد الولد واضعاً يده على فرجه صرف اهتمامه إلى غير ذلك كأن يعطي لعبة، أو قطعة من البسكويت، أو احتضانه وتقبيله. والمقصود هو صرفه عن هذه العادة بوسيلة سهلة ميسرة دون ضجيج، ولا ينبغي زجره وتعنيفه، فإن ذلك يثير فيه مزيداً من الرغبة في اكتشاف تلك المنطقة، ومعرفة سبب منع اللعب بها. ولا بأس أن يسأل الولد عما إذا كانت هناك حكة، أو ألم في تلك المنطقة يدفعه للعبث بنفسه.