تمرُّ على مجتمعنا فترة من أصعب الفترات في التاريخ, فأعداء الإسلام يتربصون ويكيدون لهذه الأمة من ناحية، والفساد الداخلي من ناحيةٍ أخرى، وليس هناك نجاة للمجتمع إلا بتوحد جهود جميع القوى أحزابًا وهيئات، أفرادًا وجماعات، رجالاً ونساء للنهوض ببلدنا وإصلاح حالها مما هي فيه من فساد.
وأنتِ أيتها الأخت المسلمة، يقع عليكِ العبء الكبير في هذا الإصلاح، فأنت الأم التي تربي الرجال، وأنت الزوجة التي تكون عونًا لزوجها، وأنت المربية للأسرة المسلمة، اللبنة الأولى في إصلاح المجتمع, وبهذا تكتمل صورة المجتمع المسلم، الرجال بجانب النساء من أجل التغيير، والنهوض بالمجتمع في كافة مجالاته.
وعندما فهمت المرأة المسلمة دورها منذ عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أخرجت لنا جيلاً من الصالحين، رعته أمهات صالحات أرضعنه مبادئ العزة والكرامة مع دفقات الحليب، فقاد العالم إلى الأمن والسلام، بعد أن كانوا رعاة غنم يعبدون صنمًا، أصبحوا سادة الأمم، وتقدموا على المجتمعات في شتى المجالات.
فقد يقول قائل ما دخل المرأة في الإصلاح وبناء المجتمعات والنهوض بالأمة فهذه أمور سياسية من عمل الرجال, فلتعلمي أختي المسلمة، وليعلم الجميع أن الإسلام كرَّم المرأة ورفع من شأنها بعد أن كانت حقوقها ضائعة.. كرامتها مهدرة.. حريتها محبوسة.. لا تملك لنفسها نفعًا ولا ضرًّا، بل كانت تحرم من الحياة، فجاء الإسلام ومنحها الحياة فحرم وأدها وأعطاها حقوقها.
وكانت البداية التي أخذت بها المرأة حقوقها في الحياة من القرآن الكريم منذ أن خلق الله البشرية قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ (النساء: من الآية 1).
وقال تعالى ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ (آل عمران: من الآية 195).
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)﴾ (النساء).
فالحقوق والأجور موزعة بينهما بالسوية، فالنص القرآني يقول من ذكر أو أنثى، فالمرأة اختارت بنفسها الدخول في هذا الدين دون إكراه، وهذا يعتبر أكبر قرار سياسي في حياتها، ثم شاركت في الحياة السياسية من بيعة وهجرة ودعوة وطلب علم، فكان لها الحق في إبداء الرأي، واتخاذ القرار، والأخذ بمشورتها، بل بلغت أكبر من ذلك فشاركت في الناحية العسكرية، تحفز همم الرجال وتمرّض المرضى وتنقل القتلى والجرحى، بل واشتركت اشتراكًا فعليًّا في المعارك فضربت بالسيف وأطلقت السهم وذاق منها أعداء الله الهوان، وفضلها الله عز وجل أن جعل أول شهيدة في الإسلام من النساء وهي سمية أم عمار بن ياسر.
فهيا أختي المسلمة مدى يدك لنستلم الراية من أمهات المؤمنين والصحابيات ومن سار بعد ذلك على دربهن لنحمل الخير والإصلاح والصلاح للأمة كلها، ولهذا الشعب العزيز علينا.
والآن أصبح مشاركة المرأة في الحياة السياسية أمرًا طبيعيًّا ومقبولاً في المجتمع، فالمرأة اليوم تمثل نحو نصف أعداد الناخبين إن لم يكن أكثر، وقد عرفت المرأة دورها كمرشحة وفهمت دورها كناخبة وداعمة في إنجاح الانتخابات، فالمرأة لها قابلية جيدة في إقناع الأخريات وخاصة المقربين الذين يجدون فيها الوعي والفهم والثقافة.
فلا يجب أن ننسى دور المرأة في رصد احتياجات النساء ونقل آرائهن ومقترحاتهن إلى حسن الاستفادة منها في البرنامج الانتخابي للمصلحين, وكذلك مساندة المرشح, والإسهام في الدعاية الانتخابية, وكسب الأصوات من خلال علاقاتها بالجيران والأقارب والأصدقاء كما تقوم بنشر الوعي الانتخابي بين أفراد المجتمع بأهمية الانتخابات وأنه من الواجب الشرعي والوطني المشاركة فيها عن طريق الإدلاء بالأصوات واختيار المرشحين الصالحين الداعين للإصلاح والتغيير.
وقد برز هذا الدور في انتخابات 2005 حيث ضربت المرأة المصرية أروع الأمثلة في السعي إلى ممارسة حقوقها وتخطت جميع الصعاب حتى بلغ بها الأمر أنها صعدت السلالم لتدخل المقر الانتخابي من على الأسوار متحدية الكردونات الأمنية، من أجل أن تدلي بصوتها حتى انبهر بها العالم من شجاعتها وإقدامها.
وأخيرًا يجب على المرأة أن تبادر إلى ممارسة حقوقها السياسية لتغيير الفساد، فحقوقها لن تقدم لها من دون السعي الحثيث وراءها.
نشرت فى 2 يوليو 2010
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,684,143