حول مفهوم المصارف الإسلامية ..

 

قام مؤسسو المصارف اللاربوية بإطلاق إسم “البنوك الإسلامية” على مؤسساتهم الناشئة، إلا أن من كتب عن تلك المصارف منهم من من فضّل إطلاق تسمية أخرى من هؤلاء الدكتور سيد الهوراي، والدكتور أحمد عبد العزيز نجار.

 

ذكر الدكتور سيد الهواري في كتابه إدارة البنوك إنه “يرى من الصعب إعتبار البنك الذي لا يتعامل بالفائدة بنكاً إسلامياً، ولكن البنك لكي يكون إسلامياً يجب أن يكون مبنياً على العقيدة الإسلامية، ويستمدّ منها كل كيانه ومُقومّاته، وحين سئُل الدكتور أحمد عبد العزيز النجار عن تقويمه النهائي لتجربة البنوك الإسلامية أجاب قائلاً: “أُفضل تسميتها “البنوك اللاربوية” لأنها قامت بالوظيفة السلبية أي عدم التعامل بالربا، ولكنها لمتقم حتى الآن كمؤسسة تنموية إنتاجية إسلامية”. وبالعودة إلى الإسم المتداول “البنوك الإسلامية” كلمة بنك هي كلمة لاتينية المصدر يعود أصلها إلى الكلمة الإيطالية Banco والتي تعني المقعد الذي كان يستعمله الصيارفة، في مدينة البندقية الإيطالية، ويقابلها في اللغة العربية كلمة مصرف، أما كلمة إسلامية لم تتطرق الكتابات التي تحدثت عن هذه المصارف إلى أسباب هذه التسمية وهذا يفتح باب التساؤلات. هل هذه التسمية من باب التدليل على هوية أصحابها، أو مالكيها، أو عملائها، أو البلاد التي نشأت فيها، أو بسبب بعض الأعمال التي تمارسها على هامش الخدمات المصرفية كإخراج الزكاة، أو الإقراض الحسن، أم لأن المصارف الربوية تمارس أعمالاً محرمة شرعاً ومن أبرزها التعامل بالربا بينما المصارف الإسلامية لا تمارس هذه الأعمال، إلا أن الإمتناع عن التعامل بالربا لا يستدعي تسميتها بالبنوك الإسلامية، أما إذا كانت التسمية لأنها تمارس أنواعاً من المعاملات الإسلامية مثل المضاربة، والمرابحة، والمشاركة، فهذه المعاملات من أعمال الشركات وليست من أعمال المصارف، ويطبق عليها حكم الشركات الإسلامية.

 

وتختلف المؤسسات المالية اللاربوية عن غيرها من المؤسسات في بعض العمليات الجزئية، أو العقود الجزئية، ولهذا يُحكم عليها من خلال هذه العمليات الجزئية، التي قد تكون شرعية، أو مخالفة للشرع، ويكون الحكم على العقد الذي أُبرمَ بين المصرف والعميل، هل هو شرعي، أم غير شرعي؟ من هذا المنطلق لا نقول مصرف شرعي، ومصرف غير شرعي، ولكن نقول عقد شرعي، وعقد غير شرعي، سواء كان العقد عقد حوالة، أم عقد صرافة، أم فتح إعتماد، أم عقد إيداع. إلا إذا كان المقصود إستقطاب فئة معينة من الزبائن من خلال الإسم.

 

- وبرأي أن المصارف الإسلامية ما زالت حديثة العهد، وتحتاج إلى الوقت، وفرصة وتهيئة، وتعاون، وتفهم، البيئة المحيطة، لتعمل وفق الشريعة الإسلامية خصوصاً أنها تعمل عكس التيار السائد والمسيطر منذ قرون عدة على عقول ونفوس الناس وهذا واقع وعلى الأرجح القصد من هذه التسمية نوع من الإعلان للناس المهتمين والمتعطشين للعمل وفق تعاليم الكتاب والسنة أن هناك بديل للنظام المصرفي الربوي، بل وبدائل شرعية عديدة لإستثمار الأموال كما يرضي الله.

 

نشأة المصارف اللاربوية:

بدأت فكرة إنشاء مصارف لاربوية في ذهن الدكتور أحمد عبد العزيز النجار، وقد عمل في ألمانيا خبيراً لبنوك إدخار محلية في إلمانيا. وفي عام 1960م تقدم د. النجار بتقريرين إلى وزارة الإقتصاد المصرية، أظهر فيها أهمية بنوك الإدخار، والآثار الملموسة لها في دعم الإقتصاد الألماني، وبيّن الفوائد التي ستجنيها مصر من تطبيق هذا النوع من المؤسسات فيها، وتم توقيع إتفاقية بين مصر وألمانيا الإتحادية حول تطبيق الفكرة في مصر. وكان الفرع الأول لمصارف الإدخار لا يحمل إسماً إسلامياً حينما ظهر في مدينة ميت غمر بمحافظة الدقهلية، في مصر عام 1963م، على أن يعمل على أسس تتفق تماماً مع الأسس الإسلامية وكان الهدف من إنشائها إقامة وحدات مصرفية محلية في كل قرية، أو حيّ، لتجميع مدخرات الأهالي، وتوظيفها مباشرة في إحتياجاتهم في منطقتهم. ومن ثم إنتشرت هذه التجربة في مدن وقرى مصرية أخرى. ويرى الدكتور سامي حمود أن إنشاء بنك ناصر الإجتماعي عام 1971م يُعتبر بمثابة تجدد لتجربة بيت غمر. وبدأت المصارف اللاربوية أعمالها الأولى في مرحلة تأسيسها متمتعة بالحرية وببعض الإعفاءات، مما تُلزم به المصارف الربوية من تراخيص بممارسة العمل أو من قوانين حكومية تُشرف على تنفيذها وتشدد على الإلتزام بها المصارف المركزية بصفتها مصارف الحكومات والمسؤولة عن إصدار النقد، وتداوله، وإنضباط المصارف الربوية، وإلتزامها بالقوانين التي تصدرها الحكومات، والدوائر المالية فيها، مثل نسبة الإحتياطي السائل. وإختلفت نظرة المصارف المركزية إلى المصارف اللاربوية من دولة إلى أخرى، منها من إعتبرها مصارف تجارية عادية، ومنها من صنفها على إنها بنوك إستثمار وأعمال، بهدف إعفائها من بعض أدوات السياسة النقدية والإئتمانية، كالسقوف الإئتمانية. ومن العقبات القانونية التي واجهت نشأة هذه المصارف، أنها تعمل في أوضاع محلية غير مؤاتية، فهي تمارس أعمالها وفقاً لنصوص الشريعة الإسلامية، في حين أن القوانين واللوائح والأنظمة المطبقة غير مستمدة من الشريعة بل هي مأخوذة من النماذج الغربية المصممة لتنظيم البنوك الربوية. لتجاوز هذه العقبات نشأت بعض المصارف مستثناة من التشريعات المصرفية المحلية، فصدرت قوانين خاصة بإنشائها، كالأردن وماليزيا ونشأت مصارف أخرى دون إستثناء ودون قانون خاص بها، فنشأت حسب قانون الشركات السائد في بلد المشأة.

 

- فالمصارف اللاربوية في معظمها مصارف تجارية، وتتخذ شكل الشركات المساهمة، ويُستثنى من ذلك البنك الإسلامي للتنمية، وبنك ناصر الإجتماعي ثم المصارف الباكستانية والإيرانية، التي هي مملوكة للدولة.

 

لقد أصبح واضحاً لدى الكثيرين أن المصارف الإسلامية تمارس أنشطة لا تمارسها المصارف الربوية، كالمشاركة في المشاريع الصناعية، والتجارية، والعمرانية، وهي تتبع أنواعاً شرعية من المعاملات مثل المضاربة، المرابحة، المشاركة المنتهية بالتمليك، والقرض الحسن، الإسهام في رؤوس أموال المؤسسات الأخرى، والإيجار، والإيجار المنتهي بالتمليك. وتستقبل مدخرات، أو إيداعات المودعين، وتستثمرها بإشراف أجهزتها أو إشراف مشترك بينها وبين المودعين ثم توزيع الأرباح على المودعين. وهناك مشكلة أخرى لا تكمن في إسم المصارف اللاربوية فقط بل في طبيعة المسمّى، الذي تختلف أحكامه مع إختلاف التسمية، وذلك لأن كلمة “بنك” تعني عند الكثيرين أمرين أساسين” الأول: أن البنوك ممنوع عليها أن تتعامل بالتجارة والأمر الثاني: أن البنوك لا يمكن لها أن تقوم إلا على أساس التعامل بالفائدة”

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 121/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
42 تصويتات / 3699 مشاهدة
نشرت فى 27 مايو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,886,727

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters