دور علم النفس البيئي في حل مشاكل البيئة ..

 

ظهر الإهتمام بدراسة تأثير البيئة على سلوك الإنسان ، في إطار علم النفس التجريبي في المجتمعات الأمريكية والغربية منذ وقت مبكر، يرجع إلى الربع الأخير منالقرن التاسع عشر. ظهر ذلك خلال نظرية المجال لكيرت ليفين في الأربعينيات من القرن العشرين (1890 – 1947 ) وعمله على الجماعات البشرية وحراكها، كما اهتمت مدرسة الجشطالت الألمانية في علم النفس بتأثير البيئة على السلوك، ومن انصارها كهلر وكوفكا.

 

ظهر علم النفس البيئي بوصفه دراسة علمية لتأثير البيئة بجمع اشكالها على سلوك الإنسان والحيوان ، ولم يظهر في صورة علمية مستقلة إلا في نهاية الستينات من القرن العشرين. وبدأ ظهوره في شكل إصدار مجلات علمية متخصصة في شئون البيئة ، منها مجلة البيئ والسلوك التي صدرت عام 1981 ، وتأسيس هيئات علمية محلية وإقليمية وعالمية ترعى البحث السيكولوجي في مجال البيئ، وعلاقة الإنسان بها، منها جمعية دراسة علاقات الإنسان بالبيئة، وكان أكثر اهتمام بهذا العلم الناهض هو اعتبار الجمعية النفسية الأمريكية لعلم النفس البيئي احد اقسامها الرئيسية، كعلم النفس التربوي والمهني والمرضي، ولقد زاد اهتمام العالم كله بهذا الفرع الحيوي من فروع علم النفس النظرية والتطبيقية في الآونة الأخيرة.

 

والحقيقة ان تأثير البيئة في السلوك امر معروف علميا منذ أمد بعيد, فتأثير البيئة في السلوك ليس أمرا جديدا على العلم . لقد بدأ علم النفس التجريبي بدراسة تأثير أمور مثل الإضاءة والضغط وغير ذلك. ولكن هذه التجارب لم تكن تحاكي الطبيعة تماما، وإنما كانت تدرس بوصفها مثيرات فيزيقية منعزلة لقياس إحساسات الإنسان ولكن كانت المؤثرات تعزل وحدها بعيدا عن محيطها البيئي. ولقد كان كيرت ليفين هو أول من استخدم البيئة في بحوثه النفسية وإن كان قد استخدم البيئة الإجتماعية حيث اعتقدان السلوك (س) تحدده الشخصية (ش) والبيئة (ب) وعلى ذلك تصبح المعادلة :

س = ف (شx ب) أي السلوك = وظيفة (الشخصية x البيئة)

 

وفي الفترة من (1950 – 1970 ) ازداد استخدام لفظ البيئة ثراء عما تصوره كيرت ليفين وبعد ذلك ظهرت دراسات تناولت كيفية تكوين الصداقات وكيفية حدوث النمو الجماعي وفي إطار إقامة منزلية معينة استهدفت هذه الدراسات معرفة كيفية تأثير التصميم المعماري على الإستجابات البشرية.

 

وبحلول عام (1970) ظهر عدد من العلماء الذين اطلقوا على انفسهم علماء النفس البيئي، وكانوا يهتمون بدراسة محتوى البيئ والسلوك الناجم عنها.

ومن خصائص هذا العلم أنه ينظر للبيئة نظرة كلية إجمالية شمولية ، وليست مجرد مجموعة من المثيرات،وبعد ذلك نهضت دراسات ميدانية استهدفت التعرف على تأثير الضغوط التي تسقط على سكان المدن، وكذلك اثر التعرض للضوضاء في مواقف طبيعية، وتمت دراسة تأثير الزحام ، كما يحدث في بعض القطارات وفي مجالات العمل التي يتعرض فيها العمال لكثير من الضغط .

 

ورغم أن الإهتمام الأكبر كان بالظروف الواقعية وما فيها من مؤثرات إلا ان علماء النفس البيئي لم يتمكنوا من الاستغناء عن إجراء التجارب المعملية التي تجري داخل المعامل والمختبرات ولذلك تنوعت التجارب. ومن خواص علم النفس البيئي، الإعتقاد بأن البيئة تؤثر وتحد أو تشجع السلوك، ويختلف هذا التأثير من موقف لآخر، والإنسان أيضا يؤثر في البيئة في محاولة منه للتكيف معها، العلاقة بين السلوك والبيئة متبادلة ومتفاعلة. والبحوث في هذا الحقل تستهدف حل بعض المشاكل مثل الضغوط الواقعية اكثر من اهتمامها بالقضايا النظرية أو وضع النظريات وإن جاء هذا الإهتمام النظري فيقع في المرتبة الثانية مقارنة بمحاولة فهم مشاكل البيئة وحلها.

 

فكرة الحتمية البيئية :

ومن بين المفاهيم السائدة في علم النفس البيئي مفهوم الحتمية ومن ذلك تأثير الشكل او التصميم المعماري على السلوك. وفكرة الحتمية غير مقبولة على نطاق واسع بين العلماء في هذا الحقل بسبب زعمها بتأثير البيئة في السلوك وليس العكس، بمعنى إغفالها فكرة الأخذ والعطاء بين البيئة والسلوك أو فكرة التفاعل وتذهب الحتمية إلى القول بأن لكل معلول علة أو لك سبب نتيجة أو لكل مثير استجابة بالضرورة. فالبيئة هي سبب السلوك مع إنكار حدوث التفاعل بين البيئة والسلوك . السلوك يصدر عما يوجد في البيئة من خواص، ولكن هذه النظرية غير مقبولة من الجميع .

 

فكرة الإثارة أو الإستثارة:

من المفاهيم الرئيسية في حقل علم النفس البيئي فكرة الإثارة او الإستثارة ومعروف أن الإثارة تنجم عن الضغط وتعرف الإثارة بأنها عبارة عن زيادة في نشاط الدماغ والإستجابات الذاتية، أو الآلية، مثل معدلات ضربات القلب أو معدلات التنفس ، لأنها تترابط مع بعض الأحداث التي لا تسبب الضغط، كذلك فإن الإثارة لا تحدث فقط نتيجة للمثيرات السيئة أو المزعجة، ولكنها ايضا تحدث نتيجة للمثيرات السارة أو السعيدة، ولذلك يمكن وصف البيئة في إطار قدرتها على إثارة الإستثارة. ويرتبط علم النفس البيئي، كذلك بما يعرف بإسم علم النفس الكوني ومن أبرز موضوعات دراسة علم النفس البيئي :

  • الزحام.

  • السلوك المكاني.

  • العمارة والسلوك.

  • المعرفة البيئية.

  • التربية البيئية.

  • الضغوط البيئية.

  • البيئة التكنولوجية.

التعريف بعلم النفس البيئي :

هو فرع داخلي من علم النفس نشأ من المعطيات أو الملومات أو الحقائق والنظريات المنحدرة من العديد من مجالات العلم الأخرى من ذلك :

  • علم النفس الإجتماعي .

  • العلوم السياسية.

  • العمارة.

  • علم الإنسان .

  • علم الأخلاق.

ويهتم بدارسة تلك العلاقة المعقدة التفاعلية بين الإنسان وبيئته، بمعنى التأثير المتبادل بين عناصر البيئة المادية والإجتماعية وبين الإنسان. وينقلنا هذا للتعرف على مصطلح البيئة ذلك الذي ينحدر من لفظة فرنسية تعني الدائرة، وبذلك تكون البيئة هي كل ما يحيط بنا، أو هي الظروف المحيطة بنا، وهذا هو المعنى الواسع لمصطلح البيئة ، وهناك البيئة الخلوية أي المحيطة بالخلية الحية، وهناك البيئة الرحمية للجنين ، ولكن مصطلح البيئة دون إضافته إلى غيره يشير إلى مجمل الأشياء الإجتماعية والفيزيقية المحيطة بنا، ويحمل هذا المعنى معنى التأثير فينا من جانب هذه العناصر.

 

ويشير البعض إلى علم النفس البيئي على أنه فرع متخصص من فروع علم النفس ، يهتم بدراسة العلاقات القائمة بين السلوك والمحتوى البيئي الذي يحدث فيه هذا السلوك، ويشمل السلوك هنا بالطبع الأحداث الظاهرية الخارجية ، والأحداث الضمنية المستترة الباطنية وبذلك يشمل السلوك التفكير والتخيل والتصور والإدراك والإنفعال والتعلم والإبداع والتأمل وكافة الإستجابات وإفرازات الغدد. ويشير مصطلح البيئة إلى الظروف الفيزيقية المحيطة بالفرد وإن كان علماء النفس البيئي يدرسون ايضا جوانب هامة من البيئة الإجتماعية من ذلك دراسة الأسرة ودورها والجماعات المرجعية للفرد كجماعة الزملاء أو الأنداد، ولكن الإهتمام الأكبر يوجه نحو البيئة الفيزيقية ومعظم البحوث تدور حول تأثير عوامل فيزيقية مثل الضوضاء وتلوث الهواء ودرجات الحرارة العالية جدا أو المنخفضة جدا وتأثير التصاميم المعمارية في الفراغات. وهذا التخصص الناشيء تزداد أهميته في حياتنا المعاصرة يوما بعد يوم مما يلزم معه إجراء العديد من البحوث والدراسات ووضع المؤلفات وكتابة المقالات للتعرف على هذا العلم وبحث موضوعاته في عالمنا العربي.

 

مضمون علم النفس البيئي وأهم موضوعات دراسته :

وخير توضيح لمحتوى علم النفس البيئي استعراض ما تناوله كتاب رائد صدر في هذا الموضوع لمؤلفه بول بيل ومعه لفيف من زملائه عام (1990) وسبق لهذا المؤلف أن صدر في طبعته الأولى في عام (1978) ولقد جاء الكتاب متضمنا الموضوعات الآتية :

  • يتساءل المؤلفون ما هو علم النفس البيئي ؟

  • ما هي الضرورة التي حدت بظهوره كفرع مستقل من فروع علم النفس الحديث ؟

  • كيف يعبر علم النفس البيئي عن موضوعات دراسته ؟

  • كيف يدرس هذا العلم مشاكل البيئة ؟

  • الإدراك الحسي للبيئة وتقدير عناصرها ومؤثراتها .

  • المعرفة بالبيئة أو المعرفة البيئية، أو الوعي بالعناصر البيئية أو الثقافة البيئية او التربية البيئية.

  • النظريات التي تفسر العلاقة بين البيئة وسلوك الإنسان ولكن البيئة لا تؤثر فقط في سلوك الإنسان وإنما تؤثر في نموه وتكوينه وبنائه وشخصيته وصحته الجسمية والعقلية والنفسية ومدى إصابته بالمرض او تمتعه بالصحة والعافية وتؤثر البيئة كذلك في إتجاهات الإنسان وميوله وأفكاره وآرائه ومعتقداته. وفي سمات شخصيته.

  • أنواع الضوضاء وآثارها.

  • العلاقة بين المناخ وسلوك الإنسان، أي الحرارة والبرودة والأمطار والجفاف.

  • تأثير الكوارث والأزمات على نفسية الإنسان.

  • الأخطار البيئية.

  • تلوث الهواء.

  • المكان أو الحيز الذي يحتله الشخص وحدود هذا الحيز.

  • تأثير الزحام وشدة الكثافة السكانية على صحة الإنسان وسلوكه.

  • ظروف المدن الكبرى.

  • العمارة والتصميم المعماري وأثرها على السلوك.

  • دراسة تأثير الألوان والموسيقى والأشكال وطرق الإتصال او التفاعل بين عناصر البيئة التي تؤثر في بعضها البعض وتؤثر في الإنسان وتتأثر به.

  • الظواهر الجمالية.

  • الإدراك المكاني والزماني والسمعي والبصري.

  • ظروف التهوية وتجديد الهواء ومدى توفر النوافذ والمظلات والمناور والهوايات في المباني وفي المصانع.

  • دراسة الأثاث وتأثيره.

  • دراسة تأثير الفقر والمعيشة في المناطق العشوائية ومدن الصفيح.

  • دراسة الأماكن الراقية المتخصصة للسكنى والإقامة في ضواحي المدن وتوفير عنصر السعة المناسبة في المنازل وفي المدن.

  • مدى توفر الخضرة والحدائق في المنازل وفي المدن .

  • توفر وسائل الأمان والوقاية من أخطار الحريق أو الزلازل والسيول والأعاصير والفيضانات.

  • دراسة البيئة الدراسية او غرف الدراسة وقاعات الدرس والمحاضرات والمعامل والمختبرات والمكتبات والورش الخاصة بالتدريب وشروط بناء المكتبات العامة والمتاحف والمستشفيات والعيادات وكاتب العمل والمصالح والدواوين والمحاكم ومراكز الشرطة والسجون والإصلاحيات ودود الإيواء ومراكز رعاية الأحداث الجانحين والمرضى العقليين وخاصة المصابين بمرض ذهان الزهايمر والجذام وأماكن العمل.

  • أماكن قضاء وقت الفراغ.

  • علاقة الإنسان بالألة في المصانع.

ومن الموضوعات الهامة لهذا العلم تعديل سلوك الناس لضمان سلامة البيئة وحمايتها من التلوث والتدمير أو التحطيم والإفساد والهدر والإساءة والعبث والتصحر والإستغلال الجائر لثروتها . ويدخل في ذلك نشر الوعي البيئي ، تعميم التعليم البيئي ، وإستخدام مبادئ التعزيز في التعلم الشرطي وتوفير المكافأت للسلوك الطيب تجاه البيئة ، سواء التعزيز الإيجابي أي المكافأة أو السلبي أي العقاب وفي هذا المجال يدخل ترشيد الإستهلاك من الطاقة والموارد الطبيعية والصناعية وتحسين جودتها في جميع مجالات الحياة العصرية : في المنزل والمدرسة والمصنع والجامعة والقرية وفي إستعمال السيارة والطيارة والسفن مع الدعوة لإستخدام الطاقة النظيفة وعدم الإسراف أو التبذير في إستخدامها . ويشمل ذلك مجرد تعويد الناس الإحتفاظ بأواني الطعام نظفية ومعقمة حماية لهم من إنتقال العدوى ، وكيفية التخلص من الفضلات والقمامة أو النفايات المبعثرة ، وحماية المرافق والممتلكات العامة من التخريب المتعمد أو التدمير كالكتابة على الحوائط الجميلة والنظيفة أو لصق الصور والإعلانات فوقها ، أو تدمير كراسي السيارات العامة والقطارات أو خلع الأسوار وإقتلاع الأشجار من الشوارع والميادين والطرق.

 

ويدرس علم النفس البيئي تأثير العوامل البيئية على الصحة النفسية والعقلية للإنسان وحالته المزاجية أو الإنفعالية ، ومقدار كفاءته الإنتاجية ، حيث يدرس :

  • تأثير الضوضاء الناجمة عن حركة الطيران فوق المناطق العمرانية أو فوق مستشفيات الأمراض العقلية .

  • تأثير المناخ الصناعي أو الظروف الفيزيقية المحيطة بالعمل على صحة العمال النفسية والعقلية والجسمية ، وما يصاحب ذلك من إنتشار الأمراض المهنية .

  • دراسة تأثير الألوان على الحالة المزاجية للفرد .

  • نشر المعلومات المتعلقة بالبيئة بين الأطفال.

  • دراسة تأثير الضوضاء على فقدان السمع أو ضعفه.

  • دراسة تأثير الكوارث أو رد الفعل للكارثة كالزلازل والبراكين والسيول والفيضانات والأعاصير والحرائق والإنهيارات الأرضية وما يصاحب ذلك من صدمات وضغوط.

  • دراسة الآثار التي تتركها كوارث الطيران والسفن الغارقة وخاصة ناقلات البترول .

  • دراسة تأثير الزحام على النواحي الفسيولوجية والنفسية والإجتماعية للإنسان.

  • ومن الموضوعات التي يدرسها علم النفس البيئي حجم الغرف وحجم الأفراد الذين يقيمون في كل غرفة وهو الأمر الشائع في المناطق العشوائية والمتدنية المستوى الإجتماعي والإقتصادي ومعرفة أثر التغيرات التي تطرأ على البيئة وعلى الإنسان وعلى سلوكه.

  • دراسة الوعي البيئي وكل ما يدخل في نطاق التربية البيئية ويدرس حالة الأشخاص عديمي المساكن.

يرتبط علم النفس البيئي بكل فروع علم النفس النظرية والتطبيقية ، ومن ذلك :

  • علم النفس الإجتماعي وعلم نفس القيم .

  • علم نفس الصحة.

  • علم نفس النمو.

  • علم النفس التربوي.

  • علم النفس الصناعي والمهني.

  • علم النفس الإداري .

  • علم النفس الإداري .

  • علم النفس المرضي.

  • علم النفس الإكلينيكي.

  • العلاج والإرشاد النفسي .

  • علم النفس الفسيولوجي .

  • علم النفس الهندسي.

  • علم النفس المعماري.

  • علم النفس الجنائي.

ومن الموضوعات التي درسها علم النفس البيئي تأثير الزحام على القردة وعلى الفئران وعلى سلوكها العدواني ، وتأثير درجة الحرارة على العنف ودراسة العلاقة بين الحرارة والجريمة.

 

البيئة الفيزيائية إما أن تشعرنا بالراحة والسعادة والإسترخاء والرضا والمتعة والصحة ، أو تشعرنا بالضيق والتعب والإرهاق كما يحدث عندما نتعرض للحرارة الشديدة أو الرطوبة أو الضوضاء أو الزحام الشديد أو البرودة الزائدة . وكما أننا نتأثر بالبيئة فإننا كذلك نؤثر فيها وهذا التأثير قد يكون سالبا أو موجبا والمأمول أن يكون موجبا ، فقد نقود سيارة ينطلق منها دخان العادم ونجوب بها المدينة وقد نقوم بزراعة حديقة المزل بالزهور والريحان وقد نقوم بنظافة المنزل أو مكان العمل فالعلاقة بين الإنسان والبيئة علاقة تفاعل أي تأثير وتأثر وإن هذا التفاعل قد يكون إيجابيا أو سلبيا.

 

ويكمن دور علم النفس البيئي وكل مؤسسات المجتمع في الوقت الراهن في محاولة جعل هذه العلاقة إيجابية لا سلبية بحيث نستفيد نحن والبيئة معا . وهذا العلم الناشيء يفيد المجتمع ويتصل إتصالا مباشرا بالحياة اليومية وموضوعه العام هو العالم المحيط بنا كله : عالم الإنسان والحيوان والنبات والأحداث والمؤسسات والمصانع وما إلى ذلك . ومعروف أن البيئة تشمل أشياء : طبيعية ....وصناعية ، وهي تحتاج لتوفير التوازن والنظام بين عناصرها . فكل شيء في الكون موجود ، وموجود بمقدرا ، وتعتمد عناصره على بعضها البعض فإذا تغير عنصر منها تبعه تغير في عنصر آخر فزيادة درجة الحرارة تؤدي إلى تغيير الضغط الجوي وهذا التغير قد يكون ضارا بالبيئة .

 

تعاظم إساءة الإنسان إلى بيئته :

لقد تراكمت وتعاظمت وتفاقمت إساءة الإنسان إلى البيئة جراء الإهمال واللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية والجهل والعبث تجاه البيئة ، التي هي في واقع الحال (( الحضانة )) التي نتربى فيها أو (( الرحم )) الذي ننمو فيه نحن ندمره بأيدينا ونناصبه الخصومه والعداء عن قصد أو بدون قصد من ذلك خرق طبقة الأوزون وإلقاء النفايات والفضلات والمخلفات المنزلية والصناعية في مجاري المياه العذبة بما في ذلك نفايات المستشفيات المليئة بالجراثيم والعدوى ويلقى بها عبثا . ومن ذلك غسيل الأواني في المياه النظيفة في الترع والأنهار إلى جانب قضاء الحاجة بها . لقد عمل الإنسان على القضاء على مناطق الخضرة والحدائق المنزلية وساعد في نشر تلوث الهواء وتلويث المياه مع إسرافه في إستخدامات الطاقة غير النظيفة كالبنزين والسولار والزيوت والشحوم وساعد في حدوث الزحام والتكدس السكاني وتلاصق المباني ، وضيق الشوارع والقضاء على الساحات الفسيحة تلك التي كانت تعمل عمل الرئة للمدن وأسهم في زيادة معدلات الضوضاء وزيادة حوادث التسمم وسرعة إنتقال الأمراض من الحيوان إلى الإنسان والعكس . إلى جانب التلوث الناجم من الإنفجارات النووية وتسرب الغبار النووي من المفاعلات ودفن النفايات في البلدان الفقيرة وإجراء التجارب النووية.

 

وعلم النفس البيئي محاولة علمية للإستهام حماية البيئة وحل مشاكلها المتزايدة بل والعمل على تحسينها وتجميلها وتنميتها مما يبرز نشأة هذا العلم الناشيء . إن معظم مشاكل البيئة هي من (( صنع الإنسان )) ولذلك فإن علاج مشاكل البيئة يكمن في تعديل سلوك الناس وإتجاهاتهم وميولهم وأفكارهم ومعلوماتهم ووعيهم حول البيئة ، ونمو حب البيئة والإنتماء إليها والإرتباط بها والشعور ب (( التوحد )) بين الإنسان والبيئة . ونحن وبيئتنا جزء واحد لا يتجزأ وكيان واحد . والإيمان بأن إيذاء البيئة يرتد علينا وعلى غيرنا بالأذى والضرر . وضررها عام وشامل للطفل والكبير والشاب والغني والفقير.

 

من الآثار النفسية للبيئة أن التسمم بالرصاص يؤدي إلى الضعف العقلي وكذلك دخول الإشعاعات يؤثر في الحالة العقلية والنفسية للإنسان كما يؤثر في الأم الحامل . والأمراض الناجمة عن التلوث الغذائي أو المائي تثر بدورها في الحالة العقلية ، كالسل والسرطان والبلاجرا والبري بري وفقر الدم والإسقربوط والإيدز.

 

من خلال دراسة البيئة وعناصرها وآثارها يمكن دراسة جميع فروع علم النفس حيث دخل في تصميم المباني الجديدة مدى حمايتها من الضوضاء ومن الإنهيار ومن الرطوبة وتوفر الإضاءة الجيدة والتهوية الجيدة لذلك لا بد من إستفادة مصممي المباني من المعلومات السيكولوجية قبل أن يشرعوا في إقامة المباني .

المصدر: عبدالرهم محمد العيوي http://greenline.com.kw/Journals/039.asp
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 149/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
50 تصويتات / 5133 مشاهدة
نشرت فى 21 مايو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,762,023

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters