مفهوم السلوك التنظيمي:
نحن نحتاج إلى تفسير سلوك الناس الذين نعمل معهم، وقد يطول البحث وتطول المعاناة التي نلاقيها في محاولة فهم الآخرين بل في فهم أنفسنا، فنحن في حاجة إلى معرفة الأسباب المؤدية للسلوك، بل وأيضًا السبب في الاستمرار في هذا السلوك أو التحول عنه، وإذا انتقلنا إلى مجال الأعمال والمنظمات التي نعمل فيها، تزداد حاجة الرؤساء والزملاء والمرؤوسين إلى فهم بعضهم البعض وذلك لأن هذا الفهم يؤثر بدرجة كبيرة على نواتج العمل الاقتصادية
إن علم السلوك التنظيمي يحاول أن يقدم إطارًا لكيفية تفسير وتحليل السلوك الإنساني، وذلك بغرض التنبؤ به مستقبلًا والسيطرة عليه أو التحكم فيه، ويقصد بالسلوك الاستجابات التي تصدر عن الفرد نتيجة لاحتكاكه بغيره من الأفراد أو نتيجة لاتصاله بالبيئة الخارجية من حوله، ويتضمن السلوك بهذا المعنى كل ما يصدر عن الفرد من عمل حركي أو تفكير أو سلوك لغوي أو مشاعر أو انفعالات أو إدراك.
1- مفهوم السلوك:
يعرف السلوك الإنساني بأنه كل الأفعال والنشاطات التي تصدر عن الفرد سواءً كانت ظاهرة أم غير ظاهرة، ويعرفه آخرين بأنه أي نشاط يصدر عن الإنسان سواءً كان أفعالا يمكن ملاحظتها وقياسها كالنشاطات الفسيولوجية والحركية أو نشاطات تتم على نحو غير ملحوظ كالتفكير والتذكر والوساوس وغيرها.
والسلوك ليس شيئاً ثابتاً ولكنه يتغير وهو لا يحدث في الفراغ وإنما في بيئة ما، وقد يحدث بصورة لا إرادية وعلى نحو ألي مثل التنفس أو الكحة أو يحدث بصورة إرادية وعندها يكون بشكل مقصود وواعي وهذا السلوك يمكن تعلمه ويتأثر بعوامل البيئة والمحيط الذي يعيش فيه الفرد.
يستخدم اللفظ من الناحية النفسية والاجتماعية مصطلح فعل وسلوك بمعنى واحد، إلا أن مصطلح السلوك أعم من الفعل، لأنه يشتمل على كل ما يمارسه الفرد ويفكر فيه، ويشعر به، بغض النظر عن القصد والمعنى الذي ينطوي عليه السلوك بالنسبة للفرد.
والسلوك نوعان هما:
<!--السلوك الإستجابي:
السلوك الإستجابي هو نوع من السلوك يحدث نتيجة لتأثير المثيرات التي تسبقه، في هذا النوع من السلوك تحدث المثيرات القبلية التي تسبق السلوك بشكل آلي ولا تحتاج إلى تفكير واعي.
على سبيل المثال، عندما يضع الطفل قطعة من الحلوى في فمه، يستجيب الجسم تلقائياً بإفراز اللعاب. وعندما يقوم شخص ما بتقطيع شرائح البصل، يحدث تدفق الدموع من عينيه، هذه المثيرات القبلية تتحكم في السلوك الإستجابي، ولا تؤثر المثيرات التي تتبعه على هذا النوع من السلوك، ويمكن اعتبار هذا السلوك أقرب إلى السلوك اللاإرادي.
<!--السلوك الإجرائي:
السلوك الإجرائي هو نوع من السلوك الذي يتأثر بالعوامل البيئية المحيطة، مثل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والدينية والجغرافية وغيرها، في هذا النوع من السلوك يتم تحديد التصرفات والأفعال بناءً على العوامل المحيطة والظروف المحيطة بهذا الشخص. علاوة على ذلك، يتأثر السلوك الإجرائي بنتائجه، حيث يمكن أن تقوي أو تضعف المثيرات البعدية هذا النوع من السلوك. إن العوامل المحيطة بالفرد والعواقب المرتبطة بسلوكه تؤثر على هذا النوع من السلوك، ويمكن اعتبار السلوك الإجرائي أقرب إلى السلوك الإرادي.
كما أن الفرق بين السلوك الإستجابي والسلوك الإجرائي يكمن في مدى تأثير المثيرات القبلية والعوامل البيئية على كل نوع منهما، حيث يعتبر السلوك الإستجابي أكثر تلقائية والسلوك الإجرائي يتأثر بشكل أكبر بالعوامل المحيطة والنتائج المتوقعة.
2- التنظيم:
التنظيم هو عملية ترتيب وتنسيق الموارد المختلفة، بما في ذلك الأفراد والمهام والمعلومات والمواد، بهدف تحقيق أهداف معينة. يشمل التنظيم وضع هيكل تنظيمي يحدد توزيع السلطات والمسؤوليات، وتخصيص المهام والوظائف، وإعداد خطط تنفيذية واضحة.
يهدف التنظيم إلى تحقيق تنسيق فعال بين مختلف العوامل داخل المنظمة أو المنظمة لتحقيق أداء متميز وتحقيق الأهداف بشكل أكثر كفاءة وفاعلية. التنظيم هو عملية ترتيب وتنسيق الموارد والأفراد لتحقيق أهداف المنظمة بكفاءة وتنظيم العمليات وتوجيه الجهود نحو التحقيق الفعال والمنظم للأهداف المحددة.
ويرى المؤلف أن: التنظيم هو عملية هيكلة وترتيب الموارد والأفراد والأنشطة داخل منظمة أو منظمة، بهدف تحقيق أهدافها بشكل أفضل وأكثر فعالية، من خلال تحديد السلطات والمسؤوليات، وتوزيع المهام، وتنسيق العمليات، وضمان تحقيق التوازن والتناغم بين مكونات المنظمة.
3- السلوك التنظيمي:
ومما سبق يمكن القول إن السلوك التنظيمي هو: دراسة سلوك الأفراد داخل بيئة المنظمة، ويشمل كيفية تصرف الأفراد بمفردهم وكيفية تصرفهم داخل مجموعات
كما أن السلوك التنظيمي لا يحدد مهمة وأهداف المنظمة وكيفية تعامل الأشخاص مع بعضهم البعض داخلها فحسب، لكنه يحدد موقع المنظمة في الصناعة ككل.
وعلى سبيل المثال: قد تحتاج مستشفى إلى معالجة العديد من الأمور الداخلية مثل القيادة وإدارة النزاعات وبناء الفريق ونماذج التفاوض وغيرها من الشؤون الداخلية، لكنها تحتاج في الوقت نفسه إلى فهم موقعها في الصناعة، هل ستكون منظمة رائدة في الأبحاث؟ هل ستكون مستشفى تعليميا؟ أم ستكون مركزا صحيا للمجتمع؟ أم ستكون مزيجًا يجمع بين كل ذلك؟
فالسلوك التنظيمي تفاعل علمي النفس والاجتماع مع علوم أخرى أهمهما علم الإدارة والاقتصاد والسياسة، وذلك لكي يخرج مجال علمي جديد هو المجال العلمي الخاص بالسلوك التنظيمي، والذي يهتم بسلوك الناس داخل المنظمات.
وبالرغم من أن السلوك التنظيمي هو مجال نامي للمعرفة وبه كثير من المبادئ العلمية الهامة، والتي تساعد في فهم سلوك الناس داخل منظمات العمل وفي بلاده، إلا أنه ليس علما بالمعنى المعترف به، فهو ليس مستقلًا، وليس له مجال معرفي محدد خاص به، كما أنه لا يخرج أناسًا ذوي مستقبل وظيفي متميز في هذا المجال، فعلم السلوك التنظيمي هو محصلة علوم أخرى، وأهم هذه العلوم المستقرة هي علم النفس، وعلم الاجتماع، ويقدم علم النفس محاولة لتفسير السلوك الفردي، وأهم مجالاته: هي التعلم، والإدراك والحكم على الآخرين، والشخصية، والدافعية، والقدرات، والاتجاهات النفسية وغيرها، أما علم الاجتماع فيقصد به ذلك العلم الذي يدرس التفاعلات الإنسانية أو ذلك العلم الذي يدرس الجماعات، واهم الموضوعات التي يتناولها علم الاجتماع هي: تكوين الجماعة، والتماسك والصراع داخل الجماعات والقوة والنفوذ، والقيادة داخل الجماعات، والاتصالات.