الثلاثاء 17 فبراير 2009 - 5:49 م بتوقيت القاهرة ---- / بقلم : فهمي هويدي                                                                                فاجأنا السيد عمرو موسى مرتين فى جلسة مؤتمر دافوس التى انسحب منها رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، ووجه فيه صفعة سياسية مدوية للرئيس الإسرائيلى شمعون بيريز. فى المرة الأولى؛ لأن أردوغان حين نهض محتجاً على منعه من الحديث عن الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل فى غزة، فإن عمرو موسى نهض بدوره وصافحه محيياً، وبدا عليه التردد للحظة، ثم عاد إلى الجلوس مرة ثانية، حين أومأ له برأسه السيد بان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة. 

كان المشهد مخيباً للآمال لأن الذى غضب منه وانسحب غِيرة على فلسطين، كان رئيس الوزراء التركى، أما الذى بقى على المنصة وواصل الجلسة كان الأمين العام لجامعة الدول العربية.

المفاجأة الثانية أسبق من الأولى، ذلك أنها ربما كانت المرة الأولى التى نرى فيها الأمين العام للجامعة العربية جالساً على منصة واحدة مع الرئيس الإسرائيلى. 

أدرى أنه نقلها مع بيريز وغيره من المسئولين الإسرائيليين حين كان وزيراً لخارجية مصر، بحكم ارتباط البلد بمعاهدة سلام مع إسرائيل. لكن الأمر اختلف بعد توليه منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية. ذلك أن لقاءاته مع الإسرائيليين إذا كانت من موجبات أدائه لوظيفته فى الحالة الأولى، إلا أن وضعه فى الحالة الثانية بات يفرض عليه أن يتراجع إلى الوراء لأكثر من خطوة، لأن ثلاثة أرباع الدول العربية لم تعترف بإسرائيل، وكذلك الحال بالنسبة إلى الجامعة العربية التى يمثلها السيد عمرو موسى.

وحين تم إيفاد اثنين من وزراء الخارجية العرب «يمثلان مصر والأردن» إلى تل أبيب ذات مرة بدعوى «شرح المبادرة العربية»، وأعلنت إسرائيل أنهما يمثلان الجامعة العربية، فإن مكتب الأمين العام حرص آنذاك على أن ينفى هذه المعلومة ويكذب الخبر الإسرائيلى. وكان ذلك موقفاً حكيماً عبر من حيث الشكل على الأقل عن احترام حقيقة أن أغلب الدول العربية والجامعة لم تعترف بإسرائيل رسمياً.

لماذا تخلى عمرو موسى عن حذره، وجلس مع شمعون بيريز أحد أعدى أعداء الفلسطينيين والعرب على منصة واحدة فى مؤتمر دافوس؟ وإذا فهمنا لماذا قبل ذلك أردوغان الذى ترتبط بلاده بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ ستين عاماً، فإننا لا نفهم أن يفعلها الأمين العام لجامعة الدول العربية، خصوصاً بعد المذبحة التى أقدمت عليها فی غزة، تحت رئاسة السيد بيريز؟

أدرى أن عمرو موسى يحضر مؤتمر دافوس سنوياً. ولا أستبعد أن يكون قد التقى إسرائيليين أو اشترك معهم فى حوارات علنية، لكن هذه هى المرة الأولى التى يتم تصوير المشهد، بما يثبت حالة «التلبس» من جانبه بشىء من التطبيع مع إسرائيل.
هل ما أقدم عليه أمين الجامعة العربية «هو غلطة الشاطر» أم أنه تعبير عن حالة التهاون والارتخاء العربى فى التعامل مع إسرائيل، التى تجلت من قبل فى حضور العاهل السعودى مؤتمر نيويورك، الذى حضره بيريز أيضاً، وعقد تحت غطاء «حوار الأديان»، كما تجلت فيما بدا من اصطفاف لبعض الدول العربية مع إسرائيل فيما سمى بمحور الاعتدال.
لقد شاءت المقادير أن يحدث ذلك بعد الذى جرى فى شأن قمة الدوحة، التى اتهم فيها رئيس وزراء قطر السيد عمرو موسى بأنه لم يكن محايداً، وزاد الطين بلة وزير الخارجية المصرى السيد أبوالغيط حين أعلن على شاشة التليفزيون صراحة أن مصر هى التى أفشلت عقد القمة العربية فى العاصمة القطرية، الأمر الذى ألقى ظلالاً من الشك على حقيقة الدور الذى قام به عمرو موسى فى العملية، وأوحى بأن مصر استخدمته لتحقيق مرادها.
إن الجميع يذكرون كيف أن أسهم الرجل ارتفعت إلى السماء حيناً من الدهر، لكن تلك الأسهم تراجعت بسرعة فى الآونة الأخيرة، حتى أصبح مطالباً باتخاذ قرار شجاع يحافظ به على ما تبقى له من رصيد وسمعة.

المصدر: الشروق بقلم فهمي هويدي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 279 مشاهدة

ساحة النقاش

TAHA GIBBA

TAHAGIBBA
الابتسامة هي اساس العمل في الحياة والحب هو روح الحياة والعمل الصادق شعارنا الدائم في كل ما نعمل فية حتي يتم النجاح وليعلم الجميع ان الاتحاد قوة والنجاح لا ياتي من فراغ »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

755,878

السلام عليكم ورحمة الله وبركات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته