المتاجرون بقضية ضحايا الثورة
المسافة بين الشعار والواقع الفعلى فيما يخص قضية الشهداء والمصابين بعيدة للغاية، على نحو لا يتصور معه أن نكون جادين فى الانحياز لهؤلاء، سواء من جانب الحكومة أو من جانب بعض القوى السياسية الجديدة.
لقد هالنى أن أسمع من مصابين توجهوا إلى وزارة التضامن الاجتماعى وقائع دامغة تشير إلى أن كل الكلام عن تعويضات المصابين لا يعدو كونه أدوات لامتصاص غضب الرأى العام، دون تقديم شىء حقيقى وملموس لهم.
ووفقا لشهادات عديدة من الذين توجهوا إلى التضامن من أجل التعويضات، فقد فوجئوا بكثير من التعقيدات والعراقيل التى تبدد آمالهم فى الحصول على حقوقهم، إذ أبلغهم المسئولون عن هذا الملف فى الوزارة بأن التعويض لن يصرف إلا لمن تتجاوز نسبة إصابته 50 %، ومن يبلغ هذه النسبة يحصل على تعويض من ألف إلى 5 آلاف جنيه فقط.
الغريب أن كل مصاب مطلوب منه أن يحضر على نفقته الخاصة تقريرا من الطب الشرعى يبين مدى إصابته، واللافت أن معظم التقارير تتضمن إصابات دون نسبة الـ50 % وهو ما يجعل المصاب يخرج صفر اليدين من هذا المولد الدعائى.
لكن أخطر ما فى الأمر أن تقارير الإصابة ذاتها تحمل العجب العجاب، إذ إن هناك كثيرين لم يكتشفوا أن التقارير الخاصة بهم غير موجودة أساسا، بالإضافة إلى أن بعضهم لا يزال الرصاص فى جسده ومع ذلك لا يستطيع الحصول على ما يثبت ذلك.
وإذا كان هذا غير مستغرب من أجهزة حكومية لا تزال حتى هذه اللحظة تستنكف الاعتراف بأن ما جرى فى مصر هو ثورة شعب، فإن ما يصيبك بالدهشة والصدمة هو تعامل بعض الأحزاب الجديدة مع قضية الشهداء والمصابين، ووفقا للدكتور محمد شرف أحد نبلاء الطب فى مصر الذى يتبنى قضية علاج المصابين فإن بعضا من الأحزاب الجديدة تستثمر فى معاناة أسر الشهداء والجرحى عن طريق الحصول على توقيعاتهم على استمارات العضوية بهذه الأحزاب، وتشترط للنظر فى قضيتهم أن ينضموا إليها.
وعلى ذكر التجارة بقضية الشهداء والجرحى، فقد نشرت فى الأسبوع الماضى عن سماسرة ينشطون لإرغام أسر الشهداء على التنازل وتغيير أقوالهم لكى يفلت الجناة، وقلت إن من بينهم أحد الشيوخ يتبع دار الإفتاء وقد تلقيت توضيحا من مكتب فضيلة مفتى الجمهورية يؤكد فيه أنه لا توجد مكاتب لدار الإفتاء فى المحافظات، مستنكرا بشدة هذا النوع من التجارة الحرام فى دم الشهداء، وإحقاقا للحق فقد تأكدت أن الشخص المذكور لا ينتمى إلى دار الإفتاء، إذ هو يتبع لجنة الفتوى بالأزهر التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، لذا وجب التوضيح والاعتذار عما نشرته من واقع إفادات بعض أسر الشهداء.
ساحة النقاش