الفستان الأبيض

=============
=============
أَحْبَبْتُها..
...
صَنَعْتُ لها نَسِيجا خَالِصا..
من حَنِينِ وَذَاتِ قَلْبِي المُتَيَّم بِظِلِّها..
أَسْبَلْتُ علَيْها فُسْتَانَهَا.. بالبَيَاضِ ناصِعا..
لم يَنَلْهُ إِنْسٌ قَبْلَهَا..
...
كُلَّما سَمِعْتُ صَوْتَها.. يُنَادِينِي.. أو لَاهِيَة.. أَتِيهُ في سِحْرِها..
وأَهِيمُ بها.. في غِيَابِي عن كِيَانِها..
وحِينَ أَعُودُ.. لَا أَهْنَأُ إلَّا ورأْسِي في حِجْرِها..
أُهَدْهِدُها.. وأُدَغْدِغُها..
وأَسْعَدُ بضِحْكَتِها العالِيَة..
تمثلُ لي دورَ المربية والأمِّ الغالية..
وتلعبُ دورَ طبيبٍ وممرضة..
وأنا مستسلمٌ لها وسعيدٌ بكلِّ حِرَاكِها..
...
وقلتُ.. هِبَةٌ من اللهِ ودُرَّةٌ نَادِرَة..
أَدَامَها اللهُ عليَّ.. سِعَادَةً غامِرَة..
***
وفي يَوْمٍ مَشْئُوم.. اجْتَمَع عليْها الْبُومُ..
...
أَعْطُوهَا سِكِّينا..وقالُوا لَهَا اطْعَنِيه..
وعَصَبُوا عَيْنَيْها.. وأَصَمُّوا أُذُنَيْها.. وقَالُوا لها اذْبَحِيه..
...
ولما جِئْتُها مَلْهُوفا كعَادَتِي.. وأَرَحْتُ رَأْسِي وقَلْبِي بين يَدَيْها..
وسَكَنَت نَفْسِي بها رَاضِيَة..
ودَعَوَاتِي للهِ لَهَا بالهَنَاءِ.. مِنْ قَلْبِي صَادِرَة..
...
أَرَاقَتْ دَمِي..
وجَرَت سُيولُه حمراءَ عَلى الفُسْتَانِ أَنْهُرًا..
وشَكَّلَت حُرُوفًا وكَلِماتٍ تقولُ بأَنِّي أُحِبُّها..
وسَالَتْ دُمُوعِي مَعَ دِمَائِي أَبْحُرًا..
والْتَهَبَ القلْبُ الذي تَامَ بها.. بحَرِيقٍ لم ولن يَهْمَدَ..
كَثِيرًا ما بَحَثْتُ عن عُذْرٍ لها.. فلم ولن أَجِدَ..
وتَسَاءَلْتُ ما ذَنْبِي؟
أَلِأَنِّي أَحْبَبْتُها؟
أَمْ مَاذَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ الذِّين خَدَعُوها.. فَقَتَلُونِي بِيَدَيْها؟
أَيُّ جُرْمٍ فَعَلُوهُ بِي؟
***
لم أَسْتَطِعْ أنْ أَخْلَعَ عَنْها فُسْتَانَها..
وظَلَّ عَليْها بِلَوْنَيْهِ.. تَزْهُو فِيهِ أَمَامَ عَيْنَيَّ.. فأَبْكِيَها..
ولمْ أَلُمْها يَوْمَها..
قُلْتُ.. يَوْمًا مَا.. سَتَعْلَمُ جُرْمَها..
وتَأْتِيني نَادِمَةً.. وتَجدُنِي قَدْ سَامَحْتُها..
وَلَنْ أَلُومَها يَوْمَها..
لِأَنَّني..
أَحْبَبْتُها.
***
فَلِماذَا؟!
...
وكَيْفَ؟!
...
يا.. بُنَيَّتِي.. ذَبَحْتِنِي!؟


