التعليم الجامعي والإعلام وعملية الغزو الفكري
بقلم:د . محمد ناصرتاريخ النشر : 2010-07-01
قدمت في اليوم العلمي حول التعليم والإعلام - جامعة فيلادلفيا.
التعليم الجامعي والإعلام وعملية الغزو الفكري
===============================
إن البحث في دور الجامعات والإعلام في عالم اليوم الذي يتميز بالمتغيرات السريعة, هو امر لازم بالنسبة للمجتمعات التي تسير في ركب التقدم حتى يكون لها موقع في سباق المدنية والتقدم , وهو امر اكثر لزوما بالنسبة لمجتمعنا العربي .
ومهما تنوعت الآراء وتعددت حول الفلسفة التي يرتكز عليها التعليم الجامعي , والإعلام فان ما يطرحه كل قائم على التعليم الجامعي والإعلام يرى بأنه يجب آن يطور التعليم والإعلام على اساس ديمقراطي صحيح , بمعنى انه يجب آن يكون التعليم متاحا لابناء المجتمع على اختلاف فئاتهم علي اساس واضح من تكافؤ الفرص , والإعلام يكون دوره في طرح القضايا كما هي وعدم طمسها أو تحجيمها .
فإذا اتفقنا على آن التعليم الجامعي يتعامل أساسا مع جيل الشباب المملؤ بالعاطفة والدوامة الفكرية , فإننا يجب آن نعي بان محاولة التطوير الجامعي في عالم اليوم , يجب آن تستند اولا وقبل كل شيء على فهم هذا الشباب فهما واضحا , والتعرف على احتياجاته وتفهم آماله وأمانيه , آن هذا يجعلنا اكثر قدرة على تحديد قدرته على تحديد الإطار العام الذي ينبغي للتعليم الجامعي أن يعمل من خلاله , ليس فقط للتكيف مع متغيرات اليوم ومواجهة المشاكل التي تواجهها مجتمعاتنا نتيجة هذه التغيرات , وانما ايضا لاعداد الأجيال الجديدة لمواجهة المتغيرات والتكيف معها خاصة وأن عصر السرعة والمعلوماتية قد ادخل سمة جديدة علي التعليم بصفة عامة والتعليم الجامعي بصفة خاصة .
اما الاعلام ومن خلال القائمين عليه , وخاصة في عالمنا العربي يجب آن يخرج من طبيعة ألوانه من الصيغ المختلفة التي مازالت تغزو العقل وسلب الافكار وإثارة القلاقل والثورات النفسية الداخلية للمواطن العربي , ويجب المعرفة بأنه ومهما طال الوقت أو طال القهر ومصوغات الاعلام التي لا تخرج عن إطار التعبئة باتجاه واحد من خلال مواربة الحقيقة , فدائما يجيء يوم تبحث فيه الشعوب المقهورة والباحثة عن المعلومة الصادقة التفكير بعملية موقعها في سياق الأحداث والتطورات التي تدور حولها .
التعليم وعملية الغزو الفكري
إن المهمة الكبرى للجامعات أن تعمل بكل ضمير وأن تتخذ قراراتها في الافكار التي يمكن تطبيقها. ومن الناحية المثالية يجب الا تخدم الجامعات فقط النواحي الأكاديمية والفنية للجماهير المثقفة . فعلى الجامعات التزامات نحو أعضائها , وعليها التزامات نحو أوطانها , ولكن عليها واجبات اكبر نحو خير الإنسانية أينما وجدت . ولا يزداد توجيه عملها في هذا الاتجاه الأخير . وترتبط بعض الأنشطة الهامة للجامعات ارتباطا وثيقا بمشكلات البيئة المحلية وبالنظام السياسي وبالشئون الاجتماعية , وفي إطار هذه المهمة الواقعية في شئون المجتمع السريع التغير , فان احد مهام الجامعة المعاصرة , هي أن تتخلص من الفجوات وان تشجع التفاهم بين الأجيال , و ا لطبقات الاجتماعية والأجناس وبين الغني والفقير . ولم تعد الجامعة برجا عاجيا , والمثقفون من المهنيين الأكاديميين يضطلعون طوعا او كرها بالتغيرات الاجتماعية الجسيمة في زماننا هذا .
في مجتمعاتنا العربية نرى أن فلسفة التعليم الحالي بكل مستوياته من الحضانة حتى الجامعة وإن كان حكومي آم أهلي , هو نظام يرسخ بكل قوة وإصرار القيم النقيضة للحرية المطلوبة , فبالرغم من آن بعض الدول العربية تقر بمفهوم التعددية السياسية لكن هذه التعددية سو ف تظل مهددة دائما بخطر الانقضاض عليها ذلك أن البنية البيروقراطية وعقلية تبادل المصلحة ومفهوم العائلة (العشيرة، القبيلة وإبن البلد ) فوق الجميع هي المسيطرة على الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمهنية بما في ذلك أجهزة الدولة . وطالما نحن بما عليه لآن ندخل المفهوم الحقيقي للتغيير والتطور الذي سيتجاوزنا في هذا القرن الذي نعيش فيه . اذ أن إشاعة المناخ الحقيقي للحرية وليس مجرد الديموقراطية بمدلولها السياسي الضيق في كافة الأصعدة والأماكن هو المطلوب .
فلسفة التعليم الحالي والهيمنة الإدارية الداخلية للتكتلات بكل مستوياتها من الحضانة حتى الجامعة هي فلسفة ترسخ بكل قوة وإصرار القيم النقيضة للحرية المطلوبة , ولا يحتاج الامر الى كثير من العناء لندرك أن بديل المقررات وتغيير المناهج , بل إصلاح المباني وتزويد أماكن الدراسة بالحاسوب لن يغير من الامر شيئا طالما أن ادارة المؤسسات التعليمية وبالأخص الجامعية ما زالت تعمل ضمن إطار تقييم عملها من خلال المردود للكسب الشخصي كذلك تعمل ضمن الكوتات والهيمنة التي تجير الانظمة واللوائح الداخلية الموضوعة لخدمتها . فعميد الكلية المعين مثلا يستطيع آن ينصب نفسه ديكتاتورا في كليته لانه صاحب التوقيع الأخير في كليته , وقد يسلب رؤساء الأقسام حريتهم بالحركة من اجل إبداع القسم وذلك لخوفهم من نقمة العميد مما قد يحرمهم الكثير في عملهم على الرغم من أن العميد هو الذي أولاهم ثقته .
حتى المدرس المنوط به تحقيق البرامج لا يقر بقيمة الحرية ولا يعترف بمبدأ النقاش الحر غير المشروط ومن هنا علينا أن نبدأ من نقطة ما في حلقة التعليم للنفاذ إلى خارج تلك الدائرة من الكتب والحلقة المناسبة لتحقيق هذه الغاية دون غيرها هي حلقة التعليم الجامعي .
الفرامل والضوابط مطلوبة في التربية وليست في التعليم . وعلينا أن ندرك أن ولوج الطالب أبواب الجامعة معناه أهليته الذهنية والعقلية لتقبل الآراء والاتجاهات ومناقشتها . وإذا كان من المضحك أن تتدخل أي سلطة ولو كانت جامعية في منبع هذا الكتاب أو تلك النظريات العلمية او اعتماد البحوث العلمية حسب مصادر نشرها , وتعيين أعضاء هيئة التدريس حسب منشأ الشهادة , دون الأخذ بعين الاعتبار لشخصية عضو هيئة التدريس نفسه . ومن المحزن أن تتدخل أي سلطة جامعية ليست اعتبارية في تحديد المصادر وتفضيل لونها للمساقات المعتمدة للتدريس ذلك معناه أن تتحول الجامعة الى مدرسة وأن يتحول الطالب الجامعي إلى متلقي بليد خامل . وليت المأساة تقف عند هذا ألحد, بل تفضي هذه السلطوية إلى خنق المدرس المبدع المفكر , وتستبدل به المدرس الملقن موزع الكراسات أو مؤلف الكتب المقررة المعادة التي تعتمد على ا لتجميع مع التغيير في النصوص و هذا إذا لم تكن عبارة عن ترجمات لنصوص اخرى .
ويتم ذلك كله بدعوى المحافظة على القيمة العلمية أو الأسس الاجتماعية وكأن العلوم تختلف بين بلد لاخر , وهي دعوة تنتهي إلى التثبيت العقلي لمجموعة من الأصول التي تتحول إلى أصول مقدسة . وتصبح المعرفة ترددا وتكرارا لما سبق قوله , أوشرحا لملخصات أو تلخيصا لشروح.
ومن هنا نقول أن الجامعة هي نقطة البدء والختام في العقلانية والحرية والتنوير , يطرح ذلك في جنباتها وداخل قاعاتها فتعكسه في مرآة المجتمع في حياته ا لعادية والعقلية و السياسية , ثم ينعكس وقد زاد نوره ولمع داخلها مرة اخرى فتحقق التقدم وتستقر أمور الحياة وتنمو كل إمكاناتها, والذين يخشون الحرية يتسترون أحيانا وراء عدم الاستعداد الذهني والعقلي إستادا الى مستوى الطلاب الهابط , لكن المؤسف أن هذه كلها مبررات لا تفضي الى تجاوز الحالة , ولكي تتجاوز الحالة لا بد من بعض التضحيات , علينا أن نتحمل بعض الفوضى سعيا لتكريس الحرية , بل أن فوضى الحرية اسهل احتمالا من مفاسد تحويل الجامعات الى مؤسسات استثمارية بحتة من خلال تطبيق التعليم الموازي والذي لم يقدم إلا الزيادة المالية للجامعات وللمدرسين على حساب العلم وحساب المجتمع وذلك من خلال تلوين صفات أبنائه الطلبة وحساب العاطلين عن العمل من حملة درجة الدكتوراه والذي لا يستهان بأعدادهم , والادهى من ذلك أن الزيادة المالية للجامعات , لا يرى مردودها على نفس الميزانية التي يجب أن تخدم أقسام العمل في الجامعات وتنقص من الضائقة المالية للجامعات .
ومن هنا نقول بأنه يجب أن تستعد الجامعات لتجريب أنماط جديدة في الإدارة , وكذلك عدم الخلط بين المهام المحددة لأعلى سلطة جامعية وهيئات التدريس , والإداريين والطلاب .فالمعلوم أن الوظيفة الرئيسية لأعضاء هيئة التدريس هي مهمة التدريس وأن يتعلم الطلاب , وأن تجعل الإدارة الظروف للتدريس والتعليم أكثر فائدة . ويمكن آن تصبح أعلى سلطة جامعية أكثر فاعلية , اذا ما عينت الموظفين الممتازين في الجامعة وحموهم ودافعوا عنهم .
وفي المساعدة المالية للكليات ولأقسام ليكونوا قادرين على البقاء والأحسن .
ومن الناحية السياسية , يمكن القول بأنه من الممكن استنتاج أن الجامعة تستطيع ويجب أن تظل محايدة سياسيا كمؤسسة على الرغم من آن أعضاء هيئة التدريس والطلاب والإداريين أحرارا في اتخاذ مواقفهم الفكرية والسياسية . وليس بالضرورة أن يتخذ أعضاء هيئات التدريس مواقف سياسية كهيئة جامعية أكاديمية ما لم يكن الامر متعلقا بأخلاقيات عالية ذات اهمية وطنية ,ويعتبر الطلاب أحرارا في كل ذلك إلى حد ما لأنه ليس من السهل تجنب التسييس في الأوقات ذات المشاعر القوية . والخطر المهدد بفقدان الحرية الأكاديمية أو ألموضوعيةألأكاديمية سبب كاف لمداومة المحاولات بكل طرق يستطيع ايتانها المرء .
اما دور الاعلام في عملية الغزو الفكري يعتمد على ركيزتين أساسيتين :
لعبة المرايا , أي أنه يمكن للإعلام أن يطلق الحدث مضخما وكأنه في مرآة مقعرة -كما يمكنه إطلاقه محجما وكأنه صورة في مرآة عادية .
إذا يستطيع الاعلام اللعب أو التلاعب بحجم أو ثقل أو أبعاد الحدث ومن ثم التلاعب بالرأي العام فالرأي العام المحلى أو العالمي يدعم القرار بل هو أحيانا يسهم في صنعه . وفي الواقع فأن صانع القرار هو الى مدى بعيد – الاعلام .
الشق الثاني للتلاعب هو الانحراف بالكاميرا وحجب الحدث نسبيا او كليا والانحراف نحو ما هو أقل اهمية وابرازه على انه النقطة الساخنة .
قلنا إن صانع الرأي هو الى مدى بعيد الاعلام . وهناك قواسم مشتركة بين الاعلام الغربي والإعلام العربي . هذا لا يعني أنه ليست هناك فوارق . إن الاعلام الغربي وإن خاطب فئة ذات أمية نسبية فهو أساسا يخاطب فئات أضخم ذات قدرات ذهنية عالية , أي أنه ملزم بأن يكون خطابه في مستوى المتلقي في غالبيته العظمى , بمعنى أن الخطاب مفروض عليه أن لا يخلو من عمليات تحليلية ونقدية تشبع هذا المتلقي . في حين أن الخطاب في الدول العربية موجه أساسا الى متلق وإن كان خارج نطاق ألامية المطلقة , فهو نتاج لتعليم تلقيني , وقد أعده هذا التعليم التلقيني لتقبل المعلومة دون أي تحليل أو نقد , ومن ثم يمكن التأثير عليه بالمقولات او المعلومات التي توجه رد فعله في الاتجاه الذي تحدده السلطة التي يتبع لها الاعلام والتي تتبع هي ذاتها بصورة أو بأخرى الدور المحدد لهل من قبل جهات اخرى في غالبها غربية .
يلعب التعليم والإعلام إذن الدورين الأساسيين في الكبت الجماعي فليس هناك من يستطيع آن ينكر دورهما في تمرير مسألة اتفاقيات السلام الموقعة بين بعض الأطراف العربية والكيان العبري . وتلجيم فعل الشارع العربي عند الأطراف الموقعة , عبر ترويج مقولتين أساسيتين هما :
- اتفاقيات السلام تحمي هذه الدول من غزو اكثر من محتمل .
- سيعم الرخاء بعد السلام .
لماذا ابتلع الشباب هذه " الشوربة " بسهولة ؟
- البطالة المستشرية
- التعليم تلقيني
- العمل على مستوى المعلومة دون تحليل أو تجميع, ولا من باب اولى , نقد
- التغذية المستمرة للإحساس بالدونية – فلسنا بحاجة الى عمليات إحصائية معقدة ولا الى بحث لاستكشاف الصفحات المنسوبة لكلمتي " نحن " أو " العرب " وفي المقابل الصفحات المنسوبة لكلمات مثل " الغرب , أوروبا , او أمريكا , وذلك سواء في افتتاحيات الصحف أو في بريد القراء .
الحرب اللغوية :
نعود الى آليات ألغزوا لفكري و إن هناك فرقا بين محاولة استكشاف آليات الغزو الفكري أو الذهني من اجل استحداث آليات مقاومة لهذه الأنواع من الغزو وبين موقف رد الفعل البحت فآليات الغزو في هذه المستويات ترتكز على عمليات منتظمة طويلة النفس ومن ثم فالتصدي لها يجب أن يكون هو أيضا منظما تنظيما طويل النفس .
اللغة :
ينقسم الغزو اللغوي إلى قسمين :
- إحلال لغة , المستعمر محل اللغة القومية , تحت شعار مواكبة التحديث, من ناحية أخرى فقد أثبتت الدراسات أن الشعوب ذات اللغة المكتوبة ذات التراث أقدر على مقاومة المستعمر من الشعوب ذات اللغة الموروثة شفهيا .فمهما طال الاستعمار فأن الأولى دائما ما تصل الى استرداد هويتها واستقلالها .
اذن هناك حرب لغوية اذا جاز التعبير مؤداها انتزاع المثقف في تلك الشعوب بعيدا عن لغته القومية . والحديث هنا عن العرب ويتخذ هذا الانتزاع تارة شكل الزعم بعجز اللغة العربية عن مواكبة المعاصرة , وتارة أخرى يتم لاسباب برجماتية بمعنى أن اللغة الأخرى هى التي ستكفل للمثقف الانتماء الحضاري للعصر .
-الدول المتخلفة التي صارت النامية ثم سميت العالم الثالث , ثم تحولت الى الجنوب وهي كلها تحمل دلالة الضالة والدونية بالنسبة للغرب المسمى الآن بالشمال , الذي يحمل في باطنه دلالة التقدم ,السيادة , الديموقراطية , الإبداع , الابتكار .. الخ .
هذه العلاقة بين الدال والمدلول على بساطتها تعد من اخطر ما يمر على المتلقي .
- تعبير الأصولية :
- الاكتفاء بالحديث عن الأصولية في الدول العربية والإسلامية ناسين أن الأصولية ميكانيزم يمكن أن يفعل فعله في أي مجموعة من البشر , ومنها الأصولية الصهيونية , وهي أصولية قوم لا ينتسبون للعالم الثالث .
+ الإعلان :
إن الإعلان ليس مجرد خاطر يعبر عنه لغويا أو شكليا لكنه يعتمد على دراسة مسبقة تمتد بدورها في العلوم الإنسانية , خاصة علمي النفس والنفس الاجتماعي .
إذن فالذي يظهر الإعلان هو الصيغة المعبرة تعبيرا أمثل عما يراد الوصول أليه . أي مداعبة تحمل في طياتها سهولة الوصول إلى الحلم .
من تلك الأمثلة سهولة تأثير الصورة على الأميين وأشباه المثقفين والمتعلمين ومداعبة طموحاتهم والإيقاع بهم في شرك الاستهلاك . من نفس المنطلق فاءن التعليم التلقيني يدعم عملية رد الفعل اللاواعي , ويصبح من السهل تشكيل الفرد تشكيلا استهلاكيا في عملية تأقلم ستاتيكي مع العصر الحديث ,والانحراف به بعيدا عن أي تأقلم ديناميكي مؤداه أن يكون منصهرا في العصر مساهما في صنعه وليس مستهلكا لإنجازاته , والوقوف من صنع العصر موقف المتفرج السلبي المتلقي فقط .
إن الاعلام هو التكملة الطبيعية للتعليم , والمثقف المقهور في وقته وفي اقتصاده والعاجز عن القراءة والتأمل يؤؤل الى وضع المقهور ذهنيا فوسيلته للاستمرار الذهني هي الاعلام بشتى أنواعه فإذا حاد هذا الأخير عن متابعة المشاكل المحورية وعن التأكيد المستمر للهوية , ويركز بدلا من ذلك على أهداف آنية او استعمارية .
إذا جاز التعبير , فهو ينحرف بدوره حيث يجرفه الاعلام في رمال ناعمة هي تعمية عن الواقع وطمس لرؤية الحقيقة الشاملة التي تتفجر عنها المقاومة . إن الرؤية الواضحة أساسها الحقيقة والواقع في تحليلهما ونقدهما , فالإنسان لا يقاوم الا ما يخشاه فإذا انحرفت الكاميرا وذهبت به الى محاور هامشية فهو سيظل خارج الحقيقة في غير الاتجاه الصحيح .
إذا , فاءن على الاعلام العربي المقاوم أن يقاوم بالنقد المستمر والتعرية المتواصلة لأدوات القهر الفكري أيا كان نوعها وأيا كان مصدرها , مقاومة متصلة منتظمة لا تقل معاصرة وحداثة عن أدوات الغزو , فنحن الان في عصر البث المباشر , لذا فالمقاومة الإعلامية هي حق للشعوب .
وكثيرا ما يتذكر المرء العبارة الافتتاحية التي كتبها تشارلس ديكنز في روايته الشهيرة " قصة مدينتين " < لقد كان أسواء وقت , لقد كان أحسن وقت > .
واظن ذلك يمكن أن ينطبق عن حال التعليم والإعلام وعملية القهر الذهني في وطننا العربي وفي هذا العالم السريع المتغير عالم الاتصالات والمعلومات في وقتنا الحاضر , ويمكننا معايشة السيئ اذا ما أحرزنا الحسن , وهذا أملنا وأن النور لا يضر العيون .
===================
الدكتور / محمد ناصر
أكاديمي - كاتب
جميع الحقوق محفوظة لدنيا الرأي © 2003 - 2011
ساحة النقاش