ميلاد وتطور المصرفية الإسلامية على المستوى العالمي
تناولنا في المقالات السابقة ميلاد المصرفية الاسلامية ، والتحديات التى واجهت التطبيق فى مدينة ميت غمر بمصر، وبناء الاطار الفكرى الضابط للمصرفية الاسلامية فى السودان ، وكان الهدف الاسمى هو استخدام منهجا لإحداث تنمية فاعلة باستخدام منهج التدرج فى التطبيق، مسترشدين بنموذج التنمية الذى طبقته المانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، وانتقلنا بعد ذلك الى الجهود الجماعية التى كانت تستنهض روح الامة بعد حريق المسجد الاقصى، وتمثلت النهضة فى انشاء منظمة المؤتمر الاسلامى، وشارك فى عضويتها وزراء خارجية جميع الدول الاسلامية ،وانتهينا بعد جهود مقدرة بإنشاء "البنك الاسلامى للتنمية بجدة "، ليقود التنمية فى العالم الاسلامى ويقدم الدعم الملائم للحكومات الاسلامية بما يلاءم كل دولة اسلامية ، أسوة بما يقوم به البنك الدولى.
وقد يكون من المناسب ان اشير الى الجهود العالمية فى مجال المصرفية الإسلامية والتى مثلت منهجا للتطوير الطبيعى والذى يتحقق بزيادة الوعى لعلماء الامة الاسلامية، فالبداية كانت بطرح تساؤل هل أعمال البنوك التقليدية -والتى يزيد عمرها عن خمسمائة عام -،والتى انتقلت الى ديار العرب والمسلمين حلال أم حرام؟ مجرد تساؤل، ثم قيض الله للأمة بعض العلماء الذين قاموا ببلورة فكرة البنوك الاسلامية من خلال مؤلفاتهم، ثم ننتقل الى مرحلة التطبيق، ومن ثم التطوير وهذا ماسوف يتم تلخيصه فى الفقرات التالية:
ميلاد الفكرة : في نهاية الأربعينيات نادى بالفكرة كل من محمد نسيم ، وأنور قرشي وأبو الاعلى المودودي في دولة باكستان.
بلورة الفكرة : قد قام ببلورة الفكرة عدد من الباحثين الإسلاميين من أهمهم : محمد نجاة الله صديقي، محمد باقر الصدر، محمد عبد الله العربي، عيسى عبده، وأحمد النجار . ( بنوك الادخار ) وذلك في الستينيات .
التطبيق العملي:
- يرى البعض أن بنوك الادخار المحلية في ميت غمر 1963 تمثل ميلادا للمصرفية الإسلامية من الناحية التطبيقية، ولذا قيل أن المصرفية الإسلامية بدأت الممارسة العملية قبل التنظير لها. ومن أهم رواد التطبيق العملى للمصرفية الاسلامية كل من صاحب السمو الملكى الامير محمد الفيصل آل سعود ، والشيخ صالح كامل والشيخ سعيد لوتاه فى دبى ، والشيخ احمد بزيع الياسين فى الكويت. ونلخص فيما يلى جهود تسلسل تطبيق المصرفية الاسلامية على المستوى العالمى:
في عام 1971أنشئ بنك ناصر الاجتماعي فى مصر ، وكان أول بنك ينص في قانون إنشائه على أن البنك لا يتعامل بالربا آخذا أو اعطاءا.
في عام 1974 تم التوقيع على اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية في جدة كبنك حكومات في ضوء الدراسة التي قدمت لمنظمة المؤتمر الإسلامي.وتم مزاولة العمل في عام 1975.
في عام 1975 تم أنشاء بنك دبي الإسلامي في دولة الإمارات العربية المتحدة. ثم بنوك فيصل الاسلامية التابعة لدار المال الاسلامى ، ومجموعة بنوك دالة البركة.
وهناك بعض الدول تحولت جميع بنوكها كلية للعمل الاقتصادي الإسلامي وهي:-( باكستان - إيـران - السـودان).
وهناك مجموعة من الدول اصدرت قوانين تنظم أعمال المصارف الاسلامية، بعض هذه القوانين مستقلاً مثل اليمن ، وهناك دول أضافت جزءاً إلى قانون تنظيم البنوك مثل الأردن ، وهناك دول أصدرت أوراق تنظيمية لعمل البنوك الإسلامية مثل إندونيسيا ، وإجمالاً الدول التي أتيح لنا التعرف على أنها أصدرت قوانين تنظم أعمال المصارف الإسلامية هى: باكستان- ايران- السودان- ماليزيا- تركيا- الامارات- البحرين- الكويت- اليمن-الاردن- لبنان- سوريا - ليبيا.
تطور أعداد ونتائج البنوك الإسلامية على مستوى العالم :
وتوالى بعد ذلك أنشاء البنوك الإسلامية، وتتميز مؤسستي دار المال الإسلامي والتي تتبعها بنوك فيصل الإسلامية ومؤسسة دالة البركة والتي تشرف على مجموعة بنوك وشركات دالة الإسلامية بانهما من اكبر المؤسسات المالية الإسلامية.
وفي اخر تقرير احصائي للمجلس العام للبنوك الاسلامية لعام 2009 اتضح ما يلي : أن عدد المؤسسات المالية الاسلامية وصل الى 434 فى نهاية 2008، وان اجمالى الاصول وصل الى 748.5 مليار دولار بزيادة قدرها 28.4 % عن العام 2007 ، منها 233.2 مليار دولار مجموع اصول مجلس التعاون الخليجي بزيادة قدرها 28.2 % عن العام2007 ،وفى التقرير الذى اصدره المجلس العام للبنوك الاسلامية ام 2010 نجد ان اجمالى الاصول ارتفع الى240.3 مليار دولار بزيادة 3.1 %.
هذا وسوف نستعرض فى المقال القادم الجهود المؤسسية لدعم المصرفية الاسلامية
دكتور سمير رمضان الشيخ
مستشار تطوير المصرفية الاسلامية
ساحة النقاش